fbpx
مقالات

نهال مجدي تكتب: لتروي أنت قصتك..

 

نهال مجدي
نهال مجدي

مع الزخم الكبير الذى صاحب العرض الأول لمسلسل “ممالك النار” الذى يروي السيرة الذاتية لأخر سلاطين المماليك طومان باي، وقام ببطولته الفنان إستثنائى الموهبة خالد النبوي، كان له لقاء تلفزيوني..وعند سؤاله عن السبب وراء هذا العمل الرائع، أجاب النبوي بجملة لم تبرح ذاكرتي ولا اظنها تفعل يوماً..اجاب قائلا يجب أن نروي نحن قصتنا من وجهة نظرنا، والا ستروي من طرف أخري من وجهة نظره هو ايا كانت ماهيتها وتوافقها مع الواقع.

قفزت الي ذهني تلك الجملة عندما كثر الحديث عن نظرية الـــــ”أفروسنتريك” أو الأصول الإفريقية للحضارة المصرية، وهي أحد “القصص” المغلوطة التي تم الترويج لها من فترة وكان من المفترض أن يقام في أسوان وتم إلغاؤه، بوقت سابق من العام الجاري..وبالقطع كان هناك ردا من المؤرخين والمجتمع الثقافي المصري حتي وإن جاء متأخراً..هذا بخلاف بعض الأطروحات الأخري مثل ان حضارات اكثر تطوراً زارت الأرض من كواكب أخري لتنشيء هذه الحضارة المذهلة وترحل، أو ان بني إسرائيل هم من بنوا الأهرامات بالسخرة والعبودية وغيرها الكثير من التفسيرات الخيالية لما عجز عن تفسيره العلم الحديث.

ولعل كون الحضارة المصرية القديمة، هي الحضارة الوحيدة فى العالم التي نشأء علم خاص لدراستها (المصريات)، جعل الجميع من الشرق والغرب لهم فيها أراء ونظريات يروج لها..بعضها واقعي ومنطقي ومستند علي بحث علمي دقيق، والأخر خيالي او مدفوع بتوجهات معينة ايا كانت ماهيتها. وربما حتي أثارت تلك الحضارة غيرة البعض..او رأها البعض الأخر نقطة قوة لدي خصمه فسعي لهدم دعائمها او حتي التقليل منها أو محاوله نسبها لأخرين.. وفي النهاية يجد المصريون نفسهم في موقف رد الفعل..في محاولة دائمة للدفاع عن النفس وتصحيح المفاهيم أو الأخطاء دون سعي حقيقي لسرد الرواية من جانبنا.

اعتقد انه لكي تقول مصر كلمتها فيما يخص تاريخها نحتاج لقناة  تلفزيونية متخصصة تتنوع ما بين الأفلام الوثائقة والدرامية والبرامج تدرس جيداً وتقوم على أساس علمي إعلامي وتاريخي معاً كي تكون بمثابة جامعة يتخرج منها جيل مصري واع بتاريخه وأصوله ولا ينجرف وراء مزاعم وتراهات لها ما وراءها.. قناة تكتشف معها علي سبيل المثال لا الحصر، ان الملكة كليوباترا السابعة ليست هي أيقونة هوليوود اليزبيث تيلور التي تلعب بقلوب زعماء الامبراطورية الرومانية، ولكنها في الحقيقة كانت متواضعه الجمال لكنها حادة الذكاء، داهية في أمور السياسة والحكم، حتى أن والدها اعتمد عليها في إدارة شؤون البلاد في أواخر أيامه، تتحدث العديد من اللغات ولها من اللباقة والحضور ما يعوض جمالها المتواضع.

والأمر لا يقتصر فقط علي تاريخ مصر القديمة، ولكن الحضارات المتتالية التي بنتها مصر تحتاج لعشرات السنوات من الدراسة والتحليل والسرد..وإن كنا نشكو من قلة صبر الاجيال الجديدة علي القراءة والبحث وراء الحقيقة فلنقدمها لهم في قالب جديد مختلف..ومن المهم أن تقدم تلك القناة محتوي يستفيد منه طالب المدرسة في دراسته..والباحث المتخصص وفي نفس الوقت تكون مترجمه لعدة لغات كي تقدم حضاراتك للعالم بشكل يليق بها.

لنروي نحن قصتنا بعد ان تركنا العالم يرويها لنا بطريقته.. ويالها من قصة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى