fbpx
مقالات

نهال مجدي تكتب: لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين

كتبت: نهال مجدي

 

نهال مجدي
نهال مجدي

 

لازلت اذكر خطاب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بجامعة القاهرة لمخاطبة العالم الإسلامي في 2009، واللغط الذي سبق هذه الزيارة .. ولكن الأهم كان ردود الفعل على هذا الخطاب والذي بدأه أوباما بالــ”سلام عليكم” والتي قوبلت بعاصفة من التصفيق الحاد تكريما للزائر الكبير ذو الاصول المسلمة الذي جاء برسالة سلام واحترام للدولة المضيفة والعالم الاسلامي ككل.

 

واللافت للنظر ان هذالخطاب الذي القاه في يونيو 2009 وجد صداه سريعاً ليفوز أوباما بجائزة نوبل للسلام في أكتوبر من نفس العام..والحقيقة ان ذاكرتي لا تسعفي بموقف او إجراء ما او معاهدة مثلا يستحق انجازها ان يمنح ذلك الرئيس الأمريكي الذي لم يكن أمضى عاما واحدا في المكتب البيضاوي (حيث تم تنصيبه في يناير 2009) تلك الجائزة العالمية التي من المفترض ان تمنح لمن اسهموا بشكل فعال في جعل هذاالكوكب أكثر أمناً وسلاما بشكل أو بأخر.

وواقع الحال ان حالة “السلام” فى المنطقة العربية تحديدا لم ترى أي إسهام ملموس للإدارة أوباما، ففي 2010 بدأت الثورات وحالة الفوضي والتردي تجتاح المنطقة والتي لاتزال تحاول حتي الان وبعد 12 عاما ان تستعيد توازنها بعض الشيء.

كل هذه الأحداث مرت بذاكرتي وانا اتابع خطاب الرئيس الصيني تشي جين بينج في القمة العربية الصينية بالعاصمة السعودية الرياض..كان حديثه طيبا ومثيرا للتعاطف عندما أعلن عن دعمه لقضية العرب الأولي والمحورية وهي القضية الفلسطينية ودفاعه عن حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية وتأييده لمبدأ الأرض مقابل السلام.. كما تجدث عن الروابط بين الثقافة العربية والصينية وضرورة رفض الإسلاموفوبيا ووصم عقيدة ما بالعنف والارهاب..كما اشار في خطابه أيضا لطريق الحرير القديم والذي تحاول الصبن إحياءه من جديد ليكون شريان تواصل بين الصبن والمنطقة العربية.

وبرغم ما يبدو على تلك التوجهات من نبل ورغبة في التعاون لكن تلك الخطابات الطيبة والنوايا الصادقة قد لا تعني الكثير..ففي السياسة العالمية الأصدق حديثاً والاكثر واقعية هي فقط لغة المصالح على الأرض..فعندما تمد لك دولة ما وخاصة اذا ما كانت قوة جديدة صاعدة، وفي وقت تحولات عالمية كبري يدها، فلا مجال على الإطلاق للحديث عن الصداقة والقيم الانسانية والتعاون لرفع الظلم والمباديء والقانون الدولي.
فعلي سبيل المثال لا الحصر خسرت أوغندا مطارها الدولي الوحيد، مطار عنتيبي الدولي، لصالح الصين بعدما تعثرت في سداد قرض لبكين.

ونقلت صحيفة “إنديا توداي” عن وسائل إعلام سمتها بـ”الأفريقية” أن الحكومة الأوغندية فشلت في التراجع عن اتفاقية قرض مع الصين كانت تتضمن شروط سداد متعلقة بمطارها الوحيد.
في عام 2015، أقرض بنك التصدير والاستيراد الصيني أوغندا 207 مليون دولار بسعر فائدة 2% (وهي فائدة متواضعة نسبيا)، وفى المقابل تنازلت الحكومة الأوغندية عن بند الحصانة الدولية لضمان الحصول على القرض، ما يمكن المقرض الصيني من حيازة المطار دون اللجوء للتحكيم دولي، وانتهي الأمر بسيطرة بكين علي مطار عنتيبي.

فالمتحكم الوحيد في العلاقات بين الدول هي المصالح وفقط دون ادني اعتبارات انسانية..ولذلك عندما تهرول بكين نحو الشرق الأوسط لتمد يد التعاون والشراكة فلابد ان يكون هناك سؤالين مطروحين طوال الوقت..الاول هو لماذا تريد الصين هذا التعاون والهدف الحقيقي من وراءه ومكاسبها التي تسعي لتحقيقها..والسؤال الأخر هو..هل سيحقق هذا التعاون مكاسب مرجوة لدول المنطقة، وهل تتوافق مع اهدافنا الخاصة؟

تلك فقط هي القواعد الحاكمة لعلاقات الدول والتي يجب التفكير فيها بحذر حيث انه لا هناك دعم أو صداقة مجانية..اما الكلمات الرنانة والخطابات المتعاطفة الداعمة لا بأس ان تبتهج بها لحظيا وتصفق مجاملة لضيفك الكبير..ولكن أصغي دوما للأفعال وكن دائما مدركا لاتجاهات رياح المصالح..فلا يلدغ مؤمن من جحر مرتين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى