fbpx
مقالات

هشام النجار يكتب: قاتل القمص وديد ونظرية عاصم عبد الماجد

هشام النجار
هشام النجار

كتب: هشام النجار

 

ظهر قاتل القمص أرسانيوس وديد الذي يُدعى نهرو في أولى جلسات محاكمته يقرأ القرآن ويرفع علامة النصر.

يبدو أنه مولع بتكرار صورة منطبعة في ذهنه لقيادات جماعته الذين قتلوا واغتالوا وفجروا ووقفوا في أقفاص المحاكمات كأنهم أبطال حرروا الأقصى وانتشلوا الأمة من أزماتها، -ولا يدرون أنهم هم أزماتها وأنهم هم علتها-.

هل توقفنا عند هذه المعلومة المثيرة التي أكدها ضابط التحريات في قضية قتل كاهن الإسكندرية القمص أرسانيوس وديد أن نهرو عبد المنعم توفيق ثبت اعتقاله من عام 1987م حتى 2008م على فترات متفاوتة وكان منتميًا للجماعة الإسلامية المدرجة على قوائم الإرهاب المصرية والتي رفعتها الخارجية الأمريكية من التصنيف!!؟

القاتل قال في اعترافاته أنه لا يتبع الجماعة الإسلامية الآن والتي يعتبرها حاليًا مستضعفة وفي مرحلة سكون وعملت ما تقدر عليه!

فهل هو إذن ذئب منفرد كامن يقوم منفردًا بفعل ما يقدر عليه ما دام التنظيم لا يقدر ومستضعف؟

والذئب المنفرد تكتيك استوحاه منظرو تنظيم القاعدة من الكاتب الأمريكي تيلوتسون، والذي كان من أوائل الذين استخدموا هذا المصطلح عام 1909 في كتابه “كيف تصبح محققاً”.

في الفترة الأخيرة وبعد هزيمة الإخوان وحليفتها الجماعة الإسلامية وهروب من هرب من قادتهما فضلًا عن الانتكاسات المروعة للتنظيمات الحليفة الأخرى مثل داعش والقاعدة -خاصة في سيناء- وكذلك تيار السلفية الحركية والسروريين أتباع رفاعي سرور، خرج عاصم عبد الماجد القيادي بالجماعة والهارب بالخارج بنظرية جديدة للعمل وهي الدفع بأفراد الأمة ليناضلوا هم بعد فشل التنظيمات.

عاصم عبد الماجد تجسيد عملي للإرهابي الذي اجتمع فيه كل غرور وغطرسة وتعالي البشر، فمن الناس من يتصرف ليرضي ضميره وتكون ردود أفعاله بناءً على إعمال العقل والتحلي بالواقعية والصدق، وهناك من لا يفكر فقط إلا في إرضاء نرجسيته ومنهم عاصم.

هو يبحث فقط عما يداري به فشله وهزائمه لا ما يصحح به أفكاره ومساره، يبحث عن إرهاب جديد في شكل مختلف ليثبت أنه لم يخطئ في إرهابه القديم بل الخطأ فقط في التكتيكات والأدوات والآليات وهو ما يسبب الهزيمة حسب توهمه، لكن أصل الفكرة عنده صحيح.

وبعد فشل الإرهاب الذي قاده مع غيره في الثمانينات والتسعينات لم يعترف بخطئه إنما بحث عن آلية جديدة ينفذ بها أفكاره الضالة المضللة، وبعدما فشل تحالف جماعته مع الإخوان والقاعدة، يطرح الآن آلية مختلفة وهي دعوة أفراد الأمة بحسب وصفه لتصدر المشهد بدلًا من التنظيمات الضعيفة -والمستضعفة بحسب وصف نهرو-.

بالطبع يوحي عاصم لمستمعيه من الموهومين بأنه يتحدث عن مشروع فكري خارق وكبير كفيل بإبقائه في صورة المفكر الجهبذ الذي لا يُشق له غبار إرضاءً لنرجسيته المقيتة ومحاولة للتخفيف من أثر فضيحة وعار ما ارتكبه مع الإخوان بعد يونيو 2013م وما تسببت فيه عنترياته من مآس للشباب والأسر التي خدع أبناءها وفي النهاية فر هاربًا.

لكن الواقع غير ذلك تمامًا؛

فالأمة الحقيقية التي لا يراها عاصم وبعض المئات من المخدوعين بتنظيراته في حال وفي مسار واهتمامات برؤى وتصورات مختلفة بالكلية عما يتوهمه المنظر المنهزم الباحث عن أي دور يرضي غروره القديم.

من يستجيب لعاصم بعض الذئاب المنفردة والذيول التكفيرية المتطرفة المتبقية، وهي للأسف لا تزال تعشش هنا وهناك وكامنة تترقب فرصة تنتهزها.

وما كان ذبح نهرو عضو الجماعة الإسلامية السابق لرجل دين مسيحي يسير بأمان على كورنيش الإسكندرية في وقت إفطار رمضان، إلا ترجمة لنظرية عاصم التي تدعو الأمة للعمل بدلًا من التنظيمات الفاشلة المهزومة.

وهي ليست اختراعًا جديدًا إنما هي تطبيق لبرنامج الذئاب المنفردة الخاص بالقاعدة ولكن بمصطلحات مختلفة.

هل نحن بصدد خطر جديد؟

نعم الخطر يظل قائمًا ما دامت الأفكار التكفيرية تعشش في عقول البعض ممن لا يترددون في لحظة من اللحظات في الاستجابة لتحريض بعض المهووسين بالظهور ممن قضت عليهم نرجسيتهم.

لن نذهب بعيدًا لنبرهن على ذلك أنظروا فقط لرد فعل محامي القاتل نهرو بعد أن نطق القاضي مؤخرًا بالحكم بإعدامه، فبعد أن صرخ نهرو مبتهجًا مؤكدًا أنه رايح على الجنة –عاصم عبد الماجد رفع ورقة كتب عليها فزت ورب الكعبة بعد الحكم بإعدامه- قال المحامي: “متخفش يا نهرو هنعمل نقض وتطلع.. إنت على الحق يا نهرو” !!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى