fbpx
تقاريرسلايدر

واحة الحرير.. مشروع قومي يضع مصر في المرتبة الثالثة عالميا لصناعة الحرير الطبيعي

كتبت: حياة يحيى
تدقيق: ياسر فتحي

 

وجدت أشجار التوت في قُرى مصر على مدى آلاف السنين سواء في أراضيها الزراعية أو داخل المناطق السكنية، وتعد اشجار التوت مصدرًا للغذاء الرئيسي لدودة القز التي تنتج خيوط الحرير، والتي يصنع منها الملابس والسجاد.

• تاريخ صناعة الحرير في مصر

احتلت مصر لعقود طويلة مراكز متقدمة في صناعة الحرير الطبيعي بعد دخولها على يد محمد علي باشا، والذي خصص لها ميزانية ضخمة، على غرار دول أوروبا، وأدخَل أشجار التوت في كافة المديريات الزراعية، وفي العام الثاني لدخول هذه الصناعة لمصر أنتجت إنتاجًا يفوق الصين، والتي كان الحرير مكتشفًا بها منذ 3 آلاف عام، وعندما دخل مصر كان إنتاجها أعلى مما أنتجته الصين ذاتها.

وعلى الرغم من هذه البدايات المبشرة، انهارت صناعة الحرير وأُغلق أكثر من 40 مصنعًا أبوابه في دمياط وأخميم، وتم اغتيال نحو ثلاثة ملايين شجرة توت، كانت الغذاء الرئيسى لدودة القز، وأصبحنا نستورد حوالي 350 طنًا من الصين بحسب الإحصائيات الرسمية، فيما تنتج مصر طنًا واحدًا فقط على مدار العام كله.

• مبادرة واحة الحرير

نشأت فكرة المبادرة، بعد أن طرح أحد شباب المحافظة الفكرة على اللواء محمد الزملوط محافظ الوادي الجديد، وتمت الموافقة عليها وتنفيذها على مساحة 50 فدانًا وأصبحت مشروعًا حكوميًا يدعمه مجلس الوزراء، والذي قرر التوسع في المشروع وإعادة إنشائه مرة أخرى بالمحافظة، وتم تخصيص 1000 فدان لتنفيذ المشروع
الذي يعمل بالطاقة الشمسية ويروى بنظام الري الحديث، وجرى التنسيق مع مركز بحوث ورابطة منتجي ومسوقي الحرير في مصر من أجل الحصول على شجرة التوت الهندي؛ لأنها الغذاء الوحيد لديدان الحرير، وتم إنشاء مركز تربية ديدان الحرير، ومستلزمات المناحل للتوعية والإرشاد ونشر ثقافة تربية ديدان الحرير بالمحافظة، حتى تمت الموافقة على التوسع في المشروع لكي يصبح منتجًا، كما جرى تنفيذ مشتل خاص لإنتاج شتلات التوت لتوزيعها على المشاركين في تنفيذ هذا المشروع.

• الهدف من المبادرة

تهدف المبادرة إلى إعادة إحياء إنتاج وتصنيع الحرير الطبيعي بمحافظة الوادي الجديد، والتوسع في زراعة أشجار التوت وإنتاج الحرير الطبيعي،
وإحياء القرى المتخصصة في صناعة الحرير، فضلًا عن إحياء المشاريع الشبابية لإنتاج الحرير، واحتياجات السوق المحلي من الحرير، والقيمة المضافة لصناعة الحرير الطبيعي، وتدوير مخلفات ديدان الحرير، وزيادة كمية المنتج بالجودة العالية والأسعار المناسبة، مما يوفر فرص عمل للشباب وتحسين دخولهم، ويعد هذا المشروع تنمويًا، حيث يحقق التنمية بهدف تقليل فاتورة الاستيراد، وتحقيق قيمة مضافة.

• واحة الحرير

واحة الحرير هي مشروع زراعي صناعي سكني عملاق، يقوم على زراعة شجر التوت الهندي وإنتاج الحرير الطبيعي في أكبر مزرعة لإنتاج الحرير الطبيعي في مصر والشرق الأوسط على مساحة ستصل إلى 9,000 فدان بحلول عام 2030، في محافظة الوادي الجديد، وسيعمل في هذا المشروع العملاق 5 آلاف فرد، وسيغطي الاحتياج المصري من الحرير، ويتم تصدير الباقي لتصبح مصر في المرتبة الثالثة على العالم في إنتاج الحرير الطبيعي بعد الصين والهند.

• آليات توطين الصناعة المقدمة من الحكومة

في إطار مبادرة «واحة الحرير» التي أطلقها الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء أثناء زيارته لمحافظة الوادي الجديد بضرورة السعي من أجل توطين صناعة الحرير في مصر، وإعداد خطة متكاملة من أجل التخلي عن استيراده بعد تقديم الحكومة المصرية الدعم للمربين بإعفاء استيراد بيض دودة القز من الضرائب والجمارك.

كما طالب اللواء محمد سلمان الزملوط محافظ الوادي الجديد المستثمرين والجهات المعنية وأهالي الوادي الجديد بالتوسع في زراعة أشجار التوت اللازمة لتغذية دودة القز وإنتاج الحرير الطبيعي.

ونفذت وحدات لتربية دودة القز والحصول على الشرانق من أجل استخلاص خيوط الحرير الطبيعي، وإنشاء وحدة تربية لدودة القز بالمدارس.

• قرية أبوغالب تنتج 40% من إنتاج الحرير

عشاق خيوط الحرير الطبيعي وهواة تربية دودة القز بقرية “أبو غالب” الصغيرة بمحافظة الجيزة حلموا بعودة الصناعة مرة أخرى، فنشطوا في زراعة شجر “التوت الهندي” مصدر الغذاء الرئيسى للدودة، وأسسوا صفحة “رابطة منتجي ومسوقي الحرير” على “فيسبوك”، للتعريف بتلك الصناعة واستقطاب الهواة والباحثين عن المشروعات المربحة، وكذلك لتقديم دورات تدريبية للمبتدئين، وأصبحت القرية تسهم في إنتاج 40% من إجمالي الإنتاج المحلي، وتعمل حاليًا على رفع الإنتاج بهدف التصدير للخارج.

• الجدوى الاقتصادية من المشروع

صناعة الحرير من الصناعات المربحة التي تحقق أرباحًا عالية تصل إلى 8 أضعاف المادة الخام،
وتكمن جدواه الاقتصادية في أن علبة البيض الواحدة تنتج 10 صفائح من شرانق الحرير، وتباع الصفيحة الواحدة بمبلغ 200 جنيه، ليصل إجمالي ما تحققه العلبة الواحدة إلى 2000 جنيه، يخصم منها 700 جنيه قيمة استهلاك الأدوات وثمن علبة البيض، ليصل صافي الأرباح من العلبة الواحدة إلى 1300 جنيه خلال دورة لاتتجاوز 35 يومًا، ويمكن عمل المشروع في غرفة منزلية ليحقق أرباحًا في أول عام، والتكلفة الخاصة به تستمر لـ20 عامًا، كما أن أشجار التوت تعد من الأنواع قصيرة العمر، سريعة النمو، والصغيرة والمتوسطة الحجم، وتنمو إلى ارتفاع 10-20 مترًا، ويتم الاستفادة من أوراقه في إنتاج الحرير، ويمكن الاستفادة منها لإنتاج العصير الطازج، والتوت المجفف.

وتستغل فروع الأشجار في تربية فطر عيش الغراب، واستخدام فضلات دود القز لإطعامها للأسماك، والدود الناتج عن الشرنقة يتم إطعامه للأسماك والدواجن، وهي مصدر مرتفع للبروتين، وهو مايساهم في حل أزمة العلف، وكذلك زراعة بعض المحاصيل مثل البرسيم وغيره.

• الامتيازات المقدمة من الحكومة للمستثمرين

أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارًا في 2018 بإعفاء بيض دود القز من الجمارك، وأعقبه قرارٌ من المالية بإعفاء هذا البيض من الضرائب، والذي يتم استيراده من الخارج، لأن الكمية المنتجة في مصر من مراكز البحوث المصرية غير كافية، لأن مصر تنتج 1.5 طن من الحرير، في حين أن الاحتياجات تبلغ 350 طن، وهناك فرصة خرافية أمام مصر لإنتاج الحرير وتصديره للخارج بسبب تراجع الإنتاج الخارجي بسبب التلوث وحرائق الغابات وأزمة الغذاء والطاقة.

• تكلفة إنشاء المشروع

تبلغ تكلفة إنشاء مشروع صغير لإنتاج الحرير اعتمادًا على التوت البلدي، تصل إلى 1500 جنيه، منها 1100 جنيه قيمة أصول وأدوات المشروع، وتدفع مرة واحدة في العمر، و400 جنيهًا ثمن علبة البيض، والتي تزن 12 جرامًا، وبها 18 ألف بيضة وتتحول إلى دودة تتغذى على التوت وتتحول إلى شرنقة بعد 35 يومًا، وهي التي يتم بيعها لإنتاج الحرير، مشيرًا إلى أن الإنتاج المصري من الحرير الطبيعي يصل إلى طن حرير سنويًا.

• تميز الحرير المصري

يتميز الحرير المصري بلونه الطبيعي اللامع وملمسه الناعم، بعكس الحرير في الخارج الذي يتسم بكونه خشنًا، والسبب في ذلك أن الظروف الطبيعية المناخية والتربة والمياه والعمالة في مصر مناسبة للغاية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى