fbpx
تقاريرسلايدر

مدير تدريب الدعاة السابق: أشعر بالقهر عندما أسمع خطب الجمعة

حياة يحيى
حياة يحيى

حوار: حياة يحيى

تواجه مصر منذ عقود إشكالية كبرى في نوعية الرسالة الدينية الموجهة للناس، نتج عنها فهم مغلوط لروح العقيدة، وجعلت الأرض ممهدة لسيطرة تيارات متطرفة عنيفة رأت في ذلك مرتعاً لها فتلاعبت بعقول الكثير من المصريين، وشوهت مفاهيمهم الدينية وجعلت لطيور الظلام هؤلاء سطوة دينية على المجتمع المصري.
وفي “الجزء الثاني” من حوار بوابة الجمهورية الثانية مع فضيلة الشيخ الجليل ” أحمد تركي ” مدير التدريب بوزارة الأوقاف وأحد علماء الأزهر الشريف سألناه حول هذا الموضوع:

 

هل هناك مشكلات في المناهج الأزهرية؟

المشكلة ليست في المناهج الدراسية، لكن المشكلة في التأهيل فالدراسة مجرد مجال نظري لكن علينا أن ننظر للتأهيل كيف يتدرب الازهري ويتعلم التعامل مع الناس، فمثلاً حين كنت مدير عام التدريب لمدة ثلاث سنوات قللت مساحة الدراسة الفقهية لأنهم سبق أن درسوا كل ذلك بالجامعة، ولكني جعلتهم يزورون مكتبة الإسكندرية، وزاروا الشواطئ، وجعلتهم يرتدون المايوهات، ونزلوا للسباحة مع الناس لأنهم يجب أن يشعروا أنهم من هؤلاء الناس وأن يندمجوا معهم وأنهم جزء منهم حتى ينفتحوا و يشعروا بالحياة، كما نظمت لهم محاضرات عن الأمن القومي وعلم المصريات، والأمن السيبراني، والتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي، وأعددت لهم تدريبات حول التأثير والتواصل والإدارة لأننا نريد ذلك النموذج المثقف الذي يتمكن من التواصل مع الناس والتأثير بهم بالكلمة الطيبة، وأيضا ً يجب أن نطمئن لفكره وتوجهاته هل هو سلفياً أو إخوانياً، وكيف سيتناول مفاهيم القرآن ومن أي إتجاه، فيجب أن نصنع له إطار عصري يوضع به ويعالج المشاكل من خلاله.

 

كيف تقيم مستوى خطب الجمعة؟

حين أحضر خطبة الجمعة أشعر بالقهر فمن كتبها لم يتم تدريبه و أيضاً أحزن مما أسمعه من خطباء المساجد، وحين أستمع لإذاعة القرآن الكريم أيضاً أسمع أخطاء كارثية لأنهم يملكون مضمون ديني، ولايملكون الثقافة، فالخطاب الديني ليس كله محض دين، بالطبع يجب أن يحتوي الخطاب قرآن وسنة، لكن في أي إطار يتم وضعه تلك هي المشكلة فالدين كالماء يأخذ لون الإناء الذي نضعه فيه لذلك يجب أن نضعه في إناء شفاف ليظهر كما هو، فالمنتمي للسلفية الجهادية الذي يقتل أبنائنا يقرأ نفس القرآن الذي نقرأه ويحفظه لكنه وضعه في داخل إنائه المتشدد فكان المخرج مانراه من تطرف.

كيف تقيم أداء المساجد في القيام بدورها الإجتماعي والديني ؟

كثيراً ما أصلي الجمعة في مسجد بجوار بيتى و للأسف أشعر بالحزن الشديد مما أسمعه و أكتئب جداً مما يحدث في المسجد، فالخطيب يتكلم في خطبة غير مقتنع بها، فكيف أجعل الخطيب يهضم المادة التي يتحدث عنها ويقولها بفهم وإخلاص وإقتناع، الموضوع ليس مجرد خطبة مكتوبة بورقة توزع على الجميع ليقرأها، فإحتياج المجتمعات متنوعة ومختلفة، مابين المدن والريف والطبقات الإجتماعية، وهذا لم يحدث حتى في عصر المماليك ولايصح لأنه يؤدي لنتيجة عكسية، والبعض يصور للمسؤلين أن هذا هو مافيه المصلحة والخير للأسف وهذا غير صحيح، يجب أن ننتبه لطبيعة المجتمع المصري، فهو مجتمع سميع طول عمره سميع قرآن سميع أغاني سميع علم، سميع موسيقى، وهذا أساس الوجدان المصري لذلك حين إفتقدنا المضمون الجيد انصرف السميعة تجاه الغبش واستبدلت الموسيقى والفن الجميل بمهرجانات وإبتذال، استبدلت خطبة الجمعة التي كانت كلها علم ورؤية وبركة بدجل لأنها مساحة يجب أن نملأها ، وللأسف أصبح هناك مساحة فراغ تركها الإزهر ، فعندما نحجر على أصحاب الفكر الأزهري المستنير يظهر على السطح نماذج متشددة.

هل يمكن الإعتماد على الوجوه القديمة لتتصدر عملية تجديد الخطاب، أم نحتاج لوجوه جديدة قادرة على الوصول للجماهير بشكل مختلف ومبتكر ؟

نعم سهل جداً إعادة تأهيلهم لكن للأسف الشديد كثير من القائمين على هذا الأمر تحكمهم مصالح شخصية، و يريدون إبقاء الأمر على ماهو عليه، فيصنع قشرة يعطيها للقائمين على للدولة ويقدمها على أنه أتم الأمر كما يجب وهو حقيقة لم يفعل سوى دهن الرصيف فقط، فمنذ 2013 مرت فترة زمنية طويلة كان يمكننا أن ننتهي فيها من تجديد الخطاب، وقعت فيها أجيال
لذلك نريد تأهيل عناصر لديها مضمون جيد ولها تأثير فهناك من يملك المضمون ولايملك التأثير، فلايصل للناس ومن لديه تأثير ولايملك المضمون، فتلك مشكلة كبيرة تفتح المجال لتيارات من المتطرفين لملأ الفراغ في المساجد والمنابر والسوشيال ميديا والإعلام وبالتالي لابد من سد هذا الفراغ، فكم نرى التهليل والاعلان بأن لدينا كتيبة مقاتلين من الأزاهرة ولكن حين نأتي للأثر على أرض الواقع صفر.

 

هل يجب أن تكون عملية التجديد حكراً على علماء الأزهر أم يشاركهم علماء من تخصصات مختلفة؟

الإصلاح تشابك مابين جميع الخطابات، فالرؤية الدينية المستنيرة التي تواجه مشكلات المجتمع يلزمها الرأي العلمي في علم الإجتماع، و علم النفس وغيرهم، وقد كنت أقوم بذلك في مسجد النور حين كنت خطيبا ً به فقمت بعمل أول مبادرة بعد أن إستأذنت أستاذي الراحل الدكتور زقزوق والذي كان يسعد بهذا ويدعمه جداً، فكنت وأنا أعد خطبة الجمعة عن موضوع معين وليكن المخدرات فأتكلم من المنظور الديني من حيث الحلال والحرام، وكان يحاضر معي الدكتور عبد الهادي مصباح، وغيره من الأساتذة بعد صلاة الجمعة ليتكلم عن الموضوع من خلال تخصصه العلمي و لا تتصوري سعادة الناس لأنها كانت وجبة وعي كاملة من حيث الجرعة الدينية وأداء الشعائر وجرعة علمية مفيدة لهم، وحولنا شعيرة الجمعة لمنارة علم، لذلك هذه المهمة لايجب أن ينفرد بها أحد فالوعي أطراف متعددة في كل التخصصات لذلك ونحن على أعتاب الجمهورية الجديدة يجب أن تتشابك جهودنا وتتكامل فنحن لسنا في صراع ضد بعضنا البعض، والدين ليس في عداء مع العلم والإصلاح.

البرنامج الاذاعي الذي يقدمه الشيخ أحمد تركي
البرنامج الاذاعي الذي يقدمه الشيخ أحمد تركي

هل نستطيع تغيير المفاهيم الإجتماعية المبنية على فهم ديني خاطئ؟

من السهل جداً تغييرها لأن لكل مجتمع مفاتيحه ولو إستخدمنا المفتاح الصحيح للدخول للمجتمع فيمكننا إصلاحه ولكن ذلك يحتاج لإرادة للتغير بطريقة صحيحة، فمثلاً حينما قمت بتقديم برنامجي إن الله معنا في الإذاعة كنت أبحث عن إذاعة شعبية لها مستمعين كثر، وقتها هاجمنى الكثير فكيف لرجل دين أن يقدم برنامج ديني في إذاعة أغاني شعبية لكني كنت أرى أني ذهبت لفئة مخطوفة ذهنياً أمثال سائقى التكاتك، والميكروباصات وعمال الورش، فوصلت لهم وأصبحوا يستمعون لي وبدأوا يسألون هل الموسيقى حلال أم حرام والفن حلال أم حرام، بدأت أشرح لهم بهدوء حتى تغيرت تلك المفاهيم بنعومة وهدوء فهذا نموذج على المستوى الشخصي يمكن تعميمه على مستويات اكبر.

الجزء الأول من حوار الشيخ أحمد تركي:
الشيخ أحمد تركي: الخطاب الديني أصبح سبوبة شلليات لا يسمح لأحد من خارجها بالظهور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى