fbpx
معرفة

أخطر تهديد لمصر

كتبت: أ. عايدة عوض

على الرغم من وجود تهديدات عسكرية وسياسية واقتصادية وأيضا صحية لمصر كما شاهدنا على مدار عدة سنوات، وشاهدنا أيضاً الإجراءات التي تتخذها القيادة والحكومة لمقابلة هذه المخاطر ومحاولات حماية مصر والمصريين منها، إلا أن في رأيى هناك خطر أكبر يهدد مصر ومستقبلها يحدث يومياً أمام أعيننا ومازال ساريا بالرغم من كل محاولات الحكومة والأجهزة المختصة  لتعقبه ومحاولة إيقافه.

هذا الخطر الذي يداهمنا ولديه إمكانية تدمير مستقبل مصر نابع – للأسف – من داخلنا. لا أعرف لو كان بفعل أعداء الوطن المعلنين من جماعة الإخوان ، أو من أعداء الوطن الخفيين من الفسدة. لكن الخطر واضح وأثاره واضحة.

منذ بدأت إمتحانات الثانوية العامة وكل صباح نطالع خبرا عن تسريب أسئلة وأجوبة امتحان اليوم ، وذلك بعد حوالى ١٥ دقيقة من بدء الإمتحان. وهذا شئ مستغرب جداً لأنه في تصورى الوقت غير كاف لذلك إطلاقاً ولابد أن يكون هناك استعداد مسبق للتوصل للأسئلة كي يتم تصويرها وإرسالها عبر الإنترنت على مواقع الغش الالكترونية.

لن أتكلم عن إنعدام الرادع الأخلاقي في هذا العمل لأنه واضح، ولن اتكلم عن إنهيار الأخلاق عموماً لأنه أيضاً واضح، ولكن سأتناول هذا الوضع من ناحية قد تبدو غريبة ولكنها فعلاً تمس الأمن القومى المصرى

تماماً مثل مساس كمية المياه التي تصل لمصر، أو إنتشار العنف والإرهاب في ربوع البلاد، أو الفساد الاقتصادى والاعتداء على أصول الدولة ، فالغش في الإمتحانات التي تقرر مصير شباب مصر من يتمكن من  الدخول لأي فرع من العلم وذلك دون أن يكون مؤهلاً له أصبح بمثابة القنبلة الموقوتة ، ونوع من الخلايا النائمة المتربصة بمستقبل البلد. لن تنفجر هذه القنبلة اليوم أو غداً بل ستنفجر بعد أعوام طويلة عندما يصبح هذا التلميذ أو التلميذة الذي غش لدخول لكلية هو/هي غير كفء لها وبممارسة نفس الإسلوب يتمكن من التخرج منها والعمل في المجال المختار. وليس بالضرورة أنه يفشل لعدم كفاءته ، بل يمكنه الإستمرار في أداء عمله بدون كوارث حقيقية ولمدة أعوام. لكن المؤكد أنه ستكون هناك كوارث صغيرة عبر تاريخه العملى، لكنه بممارسته للغش والخداع منذ الصغر يتمكن من مداراة هذه الأخطاء أو حتى – بهذه الاخلاق المتدنية – يمكنه إتهام آخرين بها والقاءالمسؤولية عليهم. ولكن في آخر الأمر سَيُكشَف أمره، لأنه نتيجة للأخلاق المنعدمة والتعليم المتدنى وعدم القدرة على الوصول بعمله الصحيح وجهده الشخصى للنجاح المستهدف ، سينحرف ليتمكن من جنى الأموال التي تعوضه عن التفوق في عمله ، وذلك بالتظاهر بالنجاح عبر المادة.

كم من تلميذ غش في الإمتحانات ودخل كلية الطب ليغش في بقية الإمتحانات ويتخرج ثم يصبح طبيباً ولكنه فاشل، فيتحول لأي فرع من العلاج يدر عليه أكبر عائد مادى دون أي مخاطرة على سمعته، أو يتورط في تجارة الأعضاء؟ كم من الأسماء الطنانة فوجئنا بها في هذا الوضع؟ كم من مهندس ومحام ومحاسب وحتى كبار موظفى الدولةوالقضاء والنيابة وجدناهم وراء القضبان يحاكمون في جرائم تمس الشرف والأخلاق؟

إن ظاهرة هذا الغش الجماعى ليست أعمالا فردية ، وكون أنها تحدث مع كل إمتحان في الثانوية العامة فهذا يعنى أنها عملية ممنهجة وتدار بإحكام. وهذا أكبر دليل على إعتداء واضح وسافر على الأمن القومي المصري ، والمستهدف لأهم أصول البلد وهم شبابها وأساس مستقبلها. لا يضار فقط من يقوم بإفشاء الأسئلة بل أيضاً من يستفيد من هذا الإفشاء. وليسوا هم وحدهم المتضررين، بل أكثرهم تضررًا  هم من لم يغشوا ولكنهم هم الخاسرون الأكبر لأن مجهودهم يضيع هباءاً وهم أكثر المستحقين في هذه المنظومة.

ولكن طبعاً الخسارة الكبرى هي للبلد. ولذا فما يحدث يعتبر إعتداء على الأمن القومى المصرى. ولذا فمن المفروض أن يتولى التحقيق في هذا الموضوع ليس وزارة التربية والتعليم بل جهاز الأمن الوطنى كي يتعقب ليس فقط الطلاب الضعفاء الذين يُستَقطَبُون لتسريب الامتحان لكن للوصول لمن هو وراء كل ذلك لأنه يبدو أن هذه هجمة ممنهجة ومتعمدة للإيذاء ليس فقط اليوم عبر هدم المنظومة التعليمية الطموحة ولكن المستقبل البعيد بمحاولة إبقاء الشباب غير قادر على البحث عن المعلومة وإدراك أهميتها ثم التفكير في أحسن سبل للإستفادة منها.

ما لا يدركه أولياء أمور الطلبة الحاليين – لأنهم للأسف درسوا وتخرجوا من المنظومة السابقة ، التي إعتمدت على الحفظ دون فهم للمعلومات ، وبذلك شلّ تفكير الغالبية بحيث لا يمكنهم حل حتى أسهل المشاكل، ولا يعرفون كيف يبحثون عن المعلومات ولا ماذا يفعلون بهذه المعلومات إن وجدوها – هو أنهم يستخدمون لإيذاء أبنائهم وبلدهم. ولذا فبالنسبة لهم لا يدركون أن ما يحاول الوزير عمله عبر المنظومة الجديدة للتعليم هو تمرين الطلبة على إعمال عقولهم في حل المشكلات وليس في حشو المخ بالمعلومات التى يسهل الآن الحصول عليها. لقد وجدت أنه بالتأكيد على إتقان إحدى اللغات الأجنبية يؤمِّن لطلابنا المقدرة على البحث والحصول على المعلومات عبر الإنترنت ، وعلى الأقل عبر لغة أجنبية تساعده على توسيع آفاقه. ثم يدرب الطالب على كيفية التفكير في إيجاد الحلول لأي مشاكل تصادفه. كم من الطلبة الذين تخرجوا من قبل وجدوا أن ما درسوه لا جدوى منه في الحياة العملية؟ وكم منهم صادفهم مشكلات لم يتمكنوا من التفكير في طريقة حلها؟ وهذا ليس بذنبهم ولكنها منظومة التعليم التي لم تتطور لتواكب التطورات التكنولوجية وطرق التفكير الحديثة لحل المشاكل العصرية. وهذا هو الهدف الأساسى من المنظومة التعليمية الجديدة التي يحاول تطبيقها الدكتور طارق شوقي. لكن للأسف يصعب جداً على الأهالى الذين نشأوا على منظومة الحفظ أن يتقبلوا ألمنظومة الجديدة المختلفة تماماً عم نشأوا هم عليه. ولذا نجد كل هذه المحاربة للمنظومة الجديدة، ليس فقط من أولياء أمور الطلبة بل وأيضاً من المدرسين الذين ينتمون لنفس الجيل ونفس التعليم. وللأسف يؤثرون سلباً على الطلبة.

واستغل أعداء الوطن الداخليين من الجماعة هذه الظروف ووجدوا الأرض الخصبة في توجيه التدمير الحالى الذي يحدثه هذا الغش الممنهج للإساءة لسمعة الوزير ووزارة التربية والتعليم ، وهذا هدف قديم لأعداء الوطن الداخليين لأنهم يستهدفون التعليم منذ تكوين الجماعة. واتضح هدفهم في السيطرة على التعليم في أخر عقد من حكم مبارك عندما أسسوا أعداداً كبيرة من مدارسهم الخاصة والتي لم تخضع لوزارة التربية والتعليم والتي كان يتخرج منها شبابا متطرفا يؤمن بالجماعة وليس بالوطن.

ولم يقتصر العمل على ذلك فقط بل واخترقوا الوزارة برجالهم ونساءهم بحيث يؤثرون على تفكير وميول الطلاب في نشأتهم. ولذا كانت خطة الوزارة للخروج من هذا المأزق هو تحجيم دور المعلم والاعتماد الأكبر على التابلت في تلبية متطلبات المعرفة لدى الطلبة دون توصيل الأفكار والمشاعر المعادية للوطن.

ووجود مواقع عدة للغش على الإنترنت لهو أكبر دليل على منهجة هذا العمل الخطير الموجه لشباب مصر كأداة لهدم مستقبلها ، ولذا وجب تدخل أمن الدولة للحفاظ على أمنها ويجب تحويل كل المتورطين في هذا العمل لقضاء أمنى لأن الجريمة تستهدف الوطن وأعز من فيه وهم شبابها.

وبعد إنتهاء الامتحانات والبلبلة التي أثيرت حول النتيجة وموعدها ، أخيراً ظهرت النتيجة رسمياً. لكن ما أثار الكثير من اللغط هو سبب حجب نتيجة حوالى ٦٠٠ طالب وكان أغلبها لسبب الغش. وما أثار إنتباهى كان حجب نتيجة اثنين من أبناء رجل “مسؤول” بالدولة لأنه تمكن من الوصول للنتيجة قبل إعلانها رسمياً عن طريق “الكنترول”. وكان تفسير الدكتور طارق شوقي لسبب حجب هذه النتيجة أنه لابد من معاقبة كل سلوك غير سوى. وفرحت لأني أخيراً رأيت تطبيق عملى للثواب والعقاب في تصرفات جهة حكومية مسؤولة، وخصوصاً مسؤولة عن النشء وتربية الجيل الصاعد. هذا الأب الذي أتي بنتيجة أولاده عبر الكنترول أعطى مثال سيء جداً لهما: أنه فوق القانون. ولذا معاقبته كانت بحرمان أولاده من نشر نتيجتهما ولكي يرتدع الأب ولكي يتعلم الأولاد أن من يخطئ يعاقب وأن ما فعله الأب مثالا على خرق القانون ولا يحتذي به.

وعن حق برهن الدكتور طارق شوقي أنها وزارة للتربية” بجانب التعليم ، ولم تقتصر التربية على الطلاب بل وطالت أهاليهم أيضاً.

(١)

https://www.facebook.com/595508961/posts/10158855351588962/

وللآسف يبدو أن البعض من جيل أهالي الطلبة الحاليين هم الأحوج لهذه التربية لانهم يقومون بهجمة شرسة على الدكتور طارق شوقي ويحاولون رفع قضية عليه لأنهم لم يفهموا المنظومة التعليمية الجديدة. وكم الإفتراءات التي تنشر على السوشال ميديا ومحاولات التشكيك في كل مرحلة من مراحل العملية التعليمية غير مسبوق، حتى وصل الأمر أن يدعي أحدهم إمكانيته رفع درجات أي طالب بقدر معين ، وفي مقابل كم من الاموال تحول له ، ونشر ذلك على منصات التواصل الاجتماعي. فكلما زادت الدرجات المضافة كلما زادت الأموال المحوّلة في المقابل ، وهذا للإيهام بوجود فسدة داخل المنظومة . وحاولوا التشكيك في طريقة التصحيح حتى صرح الدكتور شوقي بأنه سيعرض للجميع كل خطوة تتخذ في التصحيح ليرى الجميع الضوابط والتأمين لهذه العملية. ولذا فأتمني أن تكون محاكمات كل هؤلاء علنية ويتم تغطيتها إعلامياً بشكل جيد ليعرف الشعب أن هناك رادع لخرق القانون وأي محاولة لهدم مستقبل الدولة.

(٢)

https://www.facebook.com/595508961/posts/10158861385353962/

وضمن تصريحات الدكتور طارق شوقي عن عملية التعليم برمتها أكد على إجبارية الحضور لكل من التلاميذ والمدرسين إلى المدارس وتفعيل أخذ الحضور والغياب بحيث تنتظم الدراسة من اليوم الأول في العام الدراسى القادم. وهذا يدل على مدى جدية الوزير في إنتظام العملية التعليمية. وأيضاً حدد ما هي الظروف التي تمنح الطالب خاصية الدراسة “أون لاين” (عبر الأنترنت). ومع إلزام الحضور كان من الطبيعي أن تؤخذ الإجراءات التأمينية للحفاظ على صحة الطلاب فكان القرار بوجوب تطعيم كل العاملين في المدارس ضد كورونا.  وأثار ذلك الكثير من الإنزعاج لدي العاملين بالمدارس ، لكن لابد من إدراك أن التطعيم باللقاحات الروسية والصينية لا ضرر منهما لأنها تستخدم الأسلوب التقليدي للقاحات . صحيح أنهما لا يقيا من العدوى ولكن هذا حال كل اللقاحات. وعلى الأقل فلا ضرر منهما مثل باقى اللقاحات. وهذه خطوة إحترازية لحماية أطفالنا في المدارس.

(٣)

https://www.facebook.com/595508961/posts/10158859108518962/

وغالباً ستكون اللقاحات المنتجة محلياً هي التي تستخدم لتطعيم كل من يطلب منهم ذلك حفاظاً على صحة أبنائنا الطلبة. وقد أعلنت وزيرة الصحة عن وجود ١٥ مليون جرعة من اللقاح المحلى وذلك بعد أن نُوُّهِ عن إمكانية تطعيم طلاب الجامعه من ١٨ سنة فما فوق.

المنظومة الجديدة للتعليم ستنقل مصر نقلة نوعية لأنها ستنمي القدرات الذهنية والإبداعية لدي الجيل الجديد وتعطي لكل واحد منهم القدرة على التعرف على مواهبه وميوله الدراسية بحيث لا يجبر أحداً على الإنخراط في دراسة لا يحبها لأسباب إقتصادية أو مجتمعية لأن ذلك سيؤدي إما لفشله فيها أو لتعاسته في عمله.

مع تغير مفهوم وفلسفة التعليم نجد تغير في بعض المفاهيم المجتمعية أيضاً. ففي خلال السنوات القليلة الماضية أنشئت عدة جامعات بالتعاون مع بلاد أوروبية ، مثل ألمانيا و ايطاليا ، لتدريس العلوم الفنية المهنية بحيث يتخرج الطلاب منها بشهادات جامعية عليا ولم تعد شهاداتهم متوسطة من معاهد فنية. وهذا له تأثير أيجابي مجتمعياً ويشجع الشباب على الإقبال على الدراسة الفنية خصوصاً أنه ثبت بالدليل القاطع أنهم مطلوبين بشكل كبير في جميع المجالات الصناعية وهذا يحقق لهم أمناً إقتصادياً ومكانة اجتماعية.

بالرغم من الهجوم الشرس والمحاولات المستميتة ممن يكرهون البلد وممن يجهلون أهمية تطوير التعليم، إلا أن مصر تخطو بثقة نحو مستقبل باهر يرتق فيه الشعب بالتعليم إلى المستوي الدولي ويمكنه التفوق لأن لدي الشعب المصري الذكاء الفطرى الذي يؤهله للإختراع والإبداع متى أخذ القسط الواف من التوجيه الصحيح والمعرفة المطلوبة.

حفظ الله مصرنا الحبيبة وأبنائها الواعين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى