fbpx
معرفة

الساعة البيولوجية تنظم إيقاع الجسم البشري

“الساعة البيولوجية” هي ساعة داخلية فطرية تسير ذاتيًا، تتحكم بدورات النوم والاستيقاظ، فضلًا عن دورها الكبير في كل ما يخص الإنسان، بداية من إفراز الهرمونات حتى درجة حرارة الجسم، وتُضبط بمؤثرات خارجية، ويؤثر خللها على العديد من العمليات الحيوية والصحية للإنسان.

تم بالفعل علمياً إثبات وتوثيق أنه يوجد داخل أجسام الكائنات الحية، نظام يُكيف عمل الوظائف الحيوية للأعضاء في أجسامها. وتتكيف بهذا النظام لديها سلوكياتها وفق زمان الوقت في اليوم بطريقة ذات “نمط إيقاعي”.

اصبحنا اليوم نعلم أننا نملك “ساعة بيولوجية داخلية” تحرك إيقاعات العمليات البيولوجية في داخل الجسم وتتحكم بالتغيرات اليومية فيها، ومهمتها أن تقوم بتوقع دورات النهار والليل وفق ما يتعرض له الجسم من عوامل شتى كالضوء والظلام، من أجل تحسين وضبط عمل الوظائف الحيوية للأعضاء بالجسم، وكذلك من أجل تحسين وضبط سلوك الكائنات الحية لجعل حياتها خلال مراحل اليوم وخلال تغيرات فصول السنة أفضل، ويتلاءم مع احتياجات الجسم وراحته وكفاءة عمل أعضائه.

للبشر إيقاعات بيولوجية يومية، وأسبوعية، وشهرية، وسنوية، ويختلف مستوى الهرمون والكيميائيات الأخرى في الدم على مدى هذه الفترات الزمنية.

وكثير من عمليات الجسم الحيوية تتم بانتظام كل 24 ساعة وتتسق أنشطة الخلايا والغدد والكليتين والكبد والجهاز العصبي بعضها مع بعض، ومع إيقاع النهار والليل في البيئة.

ويتغير المعدل الذي تتم به عمليات الجسم تدريجيًّا في أثناء اليوم، وعلى سبيل المثال تختلف درجة حرارة الجسم بمقدار درجة واحدة خلال فترة الأربع والعشرين ساعة، وتبلغ درجة الحرارة أدنى مستوى لها في وقت الراحة بالليل، وكذلك تبدأ عملية التخلص من السموم ، وترتفع في أثناء النهار، وهي الفترة النشيطة.

يقول الباحث في المعهد الوطني للصحة والأبحاث الطبية في فرنسا كلود جرونفييه: هناك مجموعة من الساعات في الجسم لتحسين أدائه، وهذا ما يسمى النظام اليومي، ووجود هذه الساعات معروف منذ زمن طويل.

وخلال العقود الماضية، أظهرت الأبحاث أن نشاط الأعضاء يكون متفاوتاً تبعاً لساعات النهار المختلفة؛ إذ تميل الأمعاء والكبد والقلب إلى العمل بجدية أكبر في أوقات معينة، بغض النظر عن إيقاع الوجبات أو النشاط البدني.

في الوقت نفسه، أظهرت الأبحاث التي أجريت على الحيوانات ثم البشر أن هذا الإيقاع لم يكن مجرد استجابة للعالم الخارجي، مثل تعاقب الليل والنهار، فقد تبين أنّه مسجّل في خلايانا، بدءاً من الخلايا العصبية في الدماغ.

يتفاوت أداء جسم الإنسان على مدار ساعات اليوم، في ما يسمى ساعة بيولوجية متأصلة بعمق فيه، بات يتوافر عنها قدر أكبر من المعلومات، إلى حدّ جعل بعض الأطباء يتوجهون نحو استخدامها أداة فاعلة في مواجهة عدد من الأمراض.

وبعد تقدّم الأبحاث عن الساعة البيولوجية بصورة كافية لدرجة حصول ثلاثة باحثين في هذا المجال على جائزة نوبل للطب عام 2017، تسارعت وتيرته أكثر في السنوات الأخيرة، على وجه الخصوص، لإظهار كيف توجد هذه الساعة في خلايا الجسم بأكمله، ويوضح جرونفييه “توجد ساعات في الكبد والقلب والرئة والكلى وشبكية العين.”

فهم الألم

ويتبين يوماً بعد يوم أن لهذه الساعات تاثير متنوع للغاية، وتشير دراسة بإشراف كلود جرونفييه نُشرت نتائجها في مجلة “براين”، إلى أن إدراك الألم يختلف في شدته على مدار 24 ساعة.

وخلال هذا العمل، عُزل اثنا عشر رجلاً عن كل التحفيزات الخارجية لمدة يوم ونصف يوم تقريباً، وتعرضوا كل ساعتين لمسبار ساخن، وقد اختلفت عتبة الألم لديهم بشكل منهجي مع مرور الوقت.

ويرى الباحث أن هذه خطوة حاسمة نحو فهم أفضل للألم، لافتا إلى أنه في يوم من الأيام، قد نتمكن من التعامل معه بشكل أفضل من خلال مراعاة تقلباته خلال اليوم.

على ماذا تؤثر الساعة البيولوجية؟

صحة الجسم

كشفت دراسة أجريت بجامعة “ألاباما” في مدينة بيرمنجهام الألمانية، أن التوقيت الصيفي يؤثر على جسم الإنسان، ما يسبب تغيير مفاجئ للجسم، يؤدي إلى زيادة فرص الإصابة بالنوبات القلبية، بسبب محاولة الساعة البيولوجية التكيف مع التعديل الوقتي.. لا يحدث ذلك بالضرورة في كل حالة، ولكن تحدث بالأخص مع الأفراد الذين يعانوا مسبقًا من حالة صحية.

المزاج

تُشير دراسة حديثة لشركة “يوجوف” إلى أنه بسبب تغيير الفصول يعاني واحد من كل ثلاثة أشخاص اضطرابا عاطفيا موسميا، ويسمي أيضًا باكتئاب الشتاء، وتشمل أعراضه: الشعور بالقلق، والحزن، وفقدان الرغبة في القيام بأي نشاط طبيعي، مع قلة الرغبة الجنسية أيضًا.

الساعة البيولوجية والنوم

تتزامن إيقاعات الساعة البيولوجية مع بعضها البعض ومع دورة النهار والليل الطبيعية، فينام الإنسان الطبيعي في فترة الليل ويكون في قمة اليقظة خلال ساعات النهار، أي ينام في الفترة بين العاشرة مساءً والواحدة صباحًا، ويستيقظ بعد 7-8 ساعات دون أي مشكلة.

يحظى بعض الأشخاص بمرونة التكيف مع النوم بمختلف الأوقات، ولكن يوجد آخرون لا يستطيعون التكيف مع تغيير أوقات النوم ويصل الأمر بهم إلى المرض إذا ناموا بوقت غير مُعتاد عليه؛ ويعاني هؤلاء الناس من اضطرابات النوم المرتبطة بالساعة البيولوجية.

وتُعد تلك الاضطرابات تشوهات داخلية بإيقاعات الساعة البيولوجية، ويُصاب بها الإنسان عندما لا يستطيع النوم في أوقات النوم الطبيعية، وقد تكون دورة الساعة البيولوجية الداخلية أقصر أو أطول من 24 ساعة بقليل، ولكن إذا لم يتم الوصول لـ24 ساعة لأسباب مختلفة، ينتج عن الأمر بعض الاضطرابات.

تأخر النوم

يحدث ذلك الاضطراب عندما يحدث تأخير بساعة الجسم الداخلية، مع احترام دورة النهار والليل، وينام من لديهم هذا الاضطراب في وقت متأخر من الليل بين الساعة 1: 6 صباحًا ويستيقظون في وقت متأخر من الصباح.

تجاوز الساعات الـ24 في اليوم

يحدث هذا الاضطراب عندما ينام الفرد في وقت متأخر يوميًا، ويكون التأخير عادة ساعة أو ساعتين، لذلك تصبح دورة ساعته البيولوجية 25 أو 26 ساعة.

تبكير مرحلة النوم

يرتبط هذا الاضطراب بميعاد النوم والاستيقاظ في وقت مبكر عن الطبيعي، فقد ينام الفرد من الساعة السادسة أو الثامنة مساءً ويستيقظ بعد 8 ساعات.

اضطراب النوم غير النظامي

يرتبط هذا الاضطراب بثلاث حلقات من النوم على الأقل خلال الـ24 ساعة بشكل غير منتظم من يوم لآخر

اضطراب تغير أوقات العمل

قد يحدث هذا الاضطراب عندما يجبر جدول العمل الشخص على أن يكون مستيقظًا في الوقت الذي تتطلب ساعته البيولوجية بأن يكون نائمًا، ولا يستطيع الاعتياد على التغير بشكل كافي.

اختلاف التوقيت

يحدث عند السفر عبر مناطق مختلفة زمنيًا، بحيث يبدأ الليل أبكر من المعتاد،أو العكس، فتتغير جميع إيقاعات الساعة البيولوجية، ومن بينها دورة النوم والاستيقاظ، مايؤدي للشعور بالتعب.

الساعة البيولوجية والتئام الجروح

توصلت دراسة حديثة نُشرت في دورية “علوم الطب الديناميكي أن توقيت الإصابة بالجروح أو الحروق يلعبا دورا حاسما في مدى سرعة التئامها، حيث اكتشف العلماء خلال إجراء تجارب على الفئران أن الجروح التي تحدث خلال النهار تلتئم أسرع بنسبة 60% عن الجروح التي تحدث في الليل.

وعند دراسة سرعة شفاء الجروح على 118 شخصًا مصابين بجروح جلدية، وُجد أن الأشخاص الذين جُرحوا ما بين الثامنة مساءً والثامنة صباحًا، أتموا شفائهم بعد 28 يومًا، أما الذين جُرحوا ما بين الثامنة صباحًا والثامنة مساءً، أتموا شفائهم بعد 17 يومًا فقط.

ويكمن السر وراء سرعة التئام الجروح خلال فترة النهار في أن خلايا الجلد تكون أنشط وأسرع وتفرز المزيد من بروتين أكتين.

أعراض اضطرابات الساعة البيولوجية المصاحبة للسفر:

اضطرابات النوم.

عسر الهضم.

آلام في الجسم.

الإجهاد والإرهاق.

انخفاض التركيز.

الإمساك أو الإسهال.

اضطراب الشهية.

الصداع.

نتائج خلل “الساعة البيولوجية

اضطراب ثنائي القطبين

هو اضطراب نفسي يتميّز بتناوب فترات من الكآبة مع فترات من الابتهاج غير الطبيعي.

ذاكرة المدى القصير

في حالة عدم عمل ساعة الجسم الداخلية بطريقة صحيحة، ينتج عن ذلك مشاكل بذاكرة المدى القصير وعدم قدرة على الاحتفاظ بمعلومات جديدة.

زيادة الوزن أو فقدانه

عدم أخذ الكفاية من النوم يؤثر على مستويات هرمونات التمثيل الغذائي المنظمة للشبع والجوع.

خطر الإصابة بالسكري

من يستغرق أقل من 6 ساعات أو أكثر من 8 ساعات نوم ليلًا تزداد فرصة إصابتهم بالسكري.

جهاز المناعة

عندما يستريح الإنسان جيدًا تكون له لديه مقاومة مناعية أقوى للفيروسات بالمقارنة بمن لا يحصلون على ما يكفي من النوم.

خطر الإصابة بالسرطان

نتيجة خلل الساعة البيولوجية قد ينتج الجسم نسبة ميلاتونين أقل وبالتالي يفقد قوة قدرته على محاربة السرطان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى