fbpx
تقارير

خزائن مصر.. المشروع القومي لصوامع القمح

كتب: جرجس خليل

ما أشبه اليوم بالماضي، حينما كان العالم مقبلا علي جوع شديد، قال يوسف الصديق لفرعون مصر بنص القرآن الكريم “قالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ”

وحينما وصف الكتاب المقدس حال مصر والعالم وقت شدة الأزمة ” وَكَانَ الْجُوعُ عَلَى كُلِّ وَجْهِ الأَرْضِ، وَفَتَحَ يُوسُفُ جَمِيعَ مَا فِيهِ طَعَامٌ وَبَاعَ لِلْمِصْرِيِّينَ. وَجَاءَتْ كُلُّ الأَرْضِ إِلَى مِصْرَ إِلَى يُوسُفَ لِتَشْتَرِيَ قَمْحًا، لأَنَّ الْجُوعَ كَانَ شَدِيدًا فِي كُلِّ الأَرْضِ. ”    سفر التكوين

انسحاب مصر من اتفاقية الحبوب الدولية

قدمت مصر إخطارًا بأنها ستنسحب اعتباراً من نهاية يونيو المقبل من اتفاقية الحبوب التابعة للأمم المتحدة والتي جرى إبرامها قبل عقود، مما سبّب قلقاً عند بعض الدول الموقعة على الاتفاقية.

ويأتي انسحاب مصر بحسب وكالة رويترز للانباء من (اتفاقية تجارة الحبوب) متعددة الجنسيات، التي تُعنى بتعزيز شفافية السوق لزيادة التعاون التجاري، في أعقاب فترة من الاضطرابات في أسواق الحبوب على خلفية الحرب في أوكرانيا والمخاوف المرتبطة بالأمن الغذائي العالمي.

أثارت الحرب بين روسيا وأوكرانيا 2022 جدلا واسعا حول قضية استيراد القمح بالنسبة لمصر، وجاءت التوجيهات العاجلة للرئيس السيسي للحكومة بمنح المزارعين حوافز إضافية للتوسع في إنتاج القمح، بالإضافة إلى خطة الحكومة في زيادة المساحات المزروعة بهذا المحصول كل ذلك يدعم استراتيجية مصر في تأمين إنتاج القمح.

تنتج مصر المزيد من القمح محليا، ومن المتوقع أن يصل إجمالي إنتاج القمح المحلي إلى 9.8 مليون طن في موسم 2023/2022، بزيادة 8.9% على أساس سنوي، على خلفية زيادة المساحة المنزرعة بالمحصول. وقدمت الحكومة أيضا مجموعة من الحوافز، بما في ذلك رفع الأسعار وتوريد حصص إلزامية، لزيادة الإنتاج المحلي هذا العام.

سيسمح ذلك للحكومة بتقليص اعتمادها على القمح المستورد، كما تستهدف الحكومة شراء ما بين 5 و6 ملايين طن من القمح المحلي في الموسم المقبل الذي يبدأ في أبريل.

مصر من أكبر مستوردي القمح في العالم، وقامت باستيراد نحو 12.9 مليون طن في 2020، لتتراجع كمية القمح المستورد خلال عام 2022 لتسجل نحو 5.3 مليون طن.

خزائن مصر

اتخذت الدولة المصرية العديد من الإجراءات لتأمين المخزون الاستراتيجي من محصول القمح، حيث كان للدولة رؤية استشرافية، خاصة وأن الاحتياطي الاستراتيجي من القمح كان لا يكفي لمدة 12 يومًا في 2017، أما الآن وصل الاحتياطي من القمح لاحتياجات 103 ملايين مواطن إلى أكثر من أربعة أشهر حتى الآن، مع العلم أنه سيصل إلى عشرة أشهر بعد حصاد محصول القمح يونيو 2023، وذلك يرجع إلى جهود الدولة في التخطيط على المدى البعيد لتوفير أكبر قدر من المخزون الاستراتيجي للقمح باعتباره أحد المحاصيل الاستراتيجية، فهو المصدر الرئيسي لصناعة الخبز الذى يعد الغذاء الأساسي للغالبية العظمى من المصريين، لتأتي فكرة التوسع في إنشاء الصوامع في عام 2015.

المشروع القومي للصوامع

أولي الرئيس السيسي اهتماما خاصا بالمشروع القومي للصوامع ورصدت له الحكومة التمويل الخاص وكل أنواع الدعم لتحديثه وتطويره وإنشاء الصوامع الجديدة، للحفاظ على الغذاء وتأمين المخزون الاستراتيجي منه،  وتضمن المشروع إنشاء نحو 50 صومعة، بسعة تخزينية تقدر بنحو 1.5 مليون طن، موزعة على 17 محافظة.

أماكن الصوامع بالمحافظات:

برقاش بالجيزة.
ميت غمر.
شربين بالدقهلية.
القنطرة شرق شمال سيناء.
طنطا بالغربية.
منوف بالمنوفية.
ههيا بالشرقية.
دمنهور بالبحيرة.
الصباحية بالإسكندرية.
قنا.
شرق العوينات.
الوادي الجديد.
بنها بالقليوبية.
بنى سويف.
الفيوم.
بهنسه.
الشيخ فضل.

تضم مصر الآن  70 صومعة على مستوى محافظات الجمهورية، وهى مصممة بأحدث تقنيات وتكنولوجيا موجودة في العالم.

زيادة السعة التخزينية في الصوامع عام 2022  لتصل ما يقرب من 3.6 مليون طن أيضا مع التوسع فى إنشاء صوامع جديدة ، كما أن مخزون القمح الحالي ومع استلام القمح المحلى من المزارعين اعتبارا من منتصف أبريل من كل عام سيعزز الاحتياطي الاستراتيجي للقمح المخصص لإنتاج الخبز المدعم.

أهداف بناء الصوامع

كان عدد الصوامع في مصر قليلًا، ولا يكفي للتخزين، وكان يُخزن في شون غير مؤمنة وكانت نسبة الهدر تصل إلى 15%، بمعنى أنه لو كانت الدولة تخزن 9 ملايين طن، فإن الهدر يصل إلى مليون طن.

كانت تبلغ السعات التخزينية عام 2014 ما يقرب من 1.2 مليون طن تخزين ويبلغ استهلاكنا من القمح التمويني شهرياً 800 إلف طن قمح بمعني ان الاحتياطي الاستراتيجي من القمح، والذي كان يمكن تخزينه في الصوامع ما يبلغ وقتها شهر وأسبوع.

البداية

البدء في تنفيذ المشروع عام 2015 على مساحة تقدر بنحو 20 ألف متر للصومعة الواحدة. باستخدام أحدث التقنيات، التي تتمثل في وضع ميزان بسكول لوزن أجولة القمح المحملة في السيارات، ويتم تشغيلها من خلال غرفة التحكم التي تُمكن المنظومة الجديدة من إخراج الكميات المطلوبة من الأقماح دون هدر.

مدة تخزين القمح في الصوامع تصل إلى سنة، أو سنة ونصف وتكون مخزن بجودة عالية مع الحفاظ علي درجة الرطوبة ودرجة الحرارة وفقاً للنظم الآلية المتبعة داخل الصومعة.

صوامع مصر

لمصر الريادة في تخزين الغلال وحمايتها من التلف بأساليب لم تكن معروفة للعالم منذ ما يقرب من 7000 عام، بل أن الأمر وصل لطريقة عمل الصوامع ذاتها بعناية فائقة تمكنهم من حماية الحبوب من عوامل الرطوبة والتلف.. حتى أُطلق عليها “صومعة العالم”.

وكانت الصوامع تبنى بقباب من الطين وأنشأ قدماء المصريين الشون الأصغر حجماً في كل مدينة لتوفير الحبوب المطلوبة في نطاقها، وجدت أيضاً أماكن تخزين للغلال في المعابد ، وتمتعت مصر بمكانة كبيرة باعتبارها سلة غلال العالم التي يقصدها الجميع.

مواصفات الصومعة

صومعة الغلال هي مكان تخزينها، وهي أكثر تطورا من الشونة التي تعتبر مخزن مؤقت لها فحسب، والصومعة عبارة عن مبنىً مجهز لتخزين الحبوب وتحميلها وتفريغها قبل بيعها أو استعمالها، توجد الصوامع عادة في المزارع والطواحين ومحطات السكة الحديدية والموانئ وتخزن فيها الحبوب كالشعير والقمح فهي أهم أنواع مخازن الحبوب في العصر الحديث.

وتتكون كل صومعة من 12 سايلو (وحدة تخزين) سعة كلاً منها 5 ألاف طن وتشمل:

نقرة استقبال القمح.

سيور نقل القمح خلال وحدات الصومعة المختلفة.

معدات تنقية القمح.

معدات غربلة القمح.

موازين بسكول وموازين لقياس معدلات القمح.

نظام شفط الأتربة وفصلها عن الهواء بواسطة فلتر وتخزينها فى مخازن خاصة حفاظاً على البيئة.

 

صومعة دمياط ..أكبر صومعة في موانئ مصر

تعد صومعة دمياط الجديدة أكبر صومعة في موانئ مصر والشرق الأوسط ، بدأ العمل بها بعد تطويرها في مارس 2018 ، بسعة 70 ألف طن وربطها بالصومعة القديمة التي تستوعب 120 ألف طن في الدورة ، واقتربت من ذروة نشاطها وتشغيلها بالكامل وتم تسليمها وتشغيلها على أعلى مستوى من الدقة وهى تستقبل المراكب العملاقة من جميع بلاد العالم ويتم تفريغها بأحدث المعدات وبها إمكانية تفريغ مركبين في الوقت نفسه، مما يتيح سرعة إعادة توزيعها على أنحاء البلاد بالسكك الحديدية ، كذلك يشارك النقل النهري لتوصيل الحمولات بأقل فاقد، وحققت دمياط  أكبر تفريغ بين الموانئ، واستقبلت صومعتها الجديدة أكثر من 400 ألف طن أثناء التجارب ، مما أسهم في سرعة إنجاز التفريغ من السفن قبل المواعيد المحددة لها  .

وتم بناء هذه الصومعة العملاقة والحاصلة على الأيزو في مجال الصيانة وتشغيل المعدات من الخرسانة المسلحة لتطوير المجال والتخزين الصحيح ، مما يعد إنجازا للحد من الفاقد وسرعة التفريغ وضمان لكسب الوقت ، ويدخل ميناء دمياط سنويا نحو 30 مركبا بحمولة متوسطة 63 ألف طن، وسوف تزيد المراكب التي سيتم تفريغها بعد الإضافة الجديدة للسعة التخزينية، بدون فاقد يذكر بينما كان يصل الفاقد بالتخزين التقليدي نحو 20%.

اخر مستجدات المشروع

عمل مخطط لمنظومة النقل النهري والسكك الحديدية في عدد من الصوامع الجديدة والقائمة بالفعل بهدف تخفيض حجم الاستهلاك من الوقود واستهلاك الطرق البرية.

ويحدث حاليا في صومعة كوم أبو راضي بمحافظة بني سويف ويتم تركيب قضبان السكة الحديد في الصومعة، كذلك صومعة عرب العليقات في محافظة القليوبية سيتم ربطها بالسكك الحديدية خلال شهور، بينما يتم عمل ربط بين صومعة المنيا الجديدة بالنهر وذلك للاستفادة من النقل عبر نهر النيل.

بدأت الحكومة في تنفيذ مشروع إقامة 60 صومعة حقلية بإجمالي سعات تخزينية 300 ألف طن، وتكلفة إجمالية 4 مليارات و200 مليون جنيه، موضحا أن سعة الصومعة الواحدة 5 آلاف طن بتكلفة تنفيذ 70 مليون جنيه.

توزيع الصوامع الحقلية:

4 في محافظة الشرقية في أبو حماد ومنيا القمح ونزلة الخيال في أبو كبير وطوخ القرموط في ديرب نجم.

صومعة في قويسنا بمحافظة المنوفية.

صومعة أخرى في العدوة بمحافظة المنيا.

بالإضافة الى صومعة حقلية أخرى في الوادي الجديد.

الصوامع الحقلية المستهدف إقامتها منتشرة في جميع محافظات الجمهورية، حيث يتم مراعاة التواجد بشكل أكبر من مناطق الإنتاج، بينما الصوامع المركزية الكبرى يكون فيها التواجد بالقرب من مناطق الإنتاج و الاستهلاك.

وضع برنامج تدريب تكنولوجي للعاملين في المنظومة، لتمكينهم من التعامل الرقمي في مختلف مراحل العمل، بالإضافة إلى تدريبهم على التعامل مع الأعطال وطرق صيانة المعدات، ومتابعة مختلف المراحل من التنظيف للغربلة وحتى التجفيف، وكذلك تعريفه على طرق التخزين الآمنة ومتابعتهم من مقر غرفة التحكم المركزية.

رقمنة صوامع القمح وإدخال التكنولوجية الرقمية في عمليات التشغيل بما يواكب توجه الدولة نحو التحول الرقمي لاسيما عند الحديث عن أحد أهم السلع الأساسية التي تمس احتياج المواطن وهو رغيف الخبز، بما يتناسب مع اتجاه الدولة لتحقيق أهداف التنمية 2030.

كما أن تطوير البنية الأساسية للصوامع ورقمنتها يمكن وزارة التموين من الحساب الدقيق اللحظي بكميات القمح المحلي المورد وكذلك المستورد والوقوف على القدرات الاستيعابية لكل صومعة في أي محافظة بشكل لحظي.

مجموعة من الصوامع التابعة للقطاع الخاص دخلت ضمن منظومة الصوامع الحكومية التي تم تجهيزها لاستلام كميات القمح عام 2022، خاصة وأن مشروعات الصوامع التي نفذتها الدولة المصرية راعت المناطق المركزية التي تتميز بزيادة حجم المساحات المنزرعة من القمح على مستوى محافظات الجمهورية.

الحكومة تدرس تعميم تجربة الصوامع البلاستيكية التي ينفذها أحد المشروعات الخاصة.. مع برنامج قومي لزيادة مدة التخزين بالصوامع لـ6 أشهر بدلا من 4.

وأخيرا يعد المشروع القومي للصوامع من أبرز المشروعات العملاقة التي تدعم رؤية الدولة للتخطيط باستخدام أفضل الأساليب التكنولوجية  لحماية الغذاء وتوفيره بجودة عالية  لكل المصريين.

والان أصبحت مصر جاهزة لاستقبال محصول القمح داخل أماكن تخزينية مجهزة بأحدث التقنيات العالمية، بعد تنفيذ الحكومة المصرية مؤخرًا المرحلة الأولى من المشروع القومي لتخزين صوامع القمح الذى سبق وأن تم إطلاقه للنهوض بمنظومة تخزين الحبوب، وحماية إنتاجنا من مخاطر التلف والفقد التي كانت تتعرض له خلال السنوات الأخيرة، في ظل زيادة التوسع بالمشروعات الزراعية القومية خلال الفترة الأخيرة، خاصة المنزرعة بمحصول القمح خاصة في منطقتي توشكى والضبعة وشرق العوينات ومحافظات الصعيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى