fbpx
مقالات

محمد السطوحي يكتب: خناقة في الإذاعة .. مع أسامة أنور عكاشة

محمد السطوحى
محمد السطوحى

بما أن الفيسبوك يحتفل هذه الأيام بالكاتب والسيناريست العملاق أسامة أنور عكاشة، ومع ذكرى تأسيس الإذاعة المصرية، فهى مناسبة استعيد فيها ذكريات مقابلة إذاعية أجريتها معه فى أواخر الثمانينيات ولم تتم بسهولة ويسر ومازلت أقف عندها محتارًا من منا كان على حق.

جاء عكاشة إلى الإذاعة -وقت أن كان الكبار يأتون إليها- ودخلنا ملحق الاستوديو وبدأنا التسجيل. وفى إجابته عن أحد الأسئلة قال لى إن أهم مايشغله هو ” دور المثقف فى مجتمع متخلف”

خطفتنى العبارة وبما أنى أعيش أجواء الإعلام فقد أدركت أنها لن تمر على من يراجعون البرامج وسوف يتم حذفها قبل إذاعتها.

هنا أوقفت التسجيل ونبهته لما سيحدث وسألته أن كان يمكنه صياغة العبارة (بطريقة تعدى)

كانت أول مرة أرى الرجل ولم أكن أعرف أنه (عصبى)، فإذا به ينتفض بغضب شديد وثورة عارمة: أنا ماحدش يقوللى أقول إيه وما أقولش إيه، أنا اتكلم براحتى، وإذا ماكانش عاجبك بلاش المقابلة خالص وووووو …

فى البداية حاولت استيعاب غضبه وشرح موقفى ومع زيادة حدة كلامه بدأت أنا أيضًا أرفع صوتى لكى يسمعنى وفى النهاية اضطر أن يستمع وقلت له إن لو كان الأمر بيدى فليس لدى مشكلة لكننا لن نستفيد شيئًا لو تم حذفها، فأيهما أفضل: نعمل فيها أبطال وتُحذف أم نغير العبارة بطريقة تصل بالمعنى دون استفزاز الرقيب؟

هنا هدأ الرجل وقد أدرك الموقف وقال لى بلهجة ناصحة لمذيع صغير: أنت ستنجح بقدر مايتم منعه لك!

لكنى كان لى رأى آخر أوضحته له وهو أن النجاح الحقيقى هو ماتتم إذاعته وأنه لافائدة من شئ يتم حظره مهما كانت قيمته مادام لم يصل إلى الجمهور المستهدف.

فماهو رأيكم؟!

والحقيقة أننى مع الوقت وصلت إلى معادلة أراحتنى: أن أقول ما أريده ولكن بأسلوب لايتعارض مع المحظورات، وهى فى أحيان كثيرة لا تحتاج إلى أكثر من (لعب فى الألفاظ) فمثلا يمكن أن تقول بطريقة مباشرة: هذا شارع قذر، فيتم حذفها، لكن إذا قلت لابد من الاهتمام بنظافة الشارع فإنها يمكن أن تمر لأن كلمة النظافة ليست صادمة رغم أن المعنى واحد.

وبالممارسة صرت أجيد هذه اللعبة ووجدتها أنسب حتى بعد انتقالى للعمل فى واشنطن كنوع من الدبلوماسية وإن كانت تحتاج أيضًا من المتلقى أن يفكر فيما بين السطور!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى