fbpx
مقالات

محمد رفعت يكتب: صلاح عبد الصبور.. عندما كان النقد الفني إبداعا

في كتابه الرائع “أدباء مصر والسينما” يكشف الناقد السينمائي الراحل سمير فريد أبعاداً جديدة عن علاقة عمالقة الأدب بالفن السابع.

وأجمل فصول الكتاب، فصل عن الشاعر المجدد الراحل صلاح عبد الصبور يحتوى مقتطفات من واحد وأربعين مقالاً كتبها عبد الصبور في النقد السينمائي، وتحـلـيل الأفلام وأداء نــجوم ونـجــمات الــسيـنـمـا المصرية.. وهى مفاجأة لا يعرفها الكثير من محبى أشعار صلاح عــبد الـصـبور وعـشاق مسرحياته الشعرية، وقــــراء دراساته النقدية, الذين يتعرفون عليه لأول مرة كناقد سينمائي.

صلاح عبد الصبور

ويشيد عبد الصبور في أحد مقالاته بالنهاية التي وضعها المخرج صلاح أبو سيف وكاتب سيناريو فيلم “لا أنام”، وتختلف عن النهاية التي كتبها إحسان عبد القدوس للرواية المأخوذ عنها الفيلم، فيما يصف أداء بطل الفيلم النجم العالمي عمر الشريف بأنه “موهبة في التمثيل الخفيف”

بينما يهاجم عبد الصبور تغيير نهاية رواية محمد عبد الحليم عبد الله “شجرة اللبلاب” التي تحولت لفيلم بعنوان “عاشت للحب”، لأن السيناريست السيد بدير استبدل انتحار الحبيبة في الرواية بمجرد محاولة للانتحار أنقذها حبيبها العائد من الخارج منها في آخر لحظة، ورأى عبد الصبور أن ذلك هو “أبسط الحيل السينمائية لكسب رضاء الجمهور” وأنها تؤكد أن المادة الخام في صناعة السينما موجودة، ولا ينقصها إلا العقول.

ويروى الشاعر صلاح عبد الصبور صفحة غير معروفة من تاريخ السينما المصرية في مقاله عن “دعاء الكروان” إخراج هنري بركات، ويكشف أن المخرج أعد نهايتين للفيلم، الأولى تتفق مع الرواية التي كتبها طه حسين، والثانية من مخيلة كاتب السيناريو يوسف جوهر، وحضر عميد الأدب عرضاً خاصاً للفيلم، تضمن النهايتين، واقتنع طه حسين بالنهاية التي كتبها جوهر لأن النهاية الغامضة كانت أفضل، وتناسب أكثر جمهور السينما.

وعلق عبد الصبور على اختيار «دعاء الكروان» للاشتراك في مسابقة الأوسكار، فقال إن هناك فيلماً آخر لا يقل عنه أهمية وهو «احنا التلامذة» لعاطف سالم، وأن الأكرم لفـننا السينمائي ولـوطـنـنا أن نـتـقـدم إلـى الـمـهـرجان الـعـالــمى بفيلمين بدلاً من فيلم واحد، أما فيلم “صراع في الوادي” لــنـفس الــمـخـرج عـــاطـف سالم، فقال عنه صلاح عبد الصبور إنه تفوق على الفيلم الأمريكي المقتبس عنه.

والطريف أنه كتب عن نجمة الإغراء هند رستم في فيلم “رجال في العاصفة” للمخرج حسام الدين مصطفى قائلاً: “لقد وقفت هند أمام حسين رياض الممثل الكبير واستطاعت أن ترتفع إلى مستوى كتفيه، ولولا إكباري لحسين رياض لقلت إن هند كانت رأسها برأسه كان الدور هو دور هند التقليدي، ولكنها جعلت منه شيئاً جديداً في عالم التمثيل، ومدت الإغراء إلى جذور أنثوية ونفسية عميقة”.

ويبدي عبد الصبور اندهاشه من فيلم “إني أتهم” لحسن الإمام فيكتب عنه: ” إن في كل حياة مأساتها، ولكن المأساة يجب أن تكون مأساة بشرية معقولة لكى تصبح مادة للفن، أما أن تنهال كل هذه المصائب على رأس واحدة بلا منطق معقول، ولا سبب ظاهر، فهذا كلام لا يصلح إلا في الحواديت”.

رحم الله صلاح عبد الصبور، فقد كان شاعراً مجدداً، وكاتباً مسرحياً عبقرياً، وناقداً أدبياً من الطراز الأول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى