fbpx
معرفة

تنظيم داعش” ولاية خراسان”

كتب: عبدالعزيز السلاموني

بعد أن تبنى الهجوم الدامي وسط حشود تجمعت أمام أبواب مطار كابول أسفر عن مقتل عشرات المدنيين،و13 جنديًا أمريكيًا، وأشاع الفوضى في الجسر الجوي لنقل عشرات الآلاف من الأفغان ممن يستميتون في الهرب من البلاد.

ضربة تأتي في توقيت بالغ الحساسية وفي بلد تطوقه الفوضى منذ سيطرة طالبان على الحكم، وانهيار الحكومة السابقة، الأمر الذي يشكل إحراجًا؛ سواء للحركة التي تحاول بعث رسائل طمأنة للغرب بشأن الأوضاع الأمنية، والتهديدات، أو للرئيس الأمريكي “جو بايدن” الذي يواجه اتهامات بأن قرار سحب القوات من أفغانستان هو ما سيجعلها فريسةً أو ظهيرًا للتنظيمات الإرهابية.

في هذه الأثناء، تعهد “بايدن” وصوته متهدج من الانفعال، بأن واشنطن ستلاحق الجناة، مشيرًا إلى أنه طلب من وزارة الدفاع ببلاده إعداد خطط لضرب من يقفون وراء تنفيذ الهجوم، فيما قالت طالبان: إن ما لا يقل عن 28 من 60 أفغانيا قتلوا خارج مطار كابول كانوا أعضاء في الحركة.

ظهور التنظيم

بعد وقت قصير من إعلان ظهور داعش في العراق، وسوريا عام 2014، أعلن أعضاء سابقون في حركة طالبان باكستان، ولاءهم لزعيم التنظيم الأول أبو بكر البغدادي.

ففي منتصف يناير 2015، تجمع عدد من قادة مجموعات مسلحة من مناطق قبلية باكستانية، ومن داخل أفغانستان على الشريط الحدودي بين البلدين، وبايعوا المدعو “حافظ سعيد خان أوركزاي” أميرًا لهم، وعقب ذلك اعترف أبو بكر البغدادي زعيم داعش بفرع التنظيم في ولاية خراسان.

وخراسان هو الاسم القديم الذي يطلق على منطقة تضم أجزاء من أفغانستان الحالية، وباكستان، وإيران، وآسيا الوسطى.

حمل التنظيم اسم “داعش كي”؛ حيث عمل- بنشاط- على تجنيد المنشقين من طالبان، ولا سيما أولئك الذين كانوا مستائين من عدم نجاح قيادتهم في ساحة المعركة، بحسب صحيفة “فرست بوست” الهندية.

يعتقد خبراء أن “داعش كي” -المؤلّف من بعض الإرهابين المُخضرمين من سوريا وغيرها- فقد مكانته، وقوته منذ عام 2018، لكنه لا يزال حاضرًا في شرق أفغانستان، وشكّل خلايا في عاصمتها كابول.

وفي أبريل2017، ألقت طائرة شحن أمريكية قنبلة تزن 20 ألف رطل وهي القنبلة المعروفة بـ”أم القنابل” على مجمع كهوف مرتبط بالتنظيم شرقي أفغانستان، وكانت تلك أضخم قنبلة تقليدية في الترسانة الأمريكية.

قاتل تنظيم “داعش – ولاية خراسان” الحكومة المدعومة من الغرب وطالبان على حد سواء، لكن الارتباط العملياتي على وجه الدقة مع التنظيم الرئيس في العراق وسوريا ما زال غير مؤكد.

جرائم التنظيم الدموية

تفيد أحدث التقديرات أن عدد مقاتلي تنظيم داعش ولاية خرسان يتراوح بين 1500 إلى 2200 مقاتل، بحسب تقرير لمجلس الأمن الدولي صدر في يوليو الماضي.

و”داعش كي” مسؤولة عما يقرب من 100 هجوم ضد المدنيين في أفغانستان وباكستان، بالإضافة إلى قُرابة 250 اشتباكًا مع قوات الأمن الأمريكية، والأفغانية، والباكستانية منذ يناير 2017.

وأعلن التنظيم مسؤوليته عن بعض أكثر الهجمات دموية التي حدثت بالأعوام الأخيرة في أفغانستان وباكستان، وتنوعت هجماته بين ذبح مدنيين في مساجد، ومستشفيات، وأماكن العامة، وتنفيذ إعدامات جماعية بالرصاص.

ففي أغسطس 2019، أعلن التنظيم مسؤوليته عن هجوم على حفلة زفاف في كابول، أسفر عن مقتل 91 شخصًا، فيما خلف هجوم في مايو 2020 استهدف مستشفى للتوليد في كابول، مقتل 25 شخصا بينهم 16 أمًا ورضيعا.

وفي الولايات التي تمركز فيها، ترك وجود التنظيم آثارًا عميقة! حيث أطلق مقاتلوه النار على قرويين، وقطعوا رؤوسهم، وعذبوهم، وأرهبوهم وتركوا ألغامًا أرضية في كل مكان.

داعش وطالبان:

ويصف تنظيم داعش ولاية خراسان حركة طالبان بـ”الكفار”؛حيث واجه التنظيم مقاومة من طالبان استهدفت المنشقين عنها ولم يتمكن من توسيع أراضيه، بخلاف النجاح الذي حققه التنظيم في العراق، وسوريا.

ومنذ البداية، دخل التنظيم في مواجهات مع حركة طالبان في أفغانستان للسيطرة على مناطق رئيسة على الحدود مع باكستان مرتبطة بتهريب المخدرات، وسلع أخرى.

وفي العام 2019، أعلن الجيش الحكومي في أفغانستان، بعد عمليات مشتركة مع الولايات المتحدة، هزيمة التنظيم الإرهابي في ولاية ننجرهار (شرق).

ووفقًا لتقديرات الولايات المتحدة والأمم المتحدة، يعمل تنظيم ولاية خراسان منذ ذلك الحين؛ من خلال خلاياه النائمة في المدن من أجل شن هجمات كبيرة.

وفي فبراير 2020، انتقد التنظيم بشدة الاتفاق الذي أُبرٍم بين واشنطن وطالبان، والذي ينص على انسحاب القوات الأمريكية والأجنبية من أفغانستان، متهمًا الحركة بالتراجع عن قضيته.

وعقب دخول حركة طالبان كابول، والاستيلاء على السلطة في 15 من أغسطس الجاري، تلقت طالبان تهنئة من العديد من الجماعات؛ لكن ليس من بينها تنظيم داعش ولاية خراسان.

وفي السياق، أكد “مستر كيو”، وهو متخصص غربي في شؤون تنظيم داعش، إلى استفادة التنظيم من انهيار أفغانستان، مشيرًا إلى أن 216 هجومًا نفذتها – ولاية خراسان بين الأول من يناير و11 أغسطس، مقارنة بـ34 هجومًا خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

وقال الخبير، في حديث لـ” فرانس براس”، إن ” هذا الأمر يجعل أفغانستان من أكثر ولايات تنظيم داعش نشاطًا. ليس كل شيء مرتبطًا مباشرةً بالانسحاب الأمريكي؛ لكن انتصار طالبان يوفّر متنفسًا لتنظيم داعش- ولاية خراسان”.

وخلال السنوات الماضية، اندلعت اشتباكات بين تنظيم داعش ولاية خراسان، وحركة طالبان في عدة مديريات من ولاية ننجرهار، مثل: “مامند” و”أتشين” و”سبين غر” و”كوت” و”بتي كوت” و”رودات” و”هسكه مينه” و”خوكياني” و”شيرزاد” و”تشبرهار” و”بتشيروآغام” وغيرها، أدت إلى مقتل العديد من الطرفين.

أحدث عمليات “داعش خراسان”

وفي أحدث عمليات التنظيم الإرهابية، لقي 13 جنديًا أمريكيًا حتفهم، جراء تفجيرين وقعا خارج مطار كابول، مما أسفر عن سقوط 72 قتيلًا على الأقل، وأكثر من 150 مصابًا في صفوف المدنيين.

وردًا على الهجوم، توعد القادة العسكريون الأمريكيون بملاحقة قادة التنظيم في أعقاب الهجوم الانتحاري، وتعهدوا بالثأر لعشرات الأفغان، وللجنود الأمريكيين الذين راحوا ضحية الهجوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى