fbpx
تقارير

مِصرُ والسنغال.. صداقةٌ تاريخية وتطويرٌ للعلاقات في مختلف المجالات

كتب: محمد عيسىٰ
تدقيق: ياسر فتحي

السنغال واحدةٌ مِن الدول الأفريقية التي لها تاريخ مؤثر في وجدان الأفارقة، وإحدىٰ الدول الديمقراطية القليلة في القارة الأفريقية، التي لم تؤرقها الانقلابات العسكرية في تاريخها الحديث، يتم فيها التناوب على السلطة بدون صراعات، وبطريقةٍ سِلمية حضارية كما تفعل الدول المتقدمة.

حصلت السنغال على استقلالها في 4 أبريل عام 1960 عن فرنسا، بعد أنْ احتلت القوات الأوروبية أجزاءً مِن شاطئها في القرن الخامس عشر، ثم احتلت فرنسا البلاد كلها بعد حروب عديدة في عام 1902، وأصبحت مدينة داكار عاصمة أفريقيا الغربية الفرنسية، وفي يناير 1959 اتحد السنغال مع ما كان يسمى بالسودان الفرنسي تحت اسم اتحاد مالي، والذي نال استقلاله عن فرنسا في 20 يونيو 1960، وبعد مشاكل سياسية تَفكَّكَ (اتحاد مالي)، وأعلنت كلٌ مِن السنغال والسودان الفرنسية (التي سُميت بعد ذلك دولة مالي) الاستقلال كلٌ على حِدَة، وبالتالي تحقق للسنغال الاستقلال التام في 20 أغسطس 1960، وأصبح الشاعر “ليوبولد سيدار سنجور” أول رئيس لجمهورية السنغال المستقلة، واستمر في حكم البلاد عشرين عامًا (1960-1980)، إلى أنْ سَلَّم مقاليد السلطة لوزيرهِ الأول “عبدو ضيوف”.

• العلاقـــــاتُ السياسية

ترتبط مصر والسنغال بعلاقات صداقة تاريخية، حيث كانت مصر مِن أوائل الدول التي اعترفت “بجمهورية السنغال” فور استقلالها، وتم تبادل العلاقات الدبلوماسية معها منذ عام 1960، الأمر الذي جعل العلاقات بين البلدين تتسم بالتميز، وأسهَمَ في تعزيزها العلاقة القديمة بين الرئيس الراحل “جمال عبد الناصر” والرئيس “سنجور”، واستمرارًا لِعُمق العلاقات بين البلدين أكد الرئيس “عبد الفتاح السيسي” انفتاح مصر على أشقائها الأفارقة، وفي مقدمتهم السنغال، وتطلعها لتطوير التعاون معها على جميع الأصعدة، كما تشهد العلاقات بين البلدين تَنامٍ على جميع المستويات، وتوافقٍ في الرؤىٰ تجاه القضايا الدولية، والتعاون في المحافل الدولية والإقليمية، ولاسيما الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي وتجمع الساحل والصحراء، فضلاً عن مبادرة “النيباد” للتنمية في أفريقيا، وتشارك مصر سنويًا في مُنتدىٰ “داكار” الدولي حول السِّلْم والأمن في أفريقيا، والذي أطلقه الرئيس السنغالي “ماكي سال” في 2014، وتأتي المشاركة المصرية في إطار تدعيم آليات العمل الأفريقي المُشترك لمجابهة التحديات المختلفة التي تواجه القارة الأفريقية، ويبحث المنتدىٰ سبل مكافحة ظاهرة الإرهاب في القارة الأفريقية، وإمكانيات وضع استراتيجيات فاعلة للتصدي لهذه الظاهرة وإرساء السلم في القارة، فضلاً عن تبادل وجهات النظر بين مختلف الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بقضايا السلم والأمن في القارة الأفريقية، كما شاركت مصر في القمة الخامسة عشر للمنظمة الدولية للفرانكوفونية التي انعقدت بالعاصمة السنغالية داكار في نوفمبر 2014.

• العلاقـــــاتُ الاقتصادية

تعتبر مصر ثاني أكبر شريكٍ تجاري مع السنغال، انخفض حجم التبادل التجاري بين مصر والسنغال بنحو 43.71% ليسجل 38.142 مليون دولار خلال عام 2018، مقابل 67.756 مليون دولار خلال 2017، وبحسب أحدث تقريرٍ صادر عن إدارة الدول والمنظمات الأفريقية ووحدة الكوميسا، التابعة لوزارة التجارة والصناعة، فقد انخفضت الصادرات المصرية للسنغال إلى 37.508 مليون دولار خلال 2018 بدلا من 67.203 خلال 2017.وأشار التقرير، إلى أنّـ الواردات المصرية مِن السنغال ارتفعت لتسجل 634 ألف دولار خلال 2018، مقابل 553 خلال 2017.

مِن أبرز المنتجات التي يتم تصديرها للسنغال، الأسمدة، والدواء، والملابس الجاهزة، والسجاد، السلع الغذائية المُصنَّعة، الخضروات، والمبيدات الحشرية، مواد البناء، والسيراميك، والأدوات الصحية، والزيوت النفطية، وبعض المنتجات الكيماوية، ومواد التغليف.

في حين تستورد مصر مِن السنغال السمك، منذ عام 2012، فإن الصادرات المصرية للسوق السنغالي تشهد ارتفاعًا ملحوظًا، والتي سجلت 36.8 مليون دولار، وسجلت زيادةً في 2013 لتبلغ 39.7 مليون دولار وعام 2014 بلغت 36 مليون دولار، ثم انخفضت عام 2015 لتُسجل 30.5 مليون دولار.

• العلاقـــــاتُ الثقافية

تُعَدُّ السنغال مِن الدول الأفريقية التي بها مستوى تعليم مرتفع، ومِن أكثر الدول ارتباطًا بمصر مِن الناحية التعليمية، حيث أنَّ الأزهر الشريف يعتبر محورًا في توثيق العلاقات المصرية السنغالية، وتصل البعثة الدينية مِن الأزهر الشريف إلى 37 رجل دين، ومُستهدف زيادتها إلى 40، وذلك لمواجة التوجَّه الشيعي والسلفي ونشر الدين الإسلامي الحنيف الوسطي، إضافة إلى تعزيز الانتشار المصري، كما تعد السنغال ثاني أكبر دولة لديها أكبر عددُ طلاب يدرسون في الأزهر بعد السودان في أفريقيا، حيث يصل عددهم إلى نحو 600 طالب سنغالي منهم نحو 30% يحصلون على منح دراسية، وتعتبر مصر هي الدولة الأولىٰ في مَنح المِنح الدراسية للسنغاليين على مستوىٰ الدول العربية، ويعتبر الأزهر ثاني جامعةٍ بعد جامعة داكار يتخرج فيها الطلاب السنغاليون سنويًا.

• العلاقـــــاتُ العسكرية

في 19/2/2020 قام “سيديكي كابا” وزير القوات المسلحة السنغالي، والوفد المرافق له بزيارةٍ لمصر، استقبله “د. محمد سعيد العصار”، وزير الدولة للإنتاج الحربي، وبحث الجانبان سبل التعاون المشترك فى مجالات التصنيع الحربية والمدنية كما تفقد الوزيران المعرض الدائم للمنتجات العسكرية لوزارة الإنتاج الحربي بمصنع إنتاج وإصلاح المدرعات.

تم الاتفاق على قيام فريق فني مِن وزارة القوات المسلحة والشركات السنغالية بزيارة شركات الإنتاج الحربي للإطلاع على الإمكانيات المتوفرة بها وتحديد مجالات التعاون المستقبلي بينهما.

كما التقىٰ الفريق أول “محمد زكي” القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى بـ “سيديكى كابا” وزير القوات المسلحة بالسنغال، وبحث الجانبان سبل دعم وتعزيز علاقات التعاون العسكرية بين القوات المسلحة لكلا البلدين بالإضافة إلى تطورات الأوضاع التي تشهدها القارة الأفريقية، والجهود التي تبذلها مصر لدعم الأمن والاستقرار داخل القارة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى