د. علاء جراد يكتب: “بريطانيا العظمى” الصيت ولا الغنى!

يعتقد الكثيرين أن الحياة في أوروبا أو الدول الغربية هي حياة مثالية خالية من المشاكل ويتغنى الكثيرين بمرتبات ومخصصات البطالة ولكن في الحقيقة هم يرون فقط قشرة خارجية هشة ولا تعكس الواقع الحقيقي في العالم الغربي وسوف اتناول هنا بعض الأمثلة من دولة واحدة وهي بريطانيا التي كانت فيما مضى الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس والغرض من المقال هو أن يرى القارئ الأمور بموضوعية وبتفكير ناقد لأن الانطباعات التي نكونها تؤثر على قرارتنا وإلا لما رأينا الاف البشر يفقدون كل ما يملكون وربما يفقدون حياتهم في محاولة الهجرة سواء الشرعية غير الشرعية للغرب معتقدين انه بوصولهم لشواطئ دولة أوربية يعني انتقالهم للجنة.
يُسلط هذا المقال الضوء على بعض القضايا الملحة في بريطانيا بما في ذلك ضعف الخدمات الصحية، عدم كفاءة وسائل النقل، الجوع، انتشار المخدرات، والتحديات داخل النظام الديمقراطي، فالخدمات التي تقدمها هيئة خدمات الصحة الوطنية (NHS)، والتي كانت تُعتبر نموذجًا للرعاية الصحية الشاملة، تواجه الآن ضغوطًا هائلة.
تُشير التقارير إلى أن الأخطاء الطبية وأخطاء الأدوية تحدث بوتيرة مقلقة وخطرة فقد أظهرت دراسة أجريت في عام 2022 أن هناك حوالي237 مليون خطأ دوائي تحدث سنويًا في إنجلترا وحدها، ويُعزى الكثير منها إلى نقص الموظفين وعدم كفاءة الأنظمة.
كما وصلت قوائم انتظار المستشفيات إلى مستويات قياسية، حيث ينتظر حوالي 7.5 مليون شخص الحصول على رعاية صحية بحلول منتصف العام الماضي 2024. بالإضافة إلى ذلك، تفشل أقسام الطوارئ (A&E) في تحقيق أهدافها الزمنية للعلاج، حيث ينتظر بعض المرضى أكثر من 12 ساعة للحصول على الرعاية.
أحد أصدقائي كان عليه الانتظار 8 شهور لإجراء أشعة رنين مغناطيسي ولكنه أجرى الاشعة في مصر خلال ساعة. تؤدي هذه العيوب إلى تقويض ثقة الجمهور، وتسبب أضرارًا يمكن تجنبها للأفراد وأسرهم، في حين أن نقص خدمات الصحة النفسية يزيد من تفاقم المشكلة.
وسائل نقل مبالغ في أسعارها ولا يعتمد عليها:
تمثل وسائل النقل في بريطانيا، وخاصة شبكة القطارات، مصدر إحباط كبير حيث تعاني خدمات القطارات من التأخيرات والإلغاءات المتكررة.
وفقًا لمكتب السكك الحديدية والطرق، فإن 48% من القطارات لم تصل في الوقت المحدد في عام 2023، مما يمثل أحد أسوأ أداءات الشبكة منذ عقود.
وبعد أن كان انضباط التوقيت “الإنجليزي” مضرب أمثال أصبح محل استهزاء وسخرية. ويزيد من تفاقم المشكلة التكلفة المرتفعة للسفر بالقطار. فقد تصل تكلفة الرحلة الواحدة إلى أكثر من 150 جنيه إسترليني في خطوط مثل لندن-مانشستر، مما يجعلها واحدة من أغلى الأنظمة في أوروبا.
وفي الوقت نفسه، تعاني البنية التحتية للطرق من نقص مزمن في الاستثمار، مع انتشار الحفر وسوء الصيانة، مما يؤدي إلى أضرار تُقدر تكلفتها بأكثر من 4 مليارات جنيه إسترليني سنويًا، وفقًا لمسح أجري في عام 2024.
أوقات انتظار طويلة في الخدمات العامة
بعيدًا عن الرعاية الصحية ووسائل النقل، فإن أوقات الانتظار الطويلة أصبحت سمة شائعة في العديد من الخدمات العامة في بريطانيا من تقديم طلب للحصول على جواز سفر إلى الحصول على الإعانات الاجتماعية، أصبحت التأخيرات هي القاعدة بدلاً من الاستثناء. على سبيل المثال، وصلت فترة انتظار معالجة جوازات السفر الجديدة إلى 10 أسابيع في عام 2024، مما تسبب في اضطرابات كبيرة للأفراد المحتاجين إلى السفر العاجل.
الجوع وانعدام الأمن الغذائي
الجوع هو مشكلة خطيرة حيث يعاني حوالي 4 ملايين شخص، بما في ذلك مليون طفل، من انعدام الأمن الغذائي، وفقًا لأرقام مؤسسة “تروسيل تراست” أصبحت بنوك الطعام بمثابة طوق نجاة للكثيرين، حيث وزعت المؤسسة أكثر من 3 ملايين طرد غذائي طارئ في 2023-2024، وهو زيادة كبيرة مقارنة بالسنوات السابقة.
أدى ارتفاع تكلفة المعيشة، بسبب التضخم وجمود الأجور، إلى إجبار الأسر على الاختيار بين تدفئة منازلهم وإطعام أطفالهم. ويؤثر الجوع بشكل عميق على التعليم والإنتاجية، حيث يعاني الطلاب الجوعى من عدم القدرة على التركيز أو الأداء الجيد في المدارس، مما يؤدي إلى استمرار دوامة الفقر.
المخدرات وتأثيرها الاجتماعي
لا تزال إساءة استخدام المخدرات مشكلة مستمرة، حيث تسجل المملكة المتحدة بعض أعلى معدلات الوفيات المرتبطة بالمخدرات في أوروبا. ففي عام 2023، سجلت اسكتلندا وحدها 1250 حالة وفاة مرتبطة بالمخدرات، مما يبرز خطورة المشكلة. يؤدي تعاطي المخدرات إلى تدمير الأسر وزيادة العبء على نظامي العدالة الجنائية والرعاية الصحية. وغالبًا ما تكون الجهود المبذولة لمعالجة الأزمة غير كافية بسبب نقص التمويل لبرامج التأهيل والإجراءات الوقائية.
التحديات الديمقراطية
تفتخر بريطانيا بكونها معقلًا للديمقراطية، إلا أن الأحداث الأخيرة كشفت عن نقاط ضعف في النظام. أثارت قضايا مثل انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات، والفضائح السياسية، وانعدام الثقة العامة في المسؤولين المنتخبين، مخاوف بشأن صحة النظام الديمقراطي في البلاد. في الانتخابات العامة لعام 2019، بلغت نسبة المشاركة 67.3%، وهو انخفاض عن العقود السابقة، مما يشير إلى حالة من اللامبالاة والانفصال بين المواطنين والنظام السياسي.
إن هذه التحديات هي غيض من فيض وهناك كوارث اجتماعية لا حصر تحتاج لمجلدات وليس مجرد مقال، فهل كنت تعلم عزيزي القارئ شيء عن تلك التحديات؟ وهل لازلت تعتقد أن بريطانيا أو أوروبا تختلف كثيراً عن دول العالم الثالث؟