لواء محمد نصر يكتب: نظرة فى التقارب الاقتصادي بين دول الاتحاد الأوروبي ومصر

ليس بالضرورة أن التقارب المصري الفرنسي سيكون هو السبب في تقارب دول أوروبية أخرى تحذو حذوها
ولكن الاحتمال الأكبر أن دول الإتحاد الأوروبي اتخذت فعلا هذا القرار مسبقا ولكنها دفعت بفرنسا لبدء الإجراءات أما من إتجاه فتح باب التعاون الاقتصادي بين أوروبا ومصر أو من باب التجربة على الطريقة الفرنسية
التقارب الأوروبي لمصر ليس وليد الصدفة أو الأحداث الحالية إنما هو نتاج طبيعي لاحداث سياسية واقتصادية سابقة من سنوات وأيضا هي خطة طويلة الأمد من الدولة المصرية بدأت أيضا منذ سنوات
أولا : منذ بدأت بريطانيا الإعلان عن نواياها بالتخارج من الإتحاد الأوروبي “ببريكسيت” وهذه الخطوة كانت بداية التمهيد للتقارب الحالي فلا يخفى على أحد الثقل الاقتصادي والسياسي لبريطانيا وكانت هى بمثابة القاطرة السياسية للاتحاد وطبعا كانت تستغل هذا الثقل لتوفير عقود اقتصادية وشراكات متعددة للاتحاد الأوروبي ولكنها آثرت إستغلال هذا الثقل لنفسها دونا عن دول الاتحاد الذي اعتبرته الادارة البريطانية حمل ثقيل على عاتقها يمكنها التقدم أكثر بدونه.
الإجراءات الأخيرة من أمريكا فاقمت الأوضاع الاقتصادية في أوروبا حتى وإن كان تم تعليقها لفترة ولكنها عززت الشعور بوجوب عدم الاعتماد الكامل للعمل تحت المظلة الأمريكية وعدم الاعتماد عليها بنسبة كبيرة
ومنذ بدء تخارجها تركت الساحة السياسية الاوروبية لفرنسا القطب السياسي الثاني على مستوى العالم القديم قبل ظهور أمريكا بما تمتلكه فرنسا من عمق فى مجال العمل السياسي، مع الوضع في الاعتبار أن ألمانيا هي القاطرة الاقتصادية للاتحاد فقط، صحيح أنها تمتلك قوة سياسية قديمة ولكنها فقدت الكثير من هذه القوة بسبب الحرب العالمية الثانية واجتياحها لدول أوروبا
ثانيا: كان الطبيعى ان تبحث دول القارة العجوز بعد البريكسيت عن شريك اقتصادي خارج أوروبا يوفر لهم مناخ جيد للاستثمار يمكنهم من توسيع مجال صناعاتهم، وتجارتهم وكان المنطقي ان يتوجه البحث عن الدول الشريكة المحتملة إلى منطقة الشرق الأوسط لتوافر الخامات ومصادر الثروة سواء كانت بشرية أو معدنية أو مصادر الطاقة وهذا البحث لا يعتمد على النواحي الجغرافية فقط وإنما يستلزم وجود إدارة ذكية تستطيع جذب الاستثمارات بتوفيرها للخطط الاستثمارية فيما يخص نوعية المشروعات والأهم البنى التحتية سواء للإنتاج أو النقل للأسواق الخارجية وحتى النقل الداخلي من أماكن التصنيع إلى موانيء التصدير وطبعا زاد احتياج دول الاتحاد الأوروبي لدفع عجلة اقتصادها بعد خسائرهم الكثيرة بسبب مساندة أوكرانيا مقابل الدب الروسى.
ثالثا: احتياج دول أوروبا لمصدر منتجات زراعية ذات جودة وإنتاج وفير لسد الفجوة الغذائية بالسوق الأوروبية المتواجدة أصلا بسبب عدم قدرة الأراضي الزراعية بأوروبا على توفير احتياجات القارة وتفاقمت هذه الفجوة بعد إشتعال حرب أوكرانيا.
توافرت هذه العوامل في مصر حاليا نتيجة الخطط طويلة الأمد التي بدأتها الإدارة المصرية والتي أهم ما يميزها هي التخطيط الجيد وتحديد الأولويات وعلى سبيل المثال تجهيز الطرق والموانئ قبل بدء إجراءات جذب الاستثمارات.
وكذلك الاستقرار السياسي والعسكري لمصر في محيطها الإقليمي رغم محاولات بعض القوى لزعزعة هذا الاستقرار ولكن الإدارة المصرية تتعامل مع هذه المحاولات بذكاء جعل ردود أفعالها حاسمة وحكيمة لم تجعلها حتى الآن تنخرط فى أي عداء مباشر مع أي من فصائل جيرانها سواء الحدوديين أو الاقليميين
أيضا مشروعات الطاقة سواء تصدير الغاز أو الهيدروجين الأخضر.
كما أن النهوض بالثروة الزراعية الذي تتبناه الدولة المصرية أدى إلى إضافة ميزة أخرى وهامة لمصر في مجال جذب الاستثمارات بحيث جعلها مناخ أمن وجاهز للاستثمار ومتعدد أوجه التعامل مع القارة الأوروبية.
الأسابيع وربما الاشهر القادمة ستوضح أبعاد ونتائج هذا التعاون ونتمنى كل التوفيق للإدارة المصرية