fbpx
معرفة

خراب عقلي (1)

 

إبراهيم عكاشة
إبراهيم عكاشة

الانضباط اللفظي

من أقوى المنكدات على المخ هو انك تكون بتفكر بيه.. إنك تشوف أي حاجة فتتخزن في عقلك الباطن وتظهرلك بالليل قبل النوم علشان تزهقك برواقة بقى..

كم أحسد اللي بيشوفوا كل حاجة وعقلهم غير قابل لتسجيل أي حاجة منها.. الناس دي يومها بيعدي سهل مهما كانوا شقيانين في حياتهم.. الشقاء الذهني مرهق جدًا.

تخيل انك قبل ماتنام تلاقي عقلك بيسألك هو الطريق كان واقف على الدائري عند نزلة البحر الأعظم ليه مع ان لو وسعوا النزلة شوية أو عملوا إشارة تحت النزلة تقفل علشان تستقبل اللي نازلين من على الدائري وما يتحنطوش فوق؟!

ما تنام ياعم وماتزهقناش هو أنا المحافظ؟!

تروح مدوّر وشك ناحية شباك الأوضة أملاً إنك تستقبل شوية هوا يسطلوك وينيموك، فتلاقي عقلك يسألك هو ليه الشبابيك مربعة مش مدورة؟!!

يخرب بيت أهلك وأنا مالي!

تقرر تمسك تليفونك تقلب في أي حاجة لغاية ماتتخمد، تلاقي خبر بيقول “القبض على أخطر عصابة لسرقة السيارات”!!

الله.. انا قريت الخبر دا ييجي 200 مرة على مدار سنين قبل كدا بنفس صيغة أخطر عصابة دي!

طيب أنهي عصابة الأخطر فيهم بقى؟!
أه هي ليلة سودة.

إطربني ياعم عقلي..

يا عم هيما ماهو لما كل مرة يستخدموا مصطلح الأخطر، اللفظ بيفقد قوته ومعناه وهنتعامل معاه بعد كدا عادي!

دا لو قبضوا بجد بقى على عصابة القناع الاسود اللي هي الأخطر فعلا زي ما ميكي قالنا زمان، مش هنصدق إن دي العصابة الأخطر.. ما انت خلاص يا عم الصحفي استهلكت شغفي برونق الكلمة وبقت العصابة الأهطل بالنسبة لي!

طب استهدى بالله يا عقلي ونام.. أقولك فوت الخبر دا وشوف غيره..

حاضر..

إندلاع حريق هائل في مخزن خشب في الشرابية!

يعني ايه هائل؟!

وهائل بالنسبة لمين؟!

للصحفي اللي كتب؟؟ ولا لشاهد العيان اللي بلغه؟! ولا هو هائل بجد؟!

ماهي هائل دي برضو كلمة كبيرة تخوفني كمواطن عايز ينام وتحسسني اني هصحى الصبح مش هلاقي الشرابية، ولازم ألحق دلوقتي أتصل أودع أي حد أعرفه في الشرابية!

عقلي يقولي استنى بس أنا هطمنك.. إذا كانوا بيكتبوا على حريق الغابات انه هائل!.. طيب إزاي بقى دا كمان هائل؟!

دا أخطر يعني من حرائق ألفين فدان مثلا؟! أخطر يعني من غسان مطر على رأي حزلئوم؟!

أكيد لأ

أمال ايه المعيار؟!

المعيار دا لازم ينظبط يا حضرة الصحفي علشان ماتتعبناش معاك نفسيًا أنا وابراهيم.

يعني مثلاً بالنسبة لك يا حضرة الصحفي لو دخلت محطة مترو السادات هتقول “أعداد كبيرة من المواطنين”..

مع إن نفس العدد دا لو شوفته في ستاد القاهرة، هتقول أعداد قليلة من المواطنين!

يعني نظرتك بتتغير في العدد من مكان لمكان..

طب ما تطبق دا على حريق هائل بالمرة وتغير الكلمة من مكان لمكان، وما تكتبليش على حريق ألفين فدان هائل، وعلى حريق مخزن خشب هائل برضو!!

انت بوظت لي معياري معاك، وبوظتلي كمان أعصابي.

يا حضرة الصحفي الناس من حقها إنك ماتخوفهاش على الفاضي والمليان، ومن حقي كمواطن زيهم أنام أعصابي هادية، وخلي تلف الأعصاب للحاجات اللي تستحق بجد تلف الأعصاب.

من حقنا إن لما يكون حادث عادي تكتبلي حادث عادي، مش “حادث مدمر”.. من حقي لما يكون لاقدر الله حد إتخطف تكتبلي حد اتخطف، مش تكتبلي “رعب يجتاح المحافظة”!

وهنا أحب أحيي أختي اللي كاتبة على باب شقتها “”إفرد وشك محدش ناقصك”.

يارب يا عقلي تكون ارتحت لما بوظتلي ساعتي البيلوجية انت كمان، وإيه المنبه اللي بيرن دا كمان بقينا بكرة منك لله!!

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى