fbpx
تقاريرسلايدر

الجينوم .. أكبرُ مشروعٍ علميٍ للتنبؤ بالأمراض المُستقبلية وطرق علاجها في مِصر

كتب: جرجس خليل
مراجعة لغوية: ياسر فتحي

 

 

يولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، مشروع الجينوم البشري المرجعي للمصريين اهتمامًا كبيرًا، فمن خلال هذا المشروع ستدخل مصر عصر الطب الشخصي والعلاج الجيني، للتنبؤ بالأمراض المُستقبلية، وطرق علاجها بما في ذلك الأمراض الوبائية.

وقد نشر موقع الهيئة العامة للاستعلامات التابع لرئاسة الجمهورية تقريرًا عن مشروع الجينوم المرجعي المصري، أكبر مشروعٍ عِلميٍ أمر به الرئيس السيسي.

تم توقيع عقد المشروع بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مُمثلةً في أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ووزارة الدفاع مُمثلةً في مركز البحوث الطبية والطب التجديدي في شهر مارس الماضي، وتم البدء في تجهيز البنية الأساسية لتنفيذ هذا المشروع الذي مِن المتوقع الانتهاء منه بداية عام 2025 بتكلفة 2 مليار جنيه .

يهدف المشروع إلى إنشاء قاعدة بيانات جينية مرجعية مِن خلال دراسة وتحليل عددٍ مِن العينات، لاستكشاف علاقات الدلالات الجينية والشفرة الوراثية أو الجينومية مع مظاهر الصحة والمرض في الإنسان، مما يُمَكِّن مِن الاستفادة في وضع محددات جينية للتشخيص المبكر، والتنبؤ بالأمراض الأكثر شيوعًا بين المصريين؛ مثل أمراض القلب والأورام والأمراض الوراثية، وتحديد أسباب المرض وطبيعته ومدىٰ استجابة الجسم للعلاج، وتوفير التدخل الطبي المُبكر، وتحديد العلاج الأمثل الذي يتناسب مع العوامل الجينية للمرضى المصريين بشكل خاص.

 

أهميةُ المشروع

ترجع أهمية المشروع إلى أنه يُعِدُّ خريطةً جينيةً للمصريين، في ظِل اعتماد الطب الحديث على ما يعرف بالطب الدقيق أو الطب الشخصي، الذي يعتمد على تقسيم المرضىٰ وفقًا للعوامل الوراثية، ثم تحديد أسلوب علاج يعرف بالعلاج الجيني، الأمر الذي يحتاج لبياناتٍ عن التركيب الوراثي للإنسان، بحسب محمود صقر رئيس أكاديمية البحث العلمي، إحدى الجهات المُنفذة للمشروع في تصريحات خاصة.

ويساعد المشروع أيضاً على التنبؤ بالأمراض الوبائية المستقبلية وتحديد طرق مواجهتها، حيث يمكن مِن خلال دراسة العينات التوصل إلى طبيعة كل فيروس والعوامل المُسببة له، وكيفية مواجهته علاجيًا، وتوقع موجات الفيروسات المقبلة، ورسم خريطةٍ لكافة طرق المواجهة والعلاج.

وجدير بالذكر أن فيروس كورونا، أظهر تفاوتًا في مقاومة المصريين له، كما لوحظ التباين أيضًا في سرعة انتشار الفيروس وتطوره بين الدول، نتيجة الاختلافات الوراثية بين البشر، لذلك قررت الدولة المصرية دراسة الجينوم المرجعي الذي يحدد الخصائص الوراثية للمصريين، لتحديد طرق الوقاية والعلاج الأمثل مِن الأمراض.

اما الخطة التنفيذية للمشروع فتتم على مرحلتين، الأولى تتضمن دراسة عينات جينية لأفراد أصِحاء خلال خمس سنوات، فيما تتضمن المرحلة الثانية دراسة عينات جينية لأفراد يعانون مِن الأمراض الشائعة في المجتمع المصري، لتحديد التتابع الجيني والمتغيرات الجينية المصرية التي تحدد قابلية الإصابة بالأمراض، وتوفير طرق علاج متخصصة ومصممة بناءً على التراكيب الجينية.

 

المِصريون القُدماء

ويميز المشروع البحثي المصري دراسة الصفات الجينية للمصريين القدماء بهدف فهم طبيعة الأمراض التي تعرضوا لها وحالتهم الصحية، ما يعد إضافة علمية كبيرة، إلى جانب الأثر المتوقع على فهم الحضارة المصرية القديمة، وما تتميز به مِن أهميةٍ في التراث والثقافة العالمية، وِفق رئيس أكاديمية البحث العلمي المصرية، حيث ان تعريف الجينوم هو كامل المادة الوراثية المكونة مِن الحمض الريبي النووي منزوع الأكسجين والذي يعرف اختصارًا بالـ “دي إن إيه” (DNA).

ويختلف حجم الجينوم ونوعه وعدد الجينات بين الكائنات الحية اختلافًا كبيرًا، ويحتوي الجينوم البشري على ما بين 20-25 ألفًا مِن الجين (المُورِّث) موجود في نواة الخلية، ومرتبة على هيئة ثلاثة وعشرين زوجًا مِن الكروموسومات (الصبغيات)، يوجد نوعان مِن الكروموسومات، النوع الأول الكروموسومات الجسدية، وعددها 22 والنوع الثاني الكروموسومات الجنسية (X وY) والتي تحدد الجِنس من ذكر أو أنثى.

تحمل تلك الجينات (المورثات) جميع البروتينات اللازمة للحياة في الكائن الحي، وتحدد هذه البروتينات – ضمن أشياء أخرى – هيئة الشخص، وطوله ولون عينيه وهكذا، وأحيانًا يحدد حتى الطريقة التي يتصرف بها.

ويتكون جزيء الـ “دي إن إيه” في البشر والرئيسيات، مِن سلسلتين يلتف كل منهما حول الآخر بحيث يشبهان السلم الملتوي، وتتكون السلسلتان المتوازيتان مِن جزيئات سكر خماسي والفوسفات، والسلسلتان مرتبطتان عرضيًا بواسطة جزيئات مِن مواد كيميائية تحتوي على النيتروجين، وتلك الجزيئات حلقية وتسمىٰ القواعد النيتروجينية ويرمز إليها اختصارًا A وT وC وG.

وتتكرر هذه القواعد مليارات المرات في جميع أجزاء الجينوم، ويحتوي الجينوم البشري على سبيل المثال، على 3 مليارات زوج مِن هذه القواعد (لو رمزنا لكل قاعدة بحرف مِن حروف الكتابة لملأت 3 آلاف كتاب يحتوي كل كتاب على 500 صفحة، أي يشكل مجموعها كتابًا كبيرًا يبلغ ارتفاعه ارتفاع مبنى إمباير ستيت، كل ذلك في نواة خلية بشرية واحدة)، ويحتوي الجسم البشري على نحو 80 تريليون خلية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى