fbpx
تقاريرسلايدر

حفلٌ أسطوري مساء “الخميس” لافتتاح أكبر متحفٍ مفتوحٍ في العالم وإحياءِ طريق الكِباش

كتبت: ندىٰ حسن
مراجعة لغوية: ياسر فتحي

 

 

ساعاتٌ قليلةٌ تفصلنا عن حدثٍ تاريخي، وهو «إحياء طريق الكِباش الفرعوني»، والذي يتم افتتاحه الخميس القادم، فهذا الطريق، الذي يبلغ طوله 2700 متر يبدأ مِن معبد الأقصر، وينتهي بمجموعة معابد الكرنك، في لوحةٍ فنية بديعة صنعها الأجداد، وأعاد اكتشافها الأحفاد، وسيتم الإعلان عن افتتاح هذا الطريق في احتفاليةٍ عالمية على غرار موكب المومياوات، حتى يرىٰ أكبر متحف مفتوح النور.

إنشاءُ طريق الكِباش

طريق الكباش هو ذلك الطريق الذي يربط معبد الأقصر بمعبد الكرنك، كان يبدأ مِن الشاطئ شارعٌ فسيحٌ تَحفُّ به تماثيلٌ لأبي الهول نجدها في معبد الكرنك مثلت على شكل أبي الهول برأس كبش، والكبشُ هُنا يرمز للإله آمون، ربما لحماية المعبد وإبراز محوره، وقد أطلق المصري القديم على هذا الطريق اسم “وات نثر WAt-nTr”. بمعنىٰ طريق الإله، أما طريق الكباش في معبد الكرنك فقد عرف باسم “تا ـ ميت ـ رهنت”. وترجمتها طريق الكِباش أيضًا، و يوجد على طول الطريق البالغ2700 كم، ويحتوي على 1200 تمثال، وعرض هذا الطريق 76م، وكانت هذه التماثيل تُنحَت مِن كتلةٍ واحدةٍ مِن الحجر الرملي ذات كورنيش نُقِشَ عليه اسم الملك وألقابه وثناءٌ على مقامه على قاعدةٍ مِن الحجر مكونة مِن 4 مداميك مِن الحجر المستخدم نظرًا لوجود بعض النقوش، وقد تُقام على هيئتين:
الأولى: تتخذ شكل جسم أسد ورأس إنسان (أبو الهول)
الثانية: تتخذ شكل جسم ورأس الكبش كرمزٍ مِن رموز الإله آمون رع.

إحياء عيد الأوبت بطريق الكباش

وعن حفل الافتتاح أكَّد الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلىٰ للآثار في اتصالٍ هاتفي”بالجهورية الثانية”، أنه مِن المُقرر أنْ يكون الحفل بمثابة إحياء لعيد الأوبيت، وهو أحد الأعياد المصرية القديمة في الأقصر، في مَزجٍ واضح بين الماضي والحاضر لاستعادة مشهدٍ أسطوري يخطف أنظار العالم
حيث أنَّ موعد الحفل يتزامن مع ذكرىٰ زواج المعبود “آمون” مع المعبودة “آمونت”، والذي كان يخرج مِن معابد الكرنك بالزوارق المقدسة الخاصة التي تضم التماثيل الخاصة بالمعبودات، في اتجاه معبد الأقصر، محمولة على أكتاف الكهنة، وتصاحب هذه الاحتفالات مظاهر البهجة مِن الموسيقىٰ والرقص والغناء والاحتفالات العسكرية وذبح الأضاحي وتقديم العطور والهدايا، وسيتم خلال الحفل تنفيذ محاكاة لهذا المشهد الاستثنائي.

وأوضح وزيري أنَّ أهم تفاصيل الحفل هو لفت أنظار العالم وسوف يتم عزف ترتيلة الملك الشاب “توت عنخ آمون” الشهيرة وذلك احتفالاً بمرور ١٠٠ عام على اكتشاف توت عنخ آمون كما يتم العزف على نفس الآلات الموسيقية المُستخدمة أيام المصري القديم مثل ما هو مسجل على جدران المعابد الفرعونية بقيادة المايسترو العالمي نادر عباسي كما يشارك المواطن الأقصري في ذلك الحفل حيث تم تجهيز اسطولٍ مِن الحناطير التي تزيَّنَت بالأعلام المصريه بمثابة زفة عُرْسٍ على كورنيش النيل بالأقصر.

وأشار وزيري إلى أنَّ حفل الافتتاح يقام على الطريق بين المعبدين، لتكون النهاية والبداية في معبدي الأقصر والكَرنك، وذلك بحضور عددٍ مِن الشخصيات الهامة دوليًا ومحليًا، وسط إجراءات أمنية مشددة لتأمين الاحتفالية بشكل كامل، حيث شَهِدَ معبد الأقصر وطريق الكباش وضع اللمسات الأخيرة وآخر التجهيزات استعدادًا للحفل الكبير، والذي يقام مساء اليوم في ساحة معبد الأقصر حيث تمت إقامة مسرح كبير في مدخل طريق الكباش وآخر في المنطقة الأمامية مِن المسرح لإقامة العروض الاستعراضية والفنية والغنائية عليه، وذلك بمشاركة عدد كبير مِن الفنانين المصريين، إذْ تتميز المسارح والمنصات التي يتم تصميمها بديكورٍ مرتبطٍ بالشكل الفرعوني ومنقوشٌ عليها رموزٌ وتصميمات فرعونية قديمة، ويحضر الحفل أشهر الشخصيات الدولية والعربية والمصرية الذين يهتمون بالآثار، كما يشهد الحفل حضور أكثر مِن 80 رئيس دولة وملك.

و سوف يشهد الحفل استعراضات للمراكب الشراعية بنيل الأقصر، عبارة عن مراكب تحمل الهوية البصرية وثلاث مراكب أخرى على الشكل الفرعوني القديم يتم تجهيزها لتحمل فنانين يمثلون “كهنة آمون”، وكذلك يوجد استعراض للبالون الطائر على أنغام الفنان “حماقي” .
وعلى طول طريق الكباش الأثري، يسير ١٠٠٠ شاب وفتاة تابعين للهيئات الشبابية المختلفة في خَطٍ مستقيم، وبخطوات ثابتة تقليدًا للموكب الفرعوني القديم أثناء إقامة احتفالات عيد الأوبت مِن معبد الكرنك
ويتوجه المشاركون في هذا الموكب إلى معبد الأقصر، حيث المنصة الأساسية للحفل العالمي، وهم يحملون عددًا مِن المراكب المصممة بشكل فرعوني ويرتدون ملابس فرعونية الشكل، وتاجًا فرعونيًا للفتيات المُشاركات بألوان متنوعة.

و يشارك عددٌ مِن الفنانين في الحفل، كما ستتواجد كافة القنوات التليفزيونية العالمية لتغطية ونقل الحفل، وكذلك يشارك الصحفيون والمراسلون الأجانب، بالإضافة إلى 15 رسامًا ومصورًا مِن مختلف دول العالم ضمن جسر الحضارات لتوثيق الاحتفالية بالتعاون مع لجنة تسويق السياحة الثقافية كما سيتم وضع شاشات عرض كبيرة في شوارع وميادين الأقصر لنقل الاحتفالية على الهواء مباشرة.

كما سيتم تسيير عددٍ مِن المراكب النيلية الاي تحمل بعض اللافتات ومزينة للمشاركة في الاحتفالية الكُبرىٰ لطريق الكباش، مِن خلال تنفيذ بعض العروض في المياه بشكل مُبهج يشاهدها الكثير من الأهالي والحضور والمارة بهذا الطريق على طول كورنيش النيل بالمحافظة، كما سيشارك أسطولٌ مِن عربات الحناطير المزينة بإضاءة مبهجة لتقديم عروض رائعة ومتنوعة ضمن احتفالات طريق الكباش، على أنغامٍ متميزة للمشاركة في الحفل الكبير.

ويتم تنفيذ بعض العروض الاستعراضية داخل المسرح الكبير على البحيرة المقدسة داخل معبد الكرنك، حيث يستخدم منظموا الحفل مركب أو “لانش نهري” داخل البحيرة للتنقل وتركيب المسرح وإقامته أعلاها، ليكون أول مركب ينزل هذه المياه منذ 4000 عام وتقوم وزارة السياحة والآثار بتقديم مقتطفات مِن أهم آثار الأقصر أثناء العرض وذلك للترويج السياحي للمدينة الأثرية التي تمتلك ثلث آثار العالم بعد أنْ أصبحت متحفًا مفتوحًا أمام الجميع.

فكرة عيد الأوبيت

وحول فكرة عيد الأوبيت ولماذا تم اختيار تلك الفكرة دون غيرها!أكد وزيري أنَّ فكرة احتفال عيد الأوبت هي أنسب فكرة لأنها كانت تقام في نفس المكان والزمان أيضًا، حيث يتم خروج المعبود آمون رع مِن مَقرهِ بمعبد الكرنك، وحمل مراكب لثالوث طيبة المقدس “آمون وموت وخونسو” عبر النيل وصولاً إلى معبد الأقصر، ليزور زوجته موت في مقرها بمعبد الأقصر على بُعد 2700 متر والاحتفال بزواجه المقدس مِن أجل تجديد شبابه وحيويته لتنتقل هذه القوة للملك الحاكم عن طريق مشاركته في الاحتفال، وتستمر احتفالات عيد الأوبت عشرة أيام تترك خلالها قوارب المعبودات مقاصيرها بالكرنك في الشهر الثاني من موسم الفيضان لتذهب إلى معبد الأقصر مِن خلال طريق الكباش ثم تعود إلى الكرنك “المقر الرئيسي للمعبود آمون رع”، لافتًا إلى أنَّ احتفالات إحياء عيد الأوبت، مرتبطة بنهر النيل، الذي كان يقدسه المصريون القدماء مِن منظورٍ عقائدي باعتباره أساسًا للحياة، وفي طريق العودة كانت تلك المواكب المقدسة تمر عبر طريق الكباش، وكان يمر الزورق المقدس المصنوع من خشب الأرز، محمولاً على أكتاف الكهنة، وعيد “الأوبت” مِن أهم أعياد التقويم في مصر القديمة، ويرمز إلى “تجديد شباب ملوك الفراعنة مِن وحي الطبيعة؛
فإن المصريين القدماء لاحظوا أثر الطبيعة المتجددة التي أحاطت بهم، مثل الشمس، والفيضان السنوي للنيل، ولذلك تم تجهيز المراكب التي تم تصميمها لمراكب تضاهي صور المراكب على جدران المعابد فى “عيد الأوبت” الفرعوني حيث تتجهز تلك المراكب ليحملها الشباب المتطوعون ولذين يشاركون بالحفل العالمي في رحلة بين معابد الكرنك ومعبد الأقصر، بطول 2700 متر لإحياء طريق الكباش وإعادة ذكريات عيد الأوبت الفرعوني للتاريخ مِن جديد أمام العالم أجمع.

وأشار وزيري إلى عمل جداريات البوليستر، والتي تقوم بشكل أساسي على مشاهد مِن حياة المصري القديم في الحضارة الفرعونية، وهي مزودة بإضاءة لإبراز جمالها ليلاً، بالإضافة إلى تبليط الأرضيات باستخدام الرخام والجرانيت والبازلت الأسود وعمل أحواض زراعات تحتوي على أشكالٍ متنوعة، وتزويد المَرسىٰ بعدد 17 برجولة خشبية، و6 أكشاك مزينة بنقوش تحمل طابع الهوية البصرية المميز لخدمة المواطنين.

التنشيط السياحي

أكد أسامة عبد الحفيظ مدير مكتب التنشيط السياحي بالأقصر في تصريح “للجمهورية الثانية” أنَّ بشائر الخير بدأت مع التجهيزات النهائية ونشر الفديوهات الترويجية للحفل مِن خلال الصفحة الرسمية لوزارة السياحة والآثار، حيث شهدت الأقصر رواجًا غير مسبوق في أعداد السائحين من مختلف الجنسيات، حيث اكتظ معبد الكرنك بحوالي 3000 آلاف سائح، وذلك قبل حفل الافتتاح العالمي، وحرصوا على التقاط الصور التذكارية به ليلًا، وسط الأضواء، وتم تغيير البرامج السياحية فبدلاً مِن الحجوزات ليومين للأقصر يقوم السياح بزيادة أيام الزيارة للأقصر مؤكدًا تسابق شركات السياحة لحجز الأفواج السياحية خلال يوم الحفل للمشاركة في أجواء الحفل.
وشدد عبد الحفيظ على أنَّ الطريق سيساهم في تدفق سياحي غير مسبوق بمصر حيث تم مَد الشارتر الأسباني حتى نهاية شهر يناير، بجانب تدفق سياحي غير مسبوق من أسواقٍ جديدة منها رومانيا وجنوب شرق آسيا، والسوق الأمريكي سيعود ويحدث ضجة في مصر، و ستعود التدفقات السياحية مرة أخرى لمصر بكل قوة أكثر مِن موسم 2019 المميز قبل أزمة كورونا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى