fbpx
أخبار العالممقالات

النظام العالمي يتغير

كتب-محمد ماهر

علاقات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تعاني، علاقات الاتحاد الأوروبي مع الصين وروسيا تنمو، صراع القوى بين الولايات المتحدة والصين يستعر، أستراليا عالقة في المنتصف، ثروات الشرق الأوسط تنضب!

تدعو العديد من البلدان والتكتلات، منذ أكثر من عقدين من الزمن، إلى إصلاح نظام مجلس الأمن الدولي الجائر ليشمل المزيد من البلدان، لا سيما الدول النامية، فضلا عن إصلاح نظام الفيتو أو إلغائه تماما. وطُرحت أفكار كثيرة  للإصلاح وكيف ينبغي أو يمكن أن يكون في مناسبات مختلفة بما في ذلك  2006،  2010،  2018، ولكن عبثا. السؤال هو، كم من الوقت سيستغرق ذلك الإصلاح؟ وماذا ينبغي أن يحدث حقا لفرضه؟ فمجرد التفكير فيما لابد أن يحدث لفرضه أمر مخيف.

هناك الكثير من المحاور على المحك، تهدد النظام العالمي بأكمله الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية. الصراع على القوة بين الولايات المتحدة من جهة والصين خاصة ومعها روسيا أحيانا، والعلاقات الاقتصادية والتجارية المنطقية بين الاتحاد الأوروبي والصين، والتحديات التي تجابه التحالف الأزلي بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وما يأتي معه من تفكك المصالح المترابطة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، وأستراليا أحيانًا ما تعلق في المنتصف، لكن دائما تأخذ الجانب الأمريكي في نهاية المطاف، وانسحاب الولايات المتحدة الاستراتيجي من الشرق الأوسط حيث أنه لم تعد هناك حاجة مُلحة لموارد الشرق الأوسط من النفط بقدر ما كان من قبل، بسبب الاتجاه إلى الطاقة النظيفة والمتجددة في جميع أنحاء العالم.

العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في ضوء تضارب المصالح

لم يعد الاتحاد الأوروبي يثق بالولايات المتحدة، أو على الأقل إلى حد ما. اجتمع وزراء دفاع 10 دول أوروبية في باريس في عام 2018 لوضع جدول أعمال مبادرة التدخل الأوروبي (EI2)،، وهي تحالف دفاعي بقيادة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وجاء الاجتماع بعد يوم واحد من دعوة ماكرون إلى إنشاء “جيش أوروبي حقيقي”كوسيلة لاعتماد أوروبا على نفسها بعيدًا عن ضمانات الدفاع الأمريكية، خاصة بعد أن هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتخفيض التزام واشنطن تجاه أوروبا.

خريطة الدول المشتركة في المبادرة الاوروبية للتدخل

وقال ماكرون “نحن بحاجة إلى أوروبا تدافع عن نفسها بشكل أفضل بمفردها، دون الاعتماد فقط على الولايات المتحدة”. وذكرت وزارة الدفاع الفرنسية أن المبادرة عندما ” تنضج بما فيه الكفاية” يمكن فتح الطريق أمام انضمام دول أخرى تفي بنفس الشروط.

يربط “كابل السلام” PEACE Cable يربط باكستان وشرق آسيا وأفريقيا وأوروبا ويمتد 12,000 كم، وهو نظام من كابل مملوك ملكية خاصة ويوفر خدمات مفتوحة ومرنة ومحايدة لعملاء مشغليه. الشركة التي تنفذ هذا المشروع شركة صينية.

وبالطبع اعترضت عليها الولايات المتحدة بوضوح وحزم، إلا أن الاعتراض قُوبل برفض الاتحاد الأوروبي، حيث إن حكومة   الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لا تريد عزل الصين عن البنية التحتية للإنترنت، جزئيا حتى لا تضطر فرنسا إلى “الاعتماد بشكل كامل على القرارات الأمريكية”، كما قيل في مقابلة في المجلس الأطلسي في فبراير.

خط كابل للسلام

وقالت ميركل إنها لا تعتقد أن الانفصال عن الصين هو “الطريق الصحيح الذي يجب أن يُتبع، خاصة في هذا العصر الرقمي”.

كابل السلام مملوك ملكية خاصة لشركة بيس كيبل إنترناشيونال نتورك المحدودة، وهي شركة تابعة لمجموعة HENGTONG ومقرها الصين وتنفذه شركة هواوي مارين.

ومما سكب وقود على النار، نورد ستريم 2، وهو خط أنابيب غاز يمتد من روسيا إلى ألمانيا، ويتجنب العبور بالأراضي الأوكرانية والبولندية، ورفضته الولايات المتحدة رفضًا حازمًا؛ خوفا من تزايد النفوذ السياسي الروسي على الاتحاد الأوروبي، ولكن في النهاية توصلت الولايات المتحدة إلى اتفاق مع ألمانيا حول هذه المسألة، ومع ذلك قالت المسؤولة الأمريكية فيكتوريا نولاند أنه “خط أنابيب سيِّء”، بعد إبرام الاتفاق مع ألمانيا.

خريطة خط الغاز الشمالي

واليوم، 16 سبتمبر، اتهمت فرنسا الرئيس الأمريكي جو بايدن بطعنها في الظهر والتصرف مثل سلفه دونالد ترامب بعد تنحية باريس جانبا عن صفقة دفاعية مربحة كانت قد وقعتها مع أستراليا، للحصول على غواصات لتعزيز القدرات العسكرية لأستراليا في مواجهة الصين. وبلغت قيمة الصفقة (31 مليار يورو، 36.5 مليار دولار) في عام 2016، لكنها تضاعفت تقريبا منذ ذلك الحين.

وجاء الإعلان عن التحالف بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة – الذي يطلق عليه اسم AUKUS – قبيل الموعد المقرر للاتحاد الأوروبي لوضع تفاصيل استراتيجيته الخاصة بالهند والمحيط الهادئ. وساعد ذلك التحالف في زيادة المخاوف في بروكسل من أن واشنطن تعزل الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي مازالت فيه عدة عواصم أوروبية تشعر بغصة على الطريقة التي تعاملت بها الولايات المتحدة مع الانسحاب من افغانستان.

وقال جوسيب بوريل رئيس السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي يوم الخميس أن بروكسل ظلت خارج دائرة شراكة اوكوس. وقال بوريل ” إننا نأسف لعدم اطلاعنا على الأمر وعدم المشاركة في هذه المحادثات “.

واضاف “أتفهم مدى خيبة امل الحكومة الفرنسية”.
وبشكل عام، تنمو العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين وحتى روسيا بشكل كبير، ولا تريد الولايات المتحدة أن يحدث ذلك بأي ثمن، ولكن الولايات المتحدة غير قادرة على تعويض الاتحاد الأوروبي اقتصاديا، بينما ينمو التأثير الصيني في الاتحاد الأوروبي مثل التنين. ناهيك عن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان الذي يعرِض أمن الاتحاد الأوروبي للخطر بشكل عام.

العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة في ضوء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

يبحث كل من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عن حلفاء جدد حتى من قبل خروجها من الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك فإن المملكة المتحدة في وضع أسوأ. وقد بدأت المملكة المتحدة في إبرام اتفاقيات تجارية/ اقتصادية مع العديد من دول حول العالم بشكل فردي، في محاولة للحاق بالخسارة الاقتصادية التي ستتكبدها من خروجها من الاتحاد الأوروبي.

وتعاني المملكة المتحدة بسبب خروجها من الاتحاد الأوروبي لأنها لا تستطيع العثور على موظفين في مجالات معينة كانوا يأتون من شرق أوروبا.
ووفقا لمكتب للإحصاءات الوطنية ، انخفضت صادرات السلع بنسبة 41٪ والواردات بنسبة 29٪ مع خروج المملكة المتحدة من السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، كما كان للبيروقراطية والتكاليف والضرائب الإضافية غير المتوقعة في بعض الأحيان بالغ الأثر. وفقا لتقرير صادر عن  اتحاد الشركات الصغيرة (fsb) في أواخر مارس قال: “ما يقرب من ربع الشركات البريطانية الصغيرة التي شملها الاستطلاع إنها أوقفت مبيعاتها مؤقتا مع الاتحاد الأوروبي بسبب قواعد ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

خطط يوضح الفرق بين ديسمبر ٢٠٢٠ ويناير ٢٠٢١، قبل وبعد البريكسيت.

وقد أثر هذا بالفعل على عدة مجالات للتعاون بين الطرفين، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، الأغذية والزراعة وصيد الأسماك والصناعة والرعاية الصحية وحتى الخدمات المالية ومجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

ويبدو أن المملكة المتحدة تقترب من الولايات المتحدة بعيدا عن الاتحاد الأوروبي، مع ما يصاحب ذلك من مواقف بشأن القضايا الدولية والإقليمية.

انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط

يأفُل عصر النفط في الشرق الأوسط، مما يدفع الرئيس جو بايدن إلى القيام بما تتحدث عنه كل إدارة ولكنها لا تنجح أبدا في القيام به، ألا وهو إخراج القوات الأمريكية من الشرق الأوسط. فقد سحبت إدارته صواريخ باتريوت من المنطقة، وقلصت أعداد طلعات استعراض القوى بالقاذفات طراز B-52 ضد إيران، وتستعد لإعادة حاملات الطائرات الأمريكية إلى موطنها بعد عقود من عمليات الانتشار الخطيرة في الخليج. بالإضافة إلى ذلك، بطبيعة الحال، ينهي بايدن ما أسماه هو نفسه “الحرب الأبدية” في أفغانستان.

ولا بد من سد الفجوة التي تتركها الولايات المتحدة، ولكن هل إسرائيل قادرة على سد هذه الفجوة؟! ذلك من غير المُرجح، لذا فمن المرجح أن تسد الفجوة القوى الإقليمية الحليفة للولايات المتحدة أو أن تُشكل تلك القوى تحالفات دفاعية كما يبدو أنه بالفعل يحدث، ولكن هذا سيفتح الباب بالتأكيد أمام المنافسين التقليديين للولايات المتحدة: روسيا والصين في الشرق الأوسط.

الخلاصة
يدفع التغيير السريع في خريطة الحلفاء، والأعداء وشبكة المصالح والقوى الإقليمية الناشئة، العالم بسرعة لتغيير النظام العالمي في ضوء العولمة الجديدة على نطاق واسع للغاية.
وسيكون لدى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة دائما، أرضية مشتركة في القضايا إلى حد ما، بسبب خلفية الثقافة والأصول الواحدة، ولكن قد يكون من المفاجئ للجميع إلى أي مدى يمكن أن يصل تضارب المصالح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى