fbpx
تقاريرسلايدر

السادس من أكتوبر.. مراحل المعركة بالتفصيل حققنا المعجزات وقهرنا المستحيل

أحمد علي
أحمد علي

كتب: أحمد علي

 

السادس من أكتوبر، عيد النصر، الذي رد هيبة وكرامة الجندي العربي، وأذاق العدو شر الهزيمة، وكسر معنوياته التي كانت مرتفعة بسبب معاركه الخاطفة التي أنتصر فيها، ونكّس رؤوسهم وزعزع أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وقد قُهِر على أيدي رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، الذين أقسموا على أن ينالوا إحدى الحسنيين، ” النصر أو الشهادة” وقد كان لهم ما أرادوا.

– ما قبل الحرب ودور الإتحاد السوڤييتي:

إذا كنا سنتحدث عن حرب أكتوبر فلا بد من الحديث عن ما قبلها لإرتباط ذلك بتحقيق النصر، فقد كان العدو الإسرائيلي قد إحتل سيناء حتى الضفة الشرقية لقناة السويس بعد هجوم جوي يوم 5 يونيو عام 1967، دمر خلاله القواعد والمطارات الجوية المصرية، فـ ضمن تفوقه الجوي وقصف بالطائرات المروحية والمقاتلات، القوات المنسحبة من سيناء لتأمين العمق المصري وأفقد الجيش المصري جزء كبيراً من قواته وأسلحته.

بعدها أستباح سلاح الجو الإسرائيلي سماء المنطقة، الشمالية الشرقية، سيناء والإسماعيلية والسويس وبورسعيد دون رادع، بعد شبه تدميره للقوات الجوية ومنظومات الدفاع الجوي، فـ ما كان من القيادة السياسية والعسكرية متمثلة في الرئيس البطل الراحل جمال عبد الناصر، إلا أن بدأ في إعادة بناء القوات المسلحة المصرية وفق أُسس حديثة، وعقد عدة صفقات مع الإتحاد السوڤييتي لتوريد السلاح لمصر، وأثناء ذلك بدأت القوات المسلحة المصرية في عام 1967 بأستنزاف العدو من خلال العمليات العسكرية الخاطفة السريعة، مثل الإغارة على المواقع خلف خطوط العدو أو الإستيلاء على بعض معداته لدراستها، والتي كانت تنفذها قوات الصاعقة، وقصف المدفعية على قوات العدو على الضفة الشرقية للقناة، بالأضافة للإغارة على وحدات العدو المشاة والميكانيكة بالطائرات،والذي صدم إسرائيل، لظنها أنه لن تقوم قائمة لسلاح الطيران المصري ، وتخلل حرب الإستنزاف عدة عمليات هامة، مثل تدمير ميناء إيلات بعد تلغيمه من قِبل الضفادع البشرية، وإغراق وتدمير فخر البحرية الإسرائيليةنصف قوة الأسطول الإسرائيلي “المدمرة إيلات” يوم 21 أكتوبر 1967 بإستخدام  زوارق الصواريخ المتمركزة في بورسعيد، وكان ذلك أول إستخدام للصواريخ البحرية في التاريخ، وعملية الحفار وإسقاط العديد من الطائرات المقاتلة بفضل الدفاع الجوي المصري، وغيرها من العمليات البطولية الفدائية، وكان هدف تلك العمليات هو لفت نظر إسرائيل أن الحرب لم تنتهي وإن بقائها مهدد في الأرض التي إحتلتها، واوقفت مصر عمليات الإستنزاف نظراً للظروف التسليحية الحرجة بسبب خطة الإستنزاف المضاد التي أتبعتها إسرائيل لقصف العمق المصري والعمليات الجوية المكثفة في ظل إنكشاف المجال الجوي المصري.

ثم ذهب الرئيس جمال عبد الناصر لموسكو وعقد لقاء قمة مع زعيم الإتحاد السوڤيتي بريجنيف، القمة التي حولت الدفة وقلبت الأوضاع، بعد الأتفاق على تسليح الجيش المصري ، وتوريد الطائرات لمصر، وبناء حائط الصواريخ لبتر الذارع الطولى للعدو، ولم يكن الوقت في صالح مصر لأستيعاب منظومات الدفاع الجوي والمعدات الجديدة، فبعث الإتحاد السوڤييتي خبراء للمساعدة على بناء شبكة الدفاع الجوي وأنظمتها، ونتيجة لذلك تراجعت إسرائيل مجبرة عن قصف العمق المصري بعد تكبيدها خسائر كبيرة في سلاح الجو، ثم صدور قرارات مجلس الأمن بوقف إطلاق النار القرار 242 نوڤمبر 1967،وقرار 232 ثم بطلب من إسرائيل نفسها، مبادرة روجرز 7 أغسطس 1970، وزير الخارجية الأمريكية، والذي قبلت بهم إسرائيل، ولكن تعنتت في تنفيذهم، نتيجة لذلك بدأت مصر الإستعداد لحرب التحرير، ف تنفيذ وقف إطلاق النار يوم 8 أغسطس، لم يكن إيقافاً لعجلة الحرب، ولكن إستعداداً لها.

كان لحرب الإستنزاف متاعب عسكرية وإقتصادية لمصر، مع ذلك إكتسبت مصر خبرة عسكرية طويلة في الجانب العسكري، وإستراتيجياً في قلب المعادلة، ومعنوياً و تسليحياً، في تسليح القوات بسلاح جديد وإكتساب أساليب جديدة، ودروس مستفادة لصياغة خطط حرب أكتوبر 1973.

– التخطيط للحرب:

كان من أهم النتائج في حصاد حرب الإستنزاف هو إستخلاص نقاط الضعف الإسرائيلية ودراستها، منها:
• نظرية الأمن الإسرائيلية، وهي:
• البقاء قوة عسكرية أولى.
• نقل المعركة خارجها لتجنب سكانها ويلات الحرب، نظراً لإنه لإنعدام العمق الإستراتيجي.
• حسم المعارك في أقصر وقت.

وهذا ماتم البناء عليه من الخطط العسكرية، وبلورة الخطة “بدر”.

– العوائق أمام عملية العبور:

• خط بارليف عبارة عن تحصينات ودشم ونقاط خرسانية حصينة ومصاطب دبابات وخنادق وأسلاك شائكة وألغام بعمق 12 كم داخل سيناء بطول الضفة الشرقية للقناة، وساتر ترابي بطول الجبهة بزاوية 45 درجة على إتجاه الجبهة الغربية لقناة السويس، وإرتفاع 20 متر. تكلف نحو 400 مليون دولار.

•التغلب على الساتر الترابي كان  فكرة الضابط باقي ذكي يوسف الذي إستخدمها في بناء السد العالي، بمضخات المياه التي أزالت 1500 متر مكعب رمل في ساعتين وفتح 88 ثغرة نفذت منها القوات المصرية لتدمير الخط.

•النابالم، وقود محرق تم تحصين الخط به من خلال مد أنابيب تحت الساتر الترابي لتصل لمجرى القناة بالإضافة للخزانات، والتي تحول سطح المياه لكتلة من اللهب بحرارة 700 درجة مئوية.

• التغلب عليها، قام ٣١ ضفدع بشرى ليلة الهجوم بسد أنابيب النابلم الهابطة للقناة من ٣١ نقطة حصينة بواسطة مادة سريعة التصلب دون شعور قوات العدو بتلك العملية.

• حركة المد والجزر وشدة التيار مما يعصب عملية العبور العمودي للقوات.

•التغلب عليها، تم دراسة الأحوال الجوية بمساعدة خبراء الأرصاد والفلك وهيئة قناة السويس، ووضع الحلول وإختيار التوقيت الأنسب للهجوم.

– التجهيزات العسكرية:

• إستحداث الجيشين الثاني والثالث الميدانيين.
• إعادة تشكيل القيادات في سلاح الجو.
• إدخال نظم تدريب حديثة لمحاكاة عملية العبور وفق القوة المتاحة للجيش.
• إحلال وتبديل الدبابات القديمة بأحدث، وطائرات حديثة وصورايخ حديثة من طرازات مختلفة  قصيرة ومتوسطة المدى بالأضافة لما تمتلكه من بعيدة المدى بفضل البرنامج الصاروخي المصري.
• بناء المطارات وشبكة الطرق والكباري والدشم الحصينة للطائرات.
• تحويل كل أراضي الدولة لمسرح محاكاة الحرب من خلال التدريب على عملية العبور والإقتحام.

– التنسيق العربي المشترك:

تم تنسيق الموقف العربي بين دول الخليج والعراق ومصر وسوريا والأردن وليبيا والسودان، وتنسيق خطة الهجوم مع سوريا وتزامن الهجوم الجيشين المصري والسوري في وقت واحد، مع الإتفاق مع الأردن على إعلان حالة التأهب القصوى والتعبئة العامة، مما أربك إسرائيل وجعلها تُبقي على جزء من قواتها ظناً منها إن الأردن من تهجم أولاً.

– خطة الخداع الإستراتيجي:
إعتمدت خطة الخداع الإستراتيجي على عدة محاور، سياسية، عسكرية، إعلامية وإقتصادية، وجزءاً منها كان خداع الجيش المصري نفسه للتكتم على ساعة الصفر.

تمثل الخداع السياسي في إطلاق عدة شعارات عن “اللا حرب واللا سلم”، بالإضافة لتنسيق خطة حرب بسيطة مع سوريا وإعلانها ورسائل التناقض في المواقف السياسية بين مصر وسوريا، وعقد إجتماع سياسي مع وزير الخارجية الأمريكية هنري كيسنجر صبيحة الحرب، وإيصال موقف مصر من عدم إستعدادها لخوض حرب ضد إسرائيل.

على الصعيد الإعلامي والإقتصادي، تم التنسيق بين وزارات الإعلام والخارجية والدفاع لتطبيق خطة الخداع حيث تم نشر أخبار سلبية عن الوضع الإقتصادي وتصدير فكرة أن مصر لا يمكنها خوض أى معارك، وليس أمامها خيار آخر سوى القبول بحالة السلم.

على الصعيد العسكري كان على سبيل المثال أنه تم تسريب معلومات للجانب الإسرائيلى، أن مصر ستبدأ إجراء مناورات شاملة وليس حرباً فى الفترة من 1 وحتى 7 أكتوبر، وفى يوم 9 أكتوبر سيتم تسجيل الضباط الراغبين فى تأدية مناسك الحج، وكذلك تنظيم دورات رياضية عسكرية مما يتنافى مع فكرة الإستعداد للحرب، والإعلان عن السماح لسائر المصريين بالسفر لتأدية الشعائر نفسها مما جعل إسرائيل تظن أن مصر لن تخوض حرباً وأنه لن يحدث أى هجوم.

بالإضافة أنها بدأت قبل الحرب بعدة أشهر، فى يوليو 1972 صدر قرار بتسريح 30 ألف من المجندين منذ عام 1967  وفي الفترة من 22 وحتى 25 سبتمبر تم الإعلان عن حالة التأهب فى المطارات والقواعد الجوية بشكل دفع إسرائيل لرفع درجة إستعدادها تحسبا لأى هجوم، ولكن أعلنت القوات المصرية بعد ذلك أنه كان مجرد تدريب روتينى، وأستمرت القوات المصرية تطلق تلك التدريبات والمناورات من وقت لآخر حتى جاءت حرب أكتوبر وظنت إسرائيل فى بدايتها أنها مجرد تدريب أيضا ولم تكن مستعدة لها.

– بداية الحرب:

في تمام الساعة 2  وخمس دقائق ظهراً في يوم 6 أكتوبر 1973 قامت القوات الجوية المصرية بشن ضربة مركزة علي أهداف العدو في عمق سيناء و حصون خط بارليف بأكثر من 200 طائرة مصرية من مقاتلات ميج 21 وميج 17 وسوخوي 7، والتي أسفرت عن النتائج الآتية :
1- مطارات المليز و بير تمادة ورأس نصراني تحولت إلي حطام .
2- تدمير عشرة مواقع صواريخ ارض جو طراز هوك .
3- تدمير 6 مواقع مدفعية بعيدة المدى .
4- تدمير ثلاثة مواقع رادار و مراكز توجيه و إنذار .
5- محطتا أم خشيب و أم مرجم للإعاقة و الشوشرة دمروا .
6- تدمير ثلاثة مناطق شئون إدارية للعدو.
7- قصف النقطة القوية شرق بور فؤاد ( بودابست ) .

بعدها بخمس دقائق قامت أكثر من 2000 قطعة مدفعية و هاون و معها لواء صواريخ تكتيكية أرض أرض بقصف مركز لمدة 53 دقيقة في عملية تمهيد نيراني من أقوي عمليات التمهيد النيراني في التاريخ والذي خطط له قائد سلاح المدفعية محمد الماحي وأشترك معه في هذا التمهيد 135 كتيبة مدفعية وعدة مئات من مدفعية الضرب المباشر تتبع العميد محمد عبد الحليم أبو غزالة قائد مدفعية الجيش الثاني و العميد منير شاش قائد مدفعية الجيش الثالث.

بعد بدء التمهيد النيراني بدأت عمليات عبور مجموعات إقتناص الدبابات قناة السويس بواسطة قوارب مطاطية لتدمير دبابات العدو ومنعها من التدخل في عمليات عبور القوات الرئيسية وحرمانها من إستخدام مصاطبها بالساتر الترابي علي الضفة الشرقية للقناة.

في الساعة الثانية و عشرون دقيقة كانت المدفعية قد أتمت القصف الأول و الذي إستغرق 15 دقيقة و تركز علي جميع الأهداف المعادية التي علي الشاطئ الشرقي للقناة إلى عمق يتراوح مابين 1.5كم.

وفي التوقيت التي رفعت فيه المدفعية القصف الثاني علي عمق 1.5 كم إلى 3 كم من الشاطئ الشرقي بدأت موجات العبور الأولى من سرايا النسق الأول من كتائب النسق الأول المشاة في القوارب الخشبية والمطاطية وذلك في الفواصل من النقط الحصينة.

ومع تدفق الموجات الأولي من المشاة بدء الإبرار البحري لمفرزتين من اللواء 130 مشاة ميكانيكي البرمائي المستقل كانت كل منهما تتكون من كتيبة ميكانيكية مدعمة و ذلك عبر البحيرة المرة الصغرى بغرض الإندفاع شرقاً و الإستيلاء على مدخل مضيق الجدي و مضيق متلا بالتعاون مع قوة الإبرار الجوي التي سيتم إبرارها بطائرات هليكوبتر خلف خطوط العدو.

ومع تدفق موجات العبور بفاصل 15 دقيقة لكل موجة وحتى الساعة الرابعة والنصف مساء تم عبور 8 موجات من المشاة وأصبح لدى القوات المصرية على الشاطئ الشرقي للقناة خمسة رؤوس كباري قاعدة كل منها حوالي 6 كم وعمق كل منها 2 كم .

وبنفس وقت عبور موجات المشاة كانت قوات سلاح المهندسين تقوم بفتح ثغرات في الساتر الترابى لخط بارليف عبر تشغيل طلمبات المياه وإزاحة أطنان الأمتار المكعبة من الرمال.

وحين فتح الثغرات قامت وحدات الكباري بإنزالها وتركيبها في خلال من 6-9 ساعات حتى تركيب جميع الكباري الثقيلة والخفيفة والهيكلية والناقلات البرمائية .

وفى خلال الظلام أتمت عملية العبور حتى أكملت 80 ألف و 800 دبابة ومدرعة ومئات المدافع.

كما قامت البحرية المصرية بقصف شواطئ إسرائيل ضمن عملية التمهيد النيراني، حيث قامت بقصف النقطة الحصينة في بور فؤاد عن طريق المدفعية الساحلية في بورسعيد والنقطة الحصينة عند الكيلو 10 جنوب بورفؤاد وأيضاً قصفت المدفعية الساحلية الأهداف المعادية للجيش الثالث في خليج السويس.

وقامت لنشات الصواريخ بقصف تجمعات للعدو في رمانة ورأس بيرون على ساحل البحر المتوسط وأيضاً على خليج السويس هاجمت أهداف العدو الحيوية في رأس مسلة ورأس سدر، وهاجمت الضفادع البشرية منطقة البترول في بلاعيم وأعاقت وحدات الألغام الملاحة في مدخل خليج السويس عن طريق بث الألغام فيه، كما قامت بقطع الملاحة في المواني الإسرائيلية على البحر المتوسط بنسبة 100 % وفى البحر الأحمر بنسبة 80 %.

– رد الفعل الإسرائيلي على الهجوم:

كان لمفاجاة الهجوم المصري المتزامن مع الهجوم السوري لتحرير هضبة الجولان، رد فعل قوي في إسرائيل، حيث أربك حساباتها مما دفعها للدفع بدباباتها على كلا الجبهتين لصد الهجوم، والذي باءت بالفشل على يد الجندي المصري الذي غير معادلات الحرب بما هو متاح له، ليكون جندي يحمل قاذف مضاد للدروع مقابل دبابة، مما جعلها تنسحب لخطوط الدفاع الخلفية بعد الخسائر الفادحة التي تكبدتها قواتها وخسارة الخط الأول للدفاع، خط بارليف وحصونه.

– ثغرة الدفرسوار:

تطور الهجوم ناحيو الشرق يوم 14 أكتوبر
بعد إنتهاء فترة العمليات المخطط لهما من 6-9 أكتوبر ووصول الجيوش الميدانية لخط مهامها المباشر تم عمل وقفة تعبوية عملياتيه إستمرت من 10 – 15 أكتوبر.

لكن في أثناء الوقفة التعبوية كان الموقف على الجبهة السورية ينذر بخطر كبير فتم إصدار الأوامر لتطوير الهجوم شرقاً لدفع العدو غرب الممرات الجبلية والحد من حرية حركته وفى نفس الوقت تخفيف الضغط على الجبهة السورية التي كانت ستفشل الهجوم على الجبهة السورية.

وكانت خطة هذا التطوير تقضى بأن الفرقة 21 المدرعة والفرقة 4 المدرعة شرق القناة ماعدا لواء يضم مائه دبابة تبقى غرب القناة.

وفي يوم 13 أكتوبر حصلت إسرائيل على معلومات كاملة عن القوات شرق القناة وغرب القناة وحجم قوات التطوير وإتجاه المحور الرئيسي، فقد إخترقت طائرة المجال الجوى المصري من طراز SR-71  الأمريكية وهى طائرة إستطلاع إستراتيجي يمكنها إلتقاط عدة صور عبر وسائل متقدمة على إرتفاع 25 كيلو متر وتطير بسرعة ثلاثة أمثال سرعة الصوت مما لا تستطيع أي مقاتلة من مقاتلات الدفاع الجوي لدى القوات المصرية أن تطاردها.

وفى صباح 14 أكتوبر بدأ تطوير الهجوم شرقا في الساعة 6.15 صباحاً بقصف مدفعي وأنطلقت القوات المصرية تحقق أهدافها، مما فتح ثغرة بين الجيشين الثاني والثالث الميدانيين التي إستغلتها إسرائيل ودفعت بأفواج من الدبابات لمحاصرة القوات المصرية، ولكن تكبدت خسائر فادحة حيث أطبق الجيش المصري عليهم ودمر وأسر عدة دبابات جديدة كانت قد وصلت للتو من الجسر الجوي الأمريكي، الأمر الذي جعل جولدا مائير تستغيث بأمريكا وتقول إن إسرائيل على وشك الزوال إذا تقدمت الجيوش العربية أكثر في ظل الخسائر الفادحة في صفوف الجيش الإسرائيلي، ف قدمت الولايات المتحدة جسر جوي.

الدعم الامريكي لإسرائيل:

570 مهمة عسكرية على مدار 13 ألف ساعة طيران لنقل 22 الف طن من الأسلحة المتطورة لإسرائيل، من دبابات ومدرعات، وسحب من مخزون الناتو والجيش الأمريكي لوقف نزيف الجيش الإسرائيلي.

وشملت “قائمة الإمدادات التعويضية الأمريكية” لإسرائيل أيضاً “ذخيرة إم 175، صورايخ تاو المضادة للدروع، صواريخ جو/ جو سايدويندر وطائرات سوبر هوك كاملة التجهيز وأسلحة موجهة تليفزيونياً “مافريك” ومعدات حرب إلكترونية وقنابل ذكية”.

– الدعم السوڤييتي لمصر:

كان السوڤييت، وطيلة الأسبوعين الثاني والثالث للحرب، يرسلون – جوّاً وبحراً- 22 ألف طن ذخيرة وعتاد لمصر وسوريا،
وردّوا على حالة التأهب النووي الإسرائيلي ( 7- 9 اكتوبر) بتحليق قاذفاتهم الإستراتيجية، محمّلة بأسلحة نووية، فوق الأسطول السادس العائم شرق المتوسط بغية إشعار الراعي الامريكي بحتمية لجم الربيب، إذ أن أمريكا قد وضعت نصب أعينها هزيمة السلاح السوڤييتي لإخراجه من المنطقة، بالإضافة لرسائل التحذير للولايات المتحدة الأمريكية بعد رفع حالة التأهب النووية الأمريكية، والتوقف عن دعم إسرائيل اللامحدود، وإلا سيدخل الجيش السوڤييتي الحرب فعلياً، كان ذلك مجرد تهديد سياسي.

– الدعم العربي لمصر وسوريا:

قررت دول الخليج الغنية بالنفط معاقبة الغرب على موقفه الداعم لإسرائيل “سلاح النفط”، وبإنقطاع إمدادات النفط العربية إرتفعت أسعار الوقود بشكل سريع في العواصم الغربية وتهاوت أسهم البورصات وتراجعت معدلات الأداء في الإقتصاد العالمي وأثرت هذه الخطوة على الإقتصاد العالمي لعدة سنوات مما جعل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا تفكر في تنويع مصادر النفط والبحث عن مصدر بديل للطاقة غير البترول، وكان ذلك سبب صناعة السيارات التي تعمل بالغاز.

• الدعم العسكري:
بحسب ما ذكره الفريق سعد الدين الشاذلى فى كتابه “مذكرات حرب أكتوبر”، فإن 9 دول عربية قدمت دعماً بالسلاح والرجال لمصر وسوريا، ترتيبها حسب حجم ما قدمته من دعم كالتالى:
العراق والجزائر وليبيا والأردن والمغرب والسعودية والسودان والكويت وتونس.

1- العراق
أرسلت العراق إلي مصر سربان من طائرات “هوكر هنتر” في نهاية مارس 1973، وبلغ مجموعات الطائرات التي وصلت مصر 20 طائرة، أستقرت في مطار قويسنا بمحافظة المنوفية،كما وقف بجانب سوريا بقوة العراق البرية.

2- سوريا
أرسلت إلي مصر فرقتين مدرعة و3 ألوية مشاة وعدة أسراب من الطائرات.

3- المملكة العربية السعودية
قامت السعودية بإنشاء جسر جوي لإرسال 20 ألف جندي إلي الجبهة السورية فور نشوب الحرب، كما قادت حظًرا عربيًا علي تصدير النفط يستهدف بلدان العالم بشكل عام وأمريكا وهولندا بشكل خاص لدعمهم لإسرائيل.

4- الجزائر
طلب الرئيس الجزائري هواري بومدين من الإتحاد السوڤييتي شراء أسلحة وطائرات لإرسالها إلى مصر بعد علمه بنية إسرائيل في الهجوم عليها، فكان رد الروس أن تلك الأسلحة ستتكلف مبالغ ضخمة فما كان من “بومدين” إلا أن قام بإرسال شيك لهم قائلًا: “أكتبوا المبلغ الذي تريدونه”.

5- الإمارات العربية المتحدة
أثناء زيارته للندن خلال حرب أكتوبر، قرر الشيخ زايد قطع النفط عن إسرائيل والدول التي تساندها قائلًا: “النفط ليس أغلي من الدم العربي” وتبعته في ذلك الدول العربية، وكان عامل ضغط قوي على الدول الأجنبية.

6- ليبيا
منحت ليبيا مليار دولار مساعدات لشراء أسلحة عاجلة خلال حرب 1973.

6- الأردن
شاركت القوات الأردنية في الحرب علي الجبهة السورية بإرسال اللواء المدرع 40 واللواء المدرع 90، كما شاركت الأردن في خداع المخابرات الإسرائيلية حيث تم رفع إستعداد القوات الأردنية إلي الحالة القصوي يوم 6 أكتوبر 1973 مما أثار قلق إسرائيل ودفعها إلي إبقاء جزء من جيشها في إسرائيل للتصدي لأي هجوم محتمل علي تل أبيب.

7- المغرب
أرسلت المملكة المغربية لواء مشاة في الجمهورية العربية إلى الجبهة السورية وسميت بـ”التجريدة المغربية”، وتم وضع اللواء المغربي في الجولان، كما أرسل المغرب قوات إضافية للقتال رفقة الجيش العربي السوري مدعومة بـ52 طائرة حربية 40 منها من طراز f5، بالإضافة إلى 30 دبابة.

8- السودان
كانت السودان من أوائل الدول التي أعلنت دعمها الكامل لمصر حيث نظمت مؤتمر الخرطوم والذي تم الإعلان من خلاله عن ثلاثية “لا” وهي لا صلح، لا أعتراف، لا تفاوض، وأرسلت السودان فرقة مشاة للجبهة المصرية كما لم تتردد في نقل الكليات العسكرية المصرية إلي أراضيها.

9- الكويت
قامت الكويت بإرسال 5 طائرات “هوكر هنتر” إلي مصر بالرغم من إمتلاكها 8 طائرات فقط، كما بعثت طائرتين من طراز سي 130 هيركليز لحمل الذخيرة.

10- تونس
أرسلت تونس إلي مصر كتيبة مشاة قبل الحرب كما أعطتها 5 طائرات “هوكر هنتر”

11- اليمن
لا أحد يستطيع إنكار دور اليمن في غلق مضيق باب المندب علي إسرائيل.

12- فلسطين
قامت قوات المقاومة الفلسطينية بنصب الكمائن وزرع الألغام وتنفيذ الغارات على تجمعات العدو الإسرائليلي مما أشغل العدو عن المخابرات المصرية.

– دعوات وقف إطلاق النار:
دعى مجلس الأمن الدولي مصر وسوريا و إسرائيل لوقف إطلاق النار وإيقاف العمليات العسكرية بالقرار 338 و الإمتثال للقرار 242 بجميع أجزاءه.
ونتيجة لعدم إحترام إسرائيل لقرار وقف إطلاق النار نظراً للوضع الحرج لقواتها في ثغرة الدفرسوار الذي إذا أستأنف القتال سيسحق، دفعت بـ قوات جديدة داخل الثغرة بهدف إحتلال مدينة السويس قبل سريان وقف إطلاق النار ليالي 22و23 و24 أكتوبر.
صدور القرار رقم 239 يوم 23 أكتوبر الذي حث على تنفيذ ما سبق من قرارات والعودة للخطوط السابقة، إلتزمت مصر و إسرائيل به رسمياً، ولكن على أرض الواقع تركت إسرائيل لجيشها حرية الحركة أملاً في فرض واقع سياسي عسكري أقوى والتقدم لإحتلال السويس، ثم توقف القتال يوم28 أكتوبر بوصول قوات الأمم المتحدة لمنطقة القناة.

– نتائج الحرب:

السيطرة على الشاطىء الشرقى لقناة السويس من بور فؤاد شمالا بطول 200 كيلومتر وبعمق يتراوح ما بين 12 إلى 17 كيلومتر على طول الجبهة بما فيها مدينة القنطرة شرق ، عدا ثغرة صغيرة من الدفرسوار شمالاً بطول سبعة كيلومتر ملاصقة للبحيرات المرة وتبلغ المساحة التى تسيطر عليها القوات المصرية شرق القناة ( سيناء ) 3000 كيلو متر مربع.

– الموقف الدولي بعد الحرب:

غيرت القوات المسلحة المصرية معادلات الحرب وإستراتيجيات الحروب بفضل خطط الخداع الإستراتيجي والتكتيكات المتبعة في الحروب، مما غير نظرة العالم لمصر، وأعطى ثقة للسلاح الشرقي أمام الغربي، والإعتراف بمبدأ أن الجندي المصري خير من يقدم دروساً في الحروب.

– الدروس المستفادة من حرب 6 أكتوبر:

• لا يتحقق السلام إلا بالقوة.
• التخطيط الجيد والإلتزام به يحقق النتائج المرجوة.
• المهادنة ما هي إلا أسلوب مماطلة لكسب الوقت لإعادة تنظيم الصفوف.

وإنتهت الحرب رسمياً بتوقيع الرئيس الراحل أنو السادات لإتفاق السلام مع إسرائيل برعاية الولايات المتحدة في مدينة كامب ديفيد عام 1979 التي سميت المعاهدة بإسمها، مع إستعادة كل الأرض المصرية المحتلة بالقوة إلا طابا التي تم إستعادتها سياسياً عبر التحكيم الدولي عام.

إنتهت الحرب رسمياً، ولكن على أرض الواقع إتخذت أشكالاً أخرى ولا زالت حتى الآن مستمرة، بحروب الجيل الرابع الخامس ضد مصر والحرب بالوكالة، ولازال الجيش المصري ينتصر فيها حتى الآن، بفضل الله، وبفضل قوته العظيمة الآن.

ولن ينسى شعب مصر الحرب ولا أبطالها وقادتها، مهما تتابعت عليها السنوات وستظل شعلة الكرامة والعزة والنصر مرتفعة بفضلها، وتظل راية مصر ترفرف عالياً في السماء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى