fbpx
أخبار محليةمقالات

هشام النجار يكتب: أيمن الظواهري.. إعدام ميت

 

هشام النجار
الكاتب: هشام النجار

أعدمت أمريكا أيمن الظواهري الذي كان في عداد الموتى ولو تركته أيامًا قليلة لمات على سريره لما يعانيه من أمراض، لأنها بحاجة الآن لصناعة حدث دعائي ضخم يخدم إدارة بايدن في الانتخابات المقبلة.

الإجهاز على الظواهري الآن وهو يعاني المرض الشديد وكان تردد موته مرارًا هو بمثابة “إعدام ميت”؛ حيث يحقق أهدافًا دعائية لإدارة الرئيس جو بايدن بوصفه قضى على رأس القاعدة، أكثر منه تحقيقًا لانجاز كبير على مستوى مكافحة الإرهاب في العالم.

لم يكن الظواهري بهذه القوة خلال سنواته الأخيرة أو محركًا للأحداث على مستوى الجهاد العالمي؛ فقد كان مريضًا هرمًا قليل الحيلة فاقدًا القدرة على التأثير وعلى تغيير مصيره ومصير تنظيمه الذي يحتضر هو الآخر.

وهما بطبيعة الحال –الظواهري والقاعدة- يفتقدان القدرة والإمكانيات على تنفيذ هجمات ضد الغرب ومصالح الولايات المتحدة، كما أن حضور أفرع القاعدة المحلية ونفوذها صار طاغيًا على المركز  بعد أن فقد الظواهري السيطرة على غالبية الأفرع.

تأثير قتل الظواهري والتخلص منه أقوى على موقف إيران التي استخدمت ورقة القاعدة المركزي –قاعدة الظواهري- المعتنقة للجهاد المعولم العابر للحدود لمناكفة أمريكا والغرب والتلويح بتهديد مصالحهم بورقة توفير الملاذ الآمن لقادة القاعدة الهاربين.

أما التأثير على مستوى الحد من نشاط هذا التيار المعولم فيظل محدودًا؛ لأن القاعدة المركزي “قاعدة الظواهري” لا تمثل الآن الجناح الأقوى في هذا التيار بل يتزعمه الآن داعش الذي أحرز نجاحات وتمددًا ملحوظًا على حساب القاعدة في ساحات عديدة، حتى في ساحات كانت بمثابة معاقل تقليدية للقاعدة كأفغانستان.

سيكون لغياب الظواهري تأثيرًا ملحوظًا لكنه سيبقى محدودًا في هذا الجناح المتبقي الذي لا يزال يعتنق فكر بن لادن ومرتبط بأدبيات القاعدة المركزي.

في المقابل تظل لا مركزية القاعدة حاضرة في فروع ناشطة وأخرى تتشكل في الشام وفي أفريقيا، بمعنى أن الفكرة موجودة داخل تيار كهيئة تحرير الشام في الشمال السوري وان تغيرت التكتيكات والأولويات.

علاوة على أن هناك داعش الذي يحتل حاليًا مكانة القاعدة في الجهاد المعولم العابر للحدود، وجميعها عوامل تقلل من قيمة حدث تحييد الظواهري وتغييبه عن المشهد باستخدام طائرة بدون طيار.

ستتأثر طالبان بالتأكيد فهي لم تتعلم الدرس وناورت بورقة القاعدة كما ناورت بأوراق أخرى.

أصبح اليوم حصول طالبان على ما تريده من اعتراف بسلطتها ومنحها الشرعية الدولية وتلقي المنح والمساعدات مباشرة بعيد المنال؛ لأنه وضح للإدارة الأمريكية وللجميع أنها لم تحترم الاتفاق وأنها لا تزال تؤوي قادة القاعدة وتوفر لهم الملاذ الآمن.

خاصة أن الظواهري قتل وهو جالس في شرفة منزل آمن ومعه أفراد من عائلته، بقلب العاصمة كابول مركز قيادة طالبان وليس في ولاية نائية أو متخفيًا هاربًا على الحدود الأفغانية الباكستانية.

تشي هذه الأريحية بأن العلاقات مستمرة بين طالبان والقاعدة المركزي وهذا راجع للعديد من العوامل، أهمها الانقسام الحاد الموجود داخل طالبان بين أجنحة معتدلة ومتشددة، وهذه الأخيرة تربطها صلات وثيقة بالقاعدة وترفض التخلي عن التنظيم.

سيؤثر استهداف الظواهري في أكثر أحياء كابول هدوءًا وأمانًا والذي لا يقيم فيه أحد بدون علم وإذن طالبان على مسار العلاقات بينها وبين أمريكا والغرب عمومًا، وهو ما سيزيد من معاناة الأفغان الذين يواجهون أشد وأقسى الأزمات الاقتصادية في العالم.

أيضًا ستخسر إيران أحد أوراقها التي تناور بها أمريكا بالنظر لتحالف العدو المشترك الذي جمعها مع القاعدة المركزي، إلا إذا نجحت طهران في تمرير تصعيد سيف العدل (محمد صلاح الدين زيدان) المقيم بإيران ليتولى زعامة القاعدة خلفًا للظواهري.

في المقابل المستفيدون كثيرون وفي مقدمتهم الإدارة الأمريكية الحالية التي تبحث عن انجاز شعبي بحجم التخلص من زعيم القاعدة، في ظل إخفاقات عديدة على مستوى المواجهة مع روسيا وتداعيات الحرب الأوكرانية على الداخل الأمريكي اقتصاديًا والإخفاق في السيطرة على الأسعار وضبطها.

ويُعد داعش وهو المنافس التقليدي لقاعدة الظواهري من أكبر المستفيدين من تحييد الظواهري صاحب الانتقادات اللاذعة لخلفاء داعش المزعومين.

يستطيع عناصر داعش الآن أن يقولوا بتعبير المصريين “ما فيش حد أحسن من حد” لأنه كانت هناك معايرة من عناصر القاعدة لعناصر داعش أن أمريكا تقتل قادة داعش الواحد تلو الآخر بسهولة، في حين لم تستطع تصفية الظواهري على مدار عقدين، وكانوا يتفاخرون بهذا كونه انجازًا ودليلًا على قوة القاعدة وقدرته على حماية قياداته.

كما يستفيد من داخل القاعدة أجنحة التنظيم الرافضة لسياسات وأداء الظواهري، ليس فقط اعتراضًا على إخفاقاته وافتقاده القدرة على جعل التنظيم يحتل مكانته العالمية كما كان أيام بن لادن.

هذه الأجنحة رافضة ومعترضة أيضًا على انحياز الظواهري للجناح المصري داخل القاعدة ورافضة لخططه الرامية لتمكين زعيم مصري من بعده خلفًا له.

بعد إخفاقات الظواهري كونه مصريًا، بات الميدان مفتوحًا للمنافسة للجنسيات الأخرى حتى لو كانت حظوظ سيف العدل قوية، بالنظر لما يمتلكه من قدرات تؤهله للزعامة.

لا تهم التنظيم المنقسم على نفسه اليوم تسمية زعيم يمتلك إمكانيات وقدرات بغض النظر عن جنسيته، إنما يهم كل جناح فضلًا عن الجنسيات غير المصرية تعويض ما فاتها خلال مرحلة الظواهري والحصول على نصيبها من كعكة إرث أسامة بن لادن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى