fbpx
سلايدرمعرفة

محمد أبو شادي يكتب: استعراض لفصول ووثائق “سنوات الخماسين..بين يناير الغضب ويونيو الخلاص”

محمد ابو شادي

كتب: محمد أبو شادي
تدقيق: ياسر فتحي

 

– السيسي رجل الأقدار والبطل الشعبي الذي أصبح رئيسًا بإرادة الشعب.
– السيسي توقع الثورة فى ربيع 2011 وأن مرسي باقي للإعادة.
– مبارك كان يمهد الطريق لتوريث الحكم لجمال في 2011، وعقبة رفض الجيش كان سيتخطاها بتغيير القيادات العُليا.
– طنطاوى يرفض مشروعات تبوير الأراضي وبيع بنك القاهرة.
-6فبراير 2011 شهد أول اعتراف رسمي مِن الدولة بالإخوان.
– المحكمة العسكرية تعقد جلسة يوم الجمعة لتفسر حكم رد الاعتبار لخيرت الشاطر.
– قدر مرسي أن يهرب من السجن ليتولى الرئاسة ثم يعود للسجن.

عبر 400 صفحة و7 فصول وملحق صور ووثائق يحلق بنا الكاتب الصحفي الكبير ياسر رزق فى كتابه الأول الأهم “سنوات الخماسين بين يناير الغضب ويونيو الخلاص” كشاهد عيان في فترة مِن أصعب فترات التاريخ التي مرت على مصر، قام فيها المشير عبد الفتاح السيسي بتلبية نداء الشعب حاملاً روحه على كفه غير مبال بأي شئ سوى إيمانه وثقته بالله ثم وطنه.

“ياسر” ناله مِن سخط الإخوان عليه فأقالوه من رئاسة تحرير الأخبار بعد وصول مرسي للحكم بأيام، ولكنه واصل الحرب ضدهم من خلال المصري اليوم الجريدة الأكثر توزيعًا- لفترة من الفترات- في مصر وزادها “ياسر” تألقًا وجاذبية بمهنيته التي نعرفها جميعًا، وأنا شخصيًا فقد عملت بجانبه خمس سنوات تقريبا.

يبدأ “ياسر رزق” فصله الأول المعنون (سقوط الجمهورية الأولى) مُستعرضًا التقرير الذي كتبه اللواء عبد الفتاح السيسي مدير المخابرات الحربية ولأهميته جاء المشير “طنطاوي” بنفسه إلى مكتب “السيسي” ليسمع منه، وكان تقديرًا للموقف السياسي الداخلي في البلاد وتداعياته المحتملة، والسيناريوهات المتوقعة لذروة الأحداث المنتظرة في العام المُقبل 2011.
مقدمة التقرير كانت تتوقع تزايدًا في السخط الشعبي على نظام الحكم خلال الشهور التالية بسبب الفساد وزواج رأس المال بالسلطة، وانفصال الحكم عن الشعب، والشروع بلا هوادة في تنفيذ مشروع توريث الحكم من الأب إلى ابنه الأصغر “جمال مبارك”، والذي كان يشغل منصب أمين لجنة السياسات بالحزب الوطني، أي الرجل الثالث في سلم قيادة الحزب، بينما كان نفوذه في الواقع مهيمنًا على النظام السياسي بعد والده الرئيس، الذي أصبح زاهدًا في السلطة بعد وفاة حفيده.

معلوماتنا تقول إنه سوف يعلن استقالته يوم 4مايو 2011 والذي يوافق بلوغه عامه الثالث والثمانين، وسوف يدعو إلى انتخابات تمكن ابنه من اعتلاء مقعد الرئيس، ومن المحتمل أنْ يرجئ الرئيس تمرير السلطة أو توريث الحكم لنجله إلى شهر أغسطس، لو ظَلَّ الجيش على موقفه الرافض للتوريث، حتى يتمكن من إجراء تغييرات جوهرية في المناصب العسكرية القيادية قبل هذا التاريخ.
غير أنَّ الانفجار الذي توقع السيسي أن يحدث في شهر مايو 2011 اشتعل فتيله مُبكرًا عن هذا الموعد بأربعة أشهر والسبب يرجع لمتغيرين رئيسيين:

أولهما انتخابات مجلس الشعب التي جرت في نهاية نوفمبر 2010، وشهدت تزويرًا منهجيًا منظمً غير مسبوق، أطاح بكل القوى إلى خارج ساحة اللعبة السياسية، وسدد طعنة نجلاء إلى كرامة الشعب الذي زيفت إرادته على نحو فاضح فاجر.

وثانيهما .. الثورة التونسية التي أطاحت بالرئيس “زين العابدين بن علي” وأجبرته على الفرار من البلاد تحت ضغط الجماهير .

• مبارك تحت ضغط

حينما كان مبارك يُسأل عما إذا كان يعد ابنه لخلافته، كان مرة يقول أن ابنه يساعده، ومرة يقول إنه ليس مجنونًا ليلقي بابنه في آتون الجحيم، ومرة يقول إحنا مش سوريا، غير أن مجريات الأمور كانت تقول أن مبارك يعطي إشارة في اتجاهٍ، ثم يسلك الطريق في اتجاهٍ معاكس!

لكن.. كان واضحًا من حضور جمال اجتماعات رسمية لايؤهله لحضورها موقعه الحزبي أنَّ مبارك يسعىٰ لتوريث الحكم لنجله قبل حلول عام 2011 بسنوات إنْ لَم يكن برضاه الكامل فعلى الأقل تحت ضغط القصر!
وبدا أنه خطط لذلك فعلا في عام 2005 حينما أعلن اعتزامه تعديل المادة 76 من الدستور في خطاب بشبين الكوم يوم 26 فبراير بحيث تسمح بإجراء انتخابات تنافسية شكلية لاختيار رئيس الجمهورية، وكانت تلك المادة هي الغطاء سُكري المذاق لقرص التوريث مُر الطعم، لكن مبارك عدل عن الدفع بابنه إلى الانتخابات وقرر أنْ يخوض انتخابات 2005 بعدما تلقى ردًا مهذبًا ومنضبطًا وحاسمًا في نفس الوقت: إن الجيش لا يقبل اعتذاره عن خوض الرئاسة، لأي أحد آخر، فتراجع مبارك عن تنفيذ مشروع التوريث مؤقتًا.

• المشير طنطاوي يتصدى لبيع البلد

يذكر ياسر رزق أنَّ الدكتور “سيد مشعل” وزير الدولة للإنتاج الحربي حكى له ماحدث ذات مرة في أحد اجتماعات مجلس الوزراء- قبل ثورة يناير بثلاث سنوات- وثورة الغضب التي انتابت المشير طنطاوي وهو يسمع عن مشروعٍ قدمه أحد الوزراء لبيع بنك القاهرة، وأنه سبق له التدخل في جلسات سابقة لمواجهة مشروعات كتبوير الأراضي لصالح توسيع الحيز العمراني للقرىٰ وإهدار أموال الشعب في صفقات الخصخصة، والأخطر هو إدخال شركات أجنبية إلى ملفات في صميم الأمن القومي للبلاد كالاتصالات والموانئ .

• الحوار أو الانقلاب

هذه العبارة كانت جوهر الرسالة التي أراد “عمر سليمان” نائب رئيس الجمهورية إبلاغها إلى القوى السياسية وشباب الثورة وجموع الشعب المصري عبر اللقاء الذي عقده ظهر يوم الأحد 8فبراير 2011 مع رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف المصرية وشدد سليمان على عدم وجود صفقة مع الإخوان، وقال إن الجماعة ظلت 80 عامًا تبحث عن شرعية، وأن الحوار مكسب لهم وكان يقصد بذلك حضورهم اجتماعه يوم 6فبراير، وقد مثَّلهم في ذلك الاجتماع اثنان مِن أعضاء مكتب الإرشاد هما د. محمد مرسى، الذي أصبح فيما بعد رئيسًا للجمهورية ود.سعد الكتاتني الذي صار رئيسًا لأول مجلس نواب بعد ثورة يناير.

وعشية أداء حكومة عصام شرف اليمين الدستورية أمام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، التقىٰ عددًا من أعضاء المجلس الأعلىٰ بقادة الأحزاب وممثلي القوىٰ السياسية ومرشد الإخوان لمدة 3ساعات، وكانت تلك هي أول مرة يشارك فيها المرشد د. محمد بديع في لقاء مع قيادات الجيش.

• “استبن” الشاطر .. رئيسًا

هبَّت عواصف الخماسين خانقة ساخنة، على الشارع السياسي المصري، فى أعقاب فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية يوم 10 مارس 2012.

ففى يوم 30 مارس تقدم “حازم أبو إسماعيل” بأوراق ترشحه إلى لجنة الانتخابات الرئاسية التي كان يترأسها المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا.

وفى اليوم التالي ألقت جماعة الإخوان بقنبلة في الساحة السياسية، حين تراجعت عن قرارها المعلن بعدم خوض انتخابات الرئاسة، وذكرت في بيان مشترك للجماعة وحزب الحرية والعدالة أنه قد تقرر ترشيح خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان وأقوى رجل في الجماعة لمنصب الرئيس، وفي اليوم الأخير تقدم محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة بأوراق ترشحه ليكون بمقدوره خوض الانتخابات إذا استُبعِد الشاطر، أو التنازل إذا لم تحل عوائق قانونية دون استمرار نائب المرشد في السباق، غير أنَّ لجنة الانتخابات استبعدت أوراق اللواء عمر سليمان والشاطر مع ثمانية مرشحين آخرين، وكان قرار اللجنة باستبعاد خيرت الشاطر يستند إلى أنَّ حكم المحكمة الدستورية الذي صدر عقب ثورة 25 يناير برد اعتباره عن الأحكام التي عوقب بها، لم يشمل الحكم الأخير الخاص بقضية ميلشيات الأزهر، وكان الشاطر قد خرج مِن السجن في شهر مارس 2011 بموجب عفو صحي حيث كان يقضي عقوبة مدتها 7 سنوات، وطعن خيرت على قرار لجنة الانتخابات الرئاسية باستبعاده، وأحيل الطعن إلى القضاء العسكري للنظر فيه، وفي سابقةٍ لم تحدث في تاريخ القضاء المدني والعسكري انعقدت المحكمة العسكرية في يوم إجازة رسمية لتصدر تفسيرها بأن حكم رد الاعتبار الذي أصدرته كان يشمل ضمنًا الحكم الصادر على خيرت الشاطر في قضية ميليشيات الأزهر، غير أن لجنة الانتخابات الرئاسية لم تأخذ بهذا التفسير واعتمدت قرارها السابق باستبعاده من الترشح.

وقد أثار استبعاد الشاطر وعمر سليمان كثيرًا من اللغط في الشارع السياسي، وبدا البعض مقتنعًا بأن الذي أخرج الشاطر من السباق لابد أنه أقوى من الذي فتح المحكمة في يوم عطلة مِن أجله ..!

• لايريد ولا يقدر

في الفصل الثالث مِن كتابه الشيق والمثير يقول “ياسر رزق”:
في أعقاب الإعلان عن فوز الدكتور محمد مرسي …اتصلت باللواء أركان حرب عبد الفتاح السيسي، وقلت له بالحرف: هل تعتقد أن مرسي يمكن أنْ يتحول من لاعب في فريق الجماعة إلى قائد لمنتخب الوطن ؟! أقصد هل تعتقد أنه قادر على التحرر من سيطرة الجماعة ومكتب إرشادها ومرشدها العام ؟!
وكانت إجابته ذات المغزىٰ العميق:
“المسألة ليست هل هو قادر .. وإنما هل هو يريد”؟!
ثم أضاف قائلاً: إنه يقينًا يعلم أن غيره كان هو مرشح الإخوان، وأنه لولا عضويته في الجماعة ماترشح، ولولا أموالها وأتباعها ودعمها السياسي والمعنوي وقدرتها على الحشد ماصار رئيسًا.

• أول القصيدة

في الثامن مِن يوليو2012 أقدم محمد مرسي على إصدار قرار مفاجئ يلغي قرار المشير بنفاذ حكم المحمكة الدستورية العليا الخاص بحل مجلس الشعب، وكان لهذا القرار وقع هائل في الشارع المصري الذي استبد به الغضب من رأي لم يمض عليه سوى ثمانية أيام في الحكم، يحنث باليمين وينتهك الوثيقة الدستورية التي أقسم عليها.

• السيسي وزيرًا للدفاع

يوم 12 أغسطس تلقى اللواء عبد الفتاح السيسي استدعاءً من الرئاسة وظن أنه سينضم للمشير ومَن معه في اللقاء مع الرئيس لاستكمال مناقشة ماطلبه في الصباح، وعندما وصل إلى الاتحادية، هناك أبلغه المسؤلون بالديوان والمراسم أنه سيؤدى اليمين وزيرًا للدفاع، لم يكن السيسي يعلم بقرار التعيين، ولا بقرار ترقيته إلى رتبة الفريق أول، وكان أول سؤال للسيسي: هل يعرف المشير بالقرار؟!
فأجابوه: نعم .. وهو الذي رشحك
أدى السيسي اليمين .. عاد مرسي إلى الصالون وقال للمشير والفريق عنان إنه عين السيسي وزيرًا للدفاع وقرر تعيينهما مستشارين للرئيس ومنح طنطاوي قلادة النيل العظمىٰ وعنان قلادة الجمهورية.

• مشروعكم انتهىٰ

سبعة أشهر فقط تلت صعود مرسي إلى سُدة الحكم، خاب فيها مسعاه وخيب آمال الناس، حتى الذين انتخبوه بات معظمهم يندمون.

منذ أول بيان، وأول قرار، وأول اجتماع رسمي بدا الرئيس راغبًا في أن يختزل وطنًا في جماعة، وشعبًا في عشيرة، ودولة في فصيل.

ومن أجل جماعته أهدر استقلال القضاء، وانتهك الدستور، وخرق القانون، وقوض قواعد الديموقراطية، وأخلف وعوده للمعارضة، وأضعف الشرطة، وأغضب الجيش، والأخطر أنه غدر بالشعب الذي جاء به إلى الحكم، حين استهان بأرواح الناس، فسالت دماء، وسقط شهداء في شوارع وميادين، وخرجت جماهير يائسة من إصلاح أحوال السياسة والحكم والمعيشة، تعلن عصيانها، وبعضها نزل يحمل الأواني وأرغفة الخبز، في نذير بثورة جياع، والبعض يحمل الأحذية على الذين يريدون تغيير هوية شعب وتقويض أمة، في نذير بانتفاضة كاسحة تجرف ولا تبقى.

قبل حلول منتصف فبراير2013 قرر السيسى الذهاب إلى الرئيس مرسي وأن يصارحه بما يعتمل فى صدره إزاء نظام حكم الإخوان ومستقبله ومخاطره على البلاد، وطلب موعدًا للقاء وقال لمرسي بكل وضوح: “لقد فشلتم وانتهى مشروعكم، إن حجم الصد تجاهكم في نفوس المصريين لم يستطع أي نظام سابق أن يصل إليه بعد سنين طويلة من الحكم.. أنتم وصلتم إليه فى 8 شهور”.

• ميلاد حركة تمرد

في أوائل مارس 2013 دارت نقاشات بين ثلاثة من شباب الصحفيين حول انسداد مسار الحركة السياسية ضد نظام حكم المرشد، كان الشبان الثلاثة هم: “محمود بدر” الصحفي بجريدة الدستور، وعضو حركة كفاية، و”محمد عبد العزيز” الكاتب بجريدة التحرير وعضو مجلس أمناء حركة التيار الشعبي، و”حسن شاهين” الصحفي بجريدة البديل، واقترح الأخير إطلاق حملة لجمع التوقيعات من جموع المواطنين لسحب الثقة مِن الرئيس محمد مرسى، شريطة ألا يقل عددها عن 15 مليون توقيع، بما يزيد عن الأصوات التي حصل عليها فى انتخابات الإعادة.

• أمريكا تحاول إنقاذ مرسي

يوم 3يوليو، وهو (اليوم الأخير لانتهاء المهلة الأخيرة التي حددها السيسي للرئيس مرسي ليقبل بإجراء أستفتاء على أستمراره في الحكم، وأن يقبل بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة) تلقى اللواء محمد العصار مساعد وزير الدفاع مكالمة تليفونية من السفيرة الأمريكية “آن باترسون”، ومن بعدها مكالمة أخرى من خالد العطية وزير الخارجية القطري، وكان الهدف من المكالمتين إثناء الجيش المصري عن أي إجراء محتمل ضد محمد مرسي.
قالت باترسون للعصار: “أنَّ جون كيري وزير الخارجية الأمريكي يرجوكم لو أنَّ هناك أي قرار من جانبكم أن تؤجلوه يومًا واحدًا، وسوف نفعل ماتريدون.. فقط كيري يريد منكم أن تعطونا فرصة للتدخل”.

• إلى قصر الرئاسة

قُبيل بدء التصويت في انتخابات الرئاسة بأسبوع، التقىٰ المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي مع كبار الصحفيين ثم المفكرين والمبدعين وقد حضرت اللقاء الأول.

صارح السيسي محدثيه قائلاً:
“أنا مُستدعىٰ لوطن في خطر، وكنت غير راغب في خوض الانتخابات، لكنني قررت الترشح حتى لايقال.. أننا طلبناه وأدار لنا ظهره”.
الرؤية كانت واضحة في ذهنه وهو يقول: ليس عندي ترف أن أدخل في ملف دون الآخر، فلابد مِن السير في جميع الملفات بالتوازي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى