fbpx
أخبار العالمأخبار محليةسلايدر

“ماكرون”.. خَمسُ ساعاتٍ في وَكر الدب الروسي

كتبت: نهال مجدي
تدقيق: ياسر فتحي

وصفت وسائل الإعلام الأمريكية زيارة الرئيس الفرنسي “إمانويل ماكرون”، لموسكو ولقاءه بنظيره الروسي “فلاديمير بوتين” في جلسة مباحثات استمرت لأكثر مِن خمس ساعات، بأنَّ “ماكرون” تم استدراجه لوكر الدب الروسي الذي هاجمه بضراوه.

ومع الحشود العسكرية الروسية التي بلغت 100 ألف جندي روسي وأسلحة ثقيلة على الحدود الأوكرانية، أصرَّ الرئيس الفرنسي ومستشاروه على أنه مِن بين القادة الغربيين الذين يرون أنه يتعين عليهم إقناع “بوتين” بخفض التصعيد.

وفي المقابل كان “بوتين” متحديًا ومُصِرًا على موقفه، مُعلنًا أنَّ القرم روسية، وأنه إذا انضمت أوكرانيا إلى الناتو، فإن الدول الأوروبية ستكون “تلقائيًا” في حالة حرب مع روسيا.

وأضاف في مؤتمر صحفي على الهواء “روسيا قوة عسكرية عُظمىٰ، وقوة نووية عظمىٰ، وإذا اندلعت الحرب، فلن يكون هناك منتصرون وسوف ينجذب الجميع إلى هذا الصراع ضد إرادتهم”.

كما سَخِر “بوتين” مِن التأكيدات المتكررة مِن قِبَل القادة الغربيين بأنَّ حلف الناتو هو “تحالف دفاعي”، مُستشهدًا بالعمليات في صربيا وأفغانستان وسوريا وليبيا كدليل على العكس تمامًا.

وكرر ادعائه بأنَّ الثورة في أوكرانيا عام 2014 كانت “انقلابًا”، واتهم الحكومة الأوكرانية بمحاولة تسوية الحرب الانفصالية في شرق أوكرانيا “بالوسائل العسكرية”.

كما أصرَّ “بوتين” على وجوب إجبار الحكومة الأوكرانية على تنفيذ أحكام اتفاقيات مينسك للسلام، حتى أنَّ “بوتين” اقتبس سطرًا يظهر في أغنيةٍ فاحشة فيها تلميحات إلى الاغتصاب وجِماع الميت: “سواء أعجبك ذلك أم لا” وقال “تحملي يا جميلتي”.

هذا الإصرار والتحدي مِن قبل “بوتين” لم يجد رد فعل مِن “ماكرون” سوىٰ الإصرار على أنه مِن المهم الاستمرار في الحديث.

وقال “بوتين” أنه شعر خلال الاجتماع أنَّ “ماكرون” “يعذبه” بحديثه المكرر كثيرًا في محاولته لإيجاد نوعٍ مِن التسوية.

وحاول “ماكرون” استمالة “بوتين” قائلاً “تقع على عاتق فرنسا مسئولية أنْ تكون لها أقوىٰ علاقة ممكنة مع روسيا، فنحن دولتان أوروبيتان عظيمتان، وأعضاء في مجلس الأمن، وإذا كان المرء يؤمن بأوروبا، فيجب أنْ يكون قادرًا على العمل مع روسيا وإيجاد السُّبل والوسائل لبناء المستقبل”.

جاءت عدم قدرة “ماكرون” لإيجاد ردود مناسبة على تصريحات “بوتين” الاستفزازية المختلفة، على سبيل المثال، أنَّ روسيا ضمت شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني-كان بمثابة تذكير بزيارة كارثية إلى موسكو العام الماضي مِن قبل رئيس السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي “جوزيب بوريل”، الذي وقف متفرجًا بينما انتقد وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” الاتحاد الأوروبي ووصفه بأنه “شريك غير موثوق به”.

كما أنَّ جهود الرئيس الفرنسي لإظهار القلق العميق بشأن احتياجات روسيا ومصالحها تقف في تناقض صارخ مع تصريحات الرئيس الأمريكي “جو بايدن”، الذي التقىٰ أمس المستشار الألماني “أولاف شولتز” في واشنطن، حذر البيت الأبيض بوضوح مِن أنَّ خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2، الذي يمتد مِن روسيا إلى ألمانيا، لن يُسمح له ببدء التشغيل إذا هاجمت روسيا أوكرانيا.

ولم يكرر “شولتز”، على وجه التحديد التهديد بشأن خط الأنابيب المثير للجدل، لكنه أصر على أنْ تتصرف ألمانيا والولايات المتحدة بخطى ثابتة للرد على هجوم روسي على أوكرانيا.

وقال “شولتز” في لقاء مع قناة سي إن إن الأمريكية “يمكنك أنْ تفهم ويمكنك أنْ تكون متأكدًا تمامًا مِن أنَّ ألمانيا ستكون جنبًا إلى جنب مع جميع حلفائها، وخاصة الولايات المتحدة، إننا نتخذ نفس الخطوات” قال “شولتز” بينما كان المُحاوِر “جيك تابر”، يضغط عليه حول سبب عدم تكرار التهديد بقتل نورد ستريم 2، “ما نفعله اليوم هو إعطاء هذه الإجابة القوية جدًا لروسيا، وإذا غزت أوكرانيا، فسيكون لذلك ثمن باهظ للغاية، مما سيكون له تأثيرات كبيرة على الاقتصاد الروسي، ونحن مستعدون لاتخاذ خطوات رادعة مهما كانت تكلفتها”.

وفي الوقت الذي يؤكد فيه “بايدن” و “شولتز” على الموقف المتشدد للغرب تجاه التهديد الروسي، تحدث “ماكرون” بنبرة مِن الاسترضاء، وأعرب مرارًا وتكرارًا عن مخاوفه بشأن مصالح روسيا، وحتى أنه أشار إلى “الصدمة” التي مرت بها روسيا في الثلاثين عامًا منذ سقوط الاتحاد السوفيتي.

ومِن جانبه، لم يبدُ “بوتين” مصدومًا، على العكس مِن ذلك، فقد استخدم مؤتمرًا صحفيًا عقب الاجتماع للشروع في الهجوم، وطرح شكاواه ضد الناتو وأوكرانيا مرارًا وتكرارًا.

كما أكد “بوتين” على أنه لا هو ولا “ماكرون” يريدان التصعيد على الجبهة الأوكرانية، رغم أنه لم يُشِر إلى أي استعداد لسحب قواته وأسلحته مِن المواقع التي يقول محللو المخابرات الغربية إنهم يستطيعون منها شَن توغل في أوكرانيا في أي لحظة.

واتهم “بوتين” كييف بأنها متورطة في حشد مماثل، وقال “أوكرانيا تحشد أيضًا القوات حول دونباس وقد حاولت حل القضية بالوسائل العسكرية”، كما أشار ماكرون إلى أنَّ العديد مِن المطالب الروسية تتوافق مع أهداف الغرب.

أشار الاثنان إلى أنهما على استعداده لمواصلة هذه المناقشة، وقال “ماكرون” بأنَّ الأيام المقبلة ستكون حاسمة، ومع ذلك، أقر الرئيس الفرنسي بأن الحفاظ على الخطوط الدبلوماسية مع موسكو كان عملاً شاقًا، يجب أنْ تعرف أوروبا كيف تتعامل مع روسيا.. هل هذا سهل؟ لا.. هل يجب التخلي عنها؟ بالتأكيد لا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى