fbpx
تقاريرمقالات

نسرين طارق تكتب: انقراض مجتمع العمل وظهور مجتمع الشهرة الوهمية

كتبت: نسرين طارق
تدقيق لغويّ: أحمد علي

 

عايز تطلع إيه لما تكبر؟؟

سؤال مر علينا كلنا سواء سألناه لولادنا أو قرايبنا الصغيرين أو إتسألناه زمان وإحنا صغيرين ..والإجابة لسنين كتير فاتت كانت معروفة للكل ..دكتور، مهندس، مدرس .. الخ  من الوظائف اللي كلنا عارفينها.

وكنا بنقيس نجاح الشخص بمعيار نجاحه فى عمله إنه يكون دكتور شاطر أو مهندس عبقرى أو صحفى ناجح أو مدرس مؤثر وهكذا.

الجيل الحالى من الأطفال أو حتى الشباب فى مراحل التعليم المختلفة إجابته إختلفت عن زمان الإجابة أصبحت إنفلونسر!!

إيه شغلانة الإنفلونسر الجديدة دى ؟؟
شغلانة لطيفة جداً مش محتاجة مؤهلات دراسية ولا مرتبطة بسن ولا جنس ولا بتحتاج مهارات خاصة ولا بتشترط مكان عشان نعملها.

مجرد إنك تكون شخص عنده متابعين كتير على السوشيال ميديا سواء حقيقين أو مزيفين ، ويمتلك القدرة إنه يظهر حياته إنها كلها ترف، وسفر ،و راحة ،وهدايا ،وعصير مانجا بينزل من الحنفية.

يوضحلك إن حياته مثالية ويقول للمتابعين “عشان تكون زيي تابعنى وإعمل زيي” وهنا يقدر يؤثر على المتابعين ويكسب شهرة وفلوس .

ببساطة معناها إنك تكون “مؤثر” ويكون عندك متابعين كتير على مواقع السوشيال ميديا، وبالتالى تعليقات كتير وأكتر منها  إعجابات، بس يظهر هنا سؤال مهم هى دى شهرة حقيقية؟
بالبحث لقينا أكثر من 40 مليون شخص على إنستجرام عندهم أكتر من مليون متابع، وأكتر من 100 مليون شخص عندهم أكتر من 100 ألف متابع، نستنتج من ده إن فيه 140 مليون شخص مشهورين على إنستجرام، نفهم من كده إن الشهرة دى  مش حقيقية وعلى الرغم من كده أصبحت حلم الأطفال والمراهقين.

مجال العمل الجديد بيتطلب بعض الحيل الخبيثة عشان تعرف توصل فيه لمكاسب مادية غير محدودة، من أمثلة الحيل دى: شراء روبوتات،(الرشق) وهي عبارة عن حسابات وهمية إخترعها “الهاكرز” كوسيلة لزيادة المتابعين بالإضافة لدفع مبالغ إضافية لتفعيل خدمة التعليق والإعجاب على المنشورات.

والحيلة الثانية الإدعاء بممارسة أنشطة زى ممارسة الرياضة في الجيم و التصوير الإحترافي للإنفلونسر فى المكان المقصود، بالتالي تبدأ عروض جيمات أخرى حقيقية تتفاوض معاه، وتعمله إشتراكات مجانية لفترة معينة وغيرها، أو التصوير مع ماركات ملابس وعرض منتجات التجميل وتقييمها كإنهم خبراء فى المجال وغيرها من الحيل، اللي بيقع فى فخها الشباب وشركات الإعلان وتبدأ في الدفع مقابل الإعلان.. لأن الإنفلونسر قدر يجمع عدد متابعين بينفذوا كلامه عشان يكونوا زيه.

حياة الإنفلونسر، كلها مزيفة، لا شيء فيها حقيقيً
بنمنع الأطفال عن مشاهدة أفلام القتل و الأسلحة خوفًا عليهم من إنهم يكونوا إرهابيين أو غير أسوياء نفسياً ، بس ممكن  نسيبهم للسوشيال ميديا تغتال براءتهم وتربّيهم على الشهرة الوهمية وعلى كل أنواع الحيل، عن طريق الحياة المثالية الكاذبة اللي بيشوفوها في حياة الإنفلونسرز ويصدقوها فيقعوا فريسة للعالم الوهمى ده .

بعد إنتشار ظاهرة الإنفلونسر كوظيفة أصبح السؤال الأهم هل العمل أصبح مرتبط بتقديم خدمة أو منتج أو فكر ؟
الإجابة بالطبع لا .. مجتمع الإنفلونسر خلق مجتمع جديد بلا عمل .. فى الماضى كانت الشركات تدفع لمواقع مثل فيسبوك وإنستغرام مقابل الإعلان وتعتمد على أفكار تسويقية حتى ظهرت فئة الإنفلونسرز وزاد هوس إستعراض الحياة اليومية وإستعراض الجسد وأى شئ ممكن إستعراضه لتحقيق المكسب المادى، حيث إن المعيار هنا لإرتفاع عدد المتابعين وليس للمحتوى، عدد المتابعين أصبح غاية في ذاته ونقطة فاصلة.

فى السابق كانت الشخصيات المشهورة فى الواقع مثل الفنانين ولاعبى الكرة والمذيعين والسياسين حتى إنقلب ميزان الشهرة وسحب الإنفلونسر البساط من تحت أقدام المشاهير الحقيقيين.. وتحول الإعلان من عملية تمثيل إلى تجربة حياتية يقدمها لك الإنفلونسر وكإنها جزء من حياته اليومية، بمشاركة متابعيه يومياته وتجربة بعض المنتجات.

وتحول فجأة الإنفلونسر إلى الطريق السريع والشهرة الكبيرة بلا منتج ولا إنتاج أدبي أو فكري ولا خدمة مقدمة.. إنه نوع جديد من الثراء بلا عمل.

وعلينا أن نُراجع الأسئلة التى نطرحها على الجيل الجديد..لم يعد سؤال عايز تطلع إيه لما تكبر منطقي، فيه وظيفة سهلة وبتجيب فلوس كتير من غير ما تطلب منك مؤهلات محددة “انفلونسر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى