fbpx
تقاريرسلايدر

“ممر التنمية”.. كل الطرق ممهدة الآن لتحقيق مشروع د. فاروق الباز

منذ أكثر من 45 عام ترجع قصة مشروع ممر التنمية، الذي اقترحه العالم المصري الدكتور فاروق الباز الخبير الدولى بعلوم الفضاء ومدير مركز الاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن الأمريكية سابقا وعضو المجلس الاستشارى العلمى لرئيس الجمهورية حاليا، كبرنامج قومي لتحفيز النشاط الاقتصادي والتشغيل والدخل.

بداية القصة

حيث ترجع بدايات دراسته للصحراء الغربية بالتصوير الفضائى إلى عام 1973 فى عهد الرئيس السادات، حيث كان يرغب فى تنفيذ مشروع تعمير الصحراء، وطلب الباز دراسة الصحراء الغربية بالتصوير الفضائى.

 وكان الباز يعمل فى مشروع الفضاء أبوللو عام 1972 وفي عام 1973 بدأ التفكير فى استخدام تقنية التصوير الفضائى للأرض لاكتشاف طبيعتها الجيولوجية، وهو نفس الوقت الذى كان يفكر فيه الرئيس السادات فى مشروع تعمير الصحراء لأنه كان مهموما بالزيادة السكانية.

وعاد الباز إلى جامعته “عين شمس” ليتولى مع فريق بحثى من الجامعة دراسة الصحراء الغربية، بتمويل كامل من الولايات المتحدة حيث خصصت وكالة ناسا 250 ألف دولار سنويا للدراسات، وشراء المعدات والسيارات وبدأ العمل فى الصحراء الغربية.

 ومن خلال 65 صورة فضائية للصحراء الغربية، تم كشف وجود حياة كاملة على نهر كبير بعمق 24 قدم، ووادى كبير بعرض 200 كيلومتر مربع، وواديان آخران عرض كل منهما 8 كم و12 كم، كما أن دلتا النيل الحالية كان يسبقها دلتا أخرى فى الصحراء الغربية ولكنها تحركت تزامنا مع حركة قارة أفريقيا بالكامل شمالا مبتعدة عن خط الاستواء، وهو ما يعود تاريخه لحوالي 1 – 6 مليون سنة، وصاحبت تلك الفترة أمطار غزيرة فى هذه المنطقة تكونت من خلالها مياه جوفية تكفى مصر لمائة عام بشرط الاستخدام الرشيد للمياه والزراعة بالطرق الحديثة، وهى مياه نظيفة باردة على بعد 75 – 300 متر.

فكرة المشروع

 من هنا نشأت فكرة مشروع ممر التنمية وهو ممر رئيسى بطول 1200 متر من شمال مصر إلى جنوبها، ويربطه ممرات فرعية عرضية بوادى النيل ويقوم على جانبيه تنمية متكاملة عمرانية وصناعية وزراعية وسياحية.

يوفر ممر التنمية مساحة عمرانية تقدر بحوالى 10.5 مليون فدان، جزء منها يمكن زراعته، بينما يمكن عمل مجتمعات صناعية وسياحية وغيرها.

بدارية طرح فكرة المشروع

طرح الدكتور فاروق الباز الفكرة كمشرع قابل للتنفيذ فى عام 2005، على ظهر هضبة الصحراء الغربية بمحاذاة وداى النيل وعلى مسافة تتراوح بين خمسة عشر كيلومترا وثمانين كيلومترا (عند الفيوم) غرب الوادى.

 هذا المسار يتطابق تقريبا مع مشروع إنشاء طريق الصعيد، الغربى ووصلاته العرضية للربط مع مدن الصعيد عن طريق ممر رئيسى بطول 1200 متر من شمال مصر إلى جنوبها، ويربطه ممرات فرعية عرضية (طرق او وصلات بطول من 10 – 80 كم) لربط المحافظات القديمة بالمدن الجديدة بالممر وهذه الممرات الفرعية او المحاور عددها اثنى عشر محور.

بالإضافة الى استيعاب 20مليون مواطن واستجلاب المياه عبر أنبوب بقطر160سم للاستخدامات البشرية من برك توشكى أو من بحيرة السد العالى، وزراعة مليون فدان على مصادر مياه جوفية.

المحاور العرضية على ممر التنمية

المساحة العمرانية التى يوفرها ممر التنمية تقدر بحوالى 10,5 مليون فدان، جزء منها يمكن زراعته، ويمكن عمل مجتمعات صناعية وسياحية وغيرها.

بدء تنفيذ المشروع فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى بعمل الممرات العرضية عن طريق عمل امتداد صحراوى لكل محافظة وبناء المدن الجديدة من شمال مصر حتى جنوبها بهدف تخفيف الازدحام عن المدن القديمة، ومجابهة الزيادة السكانية المطردة، وقد تم دمج رؤية مصر 2030 فى مشروع ممر التنمية.

تتناول رؤية مصر 2030 في مجال التنمية العمرانية زيادة المساحة المتاحة للعمران من 6 – 12% لاستيعاب الزيادة السنوية للسكان حتى عام 2030، وتحفيز النمو الاقتصادى المتسارع من خلال المشروعات التنموية الكبرى وإتاحة فرص عمل متنوعة.

والعمل على تكوين ظهير مائي وصحراوي لكل محافظة، حيث ان هناك اقتراحا بزيادة المحافظات المصرية من 28 إلى 35.

يمكننا القول ان ممر التنمية لكى يكتمل يبقى ان يتم عمل الطريق من شمال مصر حتى جنوبها  بطول 1200 كم وشريط سكة حديد  للنقل السريع ليكون موازيا للطريق ولنهر النيل وليزيد الاتصال بين محافظات مصر جميعها ويسهل الانتقال منها واليها وليضيف معبرا جغرافيا لعدد من المحافظات التى تعانى الاختناق.

إضافة إلى اننا يمكننا الاستفادة من الطمى المترسب فى بحيرة ناصر حيث ان هناك دراسات تثبت ان الاطماء سيكون تام بعد 100 عام لذا وجب الاستفادة منه والعمل على ازالته عن طريق نقله فى مواسير تحت ضغط لرى وزراعة حوالى 400 الف فدان فى أسوان والمناطق المجاورة. تعبئته وبيعه كسماد.

يسعى ممر التنمية، إضافة إلى تسهيل النقل بين أطراف الدولة، إلى الحد من التوسع العمراني في وادي النيل والدلتا بفتح آفاق جديدة للنمو بالقرب من التجمعات السكانية الكبرى ومجالات لا حصر لها في استصلاح أراضٍ صحراوية وإنشاء مشاريع جديدة للتنمية في مجالات التعمير والزراعة والصناعة والتجارة والسياحة، كما يُعطي الممر أملاً جديداً لأجيال المستقبل باستخدام أحد عناصر الثروة الطبيعية وأقربها إلى التجمعات السكانية الحالية، وهو الشريط المتاخم لوادي النيل في الصحراء الغربية.

دعائم الممر

بناءً على ما تقدم يتضمن مقترح ممر التنمية إنشاء ما يلي:

١- طريق رئيسي يعتبر المحور الأساسي للسير السريع بالمواصفات العالمية يبدأ من غرب الإسكندرية، ويستمر حتى حدود مصر الجنوبية بطول ١٢٠٠ كيلومتر تقريباً.

٢- اثني عشر محورا من الطرق العرضية التي تربط الطريق الرئيسي بمراكز التجمع السكاني على طول مساره بطول كلي حوالي ٨٠٠ كيلومتر.

٣- شريط سكة حديد للنقل السريع بموازاة الطريق الرئيسي.

٤- أنبوب ماء من بحيرة ناصر جنوباً حتى نهاية الممر على ساحل البحر المتوسط.

٥- خط كهرباء يُؤمن توفير الطاقة في مراحل المشروع الأولية.

المـمر الرئيسي

يمثل الطريق العالمي من الشمال إلى الجنوب العنصر الأساسي للممر، يبدأ الطريق على ساحل البحر المتوسط في موقع بين الإسكندرية والعلمين.

يتكون الطريق الرئيسي من ثمانية ممرات على الأقل، اثنان لسيارات النقل واثنان للسيارات الخاصة ذهاباً وإياباً، كما يلزم تمهيد الطريق وفق المواصفات العالمية التي تسمح بالسير الآمن السريع دون توقف إلا في حالات الطوارئ ومحطات الاستراحة والوقود ومراكز تحصيل رسوم السير.

المحاور العرضية

يشتمل المقترح على ١٢ محورا عرضيا يربط كل منها الطريق الرئيسي بموقع من مواقع التكدس السكاني في الدلتا وبموازاة وادي النيل، تسمح هذه الطرق بالامتداد العمراني غرباً في هذه المواقع رويداً رويداً وتضيف بُعداً جغرافيا لعدد من المحافظات التي تعاني من الاختناق في الوقت الحالي، ويجب ألا يُسمح إطلاقا بالنمو العشوائي في تلك المناطق، بل يجب أن يسبق التخطيط والتنظيم والخدمات النمو الحضري لها، وعلى سبيل المثال، تشمل المحاور العرضية المقترحة ما يلي:

محور الإسكندرية

يمتد هذا المحور من الطريق الرئيسي غرباً ليصل إلى مدينة الإسكندرية ومينائها ومطارها الدولي، ويمكن أن يستمر المحور شرقاً حتى طريق الدلتا الساحلي إلى رشيد ثم دمياط، وبذلك يربط هذا الفرع الطريق الرئيسي للممر بشمال الدلتا بأكملها.

محور الدلتا

لربط الطريق الرئيسي بمنتصف منطقة الدلتا ربما في مدينة طنطا، مثل هذا المحور يتطلب المحافظة على الأراضي الزراعية في مساره وربما يتطلب كباري جديدة على فرع رشيد وقنوات الري والصرف، والجزء الغربي من هذا الطريق يُرصف على صحراء قاحلة وقابلة للاستصلاح وتمثل بعدا جغرافياً جديداً لمحافظة الغربية أكثر محافظات الدلتاً اختناقاً على الإطلاق.

محور القاهرة

يؤهل هذا المحور ربط الطريق الرئيسي بطريق «مصر- إسكندرية الصحراوي» ثم بأكبر تجمع سكاني في قارة أفريقياً بأكملها، ألا وهو محافظة القاهرة، ويمكن لهذا الفرع أن يستمر شرقاً إلى المعادي ومنها إلى طريق السويس كي يربط الميناء الجديد بميناء السويس، ويؤهل ذلك نقل البضائع برياً من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر عبر خليج السويس.

محور الفيوم

يضمن هذا المحور تنمية الصحراء في شمال وغرب منخفض الفيوم، ومنطقة غرب الفيوم بالذات يمكن تنميتها صناعياً لإبعاد الصناعات الملوثة للبيئة، مثل صناعة الأسمنت عن المواقع السكنية.

محور البحرية

ويهدف هذا الفرع إلى توصيل الطريق الرئيسي بالواحات البحرية في اتجاه جنوب غرب الجيزة، وبذلك يؤهل للربط بين واحات الوادي الجديد الشمالية والطريق الرئيسي، ويسمح الفرع بالتوسع في السياحة في منخفض البحرية.

محور المنيا

يفتح هذا المحور آفاقاً جديدة للنماء غرب وادي النيل في منطقة تكتظ بالسكان وتحتاج إلى التوسع في العمران نظراً لوجود جامعة بها، بالإضافة إلى الحاجة لعدد من المدارس ومعاهد التدريب.

محور أسيوط

يمكن إعادة كل ما قِيل عن فرع المنيا، إضافة إلى أن هذا المحور يؤهل السير على طريق الواحات الخارجة وباقي واحات محافظة الوادي الجديد.

محور قنا

يوصل هذا المحور إلى منطقة واسعة يمكن استصلاح أراضيها تقع جنوب مسار نهر النيل بين مدينتي قنا ونجع حمادي، وتكونت التربة في هذه المنطقة نتيجة لترسيب الأودية القديمة مما يعني أيضاً احتمال وجود مياه جوفية يمكن استخدامها في مشاريع الاستصلاح.

محور الأقصر

يعد هذا الطريق امتداداً غير محدود للمشاريع السياحية المتميزة فوق الهضبة وغرب وادي النيل بالقرب من أكبر تجمع للآثار المصرية القديمة في الأقصر.

محور كوم أمبو وأسوان

يعتبر هذا المحور سهلاً واسعاً يمثل مجرى قديما للنيل ولذلك تغطيه تربة خصبة صالحة للزراعة، ولأسباب جيولوجية بدأ مجرى النيل الهجرة شرقاً حتى وصل إلى موقعه الحالي، ولذلك يمكن استخدام المياه الجوفية المُختَزنة منذ قديم الزمن في استصلاح هذا السهل الخصيب، ويربط امتداد الفرع في اتجاه الجنوب الشرقي بينه وبين الطريق الرئيسي ومدينة أسوان، مما يسهل نقل المنتجات المحلية إلى المحافظات الشمالية علاوة على التنمية السياحية عبر تيسير زيارة المواقع السياحية في منطقة أسوان، إضافة إلى ذلك يؤهل الطريق تنمية مطار أسوان للتجارة العالمية.

محور توشكى

يهبط الطريق الرئيسي من الهضبة حيث يجري وصله بعدة أماكن حول منخفض توشكى، وجرى حفر قناة لتوصيل ماء النيل من بحيرة ناصر إلى منخفض توشكى بغرض استصلاح الأراضي المحيطة بالبرك التي تكونت في المنخفض، هذا المشروع يستدعي عدة سبل للنقل السريع إلى المحافظات الشمالية ومنافذ التصدير معاً.

محور بحيرة ناصر

تمثل بحيرة ناصر موقعاً متميزاً لتنمية الثروة السمكية وصيد الأسماك، خاصة إذا جرى تسهيل نقلها إلى مواقع التكدس السكاني في المحافظات الشمالية. لقد اختيرت هذه المحاور لقربها من مواقع التكدس السكاني وسهولة المرور بها من الناحية الطبوغرافية، هذا ويمكن إضافة محاور أخرى كما في دراسة أعدها متخصصون من وزارة التنمية الاقتصادية، وأفادت بإمكانية ثلاثة محاور إضافية.

مزايا المشروع

– الحد من التعدي على الأراضي الزراعية داخل وادي النيل من قِبَل القطاع الخاص والحكومي معاً.

– فتح مجالات جديدة للعمران بالقرب من أماكن التكدس السكاني.

– إعداد عدة مناطق لاستصلاح الأراضي غرب الدلتا ووادي النيل.

– توفير مئات الآلاف من فرص العمل في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة والإعمار.

– تنمية مواقع جديدة للسياحة والاستجمام في الصحراء الغربية بالشريط المتاخم للنيل.

– الإقلال من الزحام في وسائل النقل وتوسيع شبكة الطرق الحالية.

– تأهيل حياة هادئة ومريحة في بيئة نظيفة تسمح للبعض بالإبداع في العمل.

– ربط منطقة توشكى وشرق العوينات وواحات الوادي الجديد بباقي مناطق الدولة.

– خلق فرص جديدة لصغار المستثمرين للكسب من مشاريع في حقول مختلفة.

– مشاركة شريحة واسعة من الشعب في مشاريع التنمية، مما ينمي الشعور بالولاء والانتماء.

– فتح آفاق جديدة للعمل والتمتع بثمار الإنجاز في مشروع وطني من الطراز الأول.

– خلق الأمل لدى شباب مصر، وذلك بتأمين مستقبل أفضل.

في الختام نذكر جزء من كلمة الدكتور فارو ق الباز:

هل يمكن أن تعود مصر عظيمة مرة أخرى؟

مصر كانت على مدى العصور منبعاً للحضارة والفكر والعلم والثقافة والفن والبناء وحسن الأداء، ولكن بين آونة وأخرى تخبو فيها شعلة الحضارة وينطوي شعب مصر على نفسه وكأنه في غيبوبة لا يعي بما يدور حوله في العالم، ولكن سرعان ما يفيق هذا الشعب العظيم وينتفض بكل حيوية ونشاط لكي تتوهج شعلة الحضارة مرة أخرى في أرض مصر.

لن تعود مصر دولة عظيمة مرة أخرى إلا إذا تحسنت أوضاعنا الحالية. وبناءً على مزايا ومنافع وهذا المشروع يمكنه أن يوصل مصر إلى الغرض المنشود خلال عقد أو عقدين من الزمان على الأكثر، كما أن من شأنه أن يُخرِج مصر من الوضع الحالي بمآسيه المختلفة، لذلك فإنني مقتنع تماماً بأن مشروع ممر التنمية يمكن أن يعيد الحيوية والإنتاجية لشعب مصر ويؤهل هذا البلد الطيب المعطاء للوصول إلى موقع متميز بين أعظم بلدان العالم مرة أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى