fbpx
شؤون عسكرية

اللواء كمال عامر يكتب: الأمـــــن القـومـــي الأسس والمفاهيم النظرية

 الأمن هو أغلى ما تحتاجه وتسعى إليه جميع المخلوقات والأمن الذى ينشده الإنسان والجماعة والدولة هو غاية سعى إليها منذ بدء الخليقة بكل الوسائل والأساليب بما فيها – الحرب .. التي أخذت تتطور في أساليبها .. ووسائلها على مر التاريخ تحقيقا لهذه الغاية.
وقد تركز مفهوم الأمن من الناحية التطبيقية في البداية حول القوة التي كان يمثلها الجانب العسكري ثم تطور مفهوم الأمن طبقا لتطور الاحتياجات والتهديدات ليشمل المفهوم الاقتصادي الذى ينعكس تأثيره على كل آفاق المجتمع بما فيها النواحي العسكرية والمفهوم الاجتماعي الذي يتصل بالعدل والمساواة والتضامن الاجتماعي بالإضافة الي المستوى السياسي والدبلوماسي الذى يرتبط بالتفاعل الإيجابي مع القوى والدول الأخرى على المستوى الإقليمي والعالمي والتي تهدف جميعها إلي استقرار ورفاهية المجتمع.
• وهكذا أصبح للأمن مفهوم اشمل من النواحي العسكرية ومع تطور التهديدات بأشكالها المختلفة أصبح الأمن هو السياج الأمني الذى يحمي الوطن ضد التهديدات الخارجية – والداخلية بما يهيئ أنسب الظروف للعمل الوطني لذلك فإن أبسط مفاهيمه ومعانيه انحصار الخطر الداخلي والخارجي عن الدولة ونشاطها بما يحقق لها الاستقرار والطمأنينة ويتيح لها آفاق التنمية ويحقق لشعبها حياة أفضل). كما قال الحق جل ثناؤه:.(الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)*

 لذلك فإن مفهوم الأمن القومي للدولة:
• هو قدرة الدولة على حماية أمنها الداخلي والخارجي مع تحقيق أعلى معدلات للتنمية الشاملة وتطوير قواها الشاملة مع تأمين تقدمها وازدهارها والقدرة على مواجهة الأزمات والتحديات والتهديدات والعدائيات المختلفة بما يحقق نموها وتقدمها وتحقيق أهدافها القومية.

 تطور مفهوم الأمن القومي في الفكر العالمي:
• هذا المصطلح معرب عن الدول الأوربية التي استخدمت اصطلاح National Security والذى ظهر حديثا كنتيجة لوجود الدولة القومية في أوربا National State فقد وجدت في أوربا الدولة القومية في القرن السادس عشر وما تلاه وأخذت كلمة القومية Nationalism تأخذ مكانها وتبدلت الو لاءات من ولاء للملك أو الأمير الي ولاء للدولة، فظهرت مصطلحات كثيرة تترجم تلك المشاعر القومية فمثلا مصطلح المصلحة القومية National Interest ومصطلح الشرف القومي National Honor ومصطلح الإرادة الوطنية National well أو الإرادة العامة General well وقد أخذت العربية هذه المصطلحات، وأخيرا ظهر مصطلح الأمن القومي، وأول من وضع تعريف محدد يتناول المصطلح هو الأمريكي (والترليبمان Walter Lippiman في عام 1943).
• في أعقاب الحرب العالمية الثانية انشغل علماء الاجتماع بموضوع الأمن القومي وخلصوا أن الأمن القومي يتهدد بتهديد القيم الأساسية أو الجوهرية للدولة وبالتالي يمكن القول بأن الخطر الذى يمكن أن يواجه الدولة ويهدد أمنها القومي يأتي من مصادر خارجية، وكان التهديد الواضح في تلك الفترة الزمنية هو التهديد العسكري (باستخدام الصراع المسلح) “أن الدولة تكون آمنة عندما لا تحتاج للتضحية بمصالحها المشروعة في سبيل تجنب الحرب، وأنها قادرة في حالة التحدي على حماية تلك المصالح بشن الحرب” وقد ربط (ليبمان) هذه المصالح المشروع بقيم للدولة ، ويضيف (ليبمان) ” أن أمن الدولة يجب أن يكون مساويا للقوة العسكرية والأمن العسكري بالإضافة الي إمكانية مقاومة الهجوم المسلح أو التغلب عليه..وهو بذلك يفسر الأمن القومي بامتلاك الدولة للقوة العسكرية الكافية لتحقيق أمنها القومي.

• وقد اتضح للعديد من المهتمين بشئون الأمن القومي ولعديد من الدول عجز التفسير أو المفهوم الذي قدمه “ليبمان” للأمن القومي، حيث ظهرت قوى جديدة بجانب القوة العسكرية وأخذت مكانها وأصبحت أدوات فاعلة في العلاقات الدولية وفي الصراع الدولي وهى (القوة الاقتصادية / الاجتماعية / السياسية/ الدبلوماسية / التكنولوجية ).

أي أن الأمن القومي لم يعد يتهدد من القوة العسكرية فحسب وبالتالي لم يعد تحقيقه بالقوة العسكرية فقط بل تداخلت معها قوى جديدة، وأن لم يكن لهذه القوى الجديدة درجة العلانية والوضوح التي تتميز بها القوة العسكرية

لذلك اتسع مفهوم الأمن القومي لدى العلماء وأصبحت القوة الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية عاملا فاعلا ففي العلاقات الدولية، ووسائل لها أدواتها في إدارة الصراع أو في محيط العلاقات بين الدول.
• وهذا يرجع بطبيعته الي المتغيرات الكثيرة التي دخلت وتدخل في مسألة الأمن القومي واحتوائه على كثير من الأمور، ولكن الجميع اجتمع حول فكرة مؤداها أن الأمن القومي “هو عبارة عن مصالح معظم الدول وما تتخذه من إجراءات لحماية هذه المصالح في معظم الأوقات”

“What seems to be the Interests and actions of most States for most of the Time”..

• وقدم البروفيسور فردريك هارتمان Fredrik Hartman رؤية يؤكد أن الأمن القومي القومي هو جوهر المصالح القومية الحيوية للدولة
• “Security is the Sum total of the vital
national interests of the State”

• كما قدم “جيرالد هويلر – Gerold F. Wheeler” في دائرة المعارف الأمريكية تعريفا آخر للأمن القومي هو :”حماية الدولة ضد جميع الأخطار الداخلية والخارجية”.
Protection of the State against all dangers domestic or foreign

• وفي عام 1968 كتب “روبرت ماكتمارا” عن الأمن القومي في كتابه جوهر الأمن – The Essen’s of Security- مؤكدا وموضحا بقدر اكبر البعد الداخلي للأمن فعبر عنه بأنه التنمية حيث أن القدرة العسكرية وحدها ليست قادرة على فرض الأمن أو الحفاظ عليه ولكن أساس الأمن يتمثل في بناء اجتماعي مستقر.
• مما سبق ذكره من التعاريف نكون قد تعرضنا لعدد من الاتجاهات تمثل تصورا لتطور المفهوم. وتعاريف الأمن القومي للمدارس الفكرية الرئيسية فمنها من جعل الأمن القومي (مهمة القوة العسكرية) ومنهم من أشار الي البعد الداخلي للأمن وأنه لم يعد يتهدد من الخارج فحسب كما لم تعد القوة العسكرية وحدها هي القادرة على تحقيق الأمن القومي، وهذا يوضح تفهم هذا الاتجاه للتطور في المجتمع الدولى وظهور القوى الجديدة ومدى تأثيرها، والدور الاجتماعي والأقتصادى والسياسي في تحقيق الأمن القومي أي أن الدولة تحقق أمنها القومي بقوتها القومية National power والتي قد تسمى القوة الشاملة Total power.

 وبالتالي فإن مدارس الأمن القومي ثلاث:

• المدرسة القديمة.
• المدرسة الحديثة.
• المدرسة المثالية.

• المدرسة القديمة:
• وهذه المدرسة تبني مفهومها على تحقيق الأمن القومي عن طريق تطوير القوات المسلحة والقوات شبه النظامية وأجهزة الأمن المختلفة كأسبقية أولى باعتبارها جميعا عناصر التأمين الأساسية والحاسمة للأمن.

• المدرسة الحديثة:
• تتبنى مفهوم تحقيق الأمن عن طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كأس بقية أولى على التطور العسكري باعتبار أن الإنماء الاقتصادي والاجتماعي والسياسي هم الركائز للاستقرار داخل المجتمع والتي تجنبه الصراعات وبالتالي تحقق أمن واستقرار ذاتي نابع من القواعد الشعبية صاحبة المصلحة الحقيقية في الأمن والاستقرار والرفاهية مؤكدين أن الأمن القومي هو التنمية ولا أمن بدون تنمية.

• المدرسة الثالثة وهي المدرسة المثالية
• ومفهومها أن العدل هو أساس الأمن القومي وأساس الاستقرار باعتبار الشعور بالظلم هو مصدر التهديد الأساسي للأمن القومي والاستقرار سواء كان ذلك على مستوى الفرد أو الجماعات أو حتى الدول وان العدل يشمل العدل مع النفس وعدل مع السماء وعدل مع الآخرين فتستقر النفوس ويتحقق الأمن ويسود الاستقرار، وتأكيدا لذلك قول الحق تبارك وتعالي في كتابه الكريم إذا يقول: “الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون” (صدق الله العظيم)
• ونخلص أنه على كل دولة أن تختار لنفسها مدرسة أو أكثر لتخطيط أمنها القومي طبقا لظروفها وقدراتها ومصادر التهديد الموجهة ضدها وموقعها الجغرافي وأعدائها وأصدقائها وحلفائها ومواردها والإمكانيات الأمنية الممكن توفرها، حيث تأخذ الدولة من المدارس الثلاث بما يحقق مصالحها العلُيا وأهدافها القومية.
• لذلك فأن التعريف الأقرب الي أهداف الأمن القومي يشمل الآتي:
“القدرة على توفير أكبر قدر من الحماية والاستقرار للعمل الوطني والقومي في كافة المجالات السياسية والاقتصادية و الاجتماعية و الايدلوجية والعسكرية والبيئية في الدولة ضد كافة أنواع التهديدات الداخلية والخارجية سواء إقليمية أو عالمية”
• وبالتالي تقاس قوة أي نظام سياسي ومدى قدرته على تحقيقه للأمن القومي بعنصرين :
• قدرته على تلبية احتياجات الجماهير الأساسية بالداخل مع كفالة الحريات وتحقيق الاستقرار.
• مدى صموده ضد التحديات الخارجية (إقليمية وعالمية).

 مدرسة الأمن القومي المصري:

 أما المدرسة المصرية فإنها تجمع بين ما تنادي به المدارس الثلاث السابقة لمواجهة كافة التهديدات في ظل الظروف الداخلية والإقليمية والعالمية المعاصرة بما يحقق:
• الاحتفاظ بقوات مسلحة قوية ومتطورة باعتبارها القوة الرادعة ودرع الدولة ضد كافة التهديدات الخارجية وأداة الحسم ضد التهديدات الداخلية.
• تواجد قوات أمن واعية لتأمين المواطنين وبث الطمأنينة بينهم.
• العمل على ترشيد أنفاق القوات المسلحة لتوفير أكبر قدر من الموارد المتيسرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية
• الاحتفاظ بإمكانيات قادرة على ردع العدوان ومواجهة التهديدات المختلفة المحيطة بنا إقليميا وعالميا.
• فإننا في مصر نطالب بقوات مسلحة قوية ومتطورة باعتبارها القوة الرادعة ودرع الدولة ضد كافة التهديدات الخارجية وأداة الحسم ضد التهديدات الداخلية.
• كما نطالب بقوات أمن واعية لتأمين المواطنين وبث الطمأنينة بينهم، مع ترشيد إنفاق القوات المسلحة لتوفير أكبر قدر من الموارد المتيسرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لإيماننا انه لا يمكن تحقيق التنمية بدون استقرار ولا يمكن تحقيق الأمن بدون قوة عسكرية قادرة على ردع العدوان ومواجهة التهديدات المختلفة المحيطة بنا إقليميا وعالميا.. كما أن ما يتسم به الشعب المصري على اختلاف عقائده من إيمان عميق وقيم دينية وأخلاقية يجعل مدارس الأمن الثلاث الذى أشرنا إليها هي أساس أمنه القومي.

 العوامل المؤثرة على الأمن القومي:

ويرتبط الأمن القومي بقوى الدولة الشاملة التي تبني على الآتي:

1- العنصر الجيوبوليتكي: شكل الدولة/ طبوغرافيتها/ موقعها.

2- العنصر الديموجراجي: ويشمل السكان (النمو – الكثافة – التعليم – الصحة)


3- العنصر السياسي: ويشمل السياسة الداخلية / الخارجية وأساليب أدارتها.

4- العنصر الاقتصادي: ويشمل الموارد / والإمكانيات وحسن استغلالها


5- العنصر العسكري: وتشمل حجم وكفاءة وتطور القوى العسكرية.

6- وتعتبر الإرادة والعزيمة القومية للشعب هي أهم العناصر التي تفعل كل العناصر السابقة وتحول القدرات المتاحة الي قوى مؤثرة.

 خصائص الأمن القومي:

• الأمن القومي متكامل:

• أن الأمن القومي كل لا يتجزأ , فلا أمن قومي وطني دون التنسيق مع الأمن القومي الإقليمي ولا أمن قومي إقليمي بمعزل عن الأمن القومي العالمي مما أوجب التفكير على المستوى الإقليمي قبل تخطيط الأمن القومي الوطني وكذا دراسة الظروف والملابسات العالمية قبل تخطيط الأمن القومي الوطني والأمن القومي الإقليمي.

• الأمن القومي غير مطلق :

• الأمن القومي المطلق (الكامل) هو درب من دروب الخيال باعتبار أن الأمن دائما غير كامل (نسبي) مما يسمح لنا بالمرونة في التخطيط الاستراتيجي للأمن ومحاولة تحسين مستواه وتوسيع نطاقه كلما أمكن ذلك طبقا لتدفق المعلومات وتوفرها.

• الأمن القومي ديناميكي:

• وباعتبار الأمن القومي كيان ديناميكي دائم التطور تبعا لتطور الأوضاع الداخلية والإقليمية والعالمية، ولذلك يعتبر بداية التهديد الحقيقي هو إحساس المسئولين عن الأمن القومي باكتمال وسائله.

• أن الأمن القومي الشامل يؤمن كافة نشاطات قوى الدولة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي أو العالمي ضد كافة التهديدات وفي ظل الظروف والبيئة الدولية المعاصرة يعتبر الأمن القومي في المجال الاقتصادي على قمة الأولويات الأمنية.

 اتجاهات مفهوم الأمن القومي:

• (الأمن القومي الشامل) :

• كما سبق ذكره أن الأمن القومي كان في الماضي يقتصر على الأمن العسكري سواء قوات مسلحة أو قوات امن داخلي ولكن مع تطور الفكر الاستراتيجي الي الإستراتيجية الشاملة اتسع مفهوم الأمن القومي ليكون أكثر شمولا ليؤمن العمل الوطني الشامل في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأيدلوجية والعسكرية وهو ما يعرف بالأمن القوم الشامل وأصبح هناك:

• أمن قومي سياسي و يهدف أساسا الي المحافظة على:
• حرية الإرادة الوطنية.
• حرية القرار السياسي للدولة.
• تأمين خططها السياسية المستقبلية.

• أمن قومي اقتصادي


• يهدف الي حماية الاقتصاد الوطني ضد أي تهديدات خارجية أو داخلية مع: توفير الحماية للمنشآت الاقتصادية في الدولة ومصادر ثروتها في الداخل والخارج مع المحافظة على التوازنات الاقتصادية التي تؤمن احتياجات ومصالح الوطن واستقراره ( الإنتاج والاستهلاك- الموارد والإنفاق- الادخار والاستثمار- الاستيراد والتصدير).

• أمن قومي اجتماعي يهدف الي:
• تحقيق الاستقرار الداخلي بتحقيق الحريات وتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين (غذاء بسعر مناسب- تعليم يخدم التنمية رعاية صحية – توفير عمل مناسب مسكن – أمن وطمأنينة – بيئة غير ملوثة).
• الحرص على تماسك الوحدة الوطنية.
• تحقيق سلام اجتماعي بين قوى الدولة وعناصرها وطبقاتها المختلفة.

• أمن قومي ايدلوجي يهدف الي:
• حماية المواطنين ضد حملات الغزو الفكري والثقافي والتطرف العقائدي أو السياسي أو التطرف الديني مع حماية المجتمع من الغزوات الثقافية التى تستهدف القيم العليا للدولة والتي يقوم عليها البناء الاجتماعي بها بهدف إهدارها تمهيدا لانهيار وتفكك المجتمع لذلك يسعى الأمن القومي الاجتماعي الي حماية منظومة القيم العُليا والمحافظة عليها بالعمل على التشجيع والتمسك وتنمية الثقافات الوطنية و أحياء التقاليد والعادات الي يتميز بها شعب الدولة مع التمسك بالمعتقدات الدينية السمحة.

• أمن قومي عسكري:
• وهو لحماية الدولة ضد اي تهديدات عسكرية سواء خارجية أو داخلية ويهدف الي:
• تأمين تنمية وتطوير القوات المسلحة وقوات الشرطة والمحافظة على كفاءتها ووطنيتها ومعنوياتها.
• أبعاد القوات المسلحة وأجهزة الشرطة عن كافة التيارات الحزبية أو النشاطات السياسية والعقائدية لتبقى قوة وطنية ترعى صالح الوطن وتعمل كدرع للدولة ضد التهديدات الخارجية ودعم الشرعية الدستورية داخليا.

• أمن قومي بيئى: يهدف الي
• حماية الدولة من تفاقم التلوث البيئي وتوفير بيئة طاهرة لهم (جو – ارض – ماء ).
• منع أي تسرب للنفايات النووية الي داخل الدولة.

 نطاقات الأمن القومي:
تمارس الدولة نشاطات الأمن القومي في المجالات الآتية:

• نطاق الأمن الداخلي:
• وهو أخطر وأهم النطاقات حاليا (حيث يضم أراضي الدولة وقواها المؤثرة وخاصة القوة البشرية) والتي تسعى كافة النطاقات الأخرى لتأمينها وتوفير الأمن والاستقرار لها باعتبارها الركيزة الأساسية للأمن القومي، فداخل هذا النطاق تتم عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبناء القوى العسكرية.

• نطاق الأمن المباشر:
• وهو يلي في الأهمية نطاق الأمن الداخلي للدولة حيث يغطي الدول التي لها معها حدود مشتركة .

• نطاق أمن إقليمي:
• ويمكن اعتبار باقي دول الإقليم نطاق الأمن الإقليمي للدولة لوجود مصالح إستراتيجية معها.

• حزام أمن للنطاق الإقليمي:
• ويشمل كافة الدول التي لها حدد مشتركة مع دول النطاق الإقليمي لتأثيرها المباشر على النطاق الإقليمي.

• نطاق أمن عالمي
• وتشمل باقي دول العالم التي تسعى الدولة لإقامة علاقات دبلوماسية وسياسية واقتصادية وثقافية وعسكرية معها تحقيقا للأمن القومي للدولة.

• كما يجب المحافظة على علاقات قوية مع كافة دول العالم ، بما يدعم حل المشاكل بالطرق السلمية وتجنب التصادم مع مصالح الدول الأخرى بل السعي للتعاون ولضمان العون السياسي والدعم الاقتصادي والعسكري

 تهديدات ومخاوف وتحديات الأمن القومي:

• تتعامل عناصر الأمن القومي أساسا مع التهديدات وتتصدى لها سواء تهديدات داخلية أو تهديدات خارجية بشقيها الإقليمي والعالمي. وكونها عناصر أمن قومي شامل فإنها تتصدى لكافة أنواع التهديدات سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ايدلوجية أو عسكرية أو بيئية علاوة على تتبع المخاوف الأمنية الشاملة والعمل على مواجهة التحديات بكافة أنواعها.

 التهديدات
وتنقسم التهديدات عادة الي :

• تهديدات رئيسية وثانوية ومن حيث الأسلوب.
• تهديدات مباشرة أو غير مباشرة ومن حيث المصدر والاتجاه.
• تهديدات خارجية وداخلية وجميعها قد تكون مصنفة كتهديدات سياسية أو اقتصادية – أو اجتماعية – أو عسكرية.

 التهديدات الرئيسية الخارجية:
• وهي التهديدات التي تهدد كيان وبقاء الدولة.
• التحديات والإصلاحات السياسية.
• التحديات الاقتصادية.
• التحديات وتحقيق العدالة الاجتماعية.

 التهديدات الثانوية الخارجية:
• وهي عادة تلك التهديدات التي توجه وتخص دولة بعينها مثل خلافات حدودية – نزاعات تاريخية عرقية أو دينية أو طائفية مما يسبب التوتر وعدم الاستقرار ، قد تتطور الي أزمة تؤدي الي صراع مسلح وهنا قد يصبح التهديد الثانوية تهديدا رئيسيا انتصارا للمبادئ والشرعية الدولية كما حدث في أزمة الكويت واحتلالها.

 التهديدات الداخلية المحتملة:

• التهديد الأول:
• خلال مرحلة التحولات السياسية بتعميق الديمقراطية – والتحولات الاقتصادية بإجراء الإصلاحات الاقتصادية والتحول الي اقتصاديات السوق) ومما تتطلبه من خصخصة وتحقيق النمو الاقتصادي بأقل إضرار اجتماعية مع المحافظة ورعاية حقوق الإنسان. ويتمثل جوهر التهديد خلال تلك المرحلة في عدم التوازن بسبب خلل في عمليات التحويل مما يتطلب أن يتم التحول طبقا لأسبقيات قائمة على حسابات إستراتيجية دقيقة وإلا تعرضنا الي ما تعرضت له دول شرق أوربا والاتحاد السوفيتي الأسبق من انهيارات داخلية.

• التهديد الثاني:
• هو محاولات ضرب الوحدة الوطنية للدولة بين طوائف الدولة وفئاتها وهو تحدي يجب أن تواجهه بكل حزم وصرامة باعتبار الوحدة الوطنية هى دائما مصدر القوة الوطنية للدولة.

• التهديد الثالث:
• هو محاولات ضرب الاستقرار سواء بعمليات ارهابية تحت عباءة الأسباب المختلفة وتهدف مرحليا الي النيل من هيبة الشرطة رمز السلطة أو اضعاف الاقتصاد أو إيقاف النمو الاقتصادي لنمو أزمات اقتصادية وعدم طمأنينة وبالتالي قيام اضطرابات داخلية باستقلال معاناة الجماهير.

 مخاوف أمنية:
• بعد انتهاء الحرب الباردة بزوغ النظام العالمي الجديد واندحار الشيوعية وتبلور احادية القطبية للولايات المتحدة الأمريكية برزت بعض المخاوف الأمنية ويمكن تقسيمها الي مخاوف سياسية ومخاوف اقتصادية وأخرى أمنية بالنسبة لدول العالم الثالث وبالتالي للدول العربية ومصر.

 المخاوف السياسية:

 أهداف ومصالح القوى العظمى والكبرى:
• لما تمثله المنطقة العربية اهمية استراتيجية للقوى الكبرى والعظمى على مدى عصور التاريخ نظرا لخصائص الموقع الجيوبولتيكي مما جعلها مطمع للقوى العالمية، كما وأن توفر الثروات في المنطقة ولاسيما النفط (68%) من الاحتياطي العالمي وتوفر موارد المياه وسيطرة المنطقة على المضايق والممرات المائية الدولية الإ ستراتيجية، علاوة على أنها مهبط الديانات السماوية الرئيسية ، ولاعتبارات اقتصادية عديدة (البترودولار- سوق استهلاكية – أيدي عاملة رخيصة للاستثمار).

 مخاوف أمنية عسكرية:
• نتيجة تعارض المصالح أو تنامي الأطماع لبعض القوى ضد الأخرى في إطار مناخ دولي مناسب.

 أهم التحديات الموجهة للمنطقة العربية:
• التلوث البيئى خاصة في مجال دفن النفايات النووية.
• انتشار أسلحة التدمير الشامل النووي – كيميائي- بيولوجي وما يتبعها من سباق نووي.
• انتشار ظاهرة تهريب المخدرات.
• النشاط الإرهابي والتطرفات السياسية والدينية.
• زيادة الانفجار السكاني وما يتبعها من تفاقم أزمة الغذاء وانتشار البطالة وزيادة حجم الأزمة الاقتصادية لدول المنطقة وانتشار الهجرة.
• انتشار بعض الأوبئة التي تصيب الإنسان علاوة على الأوبئة التي تصيب الحيوان والنبات.
• الكوارث الطبيعية: زلازل – فيضانات – سيول – تصحر – جراد – عواصف.
• الديون وخدمتها (الفوائد والأقساط) بما يتعارض مع المصالح الوطنية.

 أساليب التهديدات الخارجية:

• الجاسوسية :
• ارتبطت من حيث النشأة بالجهد العسكري ولكن تطورت لتكون هناك جاسوسية اقتصادية – وعلمية – وتكنولوجية وأخرى سياسية هدفها التعرف على نوايا القيادات السياسية صانعة القرار في الدولة ومخططاتها الحالية والمستقبلية كما تدرس وتحلل القوى السياسية الداخلية والصراعات بينها ونقاط الضعف والقوة بها.

• عمليات العزل :
• تشمل عمليات حصار اقتصادي مثل فرض حصار بحري وجوى لمنع وصول مواد خام أو تصديرها مثل الطاقة – المعادن – الغذاء – التدخل في تدفق المياه – منع التكنولوجيا المتطورة.
• منع الاقتراض ومضاربات في الأسواق العالمية لخفض الأسعار – تجميد الأرصدة في الخارج – حظر على التسليح.. الخ.

 عمليات التخريب :
• سواء تخريب ايجابي أو سلبي ذو آثار مادية أو معنوية كالآتي:

• التخريب الايجابي:
• وهو ما تخطط له أجهزة الدولة السرية بناء على نتائج عمليات التجسس وعادة يأخذ شكل تخريب مباشر كعمليات إرهابية مثل تفجيرات وعمليات نسف لشل الحركة والسيطرة ونشر الرعب وعدم الاستقرار – إشعال حرائق – تدخل الكتروني – تلوث كيمائي أو بيولوجي.. أساليب ووسائل حرب المعلومات.

• التخريب السلبي:
• يهدف الي التحريض وتأليب القوى الداخلية مثل:
• استغلال معاناة الجماهير بالإثارة للقيام باضطرابات وخاصة في أوساط الطلبة والعمال – تأليب الأقليات – إثارة النعرات الطائفية والعنصرية والدينية وهو ما يعرف بالحرب/ العمليات النفسية عن طريق الإذاعات والصحف والمنشورات والشائعات والنكت – تهريب المخدرات ونشر الأمراض بهدف قتل روح الإنتاج وتخريب الاقتصاد وهدم القيم ونشر اللامبالاة – وإضعاف روح الانتماء الوطني بالترويج للهجرة خارج البلاد.

 أساليب تحقيق الأمن القومي:
• تسعى كل دولة أن تجد لنفسها الأسلوب والوسيلة التي تنظم وتوظف قوتها حتى تضمن بقاءها وحريتها ورفاهيتها وتتبلور هذه الأساليب في ثلاث نماذج هي:
• السلوك الفردي.
• توازن القوى.
• الأمن الجماعي.
• وبالرغم من تباين هذه الأساليب الثلاثة كنماذج لتحقيق الأمن القومي لدعم القوة، فإن الدولة عادة تحاول الدمج بينهم.

 السلوك الفردي (قدرات الدولة وقواها الشاملة:
• تعنى إستراتيجية السلوك الفردي محاولة الدولة أن توفر لنفسها الأمن بجهودها الذاتية بتفعيل قواها الشاملة، ويتوقف نجاح الدولة في تنفيذ هذه الإستراتيجية على عدة عوامل أهمها:-
• مدى قدرة الدولة على تحقيق الاكتفاء الذاتي.
• طبيعة النظام الدولي التي تعيش فيه.
• الموقع الجغرافي بالنسبة للدول الأخرى.
• استراتيجيات الدول الأخرى لتحقيق أمنها القومي.
• القوة النسبية للدولة مقابل الدول الأخرى إقليميا وعالميا.
• وهو صعب التحقيق في إطار المتغيرات (الإقليمية و العالمية والمحلية) الحالية.

 توازن القوى
• عندما يستحيل على دولة مواصلة منهاج ذاتي في تعاملها مع مشكلة القوة الخاصة بها فأنها عادة تلجأ لزيادة قوتها عن طريق ربطها بوحدة سياسية أو أكثر من الدول الصديقة ذات المصالح المتشابهة وتلك النوعية من الترتيبات هي التي تميز المفهوم التقليدي للأمن القومي. (اتفاقية الدافع المشترك والتعاون الاقتصادي).
• يعتبر أسلوب توازن القوى هو الغالب في السياسة الدولية خلال معظم فترات التاريخ السياسي الحديث.
• ومثال ذلك (في الفترة التالية للحرب العالمية الثانية قامت تحالفات بزعامة القوتين الأعظم مما اضطر دول العالم الثالث الي إتباع سياسة عدم الانحياز).

 الأمن الجماعي:
• يشكل الأمن الجماعي نظاماً للقوة يكون فيه الأمن والاستقلال ووحدة الأرض لكل دولة مضمونا جماعياً بواسطة كافة دول العالم وجوهر هذا المفهوم هو عالمية المشاكل والالتزام لتحقيق الأمن لجميع الدول من خلال تحركات وقرارات المجتمع الدولي ضد كل دولة تهدد النظام القائم باستخدام القوة الجبرية.
• منذ نهاية الحرب العالمية الأولى كان هناك محاولتين لإنشاء نظام الأمن الجماعي الفعال هما “عصبة الأمم – الأمم المتحدة”.
• وتسعى الدولة إلى المزج بين الأساليب الثلاثة على المستوى الدولى طبقا لمقتضيات الموقف ولا تتوقف عند احدها وهذه حقيقة من حقائق العصر تفرضها طبيعة النظام الدولي ومصلحة الدولة.

 وسائل تحقيق الأمن القومي المصري:
• بداية فإن أفضل ما يحقق الأمن القومي المصري ويواجه التهديدات الموجة إليه هو تكاتف شعب مصر ووقوفه خلف قيادته متيقظاً للتهديدات التي تحيق به .. مدعما بعزيمة قوية أهداف مصر القومية.
• وعلينا أن نواجه كافة للتهديدات الموجهة لمصرنا العزيزة ككل لا يتجزأ، نواجهها بالفكر المتكامل الشامل الذى يهدف الي تأمين مصر وشعب مصر ضد كافة أنواع التهديدات سواء داخلية أو خارجية في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والفكرية، والتنبئ بها والتصدي لها، وكلما تعددت مصادر وعوامل التهديد للأمن القومي تعددت بالتبعية ووسائل مواجهتها ومن أهم الوسائل:

 مراكز البحوث العلمية المتخصصة:
• لتقدم المشورة والرأي الفني المتخصص في مجال عملها لمتخذ القرار.
 أجهزة الأمن والمخابرات:
• وتعتبر العمود الفقري الذى تعتمد عليه القيادة السياسية وأجهزة الدولة لاتخاذ قرارها وهي توفر المعلومات والتقديرات الدقيقة الموقوتة من المصادر العلنية والسرية في الداخل والخارج . كما تتخذ أجهزة الأمن الإجراءات المضادة للجاسوسية.

 مجالس الأمن القومي:
• من أهم المراكز الاستشارية في الدولة حيث تؤدى وظيفة خبير السلطة بتقديم المقترحات والبدائل لمتخذي القرار.
 القوات المسلحة:
• هي الدرع الواقي لاستقلال وسلامة الدولة واستقرارها الداخلي.
 سلطات الدولة المختلفة:
• وذلك بحشد جهود سلطات الدولة للعمل الوطني وتحقيق الغايات القومية للدولة [السلطة التشريعية – السلطة التنفيذية – السلطة القضائية/ الصحافة/ سلطة المجتمع المدني – الإدارة المحلية] بما يدعم الأمن القومي الشامل.

 قوى الدولة الشاملة:
• هذا بالإضافة الي تفعيل وتكاتف قوى مصر الشاملة (عسكرية وأمنية – اقتصادية – اجتماعية – سياسية – دبلوماسية – تكنولوجيا) بما يحقق تطوير قوى الدولة الشاملة ويعظم دورها المحلي والإقليمي والعالمي.


• ولكي تتحقق أهداف الأمن القومي يجب أن تعمل كافة هذه الأجهزة في منظومة واحدة متكاملة لا تتجزأ (في تنسيق وتكامل وتعاون ). هدفها خلق الشعور بالثقة والطمأنينة لدى الشعب مع مواجهة التهديدات وما يتبعها من قلق وأخطار ولا شك أن تفعيل عزيمة واردة شعب مصر مع كسب الدولة لعقول وقلوب مواطنيها مع تعميق مشاعر الانتماء الوطني لدى الجميع وتفعيل القوى الشاملة للدولة هو السند الرئيسي للحافظ على أمنها القومي.
والله الموفق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى