fbpx
مقالات

بوابة الجمهورية الثانية توثق لثورة يونيو: ماهر عبد العزيز يكتب: عندما قطع راديو مصر الإرسال لأول مرة في تاريخه لمواجهة الأخونة

أكد الجاسوس المخلوع محمد مرسي على كره الإخوان لثورة يوليو المجيدة، حينما ردد مقولته الشهيرة ( الستينات و ما أدراك ما الستينات)، و لكن عندما كان يريد التملق واستجداء التعاطف من العمال في عيدهم يذهب إلى مصنع الحديد و الصلب الذي أنشأه جمال عبد الناصر.

أتذكر تلك الواقعة في توثيقنا لثورة يونيو، وبمناسبة الاقتراب من الاحتفال بثورة 23 يوليو المجيدة، في عام 2012 بعد تولي المخلوع الحكم كان على الإخوان أن يحتفلوا بثورة مصر الحقيقية و لكن فوجئت يوم 22 يوليو 2012بمكتب أ شكري أبو عميرة رئيس مجلس الأمناء يطلبني، وفي المكتب كان مستشار المخلوع الهارب لتركيا، المدعو أحمد عبد العزيز، متواجداً و قال لي بصورة قاطعة ( بكرة مفيش ولا اغنية للواد اللي أسمه عبد الحليم على راديو مصر) فسألت مين الواد عبد الحليم ده، فرد بقوله عبد الحليم حافظ، كان ردي حاسما فقلت له إزاي ثورة يوليو من غير عبد الحليم، فبدأ في الصياح و أن الثورة ثورة يناير و الزعيم محمد مرسي وأنا نبهت عليك أمام شكري بيه أهوه .

خرجت من المكتب و أنا في حالة نفسية سيئة و نزلت الراديو و شعر كل المتواجدين بحالتي، و عندما عرفوا السبب اتخذنا جميعاً قراراً واحداً.. سنحتفل بثورة يوليو مثل كل عام و عبد الحليم في مقدمة الاحتفال.. و فعلا أذعنا عدد لا بأس به من أجمل ما غنى العندليب الأسمر و مع كل أغنية يتصل بي و يصرخ إيه اللي على الهواء ده.. و بما أنه مالوش في الصنعة قلت له أننا عندما غيرنا ( اللوج ) المكسر مهنج ومش عارفين نشتغل فيقول اتصرف مش عاوز أغاني تاني لعبد الحليم و ظللنا على هذا الحال حتى اكتفينا بما أذعناه من أغنيات حليم الوطنية.

وبدأت لجان الإخوان تطارد راديو مصر تليفونياً في كل برنامج على الهواء و كان المذيع الهارب أشرف الزيات يتولى إدخالهم في برنامجه على الهواء ومناقشتهم، وكان دائم التردد على مكتب الوزير الإخواني، الذي وعده بأن يكون المدير العام لراديو مصر 2 وهي محطة إذاعية جديدة بحجة أن الإعلانات كثيرة فنوزعها على المحطتين، و في المحطة الجديدة نعيد بث برامج المحطة الأصلية مع إدخال بعض البرامج الجديدة، ولكن عندما ناقشني الوزير في هذا الأمر اعترضت و قلت له في النهاية أنت الوزير المسئول أتخذ ما تراه من قرارات، ولكن أنا بسجل اعتراضي لأن هذه المحطة تدمر راديو مصر خاصة وأن برامجنا سياسية وإخبارية ماينفعش نعيد بثها و قد تخطتها الأحداث.

وبالنسبة للهارب أشرف الزيات يوم حصار أنصار أبو إسماعيل لمدينة الإنتاج الإعلامي اكتشفت أنه يعطي إشارات و رسائل للإخوان على الهواء، و لم أدعه يشعر إني فهمت ما يقوم به، وقلت له ألتزم يا أشرف بموضوع الحلقة ( أنا واقف أمام الميكسر و أي خروج عن موضوع الحلقة سأسحب منك الميكروفون) و العجيب أنه بعد هروبه إلى تركيا يقدم برنامجاً تليفزيونياً على قناة من قنوات الإخوان واسم برنامجه (راديو مصر) وشعار البرنامج لوجو راديو مصر.. منتهى البجاجة.

موجة الإعلان الدستوري

بعد الإعلان الدستوري المعيب الذي أصدره مرسي و حالة الرفض التام له في يوم الجمعة خرج مرسي خارج أسوار الاتحادية و خطب وسط أهله و عشيرته، و كان من الطبيعي أن يكون هذا الخبر أول أخبار النشرة على راديو مصر، وفي الساعة الثانية ظهراً بدأت الأخبار تؤكد توافد اعداد كبيرة على ميدان التحرير، وفعلاً صدر هذا الخبر وإذا بالوزير يتصل برئيس قطاع الأخبار وقتها أ إبراهيم الصياد، وطلبني أنا و مسئول النشرات و صعدنا أنا و الزميل شادي جمال رئيس تحرير نشرات راديو مصر واستقبلنا عبد المقصود وهو في حالة انهيار، و قال بالنص لشادي ( أنت المسئول عن الوسا.. دي ) فانفعل شادي وحاولت أن أهدئه و قلت للوزير.. إيه الغلط في النشرة دي.. فقال لماذا أخرت خبر الرئيس في النشرة، فرد شادي أن في حدث جديد الآن، و هو توافد المواطنين على التحرير، فبدأ عبد المقصود في الصياح.. التحرير إحنا اللي عملناه.. وأنا مش هسمح بالوسا.. دي مرة تانية، ومرة أخرى هدأت شادي الذي انفعل على عبد المقصود، و مرة واحدة لقينا عبد المقصود بيسأل شادي أنت مربي دقنك ليه؟ أنت إخوان؟ فضحك شادي و قاله لا معنديش وقت أحلقها.

حاول عبد المقصود أن يلطف الموقف وقدم لنا شوكولاتة كان مكانها أول سلة مهملات بعد ما خرجنا من مكتبه.

في صباح أحد الأيام السودة في حكم الإخوان قام الرئيس المخلوع بنشاط، حيث افتتح محورا مروريا و كوبري للمشاة أمام مستشفى الجلاء للعائلات في طريق العروبة، و طبعاً أخذنا الخبر من وكالة أنباء الشرق الأوسط، و تم بثه ضمن النشرة في راديو مصر، ولكن ما حدث بعد إذاعة الخبر، كان غير عادي.. الوزير في حالة هياج شديدة و استدعاني لمكتبه وظل يصرخ في وجهي ( أنت قصدك إيه من الخبر اللي بتذيعه.. أنتم بتسخروا من الرئيس.. الوزراء كلهم من الصبح عمالين يقولوا راديو مصر بيتريق على الرئيس).

حاولت أفهمه أن الخبر نازل على الوكالة وأن رئيس التحرير خد الخبر منها فسألني بعصبية ( ده الواد شادي ) فقلت لا يامعالي الوزير الأستاذ شادي رئيس تحرير النشرات عموماً لكن رئيس تحرير الشيفت كان الزميل ناصر سند، فقال إذن عاوز عقاب للاثنين قلت طيب، وشادي ماله بالموضوع، فقال مدام هو المسئول عن النشرات يبقى يتعاقب علشان يأخد باله من شغله بعد كده.

نزلت الراديو وحكيت اللي حصل للزملاء وقلت أمام الجميع أنا شايف أن شادي وناصر مش غلطانين، ولكن أمام إصرار الوزير على العقاب هخصم لكل واحد شيفت و مستعد أدفعه لهم من جيبي.

فضحك شادي جمال و قالي يا ريس اخصم خليه يستريح و يبعد عننا.. عملت المذكرة و بعتها لرئيس قطاع الأخبار أ إبراهيم الصياد اللي بدوره وافق عليها وأرسلها للوزير، و فوجئنا برفض الوزير للعقاب و أنه سوف يتخذ القرار المناسب.

وبعد يوم واحد صدر قرار من صلاح عبد المقصود بنقل الزميل شادي جمال لديسك إذاعة الشباب و الرياضة و الزميل ناصر سند لديسك البرنامج العام.

طلعت للوزير أقابله رفض المقابلة قبل تنفيذ القرار واستلام الزميلين عملهم الجديد.. عملنا استلام العمل و طلعت عرضته عليه و قلت له يا معالي الوزير من فضلك فصرخ قبل أن أكمل الجملة قائلاً مش هرجع في قراري و اتفضل روح شوف شغلك و من الآن مفيش رحمة مع الأشكال دي.

نزلت بلغت الزملاء فتجمع عدد منهم أمام مكتبه و طلبوا المقابلة ودخل تقريباً ثلاثة أو خمسة أنا لم أحضر هذا اللقاء و حاولوا معه كثيراً و لكنه أصر على موقفه وكان شديد السخافة معهم ، فنزلوا من فوق الساعة 1:30 ظهراً ، و تقرر وقف إرسال الراديو اعتراضاً على هذا النقل التعسفي غير المبرر.. و فعلاً منذ تلك اللحظة وأوقفنا بث البرامج و النشرات وكان الهواء عبارة عن موسيقى فقط.

و عندما تم إبلاغ الرئاسة من خلال الجواسيس الموجودين في الراديو، بدأت الاتصالات و التهديد وكان قرار الزملاء أننا سنتحمل أي شيء لرفع الظلم عن الزميلين، وفي حوالي الحادية عشرة مساءً صعد للإستوديو مسئول من قطاع الأخبار، وقال لي أنا ممكن أكلم الوزير و يتم إنهاء الموضوع بوعد بحفظه كاملاً بدون عقاب لأي حد.

تحدثت مع زملائي في الراديو بأننا وصلنا الرسالة و نشوف هنعمل إيه بعد كده.. أتصل هذا المسئول بصلاح عبد المقصود وكان أول كلامه أنا عارفهم دول عندهم أجندة بينفذوها وهذا الكلام كان أكبر دليل على أنه “بصمجي” مش فاهم حاجة.

لكن في النهاية تم إعادة النشرات و البرامج بعد المواقع الإخبارية ظلت تكتب على قطع الإرسال في راديو مصر و هي المرة الأولى في تاريخ الإذاعة المصرية ( وبإذن الله آخر مرة ).

طبعاً الوزير كذب و لا عهد له كعادتهم فتم تحويلي للشئون القانونية.

وظل صلاح عبد المقصود يعمل جاهداً على استضافة قادة الإخوان و مكتب الإرشاد وحزب الحرية و العدالة على هواء راديو مصر، و كان ينزل إلى ( باب5 ) باب دخول الوزير و كبار الزوار لإحضار الضيف و الدخول معه للاستديو خشية من رد فعلنا الرافض لأخونة الراديو، وكنا نضحك و نقول ” شماشيرجي الاخوان” جاب الضيف و جه، و طبعاً في برنامج المذيع الهارب أشرف الزيات الموجود في تركيا الآن، قبل طرده المتوقع لمكان غير معلوم.

ولوقائع مواجهة أخونة راديو مصر بقية..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى