fbpx
تقاريرسلايدر

ما هو مصير الممر الاقتصادي بين الهند والخليج وأوروبا بعد حرب غزة؟

متابعة: نسرين طارق

خلال قمة مجموعة العشرين التي استضافتها نيودلهي في سبتمبر2023، كشفت الهند عن مشروع ضخم أٌطلق عليه اسم “ايمك”، اختصارا للممر الاقتصادي الجديد بين الهند والخليج وأوروبا، وهو ممر اقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا عبر موانىء إسرائيل، وسوف يتضمن الممر الاقتصادي، بحسب قادة العشرين، إنشاء خطوط للسكك الحديدية، فضلاً عن ربط الموانئ البحرية وجوانب أخرى.

ولم يمر شهر واحد على توقيع اتفاق إنشاء الممر الاقتصادي، حتى اندلعت نيران الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر الماضي، لتوقف المشروع.

وبعد مضي عدة أشهر على اندلاع الحرب وتوسع التوترات بالمنطقة لتشمل البحر الأحمر والعراق، تزايدات التساؤلات حول مصير هذا المشروع الضخم، الذي كانت تتزعمه أمريكا على ضوء معركتها الاقتصادية مع الصين في مواجهة مشروع “الحزام والطريق” التي أعلنتها بكين قبل نحو 10 أعوام وبدأت تنفيذه فعليا.

يتكون مشروع الممر الاقتصادي من ممرين منفصلين، أحدهما يربط الهند بالخليج والآخر يربط الخليج بأوروبا، ويستفيد من المشروع الهند ودول الخليج العربي والأردن وإسرائيل والاتحاد الأوروبي.

ووقع على اتفاق “الممر الاقتصادي” كل من الولايات المتحدة والهند والسعودية والإمارات وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي.

أهمية “الممر الاقتصادي” لكل من أمريكا وإسرائيل

أولا بالنسبة لأمريكا:


الحفاظ على مناطق نفوذها أمام الصين.
تقديم نفسها شريكاً ومستثمراً بديلاً للدول النامية.
دمج “إسرائيل” في المنطقة العربية.
تعزيز موقع الهند في مواجهة الصين.

ثانيا بالنسبة لإسرائيل:

سيحول ميناء حيفا إلى أحد محاور العبور والبحرية المهمة.

كيف أثرت حرب غزة على المشروع؟

أثارت حرب غزة المخاوف بشأن أمن مسارات عبور هذا الممر، وانخفضت ثقة الشركات والمستثمرين في جدوى المشروع.
محاولات سابقة.

منذ عام 2021 وإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تحاول طرح مقترحات لمشاريع بنية تحتية كبرى لمواجهة نفوذ الصين المتنامي عبر العالم، وفي منطقة الخليج والشرق الأوسط بشكل خاص.

ويمثل المشروع ذروة الأفكار والجهود الأمريكية لتحدّي الصين ووقف تمدّدها.

التحديات الجيوسياسية التي يواجهها الممر الاقتصادي
بعد اتساع دائرة الحرب في غزة سلطت وزيرة المالية الهندية نيرمالا سيتارامان الضوء على مستقبل الممر الاقتصادي والمخاوف بشأنه، حيث قالت إن “حرب إسرائيل على قطاع غزة تثير المخاوف بشأن التحديات الجيوسياسية التي يواجهها الممر الاقتصادي متعدد الأطراف الذي تدعمه الولايات المتحدة”.

وأضافت سيتارامان: إن “الصراع الدائر في إسرائيل وغزة دليل مقلق على التحديات الجيوسياسية التي يواجهها” الممر الاقتصادي.

وبحسب موقع “أيراس” الهندي، “أثارت حرب غزة مخاوف بشأن أمن مسارات عبور هذا الممر، وانخفضت ثقة الشركات والمستثمرين في جدوى هذا المشروع، وكذلك العقبات السابقة التي رافقت الإعلان عنه؛ كمعارضة دول مختلفة مثل إيران ومصر وتركيا للمشروع منذ البداية”.

ووفقاً لباحثين في معهد المبادرات البحثية العالمية، فقد تؤدي الحرب الأخيرة إلى تأخير أو توقف تنفيذ الممر الاقتصادي، حيث لا يمكن تجاهل الآثار طويلة المدى على جميع أنحاء الشرق الأوسط للحرب.

ويمكن اعتبار أن الممر أحد أسباب موقف الهند من إعلان تضامنها مع “إسرائيل”، ووصف عمليات حماس بأنها “إرهابية”، غضبها من تأثير هذه الحرب على المشروع.
فيما قالت وكالة “بلومبيرج” إن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عرقل الخطة الأمريكية الاستراتيجية لإنشاء الممر الاقتصادي.

وأوضحت الوكالة، في تقرير لها نشرته يناير الماضي، أن “المشروع الذي طالما روجت له واشنطن وحلفاؤها توقف حالياً؛ في ظل التوترات في البحر الأحمر التي خلّفتها هجمات الحوثيين واتساع رقعة الأزمة”.

كما أن توقف المشروع يعد عقبة أمام استراتيجية أمريكا، لمجابهة مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، وتعزيز نفوذ أمريكا بالمنطقة، وتسريع وتيرة التقارب الذي طال انتظاره بين دولة إسرائيل والسعودية.

وذكرت بلومبيرج أن الاضطرابات في غزة والبحر الأحمر أدت إلى توقف مشروع الممر الاقتصادي فجأة، فالطريق الممتد لمسافة تقارب 4830 كيلومتراً يمر عبر عدة دول أصبحت في حالة تأهب تحسباً لجرها إلى الحرب.

بالإضافة الى غضب الشعوب العربية نتيجة جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة ما يعني أنه على الحكومات العربية المشاركة في المشروع التصرف بحذر.

فيما استبعدت السعودية عقد أي اتفاق مع دولة الاحتلال ما لم يوجد مسار واضح لقيام دولة فلسطينية، وفق ما نشرت وكالة بلومبيرج.

ونقلت الوكالة عن كريج سينجلتون، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (مقرها واشنطن) قوله: واشنطن تكافح جدياً من أجل التصدي للرؤية الاقتصادية الكبرى للصين.
وُيعد تداعي مشروع الممر الاقتصادي الجديد تذكيراً صارخاً بأن المشروعات الاستراتيجية الضخمة غالباً ما تتعثر أمام العوامل الجيوسياسية القاسية”.

مستقبل ضبابي للمشروع

مجلة “بوليتيكو” الأمريكية أشارت في تقرير لها نشر في 29 ديسمبر الماضي، إلى أنه “مع احتدام الحرب في الشرق الأوسط، تضاءلت احتمالات التطبيع بين السعودية وإسرائيل، مما أدى إلى تضاؤل الآمال بشأن الممر أيضا، على الأقل في الوقت الحالي”.

كما اعتبرت أن “المشروع يمثل مغامرة ضخمة تقف أمامها العديد من التحديات اللوجستية والمالية.

ورغم أن العقبة الكبرى أمام المشروع تتلخص في الهجمات التي شنتها حماس على إسرائيل في أكتوبر الماضي، فإن أسئلة أخرى تتعلق بقدرة المشروع على الاستمرار كانت مطروحة منذ البداية”.

وتابعت المجلة لا يزال الغموض يسيطر على الموقف من الذي سيدفع عشرات المليارات من الدولارات، اللازمة لتحسين البنية التحتية القائمة وسد الثغرات لبدء الممر”.

وذكرت أن “الممر يتطلب أكثر من 2000 كيلومتر من السكك الحديدية، ولا تزال أجزاء كبيرة منه بحاجة إلى البناء في تضاريس الشرق الأوسط الصعبة”.

الممر الاقتصادي لن يرى النور قريبا

أشار الخبير الاقتصادي، حسام عايش، أن “الممر الاقتصادي لن يرى النور خلال السنوات القليلة القادمة؛ فالحرب في غزة والتوترات الإقليمية، والمجتمع العربي لا يتقبل حالياً أي اتفاق مع “إسرائيل” في ظل جرائمها البشعة بقطاع غزة القائمة تجعله بعيداً عن التنفيذ”.

وأشار إلى أن “تنفيذ المشروع يتطلب إمكانيات اقتصادية كبيرة، وهي أيضاً تشكل عائقاً كبيراً، خاصة في ظل التراجع الاقتصادي على مستوى العالم والمنطقة”.

ولفت إلى أن “بدء تنفيذ المشروع يحتاج إلى استقرار في الشرق الأوسط، وهذا لن يتحقق إلا بحل القضية الفلسطينية وإنهاء التوترات باليمن والعراق وغيرها من الدول، لذلك من الصعب تنفيذه حالياً”.

ولا يستبعد المحلل الاقتصادي أن تموت فكرة هذا المشروع مع مرور الزمن مثل كثير من المشاريع الاقتصادية السابقة، في ظل عدم وجود أفق لدخول الشرق الأوسط في حالة من الاستقرار التام والانتعاش الاقتصادي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى