عمار ياسر يكتب: عقل هادئ يساوي قرارًا متزنًا

تُعد غاية كل إنسان على وجه الأرض الوصول إلى عقل هادئ واتخاذ القرار الصحيح.

 الوصول إلى الصفاء الذهني ليس أمرًا سهلًا، ولكنه ليس صعبًا أيضًا؛ الأمر يحتاج فقط إلى قرار يبدأ بسؤال: كيف أصل إلى الصفاء الذهني؟ حينما تبدأ بسؤال لعقلك فإنك بذلك تُحفِّز الفص الأيمن من الدماغ وهو المسؤول عن الإبداع والخيال. عندما لا يتم تنشيط الدماغ يحدث ضمور للخلايا؛ لذلك تعمل الأسئلة على تنشيط خلايا الدماغ.

بعد السؤال يبدأ العقل في التفكير والبحث عن طرق الوصول إلى الصفاء الذهني، وهو عبارة عن حالة عقلية تنشأ داخل العقل بسبب تفتح مسارات الطاقة داخله بعد أن يكون قد تم تدريب الفرد على التخلص من المعتقدات السلبية، أو كما نسميها المتحجرة. تبدأ خلايا الدماغ في التحرك مكوِّنة خلايا عصبية جديدة مع إدخال الأفكار الجديدة.

لا يمكن الوصول إلى الصفاء الذهني بدون ممارسة التأمل والتعمق والغوص داخل النفس والتعرّف على قوتها الحقيقية والتركيز عليها. كلّ ذلك يكون عبارة عن تدرّج داخل مستويات الوعي، وأرقى المستويات هو الصفاء الذهني؛ في هذا المستوى يستطيع العقل اتخاذ القرارات المصيرية والقرارات العادية أيضًا بكل دقة وتركيز، حيث يمنح الصفاء الذهني القدرة على التفكير الجيد، كما يساعدك أيضًا على أن تكون هادئًا في وسط العاصفة. تُسمّى هذه الحالة الحفاظ على رباطة الجأش، أي التوازن بين الهدوء والضجيج دون الانغماس في أيٍّ منهما.

ومن الطرق التي تؤدي أيضًا إلى الوصول إلى الصفاء الذهني الحفاظ على مسافة فاصلة بين الحالة التي تريد أن تكون عليها وبين حالة الضجيج دون التفاعل معه؛ فالكثير من الأفكار المُنغِّصة التي تأتي للعقل في كثير من الأحيان لا تعبّر عنك، فلا تنغمس فيها ودعها تمر ولا تقاومها. دع عقلك يركّز فقط على الحالة التي تريد الوصول إليها حتى يساعدك على تحقيقها، وهي حالة الصفاء الذهني.

تؤكّد الدراسات العلمية، وخاصة علم أعصاب الدماغ، أن الدماغ يتشكّل وفق ما يتم تغذيته من أفكار. يأخذنا ذلك إلى تدريب الدماغ بشكل دائم على ما تريد الوصول إليه، ودائمًا كن على وعيٍ بما تريد أن تحقق، ويُسمّى ذلك الاستبصار: أي الوعي الكامل بما يدور بداخلك والانتباه لحالتك العقلية، ومن هنا تستطيع أن توجّهها نحو الصفاء الذهني