من هو فريدريش ميرتس المستشار العاشر المتوقع لألمانيا؟

فريدريش ميرتس، المسشتار الألماني المتوقع يتعهد بإعطاء الوحدة الأوروبية وأمن القارة الأولوية في الوقت الذي تتصارع فيه أوروبا مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الجديدة وأمام استمرار الحرب الروسية الأوكرانية.
مما لا شك فيه ان المهمة معقدة بسبب الحاجة إلى تشكيل ائتلاف مع الديمقراطيين الاجتماعيين من يسار الوسط بقيادة المستشار المنتهية ولايته أولاف شولتس.
ومع تعهد ميرتس مراراً بعدم العمل مع حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف المناهض للهجرة على الرغم من احتلال هذا الحزب المركز الثاني في الانتخابات الألمانية الأخيرة، وفق تقرير لوكالة “أسوشييتد برس”.
فاز تحالف المحافظون بزعامة فريدريش ميرتس في الانتخابات الألمانية، متقدمين بفارق كبير على الأحزاب المنافسة ولكن بفارق أقل من 30% من حصة الأصوات التي توقعوها.
ميرتس محامي مارس القانون وترأس مجلس إدارة فرع شركة “بلاك روك” للاستثمار في ألمانيا.
سافر كثيراً لأغراض العمل إلى الولايات المتحدة والصين، رغم أنه لم يعش خارج ألمانيا أبداً.
انتخب ميرتس قد في سبتمبر الماضي كمرشح رسمي عن الاتحاد الديمقراطي المسيحي لمنصب المستشار في الانتخابات الفدرالية لهذا العام، وذلك بعد أن تولى قيادة الحزب ورئاسة الكتلة البرلمانية المشتركة للاتحادين “الديمقراطي المسيحي” و”الاجتماعي المسيحي” منذ عام 2022.
يُذكر أن “الاتحاد الاجتماعي المسيحي” هو حزب إقليمي يسيطر على المشهد السياسي في ولاية بافاريا منذ عقود، ويشكل اتحاداً مع “الاتحاد الديمقراطي المسيحي” على المستوى الفيدرالي.
من هو فريدريش ميرتس؟
قبل دخوله السياسية، درس فريدريش ميرتس، الذي يبلغ من العمر 69 عاماً، القانون، وعمل في البدايةً قاضياً، ثم محامياً في شركة “ماير براون” للمحاماة.
كما شغل مناصب قيادية في عدة شركات كبرى، من بينها “بلاك روك ألمانيا” و”إتش إس بي سي ترينكوس آند بوركهارت”، بالإضافة إلى عضويته في مجالس إدارة “إرنست آند يونغ ألمانيا”، ونادي “بوروسيا دورتموند”، و”دويتشه بورصة”.
ميرتس متزوج ولديه ثلاثة أبناء. وتشير التقارير بأنه يمتلك طائرتين يقودهما بنفسه في أوقات فراغه.
انضم ميرتس إلى “الاتحاد الديمقراطي المسيحي” عندما كان لا يزال طالباً في المدرسة، حيث تولى لاحقاً قيادة الفرع المحلي لمنظمة الشباب التابعة للحزب.
وفي عام 1989، أصبح عضواً في البرلمان الأوروبي لمدة خمس سنوات، قبل أن ينضم إلى البوندستاغ الألماني ويشغل مقعداً فيه لمدة 15 عاماً.
اتسم جزء كبير من المسيرة السياسية لميرتس في أوائل الألفية الجديدة بمنافسة حادة مع أنجيلا ميركل، حيث تنافس الاثنان على مناصب قيادية داخل “الاتحاد الديمقراطي المسيحي” وكذلك على رئاسة الكتلة البرلمانية المشتركة للاتحادين “الديمقراطي المسيحي” و”الاجتماعي المسيحي”.
وتولى ميرتس رئاسة هذه الكتلة ثم تولى منصب نائب رئيسها بعد عام 2000.
ثم استقال من هذا المنصب في عام 2004، ورأى مراقبون في ذلك الحين أن قراره جاء نتيجة صعود ميركل المتسارع داخل الحزب.
توتر العلاقات مع ميركل
لا تزال التوترات قائمة بين فريدريش ميرتس وأنجيلا ميركل حتى اليوم، إذ انتقدت المستشارة الألمانية السابقة الشهر الماضي زعيم “الاتحاد الديمقراطي المسيحي” بسبب تعاونه مع حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف في بعض عمليات التصويت البرلمانية.
يتبنى ميرتس، مثل “الاتحاد الديمقراطي المسيحي”، مواقف سياسية يمينية وسطية، ويُنظر إليه على أنه سياسي محافظ اجتماعياً ومؤيد لقطاع الأعمال.
يدعو ميرتس إلى خفض الضرائب على الدخل والشركات، إضافة إلى تقليص الإجراءات البيروقراطية لدعم قطاع الأعمال والابتكار، وتهيئة الأطر التنظيمية في ألمانيا لتعزيز الاستثمارات الخاصة.
كما أعرب عن رغبته في جعل ألمانيا أكثر جاذبية للشركات الناشئة، واقترح استحداث وزارة جديدة معنية بالرقمنة والذكاء الاصطناعي.
وأبدى ميرتس استعداده لمراجعة “قاعدة كبح الديون” المثيرة للجدل، والتي تحد من قدرة الحكومة على الاستدانة وتفرض قيوداً على العجز الهيكلي في الموازنة الفدرالية.
كما كان شديد الانتقاد للسياسات الاقتصادية التي انتهجتها حكومة أولاف شولتس، معتبراً أنها السبب وراء الركود الحالي، ودعا إلى تغييرات جذرية.
كما انتقد أيضا تركيز السياسات الاقتصادية بشكل مفرط على التغير المناخي، مشيراً إلى أنه سيعيد النظر في ذلك، رغم إقراره بأهمية أزمة المناخ، إلا أنه أبدى تشككاً حيال بعض التدابير المتخذة لمواجهتها، مثل بناء توربينات الرياح.
وصفت ميركل ميرتس بأنه متحدث لامع وأثنت على رغبته في القيادة، رغم أنها اعترفت بأن هذه الرغبة كانت مشكلة في علاقتهما.
كتبت ميركل في مذكّراتها “الحرية” متحدثة عن ميرتس: “نحن في نفس العمر تقريباً.. لقد نشأنا بشكل مختلف تماماً، وكان ذلك بمثابة فرصة أكثر من كونه عقبة.. لكن كانت هناك مشكلة واحدة، منذ البداية: كلانا أراد أن يكون الرئيس”.
العودة إلى السياسية
بدأ فريدريش ميرتس عودته السياسية بعد تنحي أنجيلا ميركل عن منصب زعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في عام 2018 وإعلانها أنها لن تسعى لولاية خامسة كمستشارة.
ومع ذلك، فقد هزمه بفارق ضئيل المرشحون الوسطيون الذين يشبهون ميركل في تصويتات قيادة الحزب في عام 2018 وأوائل عام 2021.
أصر ميرتس على تولي رئاسة حزبه وانتُخب زعيماً للحزب في المحاولة الثالثة، بعد هزيمة يمين الوسط أمام المستشار الحالي أولاف شولتس في انتخابات ألمانيا عام 2021.
عزز ميرتس سلطته من خلال توليه أيضاً منصب زعيم المجموعة البرلمانية للاتحاد الديمقراطي المسيحي.
خلال الحملة الانتخابية، تعهد ميرتس بجعل الاقتصاد الألماني المريض قوياً وتعهّد الحد من الهجرة غير النظامية.
مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض وتصاعد التوترات حول سبل إنهاء النزاع في أوكرانيا، قال ميرتس بعد فوزه بالانتخابات الألمانية، وهو الذي دعم منذ فترة طويلة علاقة قوية عبر الأطلسي، إن أولويته القصوى هي توحيد أوروبا في مواجهة التحديات الآتية من الولايات المتحدة وروسيا.
وقال لمؤيديه: “ليس لدي أي أوهام على الإطلاق بشأن ما تقوم به أميركا، نحن تحت ضغط هائل، أولويتي المطلقة الآن هي حقاً خلق الوحدة في أوروبا”.
العلاقة مع أقصى اليمين
وضع ميرتس تشديد قوانين الهجرة في ألمانيا على رأس الحملة الانتخابية بعد أن قتل مهاجر شخصين في هجوم بسكين في مدينة أشافنبورج البافارية (جنوب ألمانيا) الشهر الماضي.
قدّم ميرتس اقتراحاً غير ملزم أمام البرلمان، يدعو إلى إعادة المزيد من المهاجرين إلى حدود ألمانيا، تمت الموافقة على الاقتراح بفارق ضئيل بفضل أصوات حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف.
دفع هذا الاقتراح خصومه إلى اتهام ميرتس بكسر المحرمات من خلال العمل المزعوم مع حزب “البديل من أجل ألمانيا”.
يمثل ميرتس منطقته الريفية في البرلمان الألماني – وهي منطقة حيث الناس “واقعيون، وربما متحفظون بعض الشيء”.
كسياسي، دافع ميرتس دائماً عن القيم المحافظة وأكد أهمية الأسرة.
التقى زوجته شارلوت، التي تعمل الآن قاضية، أثناء دراسته للقانون.
انضم ميرتس إلى حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في عام 1972 وانتخب لعضوية البرلمان الأوروبي في عام 1989. انضم لأول مرة إلى البرلمان الألماني في عام 1994.
ميرتس طيار شغوف بهوايته علناً، يطير أحياناً بطائرته الصغيرة من منزله في منطقة زاورلاند في غرب ألمانيا إلى برلين في وقت مبكر.
تمسك ميرتس بالطيران، على الرغم من ساعات العمل الطويلة التي فرضتها عليه وظيفته كزعيم للمعارضة والانتقادات العرضية التي وُجهت إليه بأنه يمارس هواية رجل ثري.
أعلن ميرتس أنه في حال فوزه بمنصب المستشار، فسيعمل على تعزيز العلاقات مع إسرائيل، مؤكدا أنه سيضع حدا للقيود المفروضة على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل في ظل الحكومة الحالية.
وأضاف أنه سيضمن لإسرائيل “حقها في الدفاع عن نفسها”، وأن ألمانيا “ستقف بحزم إلى جانبها في جميع الظروف”، مشيرا إلى أن “أمن إسرائيل هو جزء من مصلحة الدولة الألمانية”.