fbpx
تقارير

قصص اللاجئين السوريين الذين يهربون لوطنهم من التعذيب التركي

كتب: أشرف التهامي

وسط ظاهرة اللاجئين الهاربين من المخيمات التركية، بسبب التعذيب المبرح، أكد اللاجئين أن الأمن التركي اعتدى بالضرب المبرح على عدد ممن لم يشاركوا بواقعة الهروب.

“عقاب جماعي”

الناشط في مجال حقوق اللاجئين طه الغازي، قال لعنب بلدي المعارض، إنه بناءً على الحالات التي اطلع عليها، بلغ عدد المرحلين تقريبًا حوالي 130 شخصًا، كانوا موجودين في مدينة كلس التابعة لولاية غازي عينتاب، وتحديدًا مخيم اسمه “البيلي”.

وأضاف، أن عملية الترحيل جاءت، مطلع الأسبوع الحالي، على خلفية محاولة عدد من اللاجئين السوريين المحتجزين في المخيم الهروب منه.

محاولة الهروب كانت بدوافع عدم معرفة الغاية من الاحتجاز في المخيم، إذ لم تقدم السلطات للمحتجزين أي معلومات حول مستقبلهم في الحجز، ومنذ نحو خمسة أشهر، ولم ينظر في قضاياهم، بحسب الغازي.

وذكر الغازي، أن محاولة الهروب تولد عنها رد فعل سلبي جدًا من جانب سلطات المخيم تجاه المحتجزين فيه، إذ جمع رجال الأمن 130 شخصًا من اللاجئين، واعتدوا عليهم جسديًا، قبل أن يرحلوهم خارج البلاد.

الغازي قال أيضًا، إن قسمًا كبيرًا من المرحلين “أجبروا بالإكراه” على توقيع أوراق “عودة طوعية”، بعد أن اعتدي عليهم بالضرب، ونتج عن الاعتداءات إصابات وصلت حد الكسور لدى بعضهم.
ومن بين الأشخاص الذين رحلوا تحت اعتداءات رجال الأمن عدد لا بأس به ممن يمتلكون بطاقة “الحماية المؤقتة” (كملك)، بحسب الناشط الغازي.

منافٍ للقوانين

طه الغازي ذكر لعنب بلدي، المعارض أن حالات الترحيل الجماعية منافية لنظام “الحماية المؤقتة”، والذي يمنع ترحيل أي لاجئ سوري إن كان يمتلك بطاقة “حماية مؤقتة”.

وأضاف، أن الترحيل لمناطق الشمال السوري قائم على رؤية الحكومة التركية بأن مناطق شمال غربي سوريا “آمنة”، علمًا أن الترحيل سبقه بيوم واحد مجزرة ارتكبتها طائرات حربية روسية في مدينة جسر الشغور بريف إدلب، وهو ما يشير إلى أن المنطقة ليست آمنة بأي شكل من الأشكال، بحسب الغازي.

وفي 24 أكتوبر 2022، أصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تقريرًا قالت فيه، إن السلطات التركية اعتقلت واحتجزت ورحّلت “بشكل تعسفي” مئات الرجال والفتيان السوريين اللاجئين إلى سوريا، بين شباط وتموز من العام نفسه.
وذكرت المنظمة في تقريرها نقلًا عن سوريين مرحّلين، أن المسؤولين الأتراك اعتقلوهم من منازلهم وأماكن عملهم وفي الشوارع، واحتجزوهم “في ظروف سيئة”.

وعقب أربعة أيام على انتشار التقرير، أصدرت رئاسة الهجرة التركية ردًا يصف التقرير بـ”الفاضح البعيد عن الواقع”، كما وصفت السياسة التركية بـ”النموذجية” في التعامل مع اللاجئين.

بيان رئاسة الهجرة قال، إن ما ورد في تقرير المنظمة من “ادعاءات” بأن السلطات التركية اعتقلت واحتجزت تعسفيًا ورحّلت مئات الرجال والفتيان السوريين اللاجئين إلى سوريا خلال الأشهر القليلة الماضية، “عارية عن الصحة”.

اللاجئين السوريين الذى يهربون لوطنهم من التعذيب التركي
اللاجئين السوريين الذى يهربون لوطنهم من التعذيب التركي

تركيا.. لاجئون يعودون إلى سوريا

لا يزال عشرات الأشخاص، من بينهم عائلات، يعانون تبعات حالات الترحيل القسرية التي تنتهجها السلطات تجاه اللاجئين السوريين منذ أكثر من عام.
أحدث هذه القصص كانت لامرأة قابلتها عنب بلدي خلال إحاطة صحفية أجرتها منظمات حقوقية تركية ودولية، من بينها منظمة “هيومن رايتس ووتش”،نشرتها في 3/2/2023 حول “الإعادة القسرية” للسوريين وحالات انتهاك الحقوق التي يواجهونها في تركيا.

حليمة حمود، هي زوجة الشاب السوري عمر حمود المرحّل من تركيا حديثًا، قالت خلال الجلسة، إن زوجها رُحّل من تركيا خلال ذهابه لشراء السجائر من إحدى “البقالات” في ولاية إسطنبول التركية، إذ أوقفته دورية للشرطة واتهمه عناصرها ببيع سجائر مهرّبة.

“طوعًا” تحت الضرب!

الشابة السورية قالت إن زوجها دخل تركيا قبل نحو 11 عامًا بطريقة قانونية جوًا، ولم يرتكب أي جرم خلال سنوات إقامته في البلاد، كما لم تترتب عليه أي إشكالات قانونية أو قضائية.

وعقب توقيفه من قبل دورية الشرطة، نُقل عمر إلى سجن مقاطعة “توزلا”، ويُعرف بأنه سجن مؤقت يُجمع فيه اللاجئون الموقوفون في تركيا قبيل ترحيلهم أو نقلهم إلى سجن آخر أو إطلاق سراحهم في بعض الحالات.

حليمة قالت أيضًا إن زوجها تعرض لضرب شديد في “توزلا” بشكل متكرر، ومن ثم نُقل إلى مخيم “أبايدن” في ولاية هاتاي على حدود البلاد الجنوبية مع سوريا، حيث مكث لبضعة أيام.

وهناك، أُجبر حاله كحال لاجئين آخرين كانوا برفقته على توقيع أوراق يعترف فيها بأنه يرغب بالعودة “طوعًا” إلى سوريا، تحت الركل والنكز، بحسب ما قالته زوجته.

الناشط في قضايا حقوق اللاجئين طه الغازي، قال تعليقًا على حالة الترحيل القسري هذه، إنها جملة من حالات أخرى لسوريين رُحّلوا من تركيا، من بينهم جُمعوا من منازلهم وأُرسلوا خارج الحدود بشكل عشوائي نهاية عام 2022.

وأشار إلى وجود أكثر من 600 شاب موقوفين حتى اليوم في مخيم “أبايدن” في هاتاي، معظمهم يملكون أوراقًا قانونية، ومؤخرًا رحّلت الشرطة التركية نحو 50 شابًا من المخيم نفسه، من بينهم عمر.

حليمة حمود لديها ثلاثة أطفال، اثنان منهم كانا يجلسان بجانبها، وهم من ذوي الإعاقة، لا يملكون معيلًا اليوم، إذ يحتاج الأطفال إلى مراجعات دورية للمستشفيات، بينما كان رب الأسرة هو الموظف الوحيد فيها.
آخرون ينتظرون العودة

تحدث الناشط طه الغازي خلال الإحاطة الصحفية عن أن 15 عائلة سورية رُحّلت بالكامل من حي كهرمان كازان في العاصمة التركية أنقرة، في 6 نوفمبر 2022، إذ دخلت الشرطة منازل العائلات ونقلتهم إلى مراكز الترحيل رغم أن معظمهم كانوا يملكون بطاقات “الحماية المؤقتة”.

وفي 22 من الشهر نفسه، أوقفت السلطات التركية قرابة 50 عائلة من منطقة شوبوك في ولاية أنقرة أيضًا، ونُقل قسم منهم إلى مركز الترحيل “أكيورك” والقسم الآخر إلى مركز “أكوزلي” في ولاية عينتاب المخصص للترحيل أيضًا.

لكن هذه العائلات لم يجرِ ترحيلها حتى اليوم، بينما لم توضح دائرة الهجرة التركية حتى لحظة تحرير هذا التقرير، أسباب احتجاز العائلات الـ50 من ولاية أنقرة.
وأشار الغازي إلى أن هذه الحالات هي بعض مما تمكنت المنظمات من توثيقه خلال الأشهر الماضية، معتبرًا أن واقع اللاجئين السوريين في تركيا “أسوأ مما يبدو عليه بكثير”، ولا سيما أن هناك الكثير من الحالات التي لم يتم توثيقها.

وسبق أن قابلت عنب بلدي المعارضة عبر مراسلها بعض العائلات المرحّلة من تركيا إلى ريف حلب الشمالي، وتحدثوا عن ظروف وصولهم إلى المنطقة، كما أن بعضهم لا يملك أي صلة أو أقرباء في الشمال السوري.

وتنفي السلطات التركية مزاعم ترحيلها لاجئين سوريين “قسرًا” رغم امتلاكهم أوراقًا ثبوتية، أو تقديمهم عليها.

وترجع أسباب بعض الحالات التي تظهر للعلن على أنها أخطاء فردية، رغم توثيق منظمات حقوقية وإنسانية لهذه الحالات.

اللاجئين السوريين في المخيمات التركية

“نخشى الذهاب للبقال”

لم تغب دموع حليمة عن وجهها منذ لحظة دخولها إلى اجتماع المنظمات في إسطنبول، وكررت خلال حديثها مرارًا أن السوريين يتعرضون لانتهاكات في البلاد “فقط لكونهم سوريين”.

وأضافت، “صرنا نخشى الخروج من المنزل حتى لزيارة البقال”.

وأشار الناشط طه الغازي إلى أن مبررات الحكومة التركية لعمليات الترحيل القسري، هي أنها ترحّل فقط من وقّع على أوراق “العودة الطوعية”.

وأشار إلى أن هذا التبرير لا يمكن اعتباره منطقيًا، خصوصًا أن “حالات جمّة” وثقتها جهات حقوقية عديدة لتوقيع سوريين على أوراق العودة الطوعية بـ”الإكراه”، إلى جانب حالات عديدة وُثّقت للاجئين سوريين لم يوقعوا على أوراق “العودة”، إنما وقّع عناصر الشرطة عوضًا عنهم، وكان بعضهم “مكبّل اليدين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى