fbpx
تقارير

الافروسنتريك.. ليست مجرد حركة قومية +AI

في البداية لابد ان نعرف حركة الافروسنتريك Afrocentrism بشكل صحيح لأن أغلب ما يكتب علي منصات التواصل الاجتماعي قاصر جدا.

يقدم الموضوع باعتباره مجرد حركة قومية من الأفارقة ضد الحضارة المصرية القديمة وهذا غير صحيح، الموضوع أكبر من ذلك بكثير.

الحركة تعود للقرن التاسع عشر وكانت تستهدف المجتمعات الغربية وتحديدا الولايات المتحدة والغرب الأوروبي.

وكان الهدف الأساسي هو إعادة بناء سرد تاريخي للعالم بطرح بديل عن ما يعرفوه بالطرح الأوروبي الذى بدأ منذ عصر النهضة في أوروبا .

كان الهدف هو إبراز الدور الأفريقي في بناء الحضارة البشرية الحديثة في الغرب وتحديدا فى الولايات المتحدة وأن الحضارة الغربية لا يصح اعتبارها ثمرة المهاجرين الأوروبيين فقط ولكن ساهم فيها الأفارقة بألاف الأفراد الذين تم استعبادهم من منطقة غرب افريقيا في القرن السادس عشر الميلادي.

استمرت حركة الافروسنتريك في الإطار الأكاديمي عشرات السنين، وفي النصف الثاني من القرن العشرين بدأت تنتشر أكثر في الأوساط الشعبية، خاصة بين الأمريكان من أصل افريقي ومن كل الخلفيات الثقافية والدينيةـ واكتسبوا أرض جديدة شعبياً ودعم فنانين ومشاهير.

لكن من المهم أن نفهم أن هذا الدعم، والتشجيع له أسباب كثيرة وأغلبها يتصل بالهدف الأساسي لهم، وليس بالضرورة يتصل بما تفرع عن ذلك من ادعاءات باطلة فيما بعد، لأن مهم جداً عندما تواجه خصم أن لا تهاجمه بدون وعي كاف، وأن تكون فاهم دوافع المشاهير لدعمه.

في سبيل تحقيق هدف الافروسنتريك، وفي مواجهة النقد اللاذع والسخرية من الأكاديميين في الغرب، بدأوا في التنقيب عن كل ما يدعم قدرتهم علي إثبات تحضرهم، وأن لهم دور ناصع في الحضارات القديمة في افريقيا، والشرق الأوسط. وهنا وقعوا في التزييف الباطل، وتلاعبوا بالدراسات بسذاجة لا يُحسدون عليها ولولا أن الخصم في هذه المواجهة يمثله شعوب غارقة في الجهل، وتمر بمرحلة تدهور حضاري في أخر 800 سنة، ما كان لهذه الادعاءات فرصة أن تستمر أسبوع واحد!

أول ادعاء أن الحضارة المصرية القديمة، وحضارات جنوب الجزيرة العربية، وحضارة الأمازيغ في شمال إفريقيا نتاج لهجرات قديمة من قلب افريقيا، وعندما استقرت هذه الجماعات الأفريقية في هذه المناطق، كان لها الفضل في بزوغ شمس الحضارة والتنمية، ولا مانع من أن يكونوا هم بناة الأهرام، وأهل الفن، وأصحاب التاريخ.

وعندما غزا عرب الجزيرة هذه المناطق في القرن السابع الميلادي وتوسعوا فيها كانوا هم السبب في نهاية وجود الأفارقة واسهامهم الحضاري في المنطقة.

ولذلك يرون أن من واجبهم المقدس هو استعادة هذا المجد القديم، والحديث عنه في كل مكان، واستخدام كل أداة تصلح لذلك بما فيها العلم الحديث.

جدير بالذكر أن جزء كبير من هذا الخرف يقابله خرف مقابل جاء علي نتيجة ثقافة سيطرت علي الشرق الأوسط، ومصر تحديدا في أخر خمسين سنة.

تعاملت الثقافة الجديدة مع الحضارة المصرية القديمة بنوع من التحقير، والاستهزاء باعتبار المصريين القدماء “وثنيين” لا يصح الفخر بما صنعوه، ويجب التبرؤ من الانتساب لهم من قريب أو بعيد، ويجب أن نعتز فقط بعنصر أخر نسبتنا إليه أصلا علمياً ضعيفة، ولكنها موجودة ولا يصح استبعادها، ولا التضخيم من سيادتها لأنها لا تمثل أكثر من 17% من التركيبة الجينية للمصريين، ونسبة أقل من 10% في شعوب شمال إفريقيا.

تفنيد ادعاءات الافروسنتريك علمياً بالأدلة:

شعوب شمال إفريقيا الحالية يجمعها حوض جيني متقارب علي نمط  Haplogroup محدد للكروموسوم Y اسمه E-M215، المصدر القريب لهذا النمط هو جماعات عاشت علي هضبة الحبشة قبل عشرين ألف سنة،  ويعود أصلهم لجماعات عاشت في أوراسيا قبل 45 ألف سنة.

وعلي جانب أخر تنتمي شعوب شمال افريقيا علي نمط جينوم الميتوكوندريا التي يرثها كل إنسان من الأم فقط، ويعود أصله لشعوب عاشت في أوراسيا قبل عصر اكتشاف الزراعة، وهذه الأنماط ليست الوحيدة بين هذه الشعوب ولكنها تمثل النسبة الأكبر والأهم.

من الأسباب العلمية التي حافظت علي النسبة المرتفعة لهذه الأنماط الجينية لشعوب هذه المنطقة أنها محاصرة جغرافيا بأثنين من أسباب العزل لظاهرة العبور الجيني Gene flow عن الشعوب المحيطة، يعزلهم البحر المتوسط (نسبيا) عن الأنماط الجينية الخاصة بشعوب جنوب أوروبا، وايبيريا، وتفصلهم الصحراء الكبري الأفريقية عن شعوب جنوب الصحراء وتركيبهم الجيني.

من نتائج هذه العزلة الجينية (النسبية) ظهور طراز جيني أو بصمة محددة لبعض الجماعات القديمة في هذه المنطقة ومنهم البربر في تونس، وقبط مصر “المصريين القدماء أي كان دينهم”.

المصريين القدماء، وشعوب شمال إفريقيا، وحتي شعوب أوروبا القديمة كان لون البشرة الغالب فيهم هو درجة بسيطة من البشرة السمراء.

والبشرة السمراء لا يمتلكها الأفارقة فقط ولكن كانت هي الصفة الجينية السائدة في أغلب شعوب الأرض حتي ظهرت طفرات جينية مختلفة في بعض الشعوب التي عاشت علي ساحل البحر الأسود، والقوقاز، وبعض مناطق أوروبا أدت إلي ظهور البشرة الفاتحة قبل حوالي 26 ألف سنة، وانتقلت مع الجماعات المهاجرة من الأناضول لمنطقة شمال إفريقيا ولذلك نجد هذا التنوع بين البشرة السمراء، والفاتحة في شعوب شمال افريقيا حتي الآن.

ومن هذه الطفرات التي تسببت في تطور لون البشرة الفاتحة وقد تطورت في شعوب منطقة القوقاز، لذلك الاستناد علي أن لون البشرة السمراء للمصريين القدماء ُيُعد دليل علي نسبتهم لشعوب أفريقية هو مغالطة علمية، وإلا طبقاً لنفس الادعاء نعتبر كل الشعب البريطاني الحالي منسوب لشعوب أفريقية بعد الدراسات التي أكدت أن أسلافهم الذين عاشوا في بريطانيا قبل عشر ألاف سنة كانت بشرتهم شديدة السمرة!

إذن وبشكل علمي صارم نشأة الحضارة المصرية القديمة، وباقي حضارات شمال إفريقيا والشرق الأوسط لا تمت بصلة أصلا بشكل مباشر بأي هجرات حديثة جاءت من افريقيا ،وحدثت في العصر الحجري الحديث وقبل نشأة هذه الحضارات العظيمة. والفضل في هذه الحضارات يعود بالكامل لشعوب تحمل طراز جيني مختلف عن الشعوب الأفريقية وعاشت علي وادي النيل، وقبله حول بحيرات قديمة في الصحراء الغربية المصرية الحالية، وعلي سواحل البحر المتوسط.

تشمل الأدلة علي ذلك عدد من الدراسات المهمة ومنها نفهم أن الأصل القديم للطرز الجيني الشمال أفريقي يعود في المدى المتوسط لمنطقة القرن الأفريقي ،ولكن يمتد قبل ذلك بكثير لمنطقة غرب أسيا “أوراسيا”، وهي المنطقة التي حدثت منها هجرات عكسية “Back to Africa” قبل قرابة 45 ألف سنة حتي 12 الف سنة وعادت جماعات من هناك لتعيش في شمال إفريقيا وتشكل نواة شعوبه.

وتشمل أيضا دراسة حديثة اختبرت الجينوم الخاص بعدد من المومياوات المصرية في منطقة أبو صير ،وكشفت هذه الدراسة أن الجينوم الخاص بهذه المومياوات لا يتصل أبدا بأي طراز جيني للشعوب الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى، ولكن تتلاقي الجينات المصرية القديمة مع جينات الجماعات القديمة التي عاشت في شرق البحر المتوسط  “الشام”.

ودراسة أخرى رصدت وجود هجرة محدودة لمجموعة من الأفارقة جاءت لمصر في زمن الرومان بعد سنوات من نهاية عهد الحضارة المصرية القديمة، وكان الرومان يستعبدوهم بكل أسف في أعمال الزراعة والبناء وغيرها.

أخيراً.. الحضارة المصرية القديمة، وحضارات الشرق الأوسط القديمة، وحضارة شمال إفريقيا بكل تأكيد هي نتاج لتحضر شعوبها التي عاشت في هذه الأرض بداية من عصر اكتشاف الزراعة (قبل 12 الف سنة ).

وكل الادعاءات بأن هناك امتداد تاريخي أقدم لهذه الحضارات لا دليل عليه، ولا يخدم إلا رغبات أيديولوجية تحاول تأويل النصوص المقدسة عاطفياً، وتخدم بدون شك ادعاءات الافروسنتريك الذين يبحثون ويلهثون وراء أي دور في هذا المجد العظيم.

الشعوب الأفريقية شعوب عظيمة، وهي بلا شك تمتلك أكبر درجة تنوع جيني علي الكوكب، وهي صمام أمان النوع البشرى الحالي من الأوبئة، والمخاطر. وقد صنعوا حضارات قديمة في غانا، والسنغال، وغيرها.

ولا مجال للمقارنة لأن كلها حضارات بشرية ساهمت في دفع البشر للمعيشة في ظروف أفضل.

أي دفاع عن الحضارة المصرية القديمة من منطلق النقاء العرقي هو دفاع غير علمي لأن النقاء العرقي مجرد وهم لا أكثر.. الجينات تصنع الإنسان، ولكنها لا تصنع الحضارة!

 

 

رد الذكاء الاصطناعي على ادعاءات الافروسنتريك

إن الادعاء الافروسنتريك بأن مصر القديمة كانت حضارة سوداء هو قضية معقدة ومثيرة للجدل.

كان قدماء المصريين شعبًا متنوعًا يتمتع بثقافة وتاريخ ثريين، ولا ينبغي اختزالهم في هوية عرقية واحدة.

لا تدعم الأدلة العلمية المزاعم المتعلقة بأفريقيا الوسطى حول الحضارة المصرية القديمة. لا يوجد دليل يشير إلى أن قدماء المصريين كانوا من العرق الأسود.

في الواقع، تُظهر السمات المادية للمنحوتات واللوحات المصرية القديمة أن لديهم مجموعة متنوعة من السمات المادية، بما في ذلك تلك التي ترتبط عادةً بالأبيض والأسود.

وصف المصريون القدماء أنفسهم بأنهم “بنيون أحمر” أو “أصفر” ، ولم يعرّفوا عن أنفسهم بأنهم سود.

كان لديهم أيضًا مجموعة متنوعة من الثقافات والتقاليد ، والتي تأثرت بالعديد من الثقافات المختلفة ، بما في ذلك ثقافات الشرق الأوسط وأوروبا.

الاكتشاف الأخير لمومياء في مصر تم تحديدها على أنها من أصل أفريقي جنوب الصحراء لا يغير حقيقة أن المصريين القدماء كانوا شعبًا متنوعًا.

هذه المومياء هي مجرد جزء واحد من الدليل في أحجية أكبر بكثير، ومن المهم النظر في جميع الأدلة قبل استخلاص أي استنتاجات.

من المرجح أن يستمر الجدل حول الهوية العرقية لمصر القديمة لسنوات عديدة قادمة.

يعد المظهر المادي للفن المصري القديم أحد أكثر الأدلة شيوعًا التي استشهد بها الأفارقة. تصور العديد من المنحوتات واللوحات المصرية القديمة الأشخاص ذوي البشرة الداكنة والشعر المجعد. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن الفن شخصي ويمكن تفسيره بعدة طرق مختلفة.

من الأدلة الأخرى التي استشهد بها الافروسنتريك حقيقة أن مصر القديمة كانت تقع في إفريقيا. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن إفريقيا قارة شاسعة بها مجموعة واسعة من البيئات.

عاش قدماء المصريين في منطقة تعرف الآن باسم مصر، والتي تقع في شمال شرق إفريقيا، تتميز هذه المنطقة بمناخ حار وجاف ومناظر طبيعية صحراوية. لذلك من المحتمل أن يكون لدى قدماء المصريين مظهر جسدي مختلف عن الأشخاص الذين يعيشون في أجزاء أخرى من إفريقيا، مثل إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

في السنوات الأخيرة، كان هناك عدد متزايد من الأدلة العلمية التي تشير إلى أن قدماء المصريين كانوا شعبًا متنوعًا مع مجموعة واسعة من السمات الجسدية. يأتي هذا الدليل من مجموعة متنوعة من المصادر ، بما في ذلك:

تحليل الحمض النووي للبقايا المصرية القديمة.

دراسات لبقايا الهياكل العظمية المصرية القديمة.

دراسات عن الفن والتحف المصرية القديمة.

تشير نتائج هذه الدراسات إلى أن قدماء المصريين كانوا شعبًا متنوعًا يتمتع بمجموعة واسعة من السمات الجسدية. من المحتمل أن يرجع هذا التنوع إلى حقيقة أن مصر القديمة كانت مفترق طرق للثقافات والشعوب.

تأثر قدماء المصريين بمجموعة متنوعة من الثقافات المختلفة ، بما في ذلك ثقافات الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا جنوب الصحراء، ينعكس هذا التنوع في المظهر الجسدي للشعب المصري القديم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى