أشخاص لا ينامون أبدًا
إعداد: رحمه حمدى
في عالم يعاني فيه معظم البشر من أجل الحصول على قسط كافٍ من النوم، تظهر حالات نادرة لأشخاص يفقدون القدرة على النوم بشكل كامل، ليس بسبب الإرهاق أو الأرق العادي، بل بسبب مرض غامض يحول حياتهم إلى كابوس لا ينتهي. يُعرف هذا الاضطراب العصبي النادر باسم الأرق العائلي المميت (Fatal Familial Insomnia)، وهو مرض وراثي يجعل النوم مستحيلاً، ويؤدي في النهاية إلى الوفاة الحتمية.
كيف تبدو الحياة بدون نوم؟
تبدأ الأعراض في الظهور عادةً في منتصف العمر (بين سن الثلاثين والستين)، حيث يفقد المريض القدرة على النوم بشكل تدريجي:
- في المرحلة الأولى، يعاني الشخص من أرق حاد لا يمكن علاجه حتى بأقوى الأدوية المنومة.
- ثم تبدأ أعراض أخرى مثل الهلوسات والارتعاش وفقدان الوزن بشكل كبير وسريع.
- في النهاية، يدخل المريض في مرحلة تُسمى السبات الواعي، حيث يصبح الجسد منهكًا بالكامل، بينما يبقى العقل في حالة يقظة دائمة.
السبب الرئيسي: خلل جيني مميت
ينتج هذا المرض عن طفرة في الجين المعروف باسم PRNP، مما يتسبب في تلف منطقة المهاد (Thalamus) في الدماغ، وهي المنطقة المسؤولة عن تنظيم دورات النوم. مع تدهور خلايا هذه المنطقة، يفقد الجسم قدرته على الدخول في حالة النوم، مما يؤدي إلى فشل تدريجي في جميع الأعضاء الحيوية.
هل يوجد أي علاج لهذا المرض؟
حتى يومنا هذا، لا يوجد علاج فعال لهذا المرض. حاول الأطباء استخدام أدوية منومة قوية وحتى اللجوء إلى غيبوبة صناعية، لكن المرض يبقى قاتلاً بنسبة مئة بالمئة. غالبًا ما يتوفى المرضى بعد فترة تتراوح بين ستة أشهر وستة وثلاثين شهرًا من بداية ظهور الأعراض.
حالات تاريخية مخيفة
- عائلة إيطالية بأكملها (من منطقة فينيتو) حملت هذا الجين القاتل عبر أجيال متعاقبة، وسُجلت العديد من الوفيات بين أفرادها بسبب هذا المرض.
- في عام 1984، توفي سيلفانو (مريض إيطالي) بعد أن قضى مئتين وأربعة وستين يومًا دون نوم، وترك وراءه تسجيلات صوتية تصف معاناته المرعبة.
هل يمكن الوقاية من هذا المرض؟
نعم، من الممكن الكشف عن المرض عبر الفحص الجيني قبل الإنجاب، لكن الخوف من النتائج يدفع الكثيرين إلى تجنب إجراء هذه الاختبارات.
يذكرنا هذا المرض بأن النوم نعمة عظيمة لا ندرك قيمتها إلا عندما نفقدها. لذا، قبل أن تشتكي من التعب بعد ليلة نوم قصيرة، تذكر أن هناك أشخاصًا يحلمون بنوم لن يتحقق لهم أبدًا.
