fbpx
مقالات

أحمد نشأت يكتب: إهمال الكتلة المصرية الصلبة دراميا

أحمد نشأت
أحمد نشأت

هناك إجماع كبير من جمهور مواقع التواصل الإجتماعي على الأقل، أن هناك تقصير واضح في دراما رمضان هذا العام 2023، وإن كنت لا أبني أرائي على جمهور مواقع التواصل فقط، ولكني دائم السؤال عن رأي الناس في المترو، الميكروباص، الأقارب، الأصدقاء، المحلات والعمال، جميعهم بلا استثناء أجمعوا على أن الدراما المصرية لم تشبع خيالهم أو حتى حالتهم الإجتماعية على الأقل.

 

وأكتب مقالي هذا بعد انتهاء الموسم الأول لبعض المسلسلات المكونة من 15 حلقة فقط، وانتهاء البعض الآخر من نص حلقاته واستمرار باقي الحلقات حتى نهاية رمضان، ولكني متأكد من معرفتي لأفكار الموسم الثاني الذي يبدأ اليوم مسلسلات جديدة، ولن أسمي أي مسلسل، ولا حتى ممثل واحد، سأكتفي فقط بالنداء للضمير الغائب (هم)؛

هم صانعي الدراما والمسؤولين عن تكوين صورة متكاملة عن الشعب المصري ومكوناته، ومشاكله وتحدياته، بل وعن طموحاته وعن أحلام الدولة المصرية.

هناك تعمد واضح لإهمال الكتلة الصلبة والطبقة المتوسطة من الشعب المصري، وكأنه إجراء عقابي لكونهم محتفظين بما لهم وما عليهم.

لم نرى صنايعي مصري من أسرة بسيطة او حتى يسيرة الحال في حي شعبي يعيش “عادي” كبقية الناس “عادي”، لا يمتلك قافية مفتعلة في كلامه ولا يمتلك فورمة الساحل، ولا هو خارق في بعض التصرفات، فقط هو صنايعي مصري بسيط يعيش ويقابل يوميا تحديات درامية تشعر الجمهور انه منهم أو على الأقل أنه ينتمي لصنايعية مصر العاديين، لكنه يمتلك كاريزما الصنايعي الجذاب بشكله المصري البسيط وحديثه المنمق كأي مواطن بسيط يحمل فكرة جديدة أو حلم للنجاح، أو طموح لتغيير حالة معينة… إلخ

لم نرى موظف مصري أو مدير عام بمصلحة حكومية هو بطل الدراما حتى وإن كان يحمل صفات الشر، لكنه في الأصل من طبقة متوسطة من أحياء القاهرة أو حتى من حي الأسمرات.

لم نرى إمرأة مصرية من ضمن مئات النساء المصريات، صاحبات قصص النجاح بعد مأساة كبيرة جعلت منها حافزا لنجاحها وبقاء أسرتها مستقرة وسعيدة، والنماذج لا تعد ولا تحصى.

لم نرى حتى وزيرا قائدا شجاعا يحمل حلم كبير لقطاع وزارته وللعاملين بها وإظهار كم المشاكل والبيروقراطية الحقيقية التي تؤرقه لحلها على مدار 30 حلقة أو حتى 15.

لم نرى حتى الأثرياء في الجلالة أو العلمين الجديدة أو المنصورة الجديدة، أو حتى رجل أعمال يحلم ببناء مدينة لا مثيل لها بطراز وخيال لم نراه من قبل حتى وإن كان ثمن الوحدة يتعدى المليار جنيه، كتشجيع للمستثمرين وقطاع التشييد وحلم الخروج ما بعد الـ 14% من مساحة مصر.

لم نرى الفنان الحقيقي الذي يحارب من أجل موهبته وحلمه سواء كان مغنيا أو كاتبا، أو مصمما للجرافيك، أو حلم لشاب مصري يريد التفوق على ديزني وأكبر شركات “الأنيميشن”.

لم نرى المشاكل الحقيقية التي تسكن المجتمع المصري وتعبر عن معاناته مع أي مشكلة كانت، تشعر المواطن المصري أن هناك من يرى مشاكله لعرضها وحلها أو حتى بالإكتفاء للإشارة إليها.

لم نرى شيخا سمحا يعيش اليوم بيننا وبعد 2020 يحاول تنوير العقول وتهدئة النفس وحب الله دون تخويف، ويتحدث عن مشاكل العصر والمشاكل الاقتصادية والثقافة العامة ويحب الفن ويدخل دار الأوبرا، ويناقش العامة دون تصيد للاخطاء.

لم نرى طفلا من أبطال الرياضات المصرية أو موهوب ومعجزة أو عبقري بسن صغير، ليشاهده كل من هو في فئته العمرية ليعرف أن الأحلام ليست مستحيلة وأن السن ليس مقياسا لفكرة أو عبقرية أو موهبة.

لم نرى أبا متوسط الحال، يحارب في زمن صعب ليحافظ على أولاده من خطر التطبيقات ومواقع التواصل وفكرة الكسب السريع من التفاهة والسطحية، ليزرع فيهم النبل والأخلاق والمبادئ والقيم.

لم نرى المصنع الصغير الذي يحارب طيلة حلقات المسلسل لينتصر ويصبح سلسلة من المصانع ويحقق الحلم المصري، بكل فخر صنع في مصر في جميع دول العالم.

إنها الكتلة المصرية الصلبة ياسادة؛

الكتلة التي تحافظ على المجتمع المصري كما هو حتى بعد أن جارت عليه كل عوامل الفساد، والسطحية، وانحدار الاخلاق، الكتلة البسيطة المصرية التي حافظت على مصر واستشعرت الخطر في 30 يوينو، ومصممة على الاستمرار في البناء والتشييد والتطوع من أجل حياة كريمة.

بالمناسبة، أين حياة كريمة في دراما رمضان 2023؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى