تقاريرذكاء اصطناعيسلايدر

ألمانيا تعيد تشكيل مستقبل الحروب.. من صراصير التجسس إلى روبوتات الذكاء الاصطناعي

اعداد: بسنت عماد

في ظل تصاعد التوترات العالمية والحرب المستمرة في أوكرانيا، تسارع ألمانيا إلى إعادة بناء منظومتها الدفاعية بطرق غير تقليدية، عبر تبنّي تقنيات متقدمة تشمل الذكاء الاصطناعي، الروبوتات، وحتى الحشرات المعدّلة بيولوجياً.

وتُعد هذه النقلة النوعية، التي كانت حتى وقت قريب مجرد خيال علمي، جزءاً من استراتيجية جديدة تتبنّاها حكومة المستشار فريدريش ميرتس، في مسعى لجعل برلين قوة ابتكار عسكرية أوروبية.

وبحسب تقرير لوكالة «رويترز»، أصبحت شركات التكنولوجيا الدفاعية الناشئة، مثل شركة «هيلسينج» الألمانية، في قلب هذا التحول الكبير، بعد أن تلقت دعماً حكومياً مباشراً وإجراءات تشريعية تهدف إلى تقليص البيروقراطية وتسريع الربط بينها وبين المؤسسات العسكرية.

من المعاناة إلى الصدارة: “هيلسينغ” نموذجاً

يقول جوندبيرت شيرف، الشريك المؤسس لشركة «هيلسينج» التي تتخذ من ميونيخ مقراً لها، إن الغزو الروسي لأوكرانيا غيّر قواعد اللعبة.

فالشركة التي كانت تكافح للحصول على تمويل قبل بضع سنوات، أصبحت الآن الأعلى قيمة بين نظيراتها في أوروبا، وبلغت قيمتها السوقية 12 مليار دولار بعد جولة تمويلية أخيرة.

ويضيف شيرف، المستشار السابق في شركة «ماكينزي»، أن أوروبا تقترب من إطلاق ثورة دفاعية جديدة على غرار «مشروع مانهاتن» الأميركي الذي أنتج القنبلة النووية خلال الحرب العالمية الثانية، مشيراً إلى أن إنفاق القارة على التكنولوجيا الدفاعية بدأ يتجاوز نظيره الأمريكي لأول مرة منذ عقود.

تعديل القوانين لتسريع التحديث

في تحول لافت عن السياسات الألمانية الحذرة تقليدياً في الشأن العسكري، وافق مجلس الوزراء مؤخراً على مشروع قانون يسهل مشاركة الشركات الناشئة في العقود الدفاعية.

ويتضمن القانون تسهيلات كالدفع المسبق، وتبسيط شروط العطاءات، وتخصيص المشاريع لشركات الاتحاد الأوروبي، ما يفتح الباب أمام شراكات أعمق بين القطاعين العام والخاص في مجال الدفاع.

صراصير تجسس وروبوتات مستقلة

من بين أكثر المشروعات إثارة للجدل والمدعومة من الحكومة، مشروع “الصراصير السيبورغ”، الذي تطوره شركة Swarm Biotactics، ويقوم على استخدام صراصير حية مزوّدة بكاميرات دقيقة وأجهزة استشعار واتصالات آمنة، يمكن توجيهها عن بُعد إلى ساحات القتال لجمع المعلومات.

ويقول مدير الشركة ستيفان فيلهيلم: “يمكن التحكم بهذه الصراصير فردياً أو ضمن أسراب تعمل بشكل مستقل، وهي تمثل جيلاً جديداً من أدوات الاستطلاع”.

سباق التسلح الأوروبي

في ظل تنامي التهديدات الأمنية وتراجع الاعتماد على المظلة الأميركية، تعهّدت ألمانيا بزيادة إنفاقها الدفاعي ليبلغ 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2029، وهو أعلى مستوى بين دول الناتو. ووفقاً لمجلة «Aviation Week»، فإن 19 دولة أوروبية، بينها تركيا وأوكرانيا، ستنفق هذا العام أكثر من 180 مليار يورو على الدفاع، متجاوزة للمرة الأولى الإنفاق الدفاعي الأميركي.

ومع ذلك، يحذر هانز كريستوف أتسبودين، رئيس اتحاد الصناعات الدفاعية والأمنية في ألمانيا، من أن البيروقراطية القديمة لا تزال العقبة الأكبر أمام تسريع الابتكار التكنولوجي في هذا القطاع الحيوي.

عودة إلى الابتكار

بعد سنوات من التردد، بدأ المستثمرون الأوروبيون يخوضون غمار قطاع الدفاع بثقة متزايدة، وقفزت الاستثمارات في شركات التكنولوجيا الدفاعية الناشئة إلى مليار دولار في عام 2024، مقارنة بـ373 مليون دولار فقط في 2022.

ومع التحديات الاقتصادية والمنافسة الصينية، ترى برلين في التكنولوجيا الدفاعية فرصة لإعادة تنشيط اقتصادها الذي يبلغ حجمه نحو 4.75 تريليون دولار. ومع تصاعد الدعم السياسي والمالي وتبدّل المزاج العام تجاه الأمن والدفاع، تستعيد ألمانيا مكانتها كمحرك رئيسي في سباق “ابتكارات الحروب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى