
كشفت منظمة الصحة العالمية في تقريرها أن السودان يواجه فاشية كارثية للكوليرا إذ بلغ عدد حالات الإصابة 65,291 حالة وبلغ عدد الوفيات 1,721 حالة وفاة في 12 ولاية في الفترة من 22 يوليو 2024 إلى 26 مايو 2025. وولاية الخرطوم هي بؤرة انتشار المرض الآن، إذ سجلت أكثر من 7600 حالة إصابة و142 حالة وفاة.
أسباب تفاقم الأزمة
وتتفاقم هذه الأزمة الممتدة بسبب المياه غير المأمونة، وتردي مرافق الصرف الصحي، لا سيما في مواقع السكان النازحين داخليًا، بالإضافة إلى الهجمات على مرافق البنية الأساسية، ويؤدي ذلك إلى تعطل عمليات تنقية المياه والنزوح الجماعي وعودة النازحين داخليًا إذ يؤدي ذلك إلى زيادة الضغط على الخدمات الأساسية والنُظُم الصحية، ويُسهم في انتشار الأمراض، كما أن النقص الحاد في التمويل، والقيود المفروضة على التنقل والوصول يزيد الأمور تفاقماً، واستجابت منظمة الصحة العالمية لذلك على وجه السرعة، عن طريق، تسليم 22.3 طن متري من الإمدادات اللازمة لعلاج الكوليرا إلى الشركاء في الخرطوم في مايو، وإطلاق حملة لقاح الكوليرا في 27 مايو في جبل أولياء، وأعطيت من خلال هذه الحملة 2.9 ملايين جرعة إضافية، وتم نشر فرق الاستجابة السريعة في جميع المحليات، ووضع خطة وطنية للكوليرا قيد التنفيذ مع الدعم الطويل الأجل للقاح الفموي المضاد للكوليرا.
انتشار المرض في عدة محافظات
صرحت السلطات السودانية يوم الثلاثاء بأن التفشي الجديد لمرض الكوليرا في البلاد قد تسبب في وفاة 172 شخصًا وإصابة أكثر من 2500 آخرين خلال الأسبوع الماضي، وفي الوقت نفسه، حذرت مجموعة طبية بارزة من أن المنشآت الصحية الحالية في السودان غير مجهزة للتعامل مع التزايد الكبير في أعداد المرضى.
وأفاد مسؤولون صحيون بأن معظم الحالات المسجلة كانت في العاصمة الخرطوم ومدينة أم درمان، ولكن تم أيضًا اكتشاف إصابات بالكوليرا في عدة محافظات أخرى تشمل شمال كردفان وسنار والجزيرة والنيل الأبيض ونهر النيل.
من جانبه، قال وزير الصحة السوداني هيثم إبراهيم يوم السبت إن عدد حالات الكوليرا في منطقة الخرطوم وحدها يشهد زيادة تقدر بحوالي 600 إلى 700 حالة أسبوعيًا على مدار الأسابيع الأربعة الماضية.
وأرجع الوزير إبراهيم سبب ارتفاع حالات الكوليرا إلى عودة أعداد كبيرة من السودانيين إلى منطقة الخرطوم بعد أن كانوا قد فروا من منازلهم هربًا من أعمال القتال، مشيرًا إلى أن عودتهم تسببت في زيادة الضغط على موارد المياه المحدودة في المدينة.
منظمة أطباء بلا حدود تعلن عن أرقام صادمة
ووفقًا لما ذكرته جويس بيكر، منسقة منظمة أطباء بلا حدود في السودان، فإن الزيادة المقلقة في حالات الكوليرا بدأت في منتصف شهر مايو، حيث قامت فرق المنظمة بعلاج ما يقرب من 2000 حالة مشتبه بإصابتها بالكوليرا خلال الأسبوع الماضي فقط.
وأضافت بيكر أن مراكز العلاج التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود في أم درمان تعاني من اكتظاظ شديد بالمصابين، ووصفت المشاهد هناك بأنها “مزعجة”، قائلة: “يصل العديد من المرضى في مراحل متأخرة جدًا، مما يجعل إنقاذهم أمرًا صعبًا. نحن لا نعلم الحجم الحقيقي للوباء، وفرقنا لا تستطيع رؤية سوى جزء صغير من الصورة الكاملة”.
ودعت بيكر إلى ضرورة تنسيق استجابة شاملة تشمل تحسين برامج المياه والصرف الصحي والنظافة العامة، بالإضافة إلى توفير المزيد من مراكز العلاج.
الأمم المتحدة: السودان يعيش “أكبر أزمة إنسانية في العالم
يذكر أنه في شهر مارس الماضي، أعلنت منظمة أطباء بلا حدود أن 92 شخصًا قد توفوا بسبب الكوليرا في ولاية النيل الأبيض بالسودان، حيث أصيب 2700 شخص بالمرض منذ أواخر فبراير.
ويشكل تفشي الكوليرا أحدث أزمة صحية في السودان، الذي غرق في حرب أهلية منذ أكثر من عامين بعد أن تصاعدت التوترات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية المنافسة له، مما أدى إلى اندلاع معارك عنيفة في شوارع الخرطوم انتشرت لاحقًا في مختلف أنحاء البلاد.
ومنذ بداية الصراع، أفادت التقارير بمقتل ما لا يقل عن 20 ألف شخص، على الرغم من أن العدد الفعلي قد يكون أعلى بكثير، كما نزح أكثر من 14 مليون شخص واضطروا إلى مغادرة منازلهم.
كما يواجه السودان ما وصفته الأمم المتحدة بأنه “أكبر أزمة إنسانية في العالم”، حيث تتفاقم حالات انتشار الأوبئة والمجاعة وانتهاكات حقوق الإنسان مع دخول البلاد عامها الثالث من الحرب.