أخبار العالمالأخبار

رويترز: السلطات الأمريكية تستخدم أجهزة تتبع سرية لمراقبة شحنات الرقائق المتقدمة الموجهة إلى الصين

متابعة: رحمه حمدى

كشفت مصادر مطلعة أن السلطات الأمريكية قامت سرًا بوضع أجهزة تتبع موقع في شحنات مستهدفة من الرقائق المتطورة، والتي تعتبر معرضة لخطر التحويل غير القانوني إلى الصين. ويهدف هذا الإجراء إلى الكشف عن أي انحراف في مسار شحنات شرائح الذكاء الاصطناعي نحو وجهات تخضع لقيود التصدير الأمريكية، وفقًا لشخصين على دراية مباشرة بهذه الممارسة التي لم يتم الإبلاغ عنها سابقًا في مجال إنفاذ القانون.

وتُظهر هذه الخطوة مدى التزام الولايات المتحدة بفرض قيودها على تصدير الرقائق إلى الصين، حتى مع سعي إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تخفيف بعض القيود المفروضة على وصول بكين إلى أشباه الموصلات الأمريكية المتقدمة. وأوضح المصادر، الذين رفضوا الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية القضية، أن أدوات التتبع يمكن أن تساعد في بناء قضايا جنائية ضد الأفراد والشركات المتورطة في انتهاك ضوابط التصدير الأمريكية.

أجهزة تتبع تقليدية لأغراض تحقيقية حديثة

تُعد أجهزة تتبع الموقع أداة تحقيق تقليدية تستخدمها وكالات إنفاذ القانون الأمريكية لمراقبة المنتجات الخاضعة لقيود التصدير، مثل قطع غيار الطائرات. ومع ذلك، فقد تم تطوير استخدامها في السنوات الأخيرة لمكافحة التحويل غير القانوني لأشباه الموصلات، وفقًا لأحد المصادر.

وأفاد خمسة أشخاص آخرين مشاركين بنشاط في سلسلة توريد خوادم الذكاء الاصطناعي بأنهم على دراية باستخدام أدوات التتبع في شحنات الخوادم من شركات تصنيع كبرى مثل ديل وسوبر مايكرو، والتي تحتوي على رقائق من إنتاج شركتي إنفيديا وإي إم دي. وأشار هؤلاء الأشخاص إلى أن أجهزة التتبع عادةً ما تكون مخفية داخل عبوات شحنات الخوادم، دون معرفة الجهات المسؤولة عن تركيبها أو موقعها الدقيق في مسار الشحن.

ولم تتمكن وكالة رويترز من تحديد مدى انتشار استخدام أدوات التتبع في تحقيقات تهريب الرقائق، أو التاريخ الدقيق لبدء استخدامها لهذا الغرض. وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة فرضت قيودًا على تصدير الرقائق المتطورة من إنفيديا وإي إم دي وغيرهما من الشركات المصنعة إلى الصين في عام 2022.

تفاصيل عمليات التتبع في شحنات محددة

في حالة وقعت عام 2024، وصفها شخصان مشاركان في سلسلة توريد الخوادم، تضمنت شحنة من خوادم ديل مزودة بشرائح إنفيديا أجهزة تعقب كبيرة على صناديق الشحن، بالإضافة إلى أجهزة أصغر حجمًا وأكثر سرية مخبأة داخل العبوة وحتى داخل الخوادم نفسها. كما أفاد شخص ثالث بأنه شاهد صورًا وتسجيلات فيديو لأجهزة تتبع يتم إزالتها من خوادم ديل وسوبر مايكرو من قبل بائعي رقائق آخرين، مشيرًا إلى أن بعض الأجهزة الكبيرة كانت بحجم الهاتف الذكي تقريبًا.

مشاركة وكالات إنفاذ القانون

وفقًا للمصادر، يشارك مكتب الصناعة والأمن التابع لوزارة التجارة الأمريكية، المسؤول عن الإشراف على ضوابط التصدير وإنفاذها، بشكل روتيني في عمليات التتبع هذه، وقد تتعاون معه كل من تحقيقات الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفيدرالي.

ورفض كل من مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة التجارة الأمريكية التعليق على هذه الممارسات، كما لم يرد وزير الخارجية الصيني على طلبات التعليق الفوري.

من جانبها، أصدرت شركة سوبر مايكرو بيانًا قالت فيه إنها لا تكشف عن الممارسات الأمنية المتبعة لحماية عملياتها العالمية وشركائها وعملائها، وامتنعت عن التعليق على أي إجراءات تتبع من قبل السلطات الأمريكية. بينما ذكرت شركة ديل أنها غير مطلعة على أي مبادرة حكومية لوضع أجهزة تعقب في شحنات منتجاتها. وأما إنفيديا فقد رفضت التعليق، في حين لم ترد إي إم دي على استفسارات وكالة رويترز.

سياق القيود الأمريكية على تصدير الرقائق

تسعى الولايات المتحدة، التي تهيمن على سلسلة توريد رقائق الذكاء الاصطناعي عالميًا، إلى الحد من تصدير هذه الرقائق والتقنيات المتقدمة إلى الصين في إطار جهودها لكبح تحديث الجيش الصيني. كما فرضت قيودًا مماثلة على بيع الرقائق إلى روسيا لعرقلة جهودها العسكرية في أوكرانيا.

وفي خطوة متصلة، اقترح البيت الأبيض ومجلسا الكونجرس إلزام شركات الرقائق الأمريكية بتضمين تقنية التحقق من الموقع في منتجاتها لمنع تحويلها إلى دول تخضع لقيود التصدير الأمريكية.

ردود الفعل الصينية

انتقدت الصين بشدة القيود الأمريكية على الصادرات، واعتبرتها جزءًا من حملة لقمع صعودها الاقتصادي والتكنولوجي. كما استنكرت اقتراح تتبع موقع الرقائق، واستدعت هيئة تنظيم الفضاء الإلكتروني الصينية شركة إنفيديا الشهر الماضي للتعبير عن مخاوفها بشأن إمكانية احتواء رقائقها على ثغرات أمنية تتيح الوصول أو التحكم عن بُعد، وهو ما نفته الشركة جملة وتفصيلًا.

عمليات تهريب سابقة وتتبعها

في يناير الماضي، كشفت رويترز أن الولايات المتحدة تتبعت عمليات تهريب منظمة لشرائح الذكاء الاصطناعي إلى الصين عبر دول مثل ماليزيا وسنغافورة والإمارات العربية المتحدة، لكن لم يتضح ما إذا كانت أجهزة التتبع قد استُخدمت في تلك الحالات.

يعود استخدام أجهزة التتبع من قبل جهات إنفاذ القانون الأمريكية إلى عقود مضت. ففي عام 1985، شحنت شركة هيوز للطائرات معدات خاضعة لضوابط التصدير الأمريكية، وفقًا لقرار قضائي اطلعَت عليه رويترز. وأشار القرار إلى أن مصلحة الجمارك الأمريكية اعترضت الشحنة في مطار هيوستن وثبتت جهاز تتبع بناءً على أمر تفتيش.

أحيانًا يقوم مسؤولو إنفاذ قوانين التصدير في الولايات المتحدة بتركيب أجهزة التتبع بعد الحصول على موافقة إدارية، بينما يلجأون في أحيان أخرى إلى أوامر قضائية تسمح باستخدام هذه الأجهزة، وفقًا لأحد المصادر. وتُسهل الأوامر القضائية استخدام المعلومات المجمعة كدليل في القضايا الجنائية.

وأضاف المصدر أنه في بعض الحالات، يتم إبلاغ الشركات بأجهزة التتبع إذا لم تكن تحت التحقيق، وقد توافق على تركيبها. لكن في حالات أخرى، يتم تثبيت الأجهزة دون علمها.

وثائق قضائية تكشف تعليمات للتحقق من أجهزة التتبع

أفاد أشخاص مشاركون في تحويل شحنات الرقائق والخوادم الخاضعة للرقابة إلى الصين بأنهم على دراية بأجهزة التتبع هذه. وقال بائعان للرقائق مقرهما الصين إنهما يفحصان بانتظام الشحنات المحولة من خوادم الذكاء الاصطناعي بحثًا عن أجهزة التتبع بسبب المخاطر المرتبطة بها.

كشف بيان قضائي قدمته وزارة العدل الأمريكية في قضية اعتقال مواطنين صينيين متهمين بتهريب رقائق ذكاء اصطناعي بقيمة عشرات الملايين من الدولارات إلى الصين، عن تعليمات وجهها أحد المتآمرين إلى آخر للتحقق من وجود أجهزة تعقب على خوادم كوانتا إتش 200، التي تحتوي على رقائق إنفيديا. ونصت الرسالة، التي كتبها أحد المتهمين واسمه يانج شيوي، على ما يلي: انتبه جيدًا لترى إن كان هناك أي جهاز تعقب، ابحث عنه بعناية. من يدري ماذا سيفعلون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى