
إعداد: بسنت عماد
في خضم الحرب المستمرة منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أصدر رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قرارًا يقضي بإخضاع جميع القوات المساندة لأحكام قانون القوات المسلحة.
خطوة وُصفت في تقارير صحفية بأنها محاولة لإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وإضفاء شرعية رسمية على قوى تقاتل إلى جانب الجيش، لكنها في الوقت نفسه تثير مخاوف من تفكك داخلي وتداعيات سياسية وحقوقية.
قرار يغيّر قواعد اللعبة
قال الجيش السوداني في بيان رسمي إن القرار، الذي بدأ تطبيقه اعتبارًا من السبت، يضع القوات المساندة تحت إمرة قادة الجيش في مختلف المناطق. وتشمل هذه التشكيلات مجموعات مسلحة متحالفة مع الجيش في معاركه ضد قوات الدعم السريع.
ووفق ما أوردته صحيفة الشرق الأوسط، فإن الخطوة تُعتبر بمثابة غطاء قانوني يمنح تلك التشكيلات حضورًا ميدانيًا مشروعًا، بدلًا من إخضاعها للمساءلة والتحقيقات.
الحاجة إلى الدعم العسكري
وبحسب ما ذكرته تقارير لصحيفة رويترز، فإن توقيت القرار يعكس حاجة الجيش السوداني الماسّة لتعزيز صفوفه بعد أن أنهكته الحرب الطويلة وأضعفت قدراته البشرية واللوجستية.
ومن هذا المنطلق، يبدو دمج القوات المساندة خيارًا اضطراريًا يمنح البرهان دعامة عسكرية إضافية ويعيد بعض التوازن على الأرض.
مخاطر الانقسام الداخلي
غير أن تقارير صحفية أخرى حذّرت من أن هذا الدمج قد ينطوي على مخاطر، إذ أن تلك القوات لا تستند إلى عقيدة عسكرية موحّدة، وبعضها يعتمد على ولاءات جهوية أو أيديولوجية.
وذكرت صحيفة العربي الجديد أن إدماج هذه التشكيلات داخل الجيش قد ينقل الانقسامات إلى صلب المؤسسة العسكرية، ما يهدد تماسكها ويجعل السيطرة عليها أكثر تعقيدًا.
تغييرات في هرم القيادة
كما أشار تقرير لصحيفة سودان تريبيون إلى أن القرار ترافق مع تغييرات واسعة في هرم القيادة العسكرية، شملت ترقيات وإحالات للتقاعد طالت قيادات بارزة.
واعتُبرت هذه الخطوات محاولة من البرهان لإحكام قبضته على مفاصل المؤسسة وتثبيت قيادات موالية له، بما يضمن أن عملية الدمج لن تتحول إلى تهديد داخلي.
إشكاليات العدالة والانتقال السياسي
وعلى الصعيد الحقوقي، نقلت بي بي سي عربي عن خبراء حقوقيين أن دمج قوات متهمة بارتكاب انتهاكات من دون إخضاعها لتحقيقات شفافة أو برامج تأهيل، يعكس مقاربة تقوم على “المكافأة لا المحاسبة”.
وحذّرت من أن هذا النهج قد يقوّض مسارات العدالة الانتقالية، ويعمّق الانقسامات المجتمعية، لا سيما في المناطق التي عانت من ممارسات تلك التشكيلات.
إعادة هيكلة أم توسّع نفوذ عسكري؟
“على الرغم من رفع شعار بناء جيش وطني موحّد، إلا أن التطورات على الأرض تكشف عن اتساع نفوذ التشكيلات المسلحة داخل مؤسسات الدولة بغطاء قانوني أوسع.
وفي غياب آليات واضحة لإعادة الهيكلة والمحاسبة، قد يجد السودان نفسه أمام جيش متضخم عدديًا لكنه هش في بنيته، واستقرار عسكري يبدو ظاهريًا متماسكًا بينما يخفي في جوهره عوامل ضعف وانقسام.”
بين إعادة الهيكلة وتفجير الأزمات
تمثل خطوة البرهان محاولة لإعادة رسم ملامح الجيش السوداني في ظرف بالغ التعقيد، لكنها – وفق ما تنقله الصحافة – تحمل تناقضات واضحة: فهي تسعى لترميم صورة الجيش ووقف تراجعه الميداني، لكنها في الوقت ذاته تُشرعن وجود ميليشيات ارتبط اسمها بالانتهاكات.
وبينما يصفها البعض بأنها خطوة نحو إعادة الهيكلة، يرى آخرون أنها قد تفتح الباب أمام أزمات جديدة تزيد المشهد السوداني تعقيدًا.