بعد أوامر ترامب بنشرها.. ماذا تعرف عن الغواصات النووية الأمريكية؟

إعداد: بسنت عماد
في تصعيد جديد يعكس عودة التوتر النووي بين أكبر قوتين في العالم، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الجمعة الماضي، أنه أمر بنشر غواصتين نوويتين من نوع ” اوهايو” في مناطق “قريبة من روسيا”، رداً على تصريحات للرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف، التي أشار فيها إلى احتمال اندلاع مواجهة نووية بين موسكو وواشنطن.
هذه الخطوة تأتي ضمن سياق تاريخي من العلاقات المعقدة بين البلدين، التي ظلت لعقود طويلة تدور في إطار معادلة دقيقة من التنافس، والتصعيد، ومحاولات التهدئة، خصوصاً حين يتصل الأمر بالتفوق الاستراتيجي والتوازن النووي.
ورغم أن ترامب لم يكشف عن نوع الغواصتين أو مكان تمركزهما، فإن نشر هذا النوع من القطع البحرية يُعد مؤشراً واضحاً على رفع مستوى الاستعداد العسكري.
وتُعرف تحركات الغواصات النووية الأمريكية بسرية تامة، كونها تمثل أحد أعمدة “الردع الصامت” في العقيدة الدفاعية للولايات المتحدة.
وبحسب تقارير أمريكية، تُشغّل البحرية الأمريكية ثلاث فئات رئيسية من الغواصات العاملة بالطاقة النووية، غير أن واحدة فقط منها مزوّدة بصواريخ نووية عابرة للقارات قادرة على تنفيذ ضربات استراتيجية بعيدة المدى، في حال اندلاع أي مواجهة حقيقية.
أنواع الغواصات النووية الأمريكية
1. غواصات “أوهايو” النووية
تُعد هذه الغواصات بمثابة الذراع البحرية لمنظومة الردع النووي الثلاثية في الولايات المتحدة، إذ تشغّل البحرية الأمريكية 14 غواصة من طراز “أوهايو” القادرة على حمل 20 صاروخاً من طراز “ترايدنت”، كل منها مزود برؤوس نووية متعددة.
ويصل مدى صواريخ “ترايدنت” إلى نحو 7400 كيلومتر، ما يمنح هذه الغواصات القدرة على ضرب أهداف بعيدة من دون الحاجة إلى الاقتراب من السواحل المعادية.
يبلغ طول الغواصة 170 متراً، وتضم الطاقم الخاص بها 159 فرد، وتصل سرعتها القصوى إلى نحو 37 كيلومتراً في الساعة، مع قدرة فائقة على التخفّي.
2. غواصات الصواريخ الموجهة
في إطار إعادة هيكلة الأسطول خلال التسعينيات، تم تحويل أربع غواصات من طراز “أوهايو” إلى غواصات صواريخ موجهة غير نووية، قادرة على تنفيذ ضربات دقيقة باستخدام صواريخ “توماهوك”.
كل غواصة تحمل ما يصل إلى 154 صاروخاً بمدى يصل إلى 1600 كيلومتر، ويمكن تسليحها برؤوس شديدة الانفجار، ما يجعلها عنصراً محورياً في العمليات العسكرية التقليدية بعيدة المدى.
3. غواصات الهجوم السريع
تمثل العمود الفقري لعمليات البحرية الأمريكية تحت الماء، وهي مصممة لمواجهة الغواصات المعادية وسفن السطح، إضافة إلى القدرة على ضرب أهداف أرضية بصواريخ “توماهوك”.
تشمل هذه الفئة ثلاث طرازات رئيسية:
ـ غواصات “فرجينيا”: الأحدث في الأسطول، دخلت الخدمة تباعاً حتى يوليو 2025، بطول يتراوح بين 115 و140 متراً.
ـ غواصات “لوس أنجليس”: الأقدم في الخدمة، بطول يبلغ 110 أمتار.
ـ غواصات “سي وولف”: أقل عدداً وأصغر حجماً، يتراوح طولها بين 107 و138 متراً، وتتميز بتكنولوجيا فائقة في التخفي والقدرة الهجومية.
دلالات عسكرية واستراتيجية
يرى محللون أن إعلان ترامب بنشر غواصتين نوويتين يحمل رسائل ردع واضحة، خاصة في ظل التصريحات التصعيدية من الجانب الروسي.
وتشير الخطوة إلى استخدام الولايات المتحدة أدواتها الاستراتيجية للضغط وإعادة التوازن في مواجهة التوترات الدولية المتزايدة.
كما يعكس القرار عودة مناخ الحرب الباردة إلى الواجهة، حيث تلعب الغواصات النووية دوراً محورياً في التأكيد على الجاهزية العسكرية القصوى.
ماذا لو أطلقت الغواصات النووية الأمريكية صواريخها؟
إذا قامت إحدى الغواصات النووية الأمريكية من طراز “أوهايو” بإطلاق صواريخها الباليستية “ترايدنت”، فسيكون العالم على أعتاب كارثة شاملة على عدة مستويات:
1. تدمير واسع النطاق
كل صاروخ “ترايدنت” يمكن أن يحمل ما يصل إلى 12 رأساً نووياً مستقلاً (MIRV)، قادر على ضرب أهداف مختلفة في آن واحد، بقوة تفجيرية تصل إلى مئات أضعاف قنبلة هيروشيما؛
اي أن ضربة واحدة من غواصة واحدة كافية لتدمير مدن بأكملها.
2. رد نووي فوري
أي استخدام للسلاح النووي من قِبل الولايات المتحدة ضد دولة نووية كبرى مثل روسيا سيُقابل برد فوري مماثل، ما يعني دخول العالم في حرب نووية شاملة.
3. خسائر بشرية هائلة
حسب تقديرات مراكز بحثية، فإن أول 90 دقيقة من تبادل نووي واسع قد تودي بحياة عشرات الملايين من البشر، مع إصابات لا تُحصى بسبب الحرارة، الانفجارات، والإشعاع.
4. شتاء نووي
قد يؤدي الاستخدام الواسع للأسلحة النووية إلى تصاعد كميات هائلة من الغبار والدخان في الغلاف الجوي، مما يتسبب في انخفاض حاد في درجات الحرارة حول العالم. هذا التغير المناخي المفاجئ يُعرف بـ”الشتاء النووي”، والذي قد يُلحق أضراراً جسيمة بالزراعة ويؤدي إلى أزمة غذاء عالمية بسبب تراجع الإنتاج الزراعي وندرة الموارد الأساسية.
5. انهيار اقتصادي عالمي
التداعيات المباشرة لضربة نووية لن تقتصر على الجانب العسكري فقط، بل ستؤدي إلى انهيار الأسواق العالمية، وقطع سلاسل الإمداد، وتوقف التجارة الدولية.
في الختام..وجود الغواصات النووية في البحر يهدف أساساً إلى الردع وليس الاستخدام الفعلي، وهي جزء مما يُعرف بـ”توازن الرعب” الذي يمنع القوى النووية من اللجوء للحرب الكاملة خوفاً من التدمير المتبادل.