
إعداد: رحمه حمدى
في صباح يوم الأربعاء 6 أغسطس 2025، أضيف فصل جديد إلى سجلّ الحوادث الدموية داخل القواعد العسكرية الأمريكية، عندما أطلق الرقيب “كورنيليوس رادفورد” النار على خمسة من زملائه في قاعدة “فورت ستيوارت” بولاية جورجيا، مستخدمًا مسدسًا شخصيًا. الحادثة -التي انتهت بجرحى مستقرين واعتقال الجاني- لم تكن سوى حلقة في سلسلة طويلة من أعمال العنف التي تجعل الجيش الأمريكي أحد أكثر الجيوش تسجيلًا للحوادث الداخلية، رغم أنه يُفترض أن يكون المكان الأكثر أمانًا لمن يرتدون الزي العسكري.
الجذور: تاريخ من الدم داخل القواعد
- إطلاق النار: الوباء المتكرر
- فورت هود 2009: الأكثر دموية، عندما قتل الطبيب النفسي العسكري “نضال حسن” 13 شخصًا وأصاب 30 في تكساس، بدوافع مرتبطة بمعارضة الحرب.
- واشنطن نافي يارد 2013: قتل المتعاقد “آرون أليكسيس” 12 مدنيًا وعسكريًا في حوض بناء سفن، مستغلًا ثغرات في التفتيش.
2 . العنف غير الناري: من الدهس إلى التسميم
- في 2017، دهس متعاقد مدني مجموعة جنود في فورت لي بسيارته انتقامًا لفصله من العمل.
- بينما شهدت قاعدة إيرفين عام 2018 حادثة تسميم جماعي نفذها طاهٍ عسكري ضد زملائه.
3 . الهجمات الإرهابية والانتقامية
- تفجير أوكلاهوما سيتي 1995: رغم أنه خارج القاعدة، نفذه جندي سابق (تيموثي ماكفي) ضد مبنى فيدرالي، ما أسفر عن 168 قتيلًا.
- سان أنطونيو 2016: طعن جندي زملاءه بعد تبنيه أفكارًا متطرفة عبر الإنترنت.
لماذا يفشل الأمن الداخلي؟
حسب تقارير البنتاجون فإن ثغرات التفتيش تشكل سبباً كبيراً حيث أن الأسلحة الشخصية تدخل القواعد رغم الحظر، كما في حادثة فورت ستيوارت. بالإضاف إلى إهمال الصحة النفسية فحوالي 60% من الجناة في الحوادث الكبرى كانوا يعانون من اضطرابات غير معالجة.
كما أن تسرّب التطرف (ليس ديني فقط) كان سبب بعض الهجمات التي نفذها جنود تأثروا بأيديولوجيات عنيفة ذكرت تقارير بالبنتاجون أن من الأسباب ،ضغوط العمليات الخارجية فحوالي 60% من الجناة في حوادث العنف كانوا قد خدموا في حروب خارجية. 30% من الحوادث لا يتم الإبلاغ عنها حسب تقرير الجيش الأمريكي نفسه في 2021
محاولات الإصلاح.. هل تكفي؟
فرض الجيش إجراءات جديدة بعد كل حادثة، مثل فحوصات نفسية سنوية للجنود منذ 2020. وتقييد حمل الأسلحة الشخصية في المنشآت العسكرية. لكن الحوادث المتكررة تثبت أن الإصلاحات غير جذرية، خاصة مع تصاعد الضغوط على القوات بعد مشاركتها في حروب طويلة. فالجيش الأمريكي يحتل المرتبة الأولى عالميًا في حوادث العنف الداخلي مقارنة بجيوش أخرى وفقًا لتقارير دولية
معدلات إطلاق النار داخل القواعد العسكرية بلغت 12 حادثة إطلاق نار رئيسية بين 2000-2025 حسب معهد الدراسات الأمنية في ستوكهولم-SIPRI. والمركز الثاني بريطانيا 3 حوادث فقط في نفس الفترة وكندا وألمانيا حادثتان لكل منهما.
أما الانتحار بين الجنود، بلغت 28.7 حالة انتحار لكل 100 ألف جندي (2023، وزارة الدفاع الأمريكية). وإسرائيل 18.9 حالة لكل 100 ألف. 7,057 جندياً انتحروا بين 2001-2021
وبلغت نسبة العنف بين الجنود (اعتداءات جسدية أو تحرش) 14% من الجنود تعرضوا لعنف من زملائهم (مسح ل RAND Corporation 2022).
وفي تقرير مجلة الإيكونوميست 2024 قالت: الجيش الذي لا يستطيع حماية جنوده من أنفسهم.. كيف سيقود العالم؟”
العنف داخل الجيش الأمريكي ليس مجرد حوادث فردية، بل نتاج تراكمي لسياسات أمنية هشّة، وإهمال لصحة الجنود النفسية، وبيئة قد تتحول إلى برميل بارود. حادثة فورت ستيوارت ليست الأخيرة.. ما لم تُعالج الأسباب الجذرية. وإلا فكيف لدولة تنفق 800 مليار دولار على جيشها سنوياً أن تعجز عن حماية جنودها من بعضهم البعض؟! إنها المفارقة الساخرة لقوة تدعي حماية العالم بينما تفشل في حماية أفرادها. حوادث القتل والانتحار والتطرف داخل القواعد الأمريكية
.