fbpx
أخبار محليةسلايدرمعرفة

لما طفل ١٠ سنين يقولك: وإيه يعني مصر..

كتب المقال للأطفال: أحمد نشأت
تدقيق: ياسر فتحي

 

انتابتني نوبةٌ مِن الغضب الذي يؤدي لارتفاع ضغط الدم، مما يؤدي بشخص سليمٍ إلى الجنون مِن فرط الغضب اللامحدود.

كان يقولها بتهكم، بل وأضاف قائلاً: مَصر دي ولا حاجة أصلاً..
هُنا لم أتمالك نفسي إلا بغلق فمه، لأنه لم يكن حديثًا عابرًا مع طفل لا أعرفه، هو للأسف ينتمي للعائلة.

كان مِن السهل جدًا صفعه، وضربه حتى يقول “تحيا مصر” بصوت عالٍ، لكني أعرف نتيجة ذلك، فلو كانت مصر عنده بلا أهمية، فبعد صفعه ستكون عدوته الأولى، فعاقبته بحرمانه مِن الشئ الذي ينتمي إليه أكثر مِن انتمائه لبلده وهو قطعة الحديدة “موبايله”.
وبعد عراكٍ صوتي مِن هَول صدمته بالعقاب الذي حلَّ عليه كالصاعقة تركته وحيدًا؛ ليهدأ قليلاً.
بعدها عاد واعتذر: أنا آسف مش هعمل كده تاني.
فكان ردي نظرة دون اهتمام
فأكمَل: انا بعتذر على فكرة …
فابتسمتُ قائلاً: بتعتذر ليه هو انت غلطت؟
فرد بسرعة: أيوة عشان عَلِّيت صوتي عليك، واتعصبت وقلت كلام ميصحش.
وإيه تاني غلطت فيه؟ رددتُ عليه وأنا أنظر مباشرة لعينيه.
قال: وإني غلطت في مصر
قلتله: بس.. أوقف هنا، قولي .. تعرف يعني إيه شهيد؟
قالي: أيوة يعني مات وهو بيحارب.
قلتله: عارف منزلة الشهداء عند ربنا؟
قالي: أيوة.. أكبر منازل الجنة.
قلتله: تفتكر ربنا بيحب الشُّهدا ليه؟
قالي: عشان ضحوا بنفسهم عشان بلدهم.
قلتله: يعني ربنا بيحب اللي بيحب بلده قد إيه؟
فكَّر قليلاً ثم قال: أكيد ربنا كده يبقى بيحبهم أكتر مِن أي حَد عادي.
قلتله: انت عارف لما تقول إن بلدك دي ولا حاجة، تبقى كأنك بتقول إن الشُّهدا اللي ماتوا عشان بلدهم دول كلهم ولا حاجة،
كأنك بتقول دول ناس أي كلام، ومش بتغلط فيهم بس، إنت بتغلط فيهم ولو حد سمعك مِن أهلهم يبقىٰ كأنك شتمت ابنه الشهيد اللي مات.

تفتكر لو أنا كنت بحارب ومُت و جِه واحد قالك بلدك دي ولا حاجة وأحمد ده ولا حاجة … !!
هنا بدأت عيناه تدمع واقترب مني وقالي أنا آسف.
قلتله: مش عايزك تتأسف وانت مش مقتنع، أنا سهل تعتذرلي وأديك موبايلك،
بس لازم أعلمك الدرس وتحفظه دلوقتي حالاً ومينفعش تنساه لحد ماتموت.
لو غلطت في بلدك كأنك بتعارض ربنا وبتقوله -أستغفر الله العظيم- لا يارب انت غلطان الشُّهدا دول مش مُهمين عشان بلدهم مش مهمة، تقدر تقول كده لربنا؟
رد وهو مازال يبكي: لا.. مستحيل
قلتله: شوف انت بتقول مستحيل عشان الموضوع مع ربنا، وطبعا لله المثل الأعلىٰ
طب لو حد شتم مامتك وباباك؟
قالي: هضربه
قلتله: فهمت يعني إيه بلدك؟
قالي: أيوة فهمت
قلتله: بس انت لسه مفهتمش بقىٰ يعني إيه مصر.
قالي: ماهي بلدي
قلتله: ويعني إيه مصر؟
قالي: يعني مخليش حَد حتى يهزر عليها أبدًا
قاطعته: ولو حد قالك مصر دي ولا حاجة هتقوله إيه؟
قالي: هضربه عشان كده بيغلط في الشهدا
قلتله: بس أنا مضربتكش
قالي: أمال اشتمه؟!
ابتسمت قائلاً: لا تضربه ولا تشتمه، تفهمه بالراحة زي مافهمتك، ولو غلط أكتر ومرضيش يفهم تشتكيه لأي حد كبير.. فهمت؟
فهز رأسه موافقًا.
عارف إن البلد الوحيدة في الدنيا اللي اسمها مذكور في القرآن هي مصر بس، ربنا مذكرش ولا دولة في العالم غير مصر بس في القرآن.
يعني مش بس ربنا بيحبها عشان هي بلد ووطن.. ده ربنا بيحب مصر ومخليها مميزة أكتر مِن أي بلد في العالم، يعني انت محظوظ إنك مصري وربنا ذكر بلدك،
قلتله آخِر سؤال: هتحب مصر قد إيه؟
قالي: هحبها زي ما ربنا بيحبها بالظبط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى