سلايدرمقالات

برمجة للعقل الجمعي.. اغتيال تشارلي كيرك حين يتحول خيال السينما إلى واقع

قبل ثلاثة أسابيع، في مشهد يبدو كما لو أنه مُقتبس من فيلم سينمائي، أو على مايبدو أنه مقتبس فعلا تم اغتيال الناشط السياسي تشارلي كيرك أثناء إلقائه خطاباً في حرم جامعة يوتا فالي. 

بغض النظر عن انتماءات وآراء كيرك السياسية فما يلفت النظر هو التشابه المذهل بين تفاصيل هذه الحادثة وأحداث فيلم الأكشن والتشويق الشهير “Snake Eyes” الذي أنتج عام 1998.

في الفيلم، الذي قام ببطولته نيكولاس كيج، يتم اغتيال وزير الدفاع الأمريكي، الذي يحمل اسم تشارلز كيركلاند، أثناء وجوده في مناسبة عامة حاشدة. يوجه الاتهام في البداية إلى رجل اسمه طارق بن رباط، بينما يتضح لاحقاً أن العقل المدبر الحقيقي هو ضابط شرطة يدعى تايلور، كان الهدف من العملية التغطية على فضيحة تتعلق بدولة أخرى.

هذا التوازي في الأسماء – تشارلي كيرك مقابل تشارلز كيركلاند، والمشتبه به الحقيقي في الواقع تايلور روبنسون مقابل الضابط تايلور في الفيلم – يدفع المرء إلى التساؤل عما إذا كانت السينما تقدم في بعض الأحيان أكثر من مجرد تسلية. هل يمكن أن تكون نافذة نطل من خلالها على سيناريوهات المستقبل، أو ربما أداة لاختبار ردود الفعل الجماهيرية تجاه أحداث قد تقع لاحقاً؟ يظل هذا السؤال مفتوحاً، لكن الوقائع تثبت أن الحد الفاصل بين الخيال السينمائي والواقع أصبح أكثر ضبابية من قبل.

هذا التوازي الشبه كامل يدفعنا إلى طرح سؤال جوهري: هل كانت هوليوود تمارس دور العراف الذي يتنبأ بالمستقبل؟ أم أن هذا التشابه الغريب يحمل في طياته رسالة أخرى، ربما تكون أكثر تعقيداً؟

قد يكون من السهل تصنيف هذا التشابه كمصادفة درامية. لكن نمطاً كهذا يتكرر في العديد من الأحداث العالمية الكبرى، مما يضعف فرضية المصادفة البحتة. يبدو الأمر أشبه بـ “برمجة” للعقل الجمعي للجماهير، أو اختبار لردود الأفعال تجاه سيناريوهات محددة قد تكون مُعدة للحدوث لاحقاً على أرض الواقع.

اللعب على حبال الخيال والواقع هو استراتيجية معروفة. فتحويل فكرة مرعبة، مثل الاغتيالات السياسية العلنية، إلى مادة ترفيهية في فيلم، يخفف من وطأتها النفسية عندما تقع فعلياً. يصبح الجمهور وكأنه قد شاهد الفيلم مسبقاً، فتقل صدمته ويصبح أكثر تقبلاً للحدث، بل وقد يشكك في حقيقته أحياناً، معتبراً إياه مجرد نسخة من قصة خيالية.

الغزو الحديث لا يتم بالدبابات والطائرات فقط، بل بالكاميرات والسرديات أيضاً. إنهم يصورون المستقبل، ونحن نعيش تفاصيله لاحقاً. وقصة تشارلي كيرك وتشارلز كيركلاند ليست سوى حلقة في سلسلة طويلة من “القراءات الأولى” التي تقدمها لنا هوليوود قبل أن تصبح واقعاً نعيشه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى