أخبار العالمالأخبار

أوكرانيا تتهم روسيا بدفع محطة زابوريجيا نحو كارثة نووية محتملة بعد عطل كهربائي “مفتعل”

متابعة: رحمه حمدى

منذ أكثر من ثلاثة أيام، تعاني محطة زابوريجيا النووية، التي تحتلها القوات الروسية، من انقطاع في الطاقة الخارجية، في حادثة هي الأطول من نوعها، مما أثار مخاوف جادة بشأن السلامة في المنشأة التي تضم ستة مفاعلات وتقع على خط المواجهة المباشر في الحرب الدائرة في أوكرانيا. حيث دخلت المحطة يومها الخامس من العمل باستخدام مولدات الطوارئ يوم السبت مما أثار مخاوف متزايدة بشأن السلامة.

يتم حالياً الاعتماد على مولدات الطوارئ لتشغيل أنظمة التبريد والأنظمة الآمنة الحيوية بعد انقطاع آخر خط اتصال كهربائي يغذي المحطة من الجانب الروسي مساء يوم الثلاثاء الماضي، دون ظهور أي مؤشرات فورية على إمكانية إعادة التيار.

وصف رافائيل جروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، هذا الوضع بأنه مثير للقلق العميق يوم الأربعاء، وعلى الرغم من لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الخميس، فإن الوضع ظل على حاله دون تغيير.

يُعرب خبراء غربيون ومسؤولون أوكرانيون عن مخاوفهم من أن يكون الكرملين يفتعل هذه الأزمة عمداً لتعزيز سيطرته على المحطة، التي تُعتبر الأكبر من نوعها في أوروبا، كما يخشون من أن تتخذ روسيا خطوات عالية المخاطر تشمل محاولة تشغيل مفاعل واحد على الأقل رغم الظروف القتالية الصعبة.

أعرب مسؤول حكومي أوكراني عن اعتقاده بأن روسيا تستخدم محطة الطاقة النووية كورقة للمساومة، بينما أشار أحد المتخصصين في منظمة السلام الأخضر إلى أن فترة الاحتلال الروسي للمحطة قد دخلت مرحلة جديدة حرجة وقد تكون كارثية.

أظهرت اختبارات الإجهاد التي نفذتها الهيئات التنظيمية الأوروبية في أعقاب كارثة مفاعل فوكوشيما في اليابان عام 2011 أن محطة الطاقة النووية يجب أن تكون قادرة على العمل دون الحاجة إلى مصدر طاقة خارجي لمدة تصل إلى 72 ساعة. وقد أفادت مصادر أوكرانية بأن تجاوز هذه الفترة الزمنية يعد أمراً غير مسبوق ولم يتم تجربته من قبل.

استولت القوات الروسية على محطة زابوريجيا النووية في شهر مارس من عام 2022، وتم وضع مفاعلاتها، التي كانت قادرة على توفير الطاقة لأربعة ملايين منزل، في حالة إغلاق بارد لأسباب تتعلق بالسلامة.

تعتبر أوكرانيا أن محطة زابوريجيا النووية ملكاً لها، لكن المحطة أصبحت محط نقاش في المفاوضات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. حيث حاول ترامب إقناع الولايات المتحدة بتحمل مسؤولية المحطة، بينما صرح الكرملين عن رغبته في إعادة تشغيل جميع المفاعلات وربطها بالشبكة الكهربائية الروسية، وهي مهمة يُعتقد أنها غير ممكنة إلا في أوقات السلم.

شهدت محطة زابوريجيا انقطاعاً للكهرباء تسع مرات سابقة. في كل مرة، وقع الضرر على الأراضي الأوكرانية نتيجة قصف القوات الروسية للبنية التحتية للطاقة عبر نهر دنيبرو. وكان آخر خط كهرباء بجهد 750 كيلو فولت يمر عبر النهر، وقد أبدت أوكرانيا استعدادها لتزويده بالطاقة لضمان سلامته.

يوم الثلاثاء الماضي، تعرض الخط للتلف من الجانب الروسي، على بعد حوالي ميل واحد من المحطة. وأعلن مشغلو المحطة الروس أن جهود الإصلاح تواجه تعقيدات نتيجة القصف المستمر من قبل القوات المسلحة الأوكرانية، بينما تواصل أوكرانيا الإصرار على أنها لا تطلق النار تجاه المحطة أو حولها، مشيرة إلى أن ذلك يشكل خطراً غير مقبول.

ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن المشغلين الروس أبلغوها بوجود كمية كافية من وقود الديزل لتشغيل المولدات لمدة تصل إلى 20 يوماً دون الحاجة إلى إعادة تزويدها بالوقود. ومع ذلك، صرح جروسي أن انقطاع التيار الكهربائي الخارجي يزيد من احتمال وقوع حادث نووي.

أفادت مصادر أوكرانية بأن سبعة من أصل ثمانية عشر مولداً متاحاً تعمل حالياً على تبريد الموقع، ولكن في حالة تعطل هذه المولدات، فإن هناك خطراً من أن ترتفع درجة حرارة الوقود النووي في المفاعلات الستة بشكل لا يمكن السيطرة عليه على مدى عدة أسابيع، مما قد يؤدي إلى انهيارها.

حذرت منظمة السلام الأخضر في أوكرانيا يوم السبت من استمرار انقطاع التيار الكهربائي الخارجي عن محطة زابوريزهيا للطاقة النووية، الأكبر في أوروبا، لأكثر من أربعة أيام، في انقطاع قياسي للمنشأة الواقعة على خط المواجهة.

يجب تبريد قلب المفاعل والوقود النووي المستخدم بشكل مستمر لمنع ارتفاع درجة حرارتهما، والذي قد يؤدي إلى انصهارات نووية خطيرة، كما حدث في عام 2011 عندما ضرب زلزال وتسونامي محطة فوكوشيما في اليابان. وقد حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل متكرر من احتمال وقوع كارثة إشعاعية مشابهة لتلك التي وقعت في تشيرنوبيل، التي تقع على بعد حوالي 480 كيلومتراً إلى الشمال الغربي، حيث انفجر مفاعل نووي في عام 1986.

أكد مسؤولون أوكرانيون على خطورة الوضع الحالي. حيث صرحت وزيرة الطاقة الأوكرانية سفيتلانا هرينشوك لوكالة أسوشيتد برس بأن المحطة لا تزال تعاني من انقطاع التيار الكهربائي، مما يمثل انتهاكاً صارخاً لشروط تشغيلها الاعتيادية، مسجلة بذلك الحادث العاشر من نوعه منذ الغزو الروسي الشامل في فبراير 2022. وأضافت أن السبب وراء هذا الانقطاع هو قصف روسي آخر، أدى إلى إتلاف خط نقل الطاقة الوحيد الذي يغذي المحطة من شبكة الطاقة الأوكرانية.

وقال جان فاندي بوتي، المتخصص في الإشعاع والطاقة النووية في منظمة السلام الأخضر في أوكرانيا، إن “مولدات الديزل الطارئة تعتبر خط الدفاع الأخير، وتستخدم فقط في الظروف القصوى”.

وقال “إن هذه هي بلا شك الأحداث الأكثر خطورة وأهمية منذ بداية احتلال روسيا لمحطة زابوروجي النووية في مارس2022”.

حدثت نسخة مسرعة من هذا السيناريو في فوكوشيما لأن المفاعلات كانت قد بدأت العمل للتو. حيث ضرب زلزال بقوة 9.0 درجات اليابان، مما أدى إلى إغلاق المفاعلات الساخنة في الموقع تلقائياً. واستمرت مولدات الطوارئ في ضخ مياه التبريد حول المفاعل، لكن التسونامي الذي أعقب الزلزال بدقائق أدى إلى توقفها. مما نتج في انصهار ثلاثة أنوية نووية في المحطة خلال ثلاثة أيام، على الرغم من بقاء الوقود محتوياً داخل الأوعية. لم يُقتل أحد مباشرة نتيجة الحادث، ولكن تم إجلاء أكثر من 100 ألف شخص من المنطقة المحيطة.

تسيطر روسيا على المحطة منذ عام ٢٠٢٢. ولا تزال مفاعلاتها الستة تعمل باليورانيوم رغم توقفها عن العمل لما يُسمى بالإغلاق البارد، أي توقف التفاعلات النووية. ومع ذلك، تعتمد المحطة على الكهرباء الخارجية للحفاظ على برودة مفاعلها وتشغيل أنظمة السلامة الأخرى. وقد انقطعت هذه الطاقة الخارجية عدة مرات خلال الحرب، مما أجبر المحطة على الاعتماد على مولدات الديزل في الموقع.

تقع مدينة زابوريجيا، التي تبعد حوالي 440 كيلومترًا (275 ميلًا) جنوب شرق كييف، تحت سيطرة أوكرانيا، وقد وقعت هجمات حول المحطة نظرًا لقرب خط المواجهة. تُجري الوكالة الدولية للطاقة الذرية جولات دورية لموظفيها في المنشأة للتحقق من سلامة المحطة وتقديم خبراتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى