
إعداد: بسنت عماد
في مشهد غير مألوف على منبر الأمم المتحدة، لفت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأنظار خلال خطابه أمام الجمعية العامة الجمعة، ليس فقط بما قاله، بل أيضاً بما ارتداه. إذ وضع على ياقة سترته دبوساً بارزاً يحمل رمز استجابة سريعة (QR code)، دعا الحضور والمشاهدين حول العالم إلى مسحه عبر هواتفهم.
تفاصيل الدبوس الإلكتروني
لم يكن الدبوس مجرد زينة بروتوكولية، بل أداة دعائية صُممت بعناية. فالرمز يقود إلى موقع إلكتروني رسمي أطلقته الحكومة الإسرائيلية، يعرض صوراً ومقاطع فيديو وبيانات تصف هجوم حركة حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 بـ«الفظائع».
ويحذّر الموقع من أن محتواه يتضمن مشاهد صادمة، فيما أكدت صحيفة نيويورك تايمز أن المواد المنشورة لم تُتحقق منها جميعاً بشكل مستقل.
وقد ارتدى أعضاء الوفد الإسرائيلي المرافق لنتنياهو الدبوس نفسه، فيما توسعت الحملة لتشمل شوارع نيويورك عبر لوحات إعلانية وشاحنات تحمل الرمز تحت شعار «تذكّر 7 أكتوبر»، في إطار محاولة متكاملة لإعادة توجيه النقاش العالمي حول الحرب في غزة إلى ذكرى ذلك اليوم.
تذكّروا السابع من أكتوبر
في كلمته، شدد نتنياهو على أن إسرائيل «لن تنسى» هجوم حماس الذي أسفر – بحسب الرواية الإسرائيلية – عن مقتل 1200 شخص وخطف نحو 250 آخرين. وقال:
«الكثير من العالم لم يعد يتذكر السابع من أكتوبر. لكننا نتذكر. إسرائيل تتذكر. تذكروا أنتم أيضاً لماذا نقاتل ولماذا يجب أن ننتصر».
كما جدد رفضه إقامة دولة فلسطينية مستقلة، مضيفاً: «لن نقبل أبداً بفرض دولة إرهابية علينا».
انسحاب جماعي
خطاب نتنياهو قوبل باحتجاج واضح؛ إذ انسحب أكثر من 100 دبلوماسي يمثلون أكثر من 50 دولة من قاعة الجمعية العامة أثناء كلمته، في خطوة منسقة للتعبير عن رفض سياسات إسرائيل في غزة. وشمل الانسحاب ممثلين لدول اعترفت مؤخراً بدولة فلسطين مثل بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا، إلى جانب وفود عربية وإسلامية.
غزة بين الروايتين
في مقابل الرواية الإسرائيلية التي تستحضر هجوم 7 أكتوبر لتبرير الحرب، تؤكد وزارة الصحة في غزة أن العمليات العسكرية الإسرائيلية أودت بحياة أكثر من 65 ألف فلسطيني، وشرّدت ما يزيد على مليون شخص. كما حذرت الأمم المتحدة من كارثة إنسانية غير مسبوقة في القطاع.
دبلوماسية دعائية
يصف مراقبون خطوة نتنياهو بأنها «دبلوماسية دعائية»، تستهدف الرأي العام الدولي بوسائل غير تقليدية عبر التكنولوجيا. لكنهم يشيرون في المقابل إلى أن الانسحاب الجماعي للوفود أضعف الرسالة الإسرائيلية، وأظهر اتساع الفجوة بين تل أبيب والمجتمع الدولي بشأن الحرب في غزة.
خاتماً.. سعى نتنياهو إلى تحويل «الدبوس الإلكتروني» إلى أداة لإعادة التذكير بذكرى 7 أكتوبر وتثبيت روايته عن الصراع، غير أن ما حدث داخل قاعة الأمم المتحدة – من احتجاجات وانسحابات – عكس صورة مغايرة، تؤكد تصاعد عزلة إسرائيل على الساحة الدولية في ظل استمرار مأساة غزة.