الأخبارتقارير

شهادات مرعبة.. “طالبان تطارد عائلات” الأفغان المرتبطين بالقوات الأجنبية بعد تسريب انجلترا بياناتهم

تشهد أفغانستان موجة تصفيات دموية تستهدف مئات المواطنين الذين تعاونوا مع القوات الأجنبية، وذلك في أعقاب فقدان الحكومة البريطانية لقاعدة بيانات سرية تحتوي على معلومات حساسة.

ذكرت صحيفة ديلي ميل أنه تم إعدام ثلاثة أفغان على الأقل خلال الأسبوع الماضي، بينهم رجل أطلق مسلحون النار على صدره من مسافة قريبة في أحد شوارع كابول، فيما يُشتبه في أن حركة طالبان تقف وراء هذه الاغتيالات انتقامًا لتعاون الضحايا مع القوات الدولية.

تسريب البيانات يهدد حياة مئات الآلاف

أثار فقدان قاعدة البيانات البريطانية، التي تضم أسماء وعناوين وأرقام هواتف آلاف الأفغان الذين ساعدوا القوات البريطانية، موجة ذعر واسعة النطاق. فقد أبلغت الحكومة البريطانية المتضررين رسميًا يوم الثلاثاء بأن بياناتهم الشخصية قد تعرضت للتسريب، في ما يُعتبر أحد أخطر انتهاكات البيانات في تاريخ المملكة المتحدة، مما يعرّض حياة ما يصل إلى 100 ألف شخص للخطر.

وتلقى الآلاف إخطارات رسمية من حكومة جلالة الملك تعتذر فيها عن الحادث، معربة عن فهمها للقلق الذي قد يسببه هذا الخبر. ولم يتضح بعد ما إذا كانت طالبان قد حصلت بالفعل على هذه البيانات، والتي تشمل أسماء مترجمين وعناصر استخبارات وعسكريين أفغان عملوا مع البريطانيين.

شهادات مرعبة… “طالبان تطارد العائلات”

أفاد جندي أفغاني فرّ إلى بريطانيا هربًا من انتقام طالبان بأن شقيقه قُتل بالرصاص هذا الأسبوع، معتقدًا أن المجموعة المسلحة استهدفته بسبب معرفتها بانتمائه السابق للقوات البريطانية.

وقال الجندي: “إذا حصلت طالبان على هذه القائمة، أو عندما تحصل عليها، فإن عمليات القتل ستزداد، وسيكون ذلك خطأ بريطانيا. ستكون هناك عمليات إعدام كثيرة، مثل تلك التي حصلت يوم الاثنين”.

كما كشف تحقيق لصحيفة ديلي ميل عن ملف يوثق أكثر من 300 جريمة قتل، بينها حالات لأشخاص عملوا مع المملكة المتحدة أو تقدموا بطلبات للحصول على برنامج إعادة التوطين الخاص بها.

مترجم سابق يحذر: “البيانات المسربة هبة تؤدي إلى الموت”

وصف مترجم عسكري سابق، كان يعمل مع رئيس الوزراء البريطاني السابق جوردون براون، شعور المترجمين الأفغان بعد الكشف عن تسريب البيانات بأنه “خوف من الله”.

وقال المترجم، الذي يُدعى محمد ويعيش الآن في بريطانيا: “لقد غيّر هذا كل شيء. في السابق، لم تكن طالبان تحصل على تأكيدات حول هوية من عملوا مع القوات الأجنبية، لكننا نعلم الآن أن أسماءنا وأسماء عائلاتنا مسجلة في قاعدة البيانات. إنها هبة تؤدي إلى الموت”.

كما تعرض شقيق المترجم للضرب المبرح من قبل عناصر طالبان، الذين استجوبوه حول مكان اختباء أخيه وعلاقته بالمملكة المتحدة.

اغتيالات ممنهجة… من قتل ومن بقي تحت التهديد؟

من بين الضحايا البارزين العقيد شفيق أحمد خان، ضابط استخبارات رفيع المستوى عمل مع القوات البريطانية، والذي استُدرج إلى فخ وأُطلق عليه الرصاص مرتين في القلب على عتبة منزله في مايو 2022. كما قُتل الكوماندوز أهمادزاي والجندي قاسم في أبريل 2023، بعد أن تقدما بطلبات لجوء إلى المملكة المتحدة.

وتأتي هذه الاغتيالات في وقت ظلت فيه الحكومة البريطانية تتعامل بسرية مع عملية إجلاء الأفغان المعروف باسم “عملية روبيفيك”، حيث تم نقل 18,500 أفغاني إلى بريطانيا سرًا، بينما تُرك حوالي 75 ألفًا آخرين دون حماية كافية.

تداعيات سياسية وقضائية

أثار كشف ديلي ميل عن تسريب البيانات، والأمر القضائي الذي حاولت الحكومة استخدامه لإخفاء الحادث، عاصفة من الانتقادات السياسية والأمنية. فتح البرلمان البريطاني ثلاثة تحقيقات منفصلة، بينما أعرب نواب عن غضبهم لعدم إبلاغهم بالوضع في وقت سابق.

وفي أكتوبر الماضي، وافقت الحكومة على إنفاق 7 مليارات جنيه إسترليني لمعالجة الأزمة دون مناقشة برلمانية علنية.

عندما حاولت المحكمة العليا رفع الحظر المفروض على نشر تفاصيل التسريب في مايو 2024، قال القاضي تشامبرلين: “الشيء الوحيد المؤكد هو أن المتضررين سيكونون في وضع أفضل إذا علموا بالانتهاك من خلال إشعار رسمي، بدلاً من معرفته عند استهدافهم من قبل طالبان”.

حملة انتقامية لا هوادة فيها

مع تصاعد وتيرة الاغتيالات، أصبحت حوادث مثل قتل الجندي الأفغاني في كابول يوم الاثنين الماضي حدثًا متكررًا. وفي حالة أخرى، قام مسلحو طالبان بجر امرأة من منزلها وضربها أمام الجيران انتقامًا لزوجها الذي عمل مع القوات الغربية.

وقال مترجم بريطاني سابق شهد الحادثة: “كانت الضربة رسالة واضحة لزوجها المختبئ في إيران، لأنهم يعتبرون عمله مع الكفار جريمة تستحق العقاب”.

طالبان تزعم حصولها على البيانات… والمخاوف تتزايد

على الرغم من عدم وجود تأكيد مستقل، زعمت طالبان هذا الأسبوع أنها حصلت على البيانات المسربة، مما يزيد من مخاوف اندلاع موجة جديدة من العنف ضد الأفغان المرتبطين بالغرب.

وأحالت وزارة الدفاع البريطانية الصحيفة إلى بيان لوزير الدفاع جون هيلي، الذي أكد أن الأولوية كانت إخطار المتضررين وتقديم النصائح الأمنية لهم، داعيًا إياهم لزيارة موقع إلكتروني مخصص للحصول على مزيد من المعلومات.

لكن بالنسبة للعديد من الأفغان، جاءت هذه الإجراءات متأخرة جدًا، بينما تستمر طالبان في ملاحقة من تطلق عليهم لقب “عمال الغرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى