الأخبارمقالات

أحمد صبري شلبي يكتب: ماذا لو لم تقم ثورة 30 يونيو؟

في كل عام كنا نحتفل بثورة 30 يونيو، ونردّد في يقين: “لولا تلك الثورة، لكان قد حدث كذا وكذا، وكان مصير مصر سيكون كذا وكذا”. لكن هذا العام، ومع التسارع الكبير للتغيرات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، لم يعد الأمر مجرد توقعات أو تحذيرات، بل باتت السيناريوهات التي كنا نخشاها، واقعًا فعليًا تعيشه بعض الدول التي لم تمتلك فرصة النجاة كما فعلت مصر بثورتها الشعبية في الثلاثين من يونيو.

هنا يفرض سؤال نفسه بقوة: ماذا لو لم تقم ثورة 30 يونيو؟ أو، لا قدر الله، ماذا لو فشلت تلك الثورة؟

السيناريو الأول: انهيار الهوية الوطنية

استمرار حكم جماعة الإخوان – أو أي جماعة تحمل ولاءً أيديولوجيًا خارجيًا يفتقر إلى الجينات الوطنية المصرية– لكانت الهوية المصرية ستتآكل حتمًا. وكانت الدولة ستتحول إلى كيان هجين تابع لمشروع أوسع لا يعترف بالحدود أو السيادة. 

كان الانتماء للدولة سيتحول إلى انتماء للتنظيم، والولاء لمصر سيذوب لصالح “المرشد” أو “الخليفة”. حينها، لم نكن لنرى سوى نسخة مكررة من دول سقطت في قبضة الطائفية والصراعات الداخلية.

السيناريو الثاني: التقسيم والانقسام

كان من المرجح أن يتم استنساخ النموذج السوري أو الليبي أو اليمني في مصر، ولكن بصورة أكثر تعقيدًا وتدميرًا:

• تقسيم مصر إلى كيانات على أسس دينية وجغرافية: صعيدي، نوبي، قبطي، سيناوي، بحري، وهكذا.

• ظهور “الجولاني المصري”: شخصية عسكرية أو ميليشياوية تسيطر على رقعة من الأرض باسم الدين، بينما ينهار مفهوم الدولة تمامًا.

• تحويل سيناء إلى وطن بديل للفلسطينيين: هذا كان سيعني نهاية القضية الفلسطينية رسميًا، واستبدال العدو الصهيوني بواقع جديد يُستخدم فيه المصريون وقودًا لصراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

السيناريو الثالث: تفتيت الجيش المصري

أحد أخطر ما كان سيحدث – وربما الأهم على الإطلاق – هو تفكيك الجيش المصري، درع الوطن وسيفه. فلا وجود لدولة بلا جيش موحد. كان من المتوقع – بل المخطط له – أن يتحول الجيش إلى أجنحة متصارعة:

فصيل يتبع الجماعة.

فصيل يتبع عشيرته أو منطقته.

فصيل آخر يتبع مصالح خارجية.

ولك أن تتخيل مصر بعدة جيوش صغيرة تتصارع في الداخل، وتترك حدودها بلا حراسة، وسماؤها بلا حماية.

السيناريو الرابع: كارثة اقتصادية شاملة

الأزمة الاقتصادية التي نعيشها اليوم – بكل تحدياتها – كانت ستتحول إلى كارثة وجودية لو استمرت السلطة في يد من لا يفهم مفاتيح الاقتصاد الحديث، أو يربط التجارة والمال بعقائد مغلقة.

• الاستثمارات كانت ستهرب فورًا.

• المؤسسات الدولية كانت ستقاطع مصر.

• البنية التحتية لم تكن لتُبنى، بل كانت لتُهدم.

والأخطر: كان المواطن سيفقد الأمل، وتنهار ثقة الشعب بنفسه قبل أن تنهار الدولة ذاتها.

السيناريو الخامس: اختفاء مصر من الخريطة

نعم، ربما يبدو الكلام صادمًا.

لكن الواقع كان ينذر فعليًا بأننا كنا على أعتاب ضياع الدولة المصرية بالكامل.

لا حدود ثابتة. لا علم واحد. لا هوية جامعة. لا سيادة على الأرض. لا ذكر في التاريخ إلا كبلدٍ كان يُدعى “مصر”.

ختاما

كنا وما زلنا وسنظل نؤمن أن أعظم قرار اتخذه الشعب المصري في العصر الحديث هو الخروج في 30 يونيو لإنقاذ وطنه من مصير مجهول. كانت هذه الثورة مدعومة ومحمية من جيش مصر الوطني الذي وقف في صف الإرادة الشعبية، ليعيد ميزان المنطقة ويحمي الوطن من التلاشي.

شكرًا للجيش المصري، ليس فقط لأنه أنقذ مصر، بل لأنه حافظ على استقرار العالم بأسره. فمصر كانت وستظل – كما وصفها القرآن – “خزائن الأرض”، وهي مفتاح الاتزان في هذا الكوكب المضطرب. 

شكرًا للجيش المصري…

شكرًا لـ 30 يونيو…

وشكرًا لكل مواطن آمن أن الدولة أكبر من الجماعة، وأن الوطن لا يُبنى إلا بالهوية، الكرامة، والاستقلال.

حفظ الله مصر وجيشها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى