fbpx
معرفة

ماذا وراء قرار السعودية فتح الحَرٌم وعودة الحياة لطبيعتها بعد كورونا؟

كتب : مدحت سليمانت

تدقيق لغوي: ياسر بهيج

زمن القراءة: ثلاث دقائق

 

مفاجأة كبيرة، أعلنتها المملكة العربية السعودية، ببدء عودة الحياة فيها إلى طبيعتها مرة أخرى، بعد فترة طويلة من تطبيق إجراءات احترازية أكثر تشدُّدًا، وصرامة، عن غالبية دول المنطقة.

وقد عِشتُ في المملكة، الفترة الأولى من مراحل تطبيق الإجراءات الاحترازية لفيروس كورونا، مع بداية انتشار الفيروس منذ العام، ونصف العام تقريبًا، ولفت نظري التطبيق الشديد، والصارم، بلا أي تهاون، طوال تلك الفترة، من مرور مُتتابع، ومُتتالٍ لدوريات الشرطة للتأكد من تطبيق الإجراءات الاحترازية، إلى إصدار قوانين رادعة للمخالف، وصلت إلى ألف ريال، في حالة عدم ارتداء الكمامة، حتي إن الكثير من المحال تعرض للإغلاق، نتيجة عدم الالتزام، مع دفع غرامة، وصلت، أحيانًا، إلى ٢٠ ألف ريال.

كما وصل الأمر لمنع الحِلاقة تمامًا، لدرجة أن مجرد تفكيرك، وقتها، في الذهاب إلى الحلّاق خِلسة، كان يُعتبر مغامرة كبيرة غير مأمونة العواقب، قد تعرضك للحبس، أنتَ والحلاق..!

والمثير للإعجاب في تطبيق فترات الحظر، أنها كانت تُطبّق بشكل نِظامي، حتي إنك لا تستطيع الخروج من بيتك إلا بشروط معينة، مُعلنة مُسْبقًا، وللضرورة القصوى فقط، كشراء الاطعمة، أو التسوق، ويكون لفترة مُحدّدة، يعود بعدها المتسوق قبل انتهاء فترة الحظر، ورغم إننا طبقنا شيئًا مشابهًا لذلك في فترات الحظر بمصر ، فإن التجربة السعودية ستظل مختلفة عنّا كثيرًا، من حيثُ نسب المراقبة، والمتابعة، والالتزام، التي وصلت إلى١٠٠%.

ولم تكتفِ السعودية بالإجراءات التقليدية في مواجهة الفيروس، بل راهنت علي المنظومة الرَّقمية، التي استخدمتها لمزيدٍ من الدقة، ففرضت تطبيقَا إلكترونيَّا سجّلت فيه جميع المواطنين، والمقيمين، وأصدرت قرارًا مُشدّدًا بعدم الدخول إلى أي أماكن حكومية، أو خاصة، إلا بشرط أن تكونَ مُحصّنًا، أو معافًا من الفيروس، فإذا أشار هذا التطبيق إلى أنّك غيرَ ذلك، تُمنع من الدخول باتًا.

وفي قطاع الطيران، كانت المملكة أشد حزمًا، فمنعت الرحلات، وأغلقت الحدود مع بعض الدول العربية، والأوروبية، ذات مؤشرات الإصابة المرتفعة، وفرضت إجراءات شديدة الصرامة في نظام الخروج، والدخول من، وإلى المملكة.

وبالإضافة إلى كل ماسبق، هناك المزيد، والمزيد من القرارات، والإجراءات الأخرى، التي طُبِّقت، وأسهمت في فرض حياة العُزلة فرضًا تامًا بالمملكة، تحتاج إلى صفحات وصحفات، للكتابة عنها، سيطول معها المقال، لذا سأكتفي بما رويته، وعاصرته.

وبعد كل هذا التشدد، والتّزمُّت، وإغلاق شبه تام طوال عام ونصف العام، تأتي المملكة لتُفاجِئنا بإعلان عودة الحياة لطبيعتها، وتفتح الحرم المكي، بل وتُلغِي التباعد بين صفوف المُصلِّين في جميع الصلوات، الذي كان معمولًا به، خلال الفترة السابقة.

هذا القرار المُفاجئ أثار بداخلي مجموعة من التساؤلات، للبحث عن أسباب هذا القرار :

● هل نجحت المملكة في التعافي تمامًا من فيروس كورونا، ما جعلها تُقْدِم علي تلك الخطوة؟

● هل كان السبب في اتخاذ هذا القرار، هو تلقّي النسبة العظمى من المواطنين، والمقيمين اللقاحات المضادة؟

● هل دفعها الركود الاقتصادي، الذي ضربها، خلال تلك الفترة، مثلها مثل معظم دول العالم، التي دخلت في فترات من الركود، والكساد، بسبب كورونا، لإنهاء ضبابية المشهد الوبائي، وتأثيره علي المملكة والعالم ككل؟

في اعتقادي.. أن كل العوامل السابقة، مُجتمِعة، وراء اتخاذ السعوديّة هذا القرار المفاجئ، والسريع، والحاسم، الذي أرجو – رغم أنني أؤيده، قلبًا، وقالباً – ألّا يكون مُتسرِّعًا.

وقبل أن أُنهِي مقالي، أتمنى أن تكون قرارات المملكة، في الدّاخل، بفتح الحرم، بكامل طاقته، وعودة الحياة لطبيعتها، وإلغاء الكمامة، مؤشرات على إتْبَاعِها بقرارات أخرى، مع الخارج، كإعادة فتح الحدود مع مصر، والدول الأخرى، الممنوع دخول مواطنيها أراضي المملكة، إلّا بشروط معينة.

وختامًا.. أقول : “يحق لنا، الآن، أن نبتسم، ونشجِّع التجربة السعودية، ولكنها.. ستكون جديرة بمزيد من الاعجاب، والاحترام، إذا أثبتت المملكة أنه قرار نهائي (كما يقول جورج قرداحي) لا رجعة فيه، يؤكد عودة الحياة لطبيعتها على المدى الطويل”.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى