fbpx
أخبار العالمأخبار محليةسلايدر

إشتعال حرب الكابلات البحرية بين أمريكا والصين

كتب: محمد ماهر

 

يبدو أن كابل البيانات الذي يربط الولايات المتحدة بهونج كونج ويمر تحت الماء سترفضه الولايات المتحدة بسبب مخاوف من سرقة الصين للبيانات. حيث صُممت شبكة كابلات المحيط الهادي الخفيفة Pacific Light Cable Network، المدعومة من جوجل وفيسبوك، لتعزيز سرعة الإنترنت وقدرته.

 

وأوصت لجنة حكومية أمريكية تعرف باسم “Team Telecom” مؤخرًا بأن تسحب الولايات المتحدة موافقتها على إقامة الشبكة، ويعد القرار علامة أخرى على التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة والصين، اللتين تخوضان حربًا تجارية.

 

تتنافس دولتي الولايات المتحدة والصين على السيطرة على البنية التحتية الرقمية في العالم، ولسوء حظ أوروبا علق “كابل السلام” الجديد في أوروبا في منتصف تلك المواجهة.

ومن المقرر أن يمتد كابل تحت البحر في وقت لاحق من هذا العام بالقرب من بقعة شهيرة بشمسها الساطعة في ميناء مرسيليا الفرنسي. حيث سيمتد الكابل، المعروف باسم كابل السلام، برًا من الصين إلى باكستان، ومن ثم يتجه تحت الماء ويمتد على طول حوالي 7500 ميل في قاع المحيط عبر القرن الأفريقي ثم قناة السويس قبل أن ينتهي مساره في فرنسا.

سيكون كابل السلام، الذي تمده الشركات الصينية، قادرًا على نقل بيانات كافية في ثانية واحدة لمدة 90 ألف ساعة من Netflix، وسيعمل إلى حد كبير على تسريع الخدمة التي تقدمها الشركات الصينية التي تعمل في أوروبا وإفريقيا. يقول جان لوك فويليمين، رئيس الشبكات الدولية في شركة Orange SA، شركة الهاتف الفرنسية التي ستدير محطة وصول الكابل لأوروبا في مرسيليا: “هذه خطة لاستعراض القوة خارج الصين نحو أوروبا وأفريقيا”.

 

كما يمثل المشروع نقطة اشتعال جديدة في الجغرافيا السياسية للإنترنت، حيث إن شركة هواوي تكنولوجيز في قلب صراع طويل الأمد بين الصين والولايات المتحدة، وتُعد ثالث أكبر مساهم في شركة ،وهي الشركة التي تمد الكابل، كما تقوم هواوي بصنع معدات لمحطات وصول كابل السلام في أوروبا ومعدات الإرسال تحت الماء.

شركة Alphabet Inc. وشركتا جوجل وشركة  الفيسبوك يقولوا إنهم لن يستخدموا “السلام” لأن لديهم ما يكفي من القدرات بالفعل. وحتى لو أرادوا ذلك، فإن استخدام “السلام” سيكون من الصعب على هذه الشركات، بسبب المقاطعة التي تقودها الولايات المتحدة للعديد من صانعي معدات الاتصالات الصينية، بما في ذلك هواوي، لأسباب تتعلق بالأمن القومي.

 

تكتسب الكابلات التي تمتد تحت سطح البحر أهمية استراتيجية كبيرة، ففي الوقت الحالي، ينقل حوالي 400 كابل حوالي 98٪ من بيانات الإنترنت الدولية وحركة الهاتف في جميع أنحاء العالم. وكثير منها مملوكة لشركات أميركية وتشغلها، مما يساعد على تعزيز هيمنة الولايات المتحدة على الإنترنت مع إعطاء شعور بالأمن للولايات المتحدة وحلفائها الذين قد يشعرون بالقلق إزاء الأعمال التخريبية أو أعمال المراقبة.

وقد تحدثت الولايات المتحدة عن التهديد الناجم عن البنية التحتية الصينية الصنع. وفي العام الماضي، حث وزير الخارجية الأمريكي آنذاك مايك بومبيو المجتمع الدولي على “ضمان عدم تخريب الكابلات تحت سطح البحر التي تربط بلادنا بالإنترنت العالمي لجمع المعلومات الاستخبارية من قبل جمهورية الصين الشعبية على نطاق واسع”.

 

ويبدو أن الحكومة الفرنسية مستعدة للوقوف في وجه ضغوط إضافية من الولايات المتحدة بشأن كابل السلام، كما يقول أشخاص مطلعون على طريقة تفكير تلك الحكومة، وطلبوا عدم ذكر أسمائهم في مناقشات مسائل الأمن القومي. وقال شخص آخر إنه يمكن أن تركن الولايات المتحدة لتهدئة من خلال إبقاء أنواع معينة من حركة البيانات خارج الكابل. وقال في مقابلة في المجلس الأطلسي في فبراير إن حكومة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لا تريد إقصاء الصين عن البنية التحتية للإنترنت، ومن أسباب ذلك حتى لا تضطر فرنسا إلى “الاعتماد بشكل كامل على القرارات الأمريكية”. كما اعترضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على الجهود الرامية إلى عزل الصين في مؤتمر صحفي مع ماكرون في 5 فبراير، قائلة  إنها لا تعتقد أن الانفصال عن الصين هو “الطريق الصحيح الذي يجب أن نسلكه، خاصة في هذا العصر الرقمي”.

وتعد محطات وصول الكابل، مثل تلك التي بالقرب من الشاطئ في مرسيليا، وينظر إليها على أنها أسهل بقعة للتنصت على الكابل ويتم تأمينها بعناية. وهناك خطر أثناء بناء ومد الكابل، حيث يمكن الدخول من الأبواب الخلفية  للتجسس على المعلومات، وفقا لخبراء الأمن. ويقول روبرت سبالدنغ، وهو كبير زملاء مجموعة السياسات في معهد هدسون في واشنطن: “في أي وقت تنتقل فيه بياناتك عبر تحويلاتها (أجهزة التبديل أو المناولة)، تكون كبلاتها مصدر إعادة توجيه حركة مرور تلك البيانات والتنصت. “وذلك يعد إدراكًا عامًا”

الحد من استخدام البنية التحتية للإنترنت لأسباب أمنية له تكاليفه. ويقول مايك هولاندز، وهو مسؤول تنفيذي في المبيعات في شركة مركز البيانات Interxion، التي تشارك في مشروع كابل السلام، إن تقييد عدد المستخدمين المتصلين بشبكة بيانات سيبطئ الاتصال بشكل عام “يتم تحسين أداء الإنترنت عندما يمكن أن تتدفق حركة مرور البيانات عبر جميع الكابلات المتاحة بغير قيد”.

 

وقد يصبح نظام الكابلات البحرية العالمي أكثر تفتيتًا، ويقدر معهد دراسات السلم والنزاعات ومركز لايدن آسيا ومقره هولندا أنه بحلول عام 2019، أصبحت الصين نقطة انطلاق أو مالكة أو موردة ل 11.4٪ من الكابلات تحت سطح البحر في العالم، ومن المتوقع أن تنمو هذه النسبة إلى 20٪ بين عامي 2025 و2030.

وفي بعض النقاط، عرقلت الولايات المتحدة وحلفاؤها طريق الصين. في عام 2018، أفشلت أستراليا كابل شبكات هواوي البحرية الذي كان من شأنه أن يربط جزر سليمان وبابوا نيوغيني الجديدة وسيدني عبر مجموعة من الدول الجزرية في المحيط الهادئ. وفي العام الماضي، أعيد توجيه جزء من كابل طوله 8000 ميل من لوس أنجلوس إلى هونغ كونغ، بتمويل جزئي من جوجل وفيسبوك، بعد أن منع مسؤولو الأمن القومي الأمريكي خطط الربط بالأراضي الخاضعة للسيطرة الصينية.

تقول إميلي تايلور، خبيرة السياسات السيبرانية وزميلة الأمن في مركز تشاتام هاوس للأبحاث في الشؤون الدولية: “من المؤسف حقا أن نرى تلك الجغرافيا السياسية تنحدر وتصل حتى إلى توصيلات الإنترنت. “ما علينا جميعا أن نتعايش معه هو: كيف نحاول إبقاء أكبر عدد ممكن من الأبواب مفتوحة دون أن نضع أنفسنا عرضة لتهديدات الأمن القومي؟”

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى