مصرف بحر البقر.. من المأساة لجائزة أفضل مشروع إنشائي في العالم 2021 من مجلة ENR
كتب : جرجس خليل
تدقيق : ياسر بهيج
بعد أكثر من نصف قرن من المأساة، كمصدر للسموم، تحوّل بالسواعد المصرية المُثابِرة، والنية المُخلصة؛ والجهود المُضنية، والعمل الشاق؛ إلى إنجاز فاق الخيال، وتصوُّر كل المصريين أنفسهم !
إنّه مصرف بحر البقر؛ نتاج الإرادة المصرية الصميمة، التي تُرسي قواعد الجمهورية الجديدة.
إنجاز عظيم
لقد تحوّل هذا المصرف العتيق من مأساة الماضي إلى إنجاز الحاضر، ومرآة المستقبل، بعد أن أعلنت المجلة الامريكية “Engineering News – Record” عن فوز مشروع “محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر” بجائزة أفضل مشروع إنشائي في العالم، للعام الحالي 2021؛ في مسابقة التحكيم الدولية لأفضل أعمال إنشائية على المستوى العالمي، في نسختها السنوية التاسعة.
أربع جوائز
كما أعلنت المجلة الأمريكية منذ شهر سابق ، عن فوز اربع مشاريع مصرية من ضمنها محطة بحر البقر ، ضمن قائمة ضمت 30 مشروعًا، ليُسجل الانجاز المصري، ويُدخِل ايضا في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، مُقدّمة مصر نفسها للعالم كدولة مهتمة بالتنمية، والوحيدة التي تحصد أربع جوائز دفعة واحدة في تلك المسابقة العالمية و أفضل مشروع على الاطلاق على مستوي العالم.
موسوعة جينيس للأرقام القياسية تسجل المشروع بثلاث ارقام
3 جوائز عن أرقام قياسية حققتها محطة معالجة المياه بالمصرف؛ كأكبر محطة معالجة على مستوى العالم بإنتاجية 64.8 م٣ /ث، وأكبر محطة معالجة حمأة بالمصرف؛ بإنتاجية 360 كجم /ث، وأكبر محطة توليد و تشغيل أوزون ( وحدة واحدة) بانتاجية 1792/ ث.
مشروع عملاق
ثلاث سنوات من الصراخ الإعلامي المحلي للتحذير من مصرف بحر البقر، لدرجة أنهم لقبوه بـ “المصرف السام” لشدة خطورته، صارت الآن تهاني، على هذا الإنجاز العملاق.
اعلن رسميًّا، خلال احتفال افتراضي تعقده المجلة، عن المشروع الفائز، بمشاركة 21 دولة، في 18 مجالًا بصناعة التشييد والبناء.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، قد افتتح، في سبتمبر الماضي، مشروع “محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر”، الذي نفذه تحالف شرکتی “المقاولون العرب”، و”أوراسكوم”، تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.
تاريخ عريق
وستقدم “الجمهورية الثانية” لقارئها كل ما يريد أن يعرفه عن هذا المشروع الرائد:
يمتد بطول 190 كيلو مترًا، من جنوب العاصمة، مرورًا بـ 5 محافظات هى: القاهرة، والقليوبية، والشرقية، والإسماعيلية، والدقهلية، وينتهى ببحيرة المنزلة؛ حيث يفرغ فيها كل ما بداخله !
أقامته الحكومة المصرية منذ أكثر من قرن من الزمن، وبالتحديد في العام 1914، حيث خصصته للصرف الزراعي، وفي السبعينيات أضافت له الحكومة مهمة استقبال الصرف الصحي لسكان القاهرة الكُبرى، إلى جانب مهمته الأصلية؛ الصرف الزراعي، فأصبح يتلقى الصرف الصحي المعالج، وغير المعالج في 37 محطة، من بعض المدن، والقرى في المحافظات الست، التي يمر بها، وكذلك الصرف الصناعي من المصانع الكائنة بمحافظات وجوده، وظل يستقبل طوال تلك السنوات، حتى بات من أخطر منابع التلوث، التي تنقل الأمراض، والأوبئة للمواطنين.
تنمية سيناء
ومع بداية عهد جديد لمصر، وضخها دماء التنمية في عروق سيناء، فطنت الحكومة لمصرف بحر البقر، كمصدر للمياه لتنمية، وزراعة سيناء، فجعلت منه أكبر محطة معالجة مياه في العالم، وأهم مشروع لاستصلاح، واستزراع، وري أراضي سيناء، بما يدعم جهود التنمية، والاستثمار في البنية الأساسية بها، وذلك من خلال الاستغلال الأمثل لموارد المياه المتاحة.
وتقدر الاحتياجات المائية اللازمة لاستصلاح، واستزراع 620 ألف فدان (220 ألف فدان غرب قناة السويس، و 400 ألف فدان شرق قناة السويس) بنحو 4٫45 مليار متر مكعب من المياه المخلوطة بين مياه النيل العذبة، ومياه الصرف الزراعي، بنسبة 1:1 بحيث لا تتعدي نسبة الملوحة ألف جزء في المليون، مع اختيار التراكيب المحصولية المناسبة.
تطوير
وعليه، فقد بدأت الحكومة في تطوير المصرف القديم، وتوسيع أغراضه، وأطلقت مشروع مصرف بحر البقر الجديد، الذي تكوّن من مجموعة من القناطر، أهمها قنطرة الحجز على المصرف القديم عند الكم 27، وقنطرة المأخذ عند الكم 17.55، وقنطرة الحجز بالهدار عند الكم 5.830، وقنطرة فم علي المسار الجديد لمصرف بحر، وقنطرة موازنة علي مصرف أم الريش.
تحويل مسار
كما تم تنفيذ أعمال ترابية، وصناعية، بطول 5.8 كيلو متر؛ لتحويل مسار المصرف الجديد، وتوسيع وتعميق مصرف أم الريش، ثم إنشاء محطتي رفع على المسار الجديد للمصرف؛ هما (محطة بحر البقر الرئيسية – محطة شادر عزام)، إضافة إلى 7 كَبَارٍ، و6 سحارات، و2 بربخ خرسانة مسلحة، ومفيض طوارىء، و36 من الأعمال التكميلية (بدالات – مصبات مصارف خصوصية – مصبات مصارف فرعية – بوابات – مفيضات نهايات ترع – الخ ….).
وكان الغرض من إنشاء عدد من القناطر، والأعمال الصناعية على مصرف بحر البقر الجديد، هو تحويل مسار المياه، والتحكم في مناسيبها.
نتائج مُثمرة
ويحتاج مصرف بحر البقر الجديد إلى 5.6 مليون متر مكعب في اليوم؛ لتشغيل محطة معالجة المصرف، بتكلفة 1.2 مليار دولار تكلفتها، تنتج 5.6 مليون متر مكعب يوميا طاقة المعالجة يوميًّا، و2 مليار متر مكعب كل سنة، ويتم نقل المياه المعالجة إلى شمال سيناء، من خلال سحارة السلام، جنوب بورسعيد.
وسيسهم المصرف في استصلاح 400 الف فدان فى سيتم استصلاحها في سهل الطينة، وجنوب القنطرة شرق، و30 يونيو، وبئر العبد، والسر، والقوارير.
كما سيكون من السهل الوصول إلى مشروع استصلاح أراضى شمال سيناء؛ من خلال أنفاق قناة السويس الجديدة (أنفاق 3 يوليو).
إنقاذ “المنزلة”
ومن ثمار المصرف أيضًا؛ نجاح محطة المعالجة به في إنقاذ بحيرة المنزلة من التلوث، وإعادة الحياة البحرية إليها.
وتتكون المحطة من:
– المبنى الرئيسى للطلمبات.
– مقر وحدة التحكم SCADA.
– مأخذ المحطة .
– أحواض الترسيب السريع والبطئ.
– وحدة التجفيف الخاصة بالحمأة .
– معامل تحليل نوعية المياه.
– مبنى تخزين المواد الكيميائية المستخدمة في المعالجة.
– محطة توليد الكهرباء.
– المبنى الإدارى.
– العيادة
مشروعات كبرى
وعلى جانب آخر، ساعد مصرف بحر البقر الجديد مصر في التغلُّب على شُح، ونقص المياه، أمام العديد من التحديات، التي يواجهها قطاع المياه في مصر؛ وعلى رأسها: السكانية، والتغيرات المناخية، التي تستلزم بذل مجهودات مضنية.
لذا لم تكتفِ مصر بالمصرف الجديد، وقامت بتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى إلى جانبه، بتناغم تام بين مختلف الجهات المعنية، من أهمها: المشروع القومي لتأهيل الترع، والمشروع القومي للتحوّل لنظم الرى الحديث، مع الاستعانة بالخبرات الوطنية المتميزة في مجال الموارد المائية والري، لإيجاد الحلول العملية لها، لأي أزمات مائية في المستقبل، من خلال تحويل تلك الأزمات لفرص يستفيد منها المصريون.
تقرير مصوّر
ويمكن من خلال هذا الرابط مشاهدة تقرير مصور عن الإنجاز المصري؛ مصرف بحر البقر الجديد؛ بعنوان :
الوثائقي ينابيع الأمل