كتبت: ندى علام
تدقيق لُغوي: إسلام ثروت
عاد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى أرض مِصرَ، منذ ساعات قليلة، بعد مشاركةٍ حافلة ومثمرة باللقاءات في مؤتمر باريس الدولي حول ليبيا، ثم الاحتفال بمرور 75 عامًا على تأسيس منظمة اليونسكو في مقرها بـ”باريس”.
وشهدت أجندة الرئيس السيسي نشاطًا كبيرًا، ومناقشة ملفات غاية في الأهمية أثناء تواجده في مؤتمر باريس الدولي حول ليبيا، الذي انتهت فعالياته أمس، حيث التقى الرئيس عددًا كبيرًا من زعماء العالم، على رأسهم الرئيس الفرنسي “ماكرون” للتأكيد على تعزيز التعاون في جميع المجالات، وكذلك مناقشة الأوضاع الليبية، ثم لقاء رئيس الوزراء التونسي لمناقشة ملف سد النهضة والإرهاب، وملف دولة الجوار “ليبيا”، ثم العودة إلى قضايا المناخ في لقاء مع رئيس الوزراء البريطاني.
وازدحمت لقاءات السيسي في مؤتمر باريس لتشمل قضايا الهجرة غير الشرعية مع رئيس المجلس الأوروبي، ثم الذهاب لمقر منظمة اليونسكو بمناسبة مرور ٧٥ عامًا على تأسيسها، وختام أجندته بعد ذلك برئيس الوزراء الفرنسي، ونعرض الأجندة الكاملة للقاءات الرئيس السيسي، وأهم ما جاء فيها:
“السيسي” يلتقي وزير الجيوش الفرنسية
التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، السيدة “فلورانس بارلي”، وزير الجيوش الفرنسية، لمناقشة عدد من القضايا الخاصة بتطوير التعاون العسكري، وتوطيد علاقات الشراكة القائمة بين مِصرَ وفرنسا، وتبادل وجهات النظر إزاء عدد من القضايا الإقليمية؛ منها الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب، وتحقيق الاستقرار بالشرق الأوسط وإفريقيا.
وبحسب المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية، فقد تطرق اللقاء إلى مناقشة الأوضاع الليبية؛ حيث حملت مِصرُ وفرنسا نفس وجهات النظر فيما يتعلق بأهمية دعم المسار السياسي في ليبيا، والتمسك بانعقاد الانتخابات المرتقبة في 24 ديسمبر القادم؛ والتي من خلالها سيتم تَولِّي سلطة شرعية مُنتخَبة حرة لاستعادة الاستقرار مرة أخرى في ليبيا، مع ضرورة طرد المرتزقة والمقاتلين الأجانب.
“السيسي” يلتقي وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي
خلال مناقشةٍ لتعزيز التعاون الاستراتيجي المشترك، التقى الرئيس السيسي السيد “برونو لومير”، وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي، للاستفادة من تقديم أحدث التكنولوجيا لمِصرَ في كافة المجالات، وتشجيع الشركات الفرنسية على العمل والاستثمار في مِصرَ، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين؛ لبناء قدرات المؤسسات المصرية العاملة في مجالات التنمية، خاصةً المشروعات القومية العملاقة.
وشملت الملفات تطلع مصر للشراكة مع فرنسا في مبادراتٍ مثل “حياة كريمة” لتطوير قرى الريف المصري، وكذلك المشروعات القومية الخاصة بقطاع النقل العام؛ سواء في مجال السكك الحديد، أو مترو الأنفاق، أو تصنيع المركبات الكهربائية، والصحة، والتعليم، والطاقة، والاتصالات والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، مع تشجيع الشركات الفرنسية على المساهمة في تنفيذ المشروعات الاستثمارية في محور التنمية بمنطقة قناة السويس.
“السيسي” ورئيس الوزراء التونسي
أكد الرئيس السيسي على دعم مِصرَ الكامل لتونس ولجهود الرئيس “قَيْس سعيد” والحكومة الجديدة لتحقيق الاستقرار والبناء والتنمية لصالح الشعب التونسي، في لقائه مع السيدة “نجلاء بودن”، رئيس الوزراء التونسي،
وقدم السيسي التهنئة لـ”بودن” على تَولِّي منصبها الجديد كأول سيدة ترأس حكومة في الوطن العربي، كما أعرب عن صادق التمنيات لنجاح حكومتها في تجاوز مختلف التحديات الحالية التي تواجه تونس الشقيقة، وشمل اللقاء عدة ملفات غاية في الأهمية على رأسها:
الإرهاب
تناول اللقاء التباحث حول آفاق العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين؛ لتعزيز أُطُر التعاون بين مِصرَ وتونس، وتعظيم قنوات التواصل المشتركة على المستويين السياسي والأمني، وتبادل المعلومات في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف؛ الذي يمثل تهديدًا للمنطقة بأكملها.
الأوضاع في ليبيا
كما تطرق اللقاء إلى مناقشة تطورات عدد من القضايا الإقليمية على رأسها الأوضاع في ليبيا، مع أهمية تعزيز أُطُر التنسيق المصرية التونسية؛ حيث أن مِصرَ وتونس يُمثِّلا دولتي جوارٍ مباشر؛ تتقاسمان حدودًا ممتدة مع ليبيا، لتحقيق الهدف الرئيس بتفعيل إرادة الشعب الليبي من خلال دعم مؤسسات الدولة الليبية، ومساندة الجهود الحالية لتحقيق الأمن والاستقرار، والحفاظ على وحدة وسيادة ليبيا؛ من خلال عقد الانتخابات في موعدها دون تأجيلٍ، خلال شهر ديسمبر القادم، وخروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا.
ملف سد النهضة
كما تم استعراض آخر تطورات ملف سد النهضة؛ حيث عبر الرئيس عن التقدير تجاه دعم تونس لموقف مِصرَ؛ بالتمسك للوصول لاتفاقٍ شاملٍ وملزمٍ قانونًا حول ملء وتشغيل سد النهضة، الأمر الذي انعكس في البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن الدولي.
السيسي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من رئيس الوزراء البريطاني
وتلقى الرئيس السيسي اتصالًا هاتفيًا من رئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسون”، الذي عبّر عن حرصه على إحاطة الرئيس بآخر تطورات المفاوضات الجارية في إطار مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ المنعقد حاليًا بـ”جلاسجو”، وبالتصور البريطاني لكيفية خروج المؤتمر بنتائج ناجحة، في إطار التنسيق بين مِصرَ وبريطانيا في موضوعات المناخ، بالإضافة إلى التشاور حول سُبل التحرك المشترك للبناء على نتائج المؤتمر خلال الأشهر القادمة، وذلك استعدادًا للرئاسة المصرية للدورة القادمة للمؤتمر.
وتم الاتفاق على أهمية تكثيف العمل المشترك للخروج بنتائجٍ توافقية ومتوازنة من مفاوضات جلاسجو، بما يصب في مصلحة كافة الأطراف في إطار التعامل مع ملف المناخ؛ للوصول إلى أهداف اتفاق باريس، خاصةً ما يتعلق بتحقيق أهداف التكيف وتمويل المناخ، وذلك بالتوازي مع الحد من الانبعاثات.
السيسي ولقائه برئيس المجلس الأوروبي
أكد الرئيس على مكانة الاتحاد الأوروبي الهامة في إطار السياسة الخارجية لمِصرَ، وذلك خلال لقائه بالسيد “شارل ميشيل”، رئيس المجلس الأوروبي، والتي ترتكز على الاحترام والتقدير المتبادل لخصوصيات كل طرف، خاصة أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول لمِصرَ، بالإضافة إلى الروابط المُتشعِّبة التي تجمع بين الجانبين، والتحديات المشتركة التي تواجههما على ضفتي المتوسط.
وتطرق اللقاء لتعزيز كافة العلاقات بين مِصرَ والاتحاد الأوروبي، خاصةً على المستوى السياسي الذي تتمتع به مِصرُ دوليًا وإقليميًا،
كما تمت مناقشة الجوانب الاقتصادية والتنموية، وتأكيد الحرص على أهمية استمرار التنسيق المشترك مع مناقشة عدد من القضايا الإقليمية الهامة في المحافل الدولية؛ كعملية السلام في الشرق الأوسط، والأوضاع في ليبيا وسوريا واليمن، وضرورة استمرار العمل على التوصل إلى تسويات سياسية لها حتى يمكن استعادة الاستقرار بالمنطقة، وتوفير مستقبل أفضل لشعوبها.
“السيسي” يلتقي “ماكرون”
شهد لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي بالرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” إجراء مباحثات في مختلف الملفات ذات الاهتمام المشترك، منها العلاقات العسـكرية المصـرية الفرنسية، بعد إبرام العديد من صـفقات التسليح الهامة وكذلك المشروعات المشتركة الكبرى بين البلدين في مجالات النقل، والتكنولوجيا، وتوطين الصناعة الفرنسية.
كما تطرقت المباحثات إلى استعراض سُبل تنسيق الجهود مع مِصرَ بشأن تسوية الأزمة في ليبيا، خاصةً في ضوء انعقاد المؤتمر الدولي حول ليبيا في باريس، وجهود مِصرَ لدعم المسار السياسي الليبي، والاستمرار في تضافر الجهود المشتركة بين مِصرَ وفرنسا سعيًا لتسوية الأوضاع في ليبيا للوصول للانتخابات المرتقبة، وإخراج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية، مع المحافظة على موارد الدولة ومؤسساتها الوطنية، بعيدًا عن أي تدخلات خارجية.
كما تم التباحث حول تعظيم التعاون الثنائي بين البلدين في مجابهة الجماعات الإرهابية خاصةً بإفريقيـا، مـن خـلال دعـم عمليـات حفظ السلام التابعة للأمـم المتحـدة، فـي ظـل تـنـامي وتيـرة التدخلات الأجنبية غير المُنسَّقة، مع تعزيز التعاون الأورومتوسطي بين مِصرَ والاتحاد الأوروبي في كل المجالات، مع تحجيم تدفقات الهجرة غير الشرعية إلى دول حوض البحر المتوسط.
“السيسي” في منظمة اليونيسكو
خلال كلمته في اليونيسكو بمناسبة مرور 75 عامًا على تأسيسها، أكد الرئيس السيسي أن مِصرَ تفخر بكونها ضمن الدول المؤسِّسة لمنظمة اليونسكو، وتطوُّر علاقاتها بالمنظمة على مدار عقودٍ لتصبح نموذجًا للتعاون البنّاء على مختلف الأصعدة؛ حيث يعد مشروع التعاون مع المنظمة لإنقاذ معبدَي أبو سمبل وجزيرة فِيَلة من الغرق، القرن الماضي، أحد أبرز تجليات هذا التعاون بما يمثله من تجربة مهمة في تاريخ عمل المُنظَّمة ومسيرتها في حماية التراث العالمي.
وأشار السيسي أن هذه الاحتفالية تتزامن مع الطفرة الهائلة التي شهدها قطاع الآثار في مِصرَ خلال السنوات الأخيرة، والتي تجلَّت في العديد من الاكتشافات الأثرية المهمة، ومشروعات ترميم وتطوير وتأمين الآثار بما فيها “موكب المومياوات الملكية”.
الرئيس السيسي يلتقي رئيس الوزراء الفرنسي
وشهد الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الفرنسي “جان كاستكس” إجراء مباحثات حول مُجمل علاقات التعاون الثنائي بين البلدين، وزيادة الاستثمارات، وعمل الشركات الفرنسية في مِصرَ “خاصة في مجالات البنية الأساسية في إطار مبادرة حياة كريمة لتطوير قرى الريف المصري”، مع تعزيز التعاون في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، كما أكد “كاستكس” على الثِّقَل والدور المحوري المتزن الذي تلعبه مِصرُ في منطقة الشرق الأوسط، مشيرًا إلى التطور الكبير في العلاقات الثنائية في كافة المجالات.
