fbpx
أخبار محليةتقارير

تبوح بأسرار مثيرة عن العصر الذهبي للفراعنة: العثور على “المدينة المفقودة بمصر”.. أهم اكتشاف أثري بالعالم في عام 2021

كتبت : ندى حسن
تدقيق : ياسر بهيج

مع اقتراب العام الحالي من نهايته، بدأ العالم يطلق إحصاءاته، لأهم الأحداث، وأفضل الأشخاص في كل المجالات..
وفي مجال الآثار؛ فاز كشف المدينة الذهبية المفقودة بالأقصر، على يد عالم الآثار المصرية الدكتور زاهي حواس، على المرتبة الأولى في قائمة إحصائية أهم عشرة اكتشافات أثرية للعام 2021، التي أعدتها، ونشرتها مجلة Archaeology Magazine

الأول عالميًّا

بطلة الكشف المصري الأول عالميًّا هي البعثة المصرية، برئاسة الدكتور زاهي حواس؛ وتضمن العثور على المدينة المفقودة بمصر، التي ظلت البعثات الأثرية تنقب عنها لفترة طويلة، تحت الرمال، وتسمى المدينة المكتشفة “صعود آتون”، ويعود تاريخها إلى عهد الملك أمنحتب الثالث، واستمر استخدام المدينة من قِبَل الملك الذهبي توت عنخ آمون، أي منذ 3000 عام.

 

كشف مثير

وعن الأحداث، والظروف التي عاشتها البعثة حتى العثور على مدينة “صعود آتون”، قال د.حواس إن أعمال التنقيب بدأت في سبتمبر من العام الماضي 2020؛ للبحث عن المعبد الجنائزي الخاص بالملك توت عنخ آمون، بعد أن تم العثور من قَبل، على معبدي “حورمحب”، و”آي”، خليفة توت عنخ آمون الذي قام ببناء معبده، على موقع جاوره، فيما بعد من ناحية الجنوب ، معبد رمسيس الثالث بمدينة هابو، الذي امتدت منه منطقة البحث والتنقيب، وحتى معبد أمنحتب الثالث في “ممنون”.

وأضاف “حواس” : “وفي غضون أسابيع، بدأت تشكيلات من الطوب اللبن بالظهور في جميع الاتجاهات، وكانت دهشة البعثة الكبيرة، حينما اكتشفت أن الموقع هو مدينة كبيرة في حالة جيدة من الحفظ، بجدران شبه مكتملة، وغرف مليئة بأدوات الحياة اليومية، وقد بقيت الطبقات الأثرية على حالها منذ آلاف السنين، وتركها السكان القدماء، كما لو كانت بالأمس”.

أكبر مدينة

ووصف د. حواس المدينة بأنها أكبر مدينة على الإطلاق في مصر، وبأنها أكبر مستوطنة إدارية وصناعية في عصر الإمبراطورية المصرية، على الضفة الغربية للأقصر، وتأسست على يد أحد أعظم حكام مصر؛ وهو الملك “أمنحتب الثالث” الملك التاسع من الأسرة الثامنة عشر، الذي حكم مصر من العام 1391 حتى 1353 ق.م، وقد شاركه ابنه ووريث العرش المستقبلي أمنحتب الرابع ” أخناتون” آخر ثماني سنوات من عهده، وتخبرنا المراجع التاريخية بأن المدينة كانت تتألف من ثلاثة قصور ملكية للملك أمنحتب الثالث، بالإضافة إلى المركز الإداري، والصناعي للإمبراطورية.وأوضح رئيس البعثة المصرية أن البعثة كشفت عن جزء من المدينة يمتد غربًا، وحتى الدير التابع للمدينة، وتم العثور على منازل داخل المدينة المُكتشفة؛ يصل ارتفاع بعض جدرانها إلى نحو ٣ أمتار، ومقسمة إلى شوارع.

لمحة وتفاصيل

وبالنسبة لتأثير هذا الكشف المثير، قال د. حواس : “لم يمنحنا هذا الكشف، فقط، لمحة نادرة عن حياة قدماء المصريين في عصر الإمبراطورية المصرية العظمى، ولكنه سيساعدنا، أيضًا، في إلقاء الضوء على أحد أعظم الألغاز في التاريخ، وهو؛ لماذا قرر إخناتون، ونفرتيتي، الانتقال إلى تل العمارنة ؟!”.

وأضاف أن الهدف الأول للبعثة، بعد الكشف؛كان تحديد تاريخ هذه المدينة، إذ عُثِرَ على نقوش هيلوغريفية على أغطية خزفية لأواني النبيذ، وقد استطاعت البعثة تحديده من خلال العثور على عدد كبير من الاكتشافات الأثرية الأخرى بالمدينة؛ كالخواتم، والجعارين، والأواني الفخارية الملونة، والطوب اللَّبِن؛ الذي يحمل أختام خرطوش الملك أمنحتب الثالث، وبعد سبعة أشهر فقط من التنقيب، تم الكشف عن عدة مناطق، وأحياء بتلك المدينة.

وتابع “حواس”: “ثم عثرت البعثة في الجزء الجنوبي للمدينة على المخبز، ومنطقة الطهي، وأماكن إعداد الطعام كاملة مع الأفران، وأواني التخزين الفخارية، والتي كانت تخدُم عددًا كبيرًا من العمال، والموظفين”.

مِعمار نادر

وأكمل : “أمّا المنطقة الثانية، التي تم الكشف عنها جزئيًّا؛ وهي تمثل الحيين الإداري، والسكني، إذ تضم وحدات أكبر ذات تنظيمي جيد، وهي مسيجة بجدار متعرج، مع نقطة دخول واحدة فقط تؤدي إلى ممرات داخلية، ومناطق سكنية، وهذا المدخل الوحيد يجعلنا نعتقد أنه كان هناك نوع من الأمن؛ حيث القدرة على التحكم في الدخول، والخروج إلى المناطق المغلقة، وتعتبر الجدران المتعرجة من العناصر المعمارية النادرة في العمارة المصرية القديمة، وقد استخدمت بشكل أساسي في نهاية الأسرة الثامنة عشر”.

واستطرد “حواس”: “أما المنطقة الثالثة فهي ورشة العمل، وتضم بإحدى جهاتها منطقة إنتاج الطوب اللَّبِن المستخدم لبناء المعابد والملحقات، ويحتوي الطوب على أختام تحمل خرطوش الملك أمنحتب الثالث (نب ماعت رع)”، وتم فيها اكتشاف عدد كبير من قوالب الصب الخاصة بإنتاج التمائم، والعناصر الزخرفية الدقيقة، وهذا دليل آخر على النشاط الواسع في المدينة؛ لإنتاج زخارف المعابد، والمقابر”.

اكتشافات رائعة

ثم أجمل د. حواس مجموعة من الاكتشافات التي
عثرت عليها البعثة، في جميع أنحاء مناطق الحفائر، وهي العديد من الأدوات المستخدمة في النشاط الصناعي، مثل؛ أعمال الغزل والنسيج، كما تم اكتشاف ركام المعادن، والزجاج، لكن المنطقة الرئيسية لمثل هذا النشاط لم يتم اكتشافها بعد، كما تم العثور على دفنتين غير مألوفتين لبقرة، أو ثور، داخل إحدى الغرف، ومازال البحث جارٍ لتحديد طبيعة، والغرض من هذه الدفنات.

وقال: “ومن بين الاكتشافات كذلك؛ العثور على دفنة رائعة لشخص ما؛ بذراعيه ممدودتين إلى جانبه، وبقايا حبل ملفوف حول ركبتيه، ويعد موقع ووضع هذا الهيكل العظمي غريبًا نوعًا ما، وهناك المزيد من البحث حول هذا الأمر، بالإضافة إلى إناء يحتوي على جالونين من اللحم المجفف، أو المسلوق (حوالي 10 كجم)، ويحمل نقوش قيمة يمكن قراءتها: “السنة 37، لحوم مسلوقة لعيد حب سد الثالث من جزارة حظيرة “خع” التي صنعها الجزار إيوي”، وهذه المعلومات القيّمة لا تعطينا فقط اسمي شخصين كانا يعيشان، ويعملان في المدينة، بل تؤكد أن المدينة كانت نشطة، وتُحدِّد زمن مشاركة الملك أمنحتب الثالث مع ابنه أخناتون، وعثرت البعثة، أيضًا، على نص منقوش على طبعة ختم عليها “جم با أتون” أي مقاطعة أتون الساطع، وهذا اسم معبد بناه الملك أخناتون بالكرنك”.

وأضاف أنه تم الكشف عن مقبرة كبيرة؛ لم يتم تحديد مداها بعد، ضمن مجموعة من المقابر المنحوتة في الصخور، بأحجام مختلفة، لايمكن الوصول إليها إلّا من خلال سلالم منحوتة في الصخر، عثرت عليها البعثة، أوضحت وجود سمة مشتركة لبناء المقابر في واديي الملوك، والنبلاء، ومازال العمل جارٍ، وتتوقع البعثة الكشف عن مقابر أخرى مليئة بالكنوز، لم تمسها يد.

أسرار العصر الذهبي

واختتم الدكتور حواس حديثه، قائلًا: “لدينا الكثير من المعلومات حول المقابر، والمعابد؛ ولكن هذه هي المرة الأولى التي تكشف أسرارًا عن حياة ملوك العصر الذهبي لمصر، وتتيح أعمال التنقيب المستمرة لعلماء الآثار الوصول إلى طبقة النشاط الأصلية للمدينة؛ إذ تم كشف النقاب عن معلومات ستُغيّر التاريخ، وتعطينا نظرة ثاقبة فريدة عن عائلة توت عنخ آمون”.

وأضاف : “كما سيُقدم لنا اكتشاف المدينة المفقودة، أيضًا؛ فهمًا أعمق للحياة اليومية للمصريين القدماء، من حيث أسلوب بناء، وديكورات المنازل، والأدوات التي استخدموها، وكيفية تنظيم العمل”.

وأخيرًا؛ أوضح د. حواس أنه تم الكشف عن ثلث المنطقة، فقط، حتى الآن، وستواصل البعثة أعمال التنقيب، بما في ذلك المنطقة، التي تم تحديدها على أنها الموقع المحتمل لمعبد توت عنخ آمون الجنائزي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى